50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

كيف نجحت علامة شعبية في استقطاب الملكات والأميرات؟

الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)
الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)
TT

50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)
الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)

احتفلت علامة «زارا» مؤخراً بمرور 50 عاماً على تأسيسها، مستعينة بـ50 عارضة أزياء من كل الأعمار والجنسيات والمواصفات لتؤكد أنها تحتضن كل نساء العالم. استعانت أيضاً بالمصور الشهير ستيڤن ميسل لتقديم فيلم تصويري يليق بأهمية المناسبة.

في هذا الصدد، صرّحت مارتا أورتيغا، من شركة Inditex، بأن «التجربة كلّها تتمحور حول الإبداع»، مضيفة أنه «الركيزة التي لا نتخلّى عنها أبداً، وبالتالي يجسّد هذا الفيلم رؤية ستيڤن ميسل الإبداعية، كما يعكس السحر الذي لطالما ميّز ابتكاراتنا. والأجمل من ذلك، أنّه يجمع خمسيناً من أبرز عارضات الأزياء في العالم، لكل واحدة جمالها وشخصيتها».

استعانت العلامة بـ50 عارضة عالمية (زارا)

أما التشكيلة الاحتفالية فتميزت بقصات كلاسيكية تواكب خطوط الموضة الأخيرة مثل البنطلونات الواسعة بطيات مبتكرة عند الخصر، وفساتين يمكن أن تبقى مع المرأة لسنوات. فهي لا تحتاج سوى إلى بعض الإكسسوارات لتجديدها. اقتصارها على اللونين الأبيض والأسود يؤكد بدوره على أنها تواكب خطوط الموضة الأنيقة لا صرعاتها الموسمية.

50 عاماً... 50 عارضة أزياء

من بين العارضات المشاركات في الحملة نذكر آبي لي، أدريانا ليما، وأليك ويك، وأمار أكوي، وأمبير فاليتا، وأميليا غراي، وأوار أودهيانغ، وكانديس سوانبويل، وكارلا بروني، وكارولين ترينتيني، وكارولين ميرفي، وكريستي تورلينغتون، وسيندي كروفورد، ودوتزن كروس، وإيدي كامبل، وإيفا هيرزيغوفا، وفاي فاي سون، وجورجيل موت، وهي كونغ، وإيمان همام، وإيرينا شايك، وإيزيلين ستيرو، وجوان سمالز، وجوليا نوبيس، وكارين إيلسون، وكارلي كلوس، وليكسي بولينغ، وليندا إيفانجيليستا، وليا كيبيدي، وماريسا بيرينسون، وناعومي كامبل، وأسماء أخرى لا تقل أهمية وشهرة.

الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)

بداية القصة

في التاسع من مايو (أيار) عام 1975، افتتح شاب اسمه أمانسيو أورتيغا أوّل متجر في مدينة لا كورونيا الإسبانية. ورغم أن شركته آنذاك، «كونفيسونيس جوا»، كانت قد بدأت بصناعة الملابس منذ عام 1963 أي قبل أكثر من عقد من الزمن، فإن إطلاق «زارا» كان نقطة تحوّل محورية في مسيرة الشركة كما في عالم الموضة. كانت فكرة أمانسيو بسيطة غير أنها غيَرت الكثير في عالم الموضة وأصبحت نموذجاً يحتذى به. ما يثير الانتباه أن الكل ومن دون استثناء بارك نجاحه، الأمر الذي يؤكده النجاح التجاري الساحق الذي تحققه العلامة لحد الآن. فزبون العلامة ينتمي إلى طبقات متنوعة. منهم من ليست له القدرة على اقتناء قطعة من مصمم عالمي ومنهم من له كل الإمكانات، ومع ذلك يُقدر جودة ما تطرحه العلامة، وليس أدل على هذا من ملكة إسبانيا ليتزيا وأميرة ويلز كيت ميدلتون. زبونتان وفيتان ظهرتا في مناسبات عدة بقطع تحمل توقيع «زارا».

فساتين كلاسيكية عصرية يمكن تجديدها بإكسسوارات لأي مناسبة أو موسم (زارا)

كانت الوصفة التي اعتمدها أمانسيو أورتيغا ولا تزال سارية بعد 50 عاماً، قائمة على توفير أزياء وإكسسوارات أنيقة، غالباً ما تكون مستنسخة من تصاميم تُعرض على منصات الموضة العالمية. يطرحها بسرعة وبأسعار معقولة، ومع ذلك لا يثير الأمر حفيظة المصممين. تقبَلوا الأمر، بعضهم على مضض وبعضهم إعجاباً، لا سيما وأن الاستنساخ ذكي لا يفتح الباب لمقاضاته أو اتهامه بالتقليد.

من هو أمانسيو أورتيغا؟

هو الآن واحد من أغنى رجالات الموضة، لكنه وُلد في عام 1936، لأب يعمل في السكك الحديدية، وخلال الحرب الأهلية الإسبانية. ذكر في سيرته الذاتية أن أسرته عانت من الفقر ولم يستطع أن يتخطى مشهداً أليماً لصاحب بقالة وهو يرفض تمديد أجل دين والدته. لكي يساعد أهله، انقطع عن الدراسة وبدأ العمل بمجال صناعة القمصان. لم يكن عمره يتعدى الـ13 حينها، لكنه كان على درجة بالغة من الذكاء والاجتهاد جعلته يتولى إدارة متجر في واحد من أكبر الملابس في المنطقة في غضون 4 سنوات فقط. وهناك، التقى روزاليا ميرا، زوجته الأولى، التي ساعدته على بدء نشاطه التجاري وبنائه. في عمر الـ26 استأجر مساحة بأحد الشوارع الخلفية وأسس أول مصنع له لإنتاج الملابس. ونظراً لظروف الطقس السيئ بمنطقة غاليسيا وغياب التدفئة عن معظم المنازل، كانت واحدة من الخطوات البارعة المبكرة من جانبه إنتاج فساتين مبطنة أنيقة ومريحة باع منها المئات. هذه القدرة على قراءة اتّجاهات الأسواق العالمية في الوقت الفعلي، واستخلاص رؤى دقيقة تُترجم بسرعة إلى تصاميم عصرية تنبض بالحياة هي التي جعلته يبقى في الصدارة، من دون أن نتجاهل أن فريقاً يتكون من أكثر من 300 مصمّم وخبير تجاري يساهم في هذا النجاح ويمنح هذه المنظومة الإبداعية طابعاً متفرداً.

الآن توجد «زارا» في 98 سوقاً عبر متاجرها الفعلية (إ.ب.أ)

لم يتوقف حسه التجاري عند هذا الحد. بينما كانت باقي الشركات تُركِز على جانب واحد، إما صناعة الملابس أو توزيعها أو بيعها، قرر هو أن يتولى كل هذه المهام قاطعاً الطريق على الوسطاء، وفي الوقت ذاته فاتحاً الأبواب للعمالة النسائية المحلية في مجالي التطريز والحياكة، برهنت على مهارتها في التصميم والإنجاز السريع. فقوة العلامة لا تكمن في جودة الأقمشة وأناقة التصاميم فحسب، بل أيضاً في مرونتها واستجابتها لمتطلبات الأسواق، إلى جانب الإنتاج السريع.

الآن توجد «زارا» في 98 سوقاً عبر متاجرها الفعلية، و214 سوقاً من خلال منصّاتها الإلكترونية، مما عزّز تواصلها المباشر مع العملاء في مختلف أنحاء العالم.


مقالات ذات صلة

«زينيا» و«إيلي صعب» ومفهوم التوريث

لمسات الموضة جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

«زينيا» و«إيلي صعب» ومفهوم التوريث

تخرج من اللقاء بنتيجة واضحة، وهي أن إرث «زينيا» و«إيلي صعب» قائم على علاقة تنسجها الأجيال، وأنها في أمان.

«الشرق الأوسط» (دبي)
لمسات الموضة أسلوب الطبقات والأقمشة المبتكرة كان لها حضور قوي في هذه التشكيلة (زينيا)

عرض «زينيا» لصيف 2026... صُنع في إيطاليا وعُرض في دبي

في هذه اللعبة التي خاضها أليساندرو سارتوري بجرأة لصياغة مفهوم جديد للأناقة الرفيعة والمريحة، كانت ورقته الرابحة هي الأقمشة والتقنيات الحديثة والمتطورة.

جميلة حلفيشي (دبي)
يوميات الشرق من إليزابيث إلى كيت مروراً بنجمات السينما والغناء... لا مانع من ارتداء الملابس ذاتها أكثر من مرة (وكالات)

يُعدن تدوير الملابس... ملكات ونجمات لا يمانعن ارتداء الفستان ذاته مرتَين وأكثر

درسٌ في البساطة، في الوعي البيئي، أم مجرّد خطة اقتصادية! شخصيات شهيرة لا تمانع في تكرار ارتداء القطعة ذاتها مرتين وأكثر.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة زادت أناقة النجوم ومعها جرأتهم (أ.ف.ب)

النجوم يستعينون بالمجوهرات الثمينة لمزيد من البريق

إلى عهد قريب كانت إطلالات النجوم على السجادة الحمراء متكررة وتفتقد إلى أي خيال إبداعي مقارنة بإطلالات النجمات. كانت دائماً عبارة عن بدلة سوداء مع قميص أبيض،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة من عرض الدار لخريف وشتاء 2025 حيث تكمن قوتها في التصميم والأقمشة (غيتي)

غداً الموعد مع «زينيا» في دبي

موعد لافت يجمع غداً عُشاق الموضة وعلامة «زينيا» ZEGNA في دبي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«زينيا» و«إيلي صعب»... لقاء الأجيال

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
TT

«زينيا» و«إيلي صعب»... لقاء الأجيال

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

لم تقتصر فعاليات دار «زينيا» في دبي الأسبوع الماضي على عرضها الرجالي الموجه لربيع وصيف 2026. تخللته فعاليات كثيرة ومثيرة نُظمت تحت مظلة «فيلا زينيا»، منها لقاء جمع جيلدو زينيا، رئيس مجلس إدارة المجموعة وابنه أنجيلو، وإيلي صعب الأب وإيلي صعب جونيور. كانت فكرته الحديث عن مفهوم التوريث العائلي، وقيم الاستمرارية، وماذا يتعلّم الأبناء من الآباء والمؤسسين، أو بالأحرى كيف يتحوّل الإرث العائلي إلى مؤسسات عالمية؟

جانب من اللقاء بين عائلتي «زينيا» و«إيلي صعب» في دار الأوبرا بدبي (زينيا)

يتحدث أنجيلو زينيا، الابن، وهو الرئيس التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ومدير استراتيجية العملاء العالميين في الدار، ويلتقط الخيط منه إيلي صعب جونيور، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة دار «إيلي صعب».

يستعيد كل منهما ذكريات الطفولة، وتجاربه الخاصة، فيُذيبان أي شكوك يمكن أن تخامر البعض حول ثقل إرثهما. بالعكس تماماً ينفيان هذا الاعتقاد، مؤكدين أنهما من اختار مسارهما.

يتذكر أنجيلو أيام الطفولة وهو يقول إن إجازته الصيفية لم تكن مثل إجازات أقرانه. كان يُسافر مع والده إلى أماكن بعيدة لاستكشاف أسواق جديدة. وكانت هذه الرحلات بمثابة مدرسة تعلَّم فيها من والده كيف يتعامل مع الآخر، ويفهم ثقافاته. ومع الوقت فهم أن العميل «ضيف وليس مجرد متسوق»، وهي سياسة لا يزال ينتهجها الآن.

جيلدو زينيا الأب وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا الابن وإيلي صعب جونيور (زينيا)

يضحك إيلي صعب جونيور، وهو يؤكد كم أن تجربة أنجيلو تلامس تجربته الخاصة «إذ لا يوجد خط فاصل واضح بين حياتنا المهنية والشخصية، نحن نعيش العمل كأنه جزء منّا، ولحسن الحظ نستمتع بكل دقيقة منه».

ينظر إلى والده، المصمم اللبناني إيلي صعب، بفخر وهو يسرد كيف أنه بدأ من الصفر وفي ظروف الحرب اللبنانية القاسية وأيضاً في وقت لم تكن الأرضية مفروشة بالورود أمام المصممين العرب. «لكنه صمد لأنه كان يؤمن بما يقوم به، وأذكر أنني كنت أراه يسافر بحراً إلى قبرص ثم جوّاً إلى مختلف أنحاء العالم ليُقدّم مجموعاته. كانت تجربته ملهمة».

لكن الأهم في حديثهما تأكيدهما أن تسلم المشعل من والديهما كان خياراً شخصياً. صحيح أنهما ورثاه لكنهما لم «يستثقلاه».

يقول إيلي جونيور: «لقد ترك لي والدي حرية الاختيار، لكن الوقت كان متأخراً لاتخاذ أي قرار آخر، لأنني كنت قد شُددت إلى حلمه وشغفه. منذ سن الثالثة أو الرابعة، وأنا أتنقل بين مشغل الخياطة وقسم التصميم. كبرت وأنا أعيش تفاصيل هذه الدار، واليوم أعد حمل مسؤولية إرثها والحفاظ عليه لأجيال قادمة شرفاً».

التوريث شرف وليس فرضاً

يوافقه أنجيلو الرأي، وهو يعترف ضاحكاً بأنه كان يحلم بأن يصبح بطل تزلج، لكن شغفه بإدارة الأعمال تغلّب في الآخر: «حين تحب ما تفعله، تستمر فيه حتى آخر لحظة».

ويتابع مبتسماً: «كل ما في الأمر أننا نحن الشباب وهم الحكماء، وعلينا أن نحترم ما يُعرف بـ(دستور العائلة) وتراتبية الأدوار. يتفقان في أن الاستمرارية مهمة، وبأنه على كل جيل أن يضيف طابقاً جديداً إلى البناء، ويحترم ما شُيّد قبله، وفي الوقت ذاته يجب ألا يخشى تطويره».

يقول أنجيلو: «ما تابعناه في العرض الذي قدمناه في دبي لربيع وصيف 2026 يعكس رؤية (زينيا)، وتوجهنا بصفتنا عائلة نحو المستقبل. يؤكد أيضاً رغبتنا في الابتكار والإبداع، لكن تبقى الأساسات التي ننطلق منها متجذرة في (فيلا زينيا) بيت المؤسس».

يتدخل إيلي صعب الأب الذي كان يراقب الحديث باهتمام، قائلاً إن «الانتماء العائلي لا يعني الحق التلقائي. الذي يريد دخول الدائرة عليه أن يُثبت جدارته، فلا وجود لمبدأ الاستحقاق الوراثي»، ويستطرد: «المنتج هو جوهر البقاء لأنه في صُلبه روح العلامة».

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

ويوافقه جيلدو زينيا الأب الرأي، قائلاً إن دور الجيل الحالي يتركز على حمل كل من «زينيا» و«إيلي صعب» نحو المستقبل لضمان استمراريتهما بصفتهما إرثاً عائلياً، وهو ما يتطلب التعامل مع هذا الإرث بوصفه قيمة أساسية.

سلاح «زينيا» بالنسبة له هو الفخامة والاستدامة، مستشهداً بتشكيلات الدار على مدار عقود. لم تركض في أي مرحلة من مراحلها وراء الصراعات، أو تُفرّط في هويتها الجينية، بل حافظت على تصميمات تكرّم الرجل وتمنحه تميزاً. والفضل يعود إلى أنها لم تقف ساكنة. صناعة الأقمشة المترفة التي كانت ولا تزال ورقتها الرابحة، يتم تطويرها وترويضها بشكل مستمر لتحافظ على هذا التميز.

الإرث وحده لا يكفي

يلتقط إيلي صعب جونيور الخيط ليُشدِّد على أن الإرث وحده لا يكفي: «لا يُمكنك أن تركن إلى الماضي، فالإرث يجب أن يُغذّى، ويُعاد تشكيله، ليواكب العصر، وإلا فقد بريقه».

وهذا يعني الإبداع والحرفية وفق جيلدو زينيا، مسلّطاً الضوء على صُنّاع الحلم، يغزلونه ويحولونه إلى واقع. يقول: «غالباً ما يتحدث الناس عن المتاجر وما تُحققه من نجاحات، أما أنا فأحب الحديث عن المصانع، لأنها الأساس. من دونها، ما كان لأليساندرو سارتوري أن يقدّم ما قدّمه في عرضه».

كان هناك اتفاق تام بين العائلتين على مسؤوليتهما في الحفاظ على الحرف، وكل ما «صُنع بحب ومسؤولية»، في ظل المنافسة الشرسة التي تتعرض لها العلامات العائلية من قبل المجموعات الضخمة. تخرج من اللقاء بنتيجة واضحة، وهي أن إرث «زينيا» و«إيلي صعب» قائم على علاقة تنسجها الأجيال، وأنها في أمان.