عندما تتحول الموضة إلى رسالة من أجل الحياة

حملة بقيادة «لادوبل جي» ومنظمة «ريد»... من المرأة إلى المرأة

الممثلة الأميركية بيزي فيليبس (La DoubleJ)
الممثلة الأميركية بيزي فيليبس (La DoubleJ)
TT

عندما تتحول الموضة إلى رسالة من أجل الحياة

الممثلة الأميركية بيزي فيليبس (La DoubleJ)
الممثلة الأميركية بيزي فيليبس (La DoubleJ)

منذ فترة قصيرة، ارتفعت أرقام الإصابات بفيروس الإيدز بوتيرة مقلقة، لتدق نواقيس الخطر من جديد، وتُذكّرنا بأن هذا المرض لا يزال حياً، يتغذى على اللامساواة والتهميش.

في خضم هذا الواقع، تأتي حملة La DoubleJ بالتعاون مع منظمة «RED» غير الربحية التي أطلقها بونو، مغني فرقة U2، إلى جانب بوبي شرايفر في عام 2006، لجمع التبرعات لصالح الصندوق العالمي لمحاربة الإيدز.

في إطار هذا التعاون، أطلقت La DoubleJ مجموعة محدودة الإصدار حملت اسم Coupe Rose، تضم القميص الشهير «أفضل من قميص حبيبك» بنقشة زهور حمراء، إلى جانب شورت حريري ووشاح أنيق.

تتوفر المجموعة على الموقع الرسمي للعلامة بأسعار 790 دولاراً للقميص، و520 دولاراً للشورت، و120 دولاراً للوشاح، مع تخصيص كامل العائدات لدعم جهود منظمة «RED».

تضم التشكيلة قمصاناً وإيشاربات و«شورتات» تنبض بالحياة (La DoubleJ)

لكن الأزياء في هذه الحملة سوى وسيلة لغاية نبيلة؛ فقد ترافقت مع حملة توعوية تحتفل بقوة التضامن النسائي حيث ظهرت في الصور شخصيات نسائية بارزة تجمع بين الصداقة والدعم المهني، مثل «جي.جي. مارتن» مؤسسة علامة «لادوبل جي»، ولاورا براون، رئيسة مجلس الإبداع في «RED»، إلى جانب أسماء عالمية مثل العارضة إيمان، وآن في، والممثلات بيزي فيليبس، وليك بيل، ونوما دوميزويني، وميكي سمنر. كما شاركت في الحملة رائدات أعمال وفنانات مثل دي بوكو، وأنجيليكا هيكس، والشيف هونغ ثيمي، والمصممة مايكيلا إيرلانجر، وغيرهن.

وعن هذه الخطوة، عبّرت مارتن عن فخرها بهذا التعاون، قائلة: «أنا فخورة بدعم (RED) وتسليط الضوء على العمل الحيوي الذي يقومون به. لقد تعاونوا مع العديد من العلامات سابقاً، لكنني أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يطلقون فيها حملة بهذا الحجم». وتتابع: «حين تواصلت معي لاورا، قلت لها: أريد أن أخوض هذا المشروع بكل قلبي. لن نكتفي بمنتج واحد فقط، بل اثنين، وكل العائدات ستذهب للقضية. دعينا نُشرك مجموعة من النساء اللواتي يؤمنّ بأهمية التضامن والعمل لأجل الآخرين». النتيجة كانت مذهلة، إذ تجاوبت الكثيرات مع اقتراحها من دون تردد.

جي.جي. مارتن مؤسسة علامة «لادوبل جي» ولاورا براون رئيسة مجلس الإبداع في (RED) (La DoubleJ)

وأوضحت مارتن أن هذه المبادرة تجسد تماماً روح علامتها La DoubleJ: «نحن لا نقدم منتجات إيطالية الصنع فقط، بل نحرص على أن تمنح النساء إحساساً بالفرح والتميز، وفي الوقت نفسه نخلق مساحة لرفع الوعي والتأثير بشكل أعمق».

من جهتها، أكدت جينيفر لوتيتو، رئيسة العمليات في (RED)، على أهمية هذا التعاون، ووصفت La DoubleJ بأنها «علامة أسستها وتقودها نساء، وتُحبها النساء حول العالم». استشهدت على قولها بأناقة المجموعة وألوانها وكيف كانت محوراً في جمع عدد لا يستهان به من المؤثرات لدعم قضية لا تزال تمس الملايين.

السوبرانو أنجيلا هيكس (La DoubleJ)

جمعت «RED» وشركاؤها منذ تأسيسها إلى اليوم أكثر من 785 مليون دولار لصالح الصندوق العالمي، ما ساهم في تقديم خدمات الوقاية، والفحوص، والعلاج، والاستشارات، والرعاية الصحية لأكثر من 325 مليون شخص في المناطق المتضررة.

ورغم هذا التقدم، تواجه مكافحة الإيدز اليوم تحديات كبيرة، بسبب تراجع التمويل والتمييز الاجتماعي والعنف، ما جعل المرأة عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة بنسبة 44 في المائة.

وتشير مارتن إلى أنها اكتشفت بعد مشاركتها في هذه التجربة أن العديد من النساء يرغبن في المساعدة، لكن يشعرن بالعجز أمام ضخامة القضية «ومبادرات كهذه تفتح لهن باباً بسيطاً وفعّالاً للمساهمة في التغيير».

بالنسبة لمارتن، لا تقتصر الشراكات على تقديم منتجات جميلة وظهور منتجاتها في المحافل العالمية. تريدها أن تُحدث فرقاً ملموساً في حياة الناس.

الممثلة والمخرجة الأميركية لايك بيل في الحملة (La DoubleJ)

من ناحيتها، تواصل لاورا براون العمل على إعادة «RED» إلى صدارة المحادثة الثقافية، لا سيما في عالم الموضة. وهي تقود إلى جانب مجلس الإبداع في «RED»، الذي يضم أسماء بارزة مثل إيمان، والمصممين ثيبي ماغوغو وسينديسو خومالو، والمصورة كارلا ويلش، وثنائي التصوير إينيز وفينوده، وغيرهم من رموز الإبداع، فضلاً عن تعاونات مع علامات بارزة مثل «زيمرمان» و«لوي فويتون» و«غاب».

وفي الذكرى العشرين لتأسيس «RED» العام المقبل، ستتولى براون وإيمان رئاسة جائزة Discove(RED) للموضة، التي تهدف إلى دعم 10 مصممين ناشئين من أفريقيا، عبر تقديم فرص عرض وتوزيع عالمية. وسيذهب 50 في المائة من أرباح القطع للمصممين المشاركين، لدعم استدامة مشاريعهم، بينما يُخصص النصف الآخر للصندوق العالمي.


مقالات ذات صلة

فضيحة الصندل... برادا تعترف باستيحاء تصميم جديد من التراث الهندي

لمسات الموضة صندل جلدي بتصميم متشابك على شكل ضفائر يشبه نعال كولهابوري المصنوعة يدوياً في نيوديلهي (رويترز)

فضيحة الصندل... برادا تعترف باستيحاء تصميم جديد من التراث الهندي

اعترفت دار الأزياء الفاخرة برادا بالجذور الهندية لتصميم صندلها الجديد، بعد أن أثار عرض الحذاء المفتوح من الأمام للمرة الأولى ضجة بين الحرفيين والسياسيين الهنود.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
لمسات الموضة دانيال يحيِّي ضيوفه بعد عرض أثار الإعجاب وأيقظ الأحلام (غيتي)

«سكياباريللي»... بين عبقرية إلسا وبصمة روزبيري

دانيال روزبيري: «قد نختلف على طريقة نطق اسمها، لكننا جميعاً نعرف من هي. لا يهم إن نُطقت تشيابارالي أو سكياباريللي، المهم هو التعرف عليها وعلى رموزها بسهولة».

جميلة حلفيشي (باريس)
لمسات الموضة جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

«زينيا» و«إيلي صعب» ومفهوم التوريث

تخرج من اللقاء بنتيجة واضحة، وهي أن إرث «زينيا» و«إيلي صعب» قائم على علاقة تنسجها الأجيال، وأنها في أمان.

«الشرق الأوسط» (دبي)
لمسات الموضة أسلوب الطبقات والأقمشة المبتكرة كان لها حضور قوي في هذه التشكيلة (زينيا)

عرض «زينيا» لصيف 2026... صُنع في إيطاليا وعُرض في دبي

في هذه اللعبة التي خاضها أليساندرو سارتوري بجرأة لصياغة مفهوم جديد للأناقة الرفيعة والمريحة، كانت ورقته الرابحة هي الأقمشة والتقنيات الحديثة والمتطورة.

جميلة حلفيشي (دبي)
لمسات الموضة من عرض الدار لخريف وشتاء 2025 حيث تكمن قوتها في التصميم والأقمشة (غيتي)

غداً الموعد مع «زينيا» في دبي

موعد لافت يجمع غداً عُشاق الموضة وعلامة «زينيا» ZEGNA في دبي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أسبوع الموضة الرجالية لربيع وصيف 2026 في مواجهة التغيير

من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون» (أ.ب)
من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون» (أ.ب)
TT

أسبوع الموضة الرجالية لربيع وصيف 2026 في مواجهة التغيير

من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون» (أ.ب)
من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون» (أ.ب)

الأضواء مسلطة هذا الأسبوع على عروض الـ«هوت كوتور» في باريس. الكل ينتظر أول تشكيلة يقدمها ماثيو بلايزي لدار «شانيل»، والأولى لجوناثان سوندرز لـ«ديور» وبدايات أخرى تزيد من عنصر التشويق والإثارة. لكن ماذا عن عروض الأزياء الرجالية لربيع وصيف 2026. شهدتها كل من ميلانو وباريس منذ أسابيع قليل، ومرت مروراً خافتاً يعكس حجم التغيرات التي تشهدها ساحة الموضة في الوقت الراهن. بيد أنه من الصعب القول إنها خلت تماماً من الإثارة والجديد، حتى وإن لعب هذا الجديد على القديم والمضمون. يشفع له في ميلانو تركيزه على الحرفية الإيطالية وتقاليدها، إلى جانب تطوير الأقمشة وغزلها بأساليب غير مسبوقة. أما في باريس، فكان اللعب على الإبهار والمبتكر بفضل إمكاناته الضخمة.

ميلانو... حضور الغياب

في ميلانو بدا الأسبوع وكأنه يختصر حكاية القطاع كله. تقلصت مدة فعالياته إلى ثلاثة أيام فقط، في ظل غياب أسماء كبيرة مثل «زينيا» التي اختارت تقديم تشكيلتها في دبي منتصف يونيو (حزيران) الماضي في بادرة غير مسبوقة. قالت إنها لأسباب استراتيجية وثقافية ترتبط بإرثها.

ثم جاء غياب السيد جيورجيو أرماني. لم يحضر لتحية ضيوفه كعادته في عرضيه: «جيورجيو أرماني» و«أمبوريو أرماني». السبب «وعكة صحية لا يزال يتعافى منها في بيته» وفق بيان صدر عن داره. غني عن القول أن هذا الغياب أثار موجة من القلق حول مصيره رغم أن الدار حاولت التخفيف من وقع الخبر وطمأنة محبيه بأن وعكته لم تمنعه من العمل «هو من أشرف وعمل بتفانٍ على المجموعات التي عُرضت، ويتابع من كثب كل مرحلة من مراحل العروض»، وفق ما أفاد البيان.

هذا الغياب أعاد إلى الواجهة سؤالاً يدور في أوساط الموضة منذ سنوات حول من سيخلفه؛ إذ إنه رغم سنواته الـ90 لم يعين خليفة له بعد، وكان حتى الأمس القريب يُصرّ على لقاء ضيوفه وتحيتهم بعد كل عرض رغم آثار السن والمرض البادية على وجهه وخطواته. أعاد أيضاً إلى الواجهة أهمية دعم مصممين شباب وإفساح المجال لهم لضخ الأسبوع بدماء جديدة.

بين الحنين والحداثة

من عرض «زينيا» لربيع وصيف 2026 في دبي (زينيا)

رغم كل هذا، لم يفتقد الأسبوع حيويته فيما يخص الأزياء، أبرزها الحرص على مفهوم «صنع في إيطاليا». ركزت معظم البيوت والمصممين على طرح قطع عملية بتفصيل مدروس، وألوان حيادية، كان الهدف منها ربط القطع ببعضها؛ الأمر الذي منح الرجل إطلالة موحدة بسيطة وأنيقة. والأهم من هذا منحته راحة وانتعاش مستمدين من الخامات والأقمشة.

وهذا تحديداً ما جسدته تشكيلة «زينيا» لربيع وصيف 2026. عُرضت في دبي لأول مرة خارج حدودها المعتادة، لكنها تنبض بالهوية الإيطالية. كانت أقمشتها المتطورة الأداة التي استعملها مصمم الدار أليساندرو سارتوري لاستعراض قدراته الفنية. لم ينس أن يذكرنا بأن قوة الدار تكمن في هذه الصناعة، أي الأقمشة. اللافت فيها هذه المرة أنها خرجت عن السيناريو الكلاسيكي الذي تعوَدناه: أن تكون منمقة ومحبوكة بعناية شديدة.

من عرض «زينيا» لربيع وصيف 2026 في دبي (زينيا)

يشرح سارتوري أنها خضعت لتقنيات حديثة جعلتها تبدو مكرمشة عن سابق إصرار وتعمد لتكتسب روحاً منطلقة تبدو وكأن صاحبها نسقها بلامبالاة. فالجلود الطبيعية مثلاً خضعت في معامل الدار لمعالجة رائدة جعلتها قابلة للغسل. لم يختلف الأمر في التصاميم والقصات، حيث جاءت أكتافها متحررة تنسدل عنه وتبتعد عن المستوى التقليدي في تمرد صارخ عليه، وجيوب واسعة واضحة للعيان، وسترات بخطوط مربعة ومرنة. فكك سارتوري معظمها ليخفف من وزنها بعد استغنائه فيها عن التبطين. قدم مثلاً بدلة من الحرير لا يتجاوز وزنها 300 غرام.

أرماني... الغائب الحاضر

من اقتراحات جيورجيو أرماني في أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2026 (جيورجيو أرماني)

في عرض جيورجيو أرماني غاب بجسده، لكن بصماته كانت حاضرة بقوة. تتجلى في سترات بصدر مزدوج وياقات مفتوحة، وسراويل واسعة ذات طيّات بشكل دمعة، تنحسر عند الكاحل أو تنسدل على نيات عريضة.

كل شيء فيها يتهادى بانسيابيةٍ على الجسد دون أي قيود، حتى المعاطف المصنوعة من الجلد اكتسبت خفة. هذه الإطلالات رسمها المايسترو بألوان استوحيت من أجواء الصحراء أو البحار. الطريف أن حتى طريقة العرض تؤكد حضور المصمم الغائب، من خلال إرسال ثنائيات، شاركت فيها المرأة أحياناً وكأن المصمم يقول إن هذه التصاميم لا تعترف بجنس ولا زمان.

«برادا» و«تودز»... بين الجديد والقديم

هذه التصاميم التي تتوجه إلى رجل معاصر وعملي في الوقت ذاته شملت بيوت أزياء أخرى مثل «برادا». رغم ما تمر به من تغييرات وتعاني منه من إقالات واستقالات لم تفقد بوصلة توازنها. بعد استقالة رئيسها التنفيذي السابق جانفرانكو داتيس بسبب «خلافات بشأن أمور استراتيجية» وفق تصريح له، تم تكليف رئيس مؤقت مكانه.

من عرض «برادا»... أزياء بسيطة بلمسات معاصرة (رويترز)

لكن لا شيء فيما قدمته ميوتشا برادا وشريكها في الإبداع راف سيمونز كان مؤقتاً، باستثناء بعض التفاصيل البسيطة مثل القبعات والجوارب التي كان دورها الإثارة أولاً وأخيراً. أطلقت الدار على العرض شعار «تغيير النغمة»، ليتضح أن النغمة التي اعتمدتها، بسيطة ووظيفية إلى حد كبير، أعادت فيها ميوتشا وراف سيمونز صياغة المفهوم التقليدي للأزياء الرجالية بأسلوب «سبور» وأكثر شبابية. قمصان بيضاء وشورتات عالية الخصر، وبدلات رياضية بسترات بأكمام مثنية، ومعاطف تعطي الانطباع أنها صُممت بعفوية. مثل باقي بيوت الأزياء ظلت الألوان متنوعة، تتراوح بين الرمادي والكحلي مع ومضات صيفية مثل الأزرق، والأحمر، والأخضر، والأصفر والبنفسجي. لكن الجرأة الحقيقية ظهرت في الإكسسوارات، مثل القبعات المصنوعة من الرافيا، والأحذية التي تم تنسيقها مع جوارب طويلة.

احتفلت «تودز» بحرفيتها وأيقونتها: حذاء الغومينو (تودز)

أما دار «تودز» فاختارت أن تلعب على ورقة مضمونة أكدت لها عبر العقود أنها رابحة: الـ«غومينو»، الحذاء الأيقوني الذي صار رمزاً للصيف والأسلوب الإيطالي المترف على حد سواء. أطلقت الدار على عرضها عنوان «نادي الغومينو» (Gommino Club)... استوحى ماتيو تامبوريني المدير الإبداعي، منه تشكيلة بخامات متنوعة، وتصاميم تواقة للحياة والهواء الطلق، ميَزتها خطوط ناعمة تنساب على الجسم بحرية، على شكل سترات غير مبطنة، وسراويل واسعة وقمصان خفيفة. الجلد كان حاضراً. لم يعد يقتصر على الخريف والشتاء بعد أن تم ترويضه ليصبح بخفة الحرير وملمسه.

ابتكرت الدار بحكم خبرتها الطويلة فيها، نوعاً أطلقت عليه اسم «باشمي» (Pashmy)، خضع لعلاجات وتقنيات عدة ليصبح مرناً يمكن تشكيله بسهولة في قطع منسابة. استعمله المصمم تامبوريني في قطع كلاسيكية منها سترة الـ«bomber»، وبلايزر غير المبطن، وسترات أخرى بتصاميم متنوعة.

باريس... تفتل عضلاتها وإمكاناتها

في باريس كانت النغمة مختلفة. أكثر صخباً وبذخاً بالمقارنة، وليس أدل على هذا من عرض فاريل ويليامز لدار «لوي فويتون». لم يحمل جديداً بالمعنى الثوري على صعيد أزياء كانت سمتها الأبرز التنوع لكي تخاطب شرائح كبيرة وتحقق النجاح التجاري، إلى جانب شورتات واسعة وسراويل واسعة يعرف أنها مطلب الشباب. ما افتقدته التصاميم من إثارة عوَّض عنها بما يتقنه أكثر: الموسيقى من خلال جوقة سيمفونية أشعلت الحماس وأشاعت أجواء مفعمة بالطاقة.

من عرض أنتوني فاكاريللو لدار «سان لوران» (إ.ب.أ)

لكن إذا كانت ميلانو قد افتقدت «زينيا»، أحد أهم أعمدتها الرئيسية، فإن باريس كسبت عودة دار «سان لوران» إلى البرنامج الرسمي للموسم الرجالي بعد انقطاعها عنه في يناير (كانون الثاني) 2023. كانت عودة سعيدة أكد فيها المصمم أنطوني فاكاريلو، مدى شغفه بمصمم الدار الراحل إيف سان لوران. في تشكيلاته الأخيرة، لم تغب صورة الراحل. لا من خلال الألوان أو القصات أو حتى الإكسسوارات، بما فيها نظارته ذات الإطار الأسود السميك. هذه المرة أيضاً استلهم منه إطلالاته في سبعينات القرن الماضي، من شورتات قصيرة وبدلات سافاري وغيرها. لكن الدار حرصت على شرح أن إيف الشاب «مجرد ذكرى» لا تزال حية «في عام 1974 انسحب من الضجيج وفي عام 2026 ما زال أثره حياً؛ لأنها ليست تحية. ليست ذكرى... إنها الاستمرارية». يقول المصمم إنه استوحاها من «زمان شكَّلت فيه الرغبة أسلوباً، والجمال درعاً حصيناً»، وبالتالي أرادها أن «تستكشف ذلك الإحساس الخفي ولحظة ضعف يحتاج فيها الإنسان إلى التأنق ليكشف عن هويته ويخفيها في الوقت ذاته».

من هذا المنظور نسَّق فاكاريللو الشورتات مع قمصان بأكمام طويلة، وسترات سمتها الخفة والبساطة، ضيّقة عند الخصر وعريضة عند الأكتاف، مع استخدام أقمشة خفيفة مثل الحرير والنايلون بألوان تهمس برقي هادئ.

من عرض جوناثان أندرسون لدار «ديور» (أ.ف.ب)

عرض «ديور» لربيع وصيف 2026 كان من بين الأكثر ترقباً. ولم يخيب الآمال، حيث قدم فيه جوناثان أندرسون لـ«ديور» تشكيلة توجه فيها نحو مستقبل جديد. التقط خيوطاً خفيفة من الأرشيف نسجها في تصاميم شبابية تعكس روح العصر. بدا واضحاً أنها كانت برؤيته وبصماته، إلا أنها لم تتجاهل رموز الدار تماماً.

ما تجدر الإشارة إليه أن جوناثان أندرسون، عُيِن في أوائل يونيو (حزيران) خلفاً لماريا غراتسيا كيوري في دار «ديور» بعد أسابيع قليلة من انضمامه إلى الدار بوصفه مصمماً رجالياً خلفاً للبريطاني كيم جونز. وبذلك، أصبح أول مصمم أزياء يشرف على خطوط الأزياء النسائية والرجالية على حد سواء منذ كريستيان ديور.