«باجر»... ساعات سويسرية بجنسية كردية

ليلى يوسال امرأة تخترق عالم الرجل متسلحة بهويتها

«باجر»... ساعات سويسرية بجنسية كردية
TT

«باجر»... ساعات سويسرية بجنسية كردية

«باجر»... ساعات سويسرية بجنسية كردية

ليلى يوسال، اسم يستوقفك لعدة أسباب... الأول أنها امرأة تنافس الرجال في صناعة الساعات الفاخرة، وثانياً أنها تتعامل مع هويتها وإرثها الكرديين كقضية وجودية لتمكين المرأة، بتوفير فرص التعليم ومحاربة الفقر، فضلاً عن مساهمتها في مجال الزراعة التجديدية والتخطيط البيئي، حيث كرّمتها جامعة هارفارد، تقديراً لمشروع تقدمت به عن الزراعة التجديدية في مسقط رأسها.

تعيش ليلى حالياً في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تحقق ذاتها وكثيراً من النجاحات. لكنها عندما قرّرت إطلاق علامتها «باجر» للساعات السويسرية، كان لا بد أن تغوص في عالمها الذاتي والخارجي بكل ما يحيط به من تراث وثقافة وطقوس وعادات وتقاليد وحضارة وتاريخ.

بدأت باختيار اسم كردي له معنى من رحم الذكريات. فـ«باجر» يعني «مدينة»، الأمر الذي يجعله اسماً غير عادي بالنسبة لها: «إنه حالة ذهنية، تعكس التوق للحرية والأمان والقدرة على الصمود» وفق قولها. تذكر أن السفر بين المدن لم يكن سهلاً على الأكراد في التسعينات، بسبب ظروف الحرب. كانت المرة الوحيدة التي غادرت فيها مع عائلتها بلدتهم الصغيرة حدثاً مهماً وهي طفلة، ولا سيما أنها كانت لحضور مهرجان ثقافي في المدينة تعرض فيه أعمال من الفن الكردي. هذه العلاقة بين الماضي والحاضر، وبين الحياة الريفية بكل بساطتها وجمالها وحياة المدن بإيقاعها السريع حيث تعيش حالياً، تُلخص شخصية علامتها، كما تقول.

وُلدت ليلى ونشأت في بلدة سروج الحدودية، وهي إحدى المدن التي اقتطعت من سوريا، وضمّت إلى تركيا في معاهدة لوزان عام 1923. لم يكن التعليم متوفراً للمرأة، وكانت الوحيدة من الجيل الأول في قبيلتها الذي دخل المدرسة، تتعلم وتتخرج وتهاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية. درست في كلية الدراسات العليا للتصميم بجامعة هارفارد، وشاركت في برنامجٍ في الإدارة والقيادة لرواد الأعمال الشباب والشركات الناشئة في كلية سلون للإدارة، التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بوسطن، إلا أن حلم دخول مجال الساعات كان يراودها. لم تتوقف كثيراً عند مسألة أنه مجال احتكره الرجل لقرون، وقلة قليلة جداً من النساء استطعن اختراقه.

تعترف ليلى بأن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود، بسبب شحّ الإمكانات المادية في المقام الأول، ما أخَر حلمها 5 سنوات تقريباً. طوال هذه الفترة، كانت روح المرأة الكردية المتحدية والصامدة بداخلها تُقوِيها وتُذكرها بجذورها وبنات جنسها من الأجيال السابقة حتى لا تضعف وتتراجع عن حلمها. عملت في وظائف مؤقتة مع شركات تصميم وهندسة معمارية، وحوّلت شقة صغيرة في قبو منزلها لـ«إير بي إن بي» (Airbnb). بعد 5 سنوات، توفرت لها الإمكانات ليبدأ العمل الجاد. تقول: «هنا بدأ التحدي الأكبر، كيف أبني مشروعاً بجودة عالية وبمواصفات مثالية تُمثِلني وتعكس طموحاتي». كان أول شيء قامت به أنها تعاونت مع ورشة متخصصة في صناعة الساعات الفاخرة، تديرها عائلة سويسرية منذ 3 أجيال، ومعروفة بشراكتها مع العديد من شركات الساعات المعروفة. كان هذا التعاون ضرورياً لضمان جودة الجانب التقني.

أما جانب التصميم والأفكار، فإن مقولة «الفنان ابن بيئته» تنطبق عليها حرفياً. فهي لم تنسَ نشأتها وسط الصراعات التي شهدتها تركيا في تسعينات القرن الماضي، كما لم تنسَ صمود المرأة الكردية وقدرتها على تجاوز المحن والتعامل معها بنسج سجاد بألوان وأشكال فنية. هذه الذكريات وصور الماضي كانت دافعاً قوياً لكي تحتفي بهذه المرأة. استعملت مهارتها في نسج السجاد كمصدر إلهام. اختارت 3 رموز تعكس جماله ودقته وصلابته، وهي: الوضوح، المقاومة، الحماية. أخذت هذه الرموز وترجمتها في مجموعة تتميز بموانئ لامعة، ولمسات نهائية من الفولاذ المقاوم للصدأ، وأرقام رومانية كلاسيكية، إلى جانب بساطة تمزج بين الأصالة والحداثة. الأهم من هذا تعكس زخارفها جمال الفن الكردي وصلابة المرأة التي تنسجه بصبر.

إلى الآن، أصدرت ليلى عدة مجموعات، هي...

مجموعة «Artemita»

تتميز بموانئ لامعة ولمسات نهائية من الفولاذ المقاوم للصدأ وسوار مستوحى من زخارف السجاد الذي تُبدعه الكرديات ومجموعة «Basenia»، التي تتميز بلمسة كلاسيكية بأرقام رومانية تقليدية تمنحها طابعاً عتيقاً أنيقاً. في مجموعة «Artemita»، يظهر رمز الحماية على السوار، ليجسد إرث المرأة الكردية التي أبدعت في نسيجها دعاءً بحماية منزلها وأحبّتها.

أما مجموعة «Corduene» فتتميز بتصميم رياضي بكرونوغراف مزدوج العيون ولمسات نهائية غير لامعة على الموانئ. تقول ليلى إنها في هذه المجموعة الخاصة والمحدودة، أرادت الاحتفاء برمز المقاومة والصمود في وجه التحديات.

وأخيراً وليس آخراً، مجموعة «Sophene» التي تجسد البساطة الراقية، من خلال علب مصقولة وزجاج معدني مقاوم للخدوش لترمز للوضوح والحكمة والبصيرة. تعترف ليلى أن هذه الساعة هي المفضلة لديها، لأنها تذكرها بحقول الزيتون والفستق، وهي تتلاقى مع حقول أزهار الخزامى في مسقط رأسها.


مقالات ذات صلة

عهد جديد في دار «بالنسياغا»

لمسات الموضة سيكتب بيتشولي فصلاً جديداً لدار «بالنسياغا» (أ.ف.ب)

عهد جديد في دار «بالنسياغا»

ردود الفعل الإيجابية التي أثارها خبر تعيين الإيطالي بيرباولو بيتشولي الإدارة الفنية لدار أزياء «بالنسياغا» أكدت أنه خير خلف ليس لديمنا، مديرها الإبداعي السابق،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)

«GemGenève»... من التهميش إلى العالمية

رغم أنها صُممت في حقب قديمة بتقنيات تقليدية فإن الزمن لم ينل من بريقها، بل بالعكس لا تزال تُلهم الحاضر والمستقبل.

جميلة حلفيشي (جنيف)
يوميات الشرق الممثلة الفرنسية جولييت بينوش في كان (أ.ف.ب)

رئيسة لجنة مهرجان «كان» توجه تحية لمصورة فلسطينية قُتلت في غزة

وجهت رئيسة لجنة تحكيم مهرجان «كان» السينمائي الممثلة الفرنسية جولييت بينوش، الثلاثاء، في افتتاح هذا الحدث، تحية إلى روح المصورة الصحافية الفلسطينية فاطمة حسونة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
لمسات الموضة انسدال الأقمشة انعكس على الفازات والقطع التي صاغها حرفيو دار «دوم» (تمارا رالف)

مصممة الأزياء تمارا رالف تُروِّض الطبيعة بالكريستال

ماذا يمكن أن نتوقع من لقاء يجمع بين المصممة الأسترالية تمارا رالف التي تعوّدت ترويض الأقمشة، ودار «دوم» الفرنسية المتخصصة في الكريستال والزجاج؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)

50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

احتفلت علامة «زارا» مؤخراً بمرور 50 عاماً على تأسيسها، مستعينة بـ50 عارضة أزياء من كل الأعمار والجنسيات والمواصفات لتؤكد أنها تحتضن كل نساء العالم. استعانت…

جميلة حلفيشي (لندن)

بيرباولو بيتشولي مديراً فنياً لدار «بالنسياغا»

سيكتب بيتشولي فصلاً جديداً لدار «بالنسياغا» (أ.ف.ب)
سيكتب بيتشولي فصلاً جديداً لدار «بالنسياغا» (أ.ف.ب)
TT

بيرباولو بيتشولي مديراً فنياً لدار «بالنسياغا»

سيكتب بيتشولي فصلاً جديداً لدار «بالنسياغا» (أ.ف.ب)
سيكتب بيتشولي فصلاً جديداً لدار «بالنسياغا» (أ.ف.ب)

ردود الفعل الإيجابية التي أثارها خبر تعيين الإيطالي بيرباولو بيتشولي الإدارة الفنية لدار أزياء «بالنسياغا» أكدت أنه خير خلف ليس لديمنا، مديرها الإبداعي السابق، الذي أعلن في مارس (آذار) انتقاله إلى «غوتشي»، فحسب بل للمؤسس كريستوبال بالنسياغا نفسه.

جاء في التصريح الرسمي الذي نشرته مجموعة «كيرينغ»، التي تضم علامات مثل «غوتشي» و«سان لوران» و«بوتيغا فينيتا» أن بيتشولي سيتسلّم منصبه رسمياً في 10 يوليو (تموز)، على أن يُقدم مجموعته الأولى في أكتوبر (تشرين الأول).

يحظى المصمم الإيطالي بيرباولو بيتشولي باحترام أوساط الموضة ما جعل خبر التحاقه بـ«بالنسياغا» مثيراً (أ.ب)

وكان هذا الأخير قد أمضى 25 عاماً في دار «فالنتينو» الإيطالية، بينها ثمانية أعوام بصفته مديراً فنياً، ونجح في هذه السنوات في ضخها بالكثير من الشاعرية، لذلك تفاجأ الجميع عندما أعلن استقالته في مارس 2024.

وأوضحت «كيرينغ» أنّ بيتشولي سيستند في بالنسياغا على «نقاط القوة والنجاحات التي حققتها الدار خلال العقد الفائت تحت الإدارة الإبداعية لديمنا، ومواصلة إرث كريستوبال بالنسياغا وتاريخ هذه الدار الباريسية الشهيرة».

وقالت فرانشيسكا بيليتيني، نائبة المدير العام لمجموعة «كيرينغ» والمسؤولة عن تطوير دور الأزياء، إن «إتقانه (بيتشولي) للأزياء الراقية وحسّه الإبداعي وشغفه بالمهنة يجعله خياراً مثالياً»، مشيدة أيضاً بـ«الرؤية الجريئة والمميزة» لديمنا، التي شكلت «الهوية المعاصرة للدار».

وقال بيتشولي إنه على تناغم مع إدارة «كيرينغ» وعلى أتم استعداد لـصنع نسخة جديدة من الدار، وإضافة فصل جديد إلى تاريخها.