تشكيلة نجا سعادة لخريف وشتاء 2025... بين الهمس والصخب

تصاميم تفتح مع المرأة حواراً رومانسياً عذباً

المصمم نجا سعادة يتوسط عارضات في مجموعة باللون الأحمر (نجا سعادة)
المصمم نجا سعادة يتوسط عارضات في مجموعة باللون الأحمر (نجا سعادة)
TT

تشكيلة نجا سعادة لخريف وشتاء 2025... بين الهمس والصخب

المصمم نجا سعادة يتوسط عارضات في مجموعة باللون الأحمر (نجا سعادة)
المصمم نجا سعادة يتوسط عارضات في مجموعة باللون الأحمر (نجا سعادة)

اختار المُصمّم نجا سعادة لمجموعته الجديدة من خط «الهوت الكوتور» لخريف وشتاء 2025 عنوان «أصوات هامسة» (Whispering Voices). قال إنه يُجسّد من خلالها أهميّة الأصوات وكيف يمكن أن تكون مصدر إلهام، لما لها من قوة على خلق تواصل إنساني بين الأفراد وتوطيد العلاقات الإنسانيّة. هذا التفاعل الإنساني هو الذي شكَّل رؤيته الفنيّة لتشكيلة مرنة كأنها تتحرك على وقع ذبذبات صوتية خافتة، وتتألّف من ثلاثين تصميماً من ضمنها فستان زفاف.

جاءت التصاميم مرنة كأنها ترقص على تذبذبات صوتية (نجا سعادة)

يشرح نجا سعادة: «ترجمت من خلال كلّ تصميم الأصوات والأصداء التي أثّرت في حياتي، بدءاً من ذلك الصوت الداخلي الذي يؤثر فيَّ وفي نفسيتي، إلى أصوات الطبيعة مثل خشخشات الشجر وخرير المياه، فضلاً عن أصوات أشخاص يلعبون دوراً مُهماً في حياتي ورحلتي. هؤلاء أصواتهم محفورة في عقلي ووجداني». هذا المزيج المُتنوّع من الأصوات والأصداء الداخليّة والخارجية حوّل كلّ قطعة رواية تحكي قصة رومانسية «تتخطّى حدود التصاميم والقماش»، وفق قوله.

من بين الألوان المتنوعة كان الأسود حاضراً... وبقوة (نجا سعادة)

تلونت التشكيلة بباقة مُنوّعة من الدرجات الأساسيّة، مثل الأحمر والأسود والأبيض والذهبيّ والفضيّ إلى جانب الأزرق بدرجاته المختلفة والزهريّ والبيج الورديّ والخوخي الناعم. بعضها يمثل القوة والصخب، وبعضها الآخر الهدوء والسكينة.

أما بالنسبة للأقمشة، فاستخدم المصمم كل ما هو فاخر ومترف، مثل التافتا والدانتيل والرازمير واللوريكس والكريب دو شين والكريب المغربي والساتان الذي مزجه بشكل ناعم مع الدانتيل والتول المُطرّز يدويّاً.

تميزت التشكيلة بتطريزات غنية (نجا سعادة)

حتى التطريزات لم تَسلم من الأصوات وتردداتها. لم يبخل عليها ببريق الذهب، ولا بالأسلاك المعدنية إضافةً إلى تطريزات تجسد الزهور وأوراق الشجر. أمّا فستان الزفاف، المصنوع من حرير الميكادو، فجمع بين البساطة والفخامة، بحيث طرَّزه نجا سعادة باستخدام تقنية دقيقة وثلاثية الأبعاد جعلت هذه الورود والأزهار تبرز بشكل طبيعيّ.

فستان العروس كان راقياً بهدوئه وتفاصيله (نجا سعادة)

فقد كان مهماً للمصمم أن تربط هذه الأصوات والهمسات علاقة عاطفية مع المرأة. فكم علاقة حب بدأت بالصوت قبل الصورة في الواقع. بيد أنها عندما تتعلق بالأزياء، فإنها تُصبح علاقة حب تجمع المرأة بفساتينها كأنها تفتح معها حواراً رومانسياً عذباً.


مقالات ذات صلة

«GemGenève»... من التهميش إلى العالمية

لمسات الموضة قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)

«GemGenève»... من التهميش إلى العالمية

رغم أنها صُممت في حقب قديمة بتقنيات تقليدية فإن الزمن لم ينل من بريقها، بل بالعكس لا تزال تُلهم الحاضر والمستقبل.

جميلة حلفيشي (جنيف)
لمسات الموضة انسدال الأقمشة انعكس على الفازات والقطع التي صاغها حرفيو دار «دوم» (تمارا رالف)

مصممة الأزياء تمارا رالف تُروِّض الطبيعة بالكريستال

ماذا يمكن أن نتوقع من لقاء يجمع بين المصممة الأسترالية تمارا رالف التي تعوّدت ترويض الأقمشة، ودار «دوم» الفرنسية المتخصصة في الكريستال والزجاج؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الماضي كان خيطاً قوياً ربط العديد من عروض خريف وشتاء 2025-2026

الأحلام المؤجلة توقظ صراعات نفسية وتخلق دراما مسرحية

من بين كل الأفكار الفلسفية ومحاولات الغوص في أعماق الذات، بقي العنصر الأقوى هو الماضي. تكاد تشم رائحته في معظم العروض

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق الورد جعله عطاراً (موقع متحف ديور)

حدائق «ديور» الساحرة تستقبل الزوار في منزل طفولة المُصمّم الشهير

من الأزياء الراقية إلى الإكسسوارات التي رأت النور عام 1947 وعطر «مِسْ ديور»، إلى أحدث الإبداعات التالية، يتجلّى موضوع الحدائق ويحضُر في جميع مجموعات الدار.

«الشرق الأوسط» (باريس)
لمسات الموضة صورة أرشيفية تعود إلى عام 2021 تظهر فيها جولي بالأسود والأبيض (أ.ب)

أنجلينا جولي... بين الأسود والألوان الترابية

المرات التي ظهرت فيها أنجلينا جولي بألوان الطبيعة المتفتحة أقل بكثير من أن تُذكر، وغالباً ما تنسقها مع الأسود للتخفيف من «صراخها».

جميلة حلفيشي (لندن)

«جيم جنيف»... من رغبة في التحدي ورد الاعتبار إلى العالمية

قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)
قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)
TT

«جيم جنيف»... من رغبة في التحدي ورد الاعتبار إلى العالمية

قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)
قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)

كانت فكرة إنشاء معرض يجمع صُنّاع المجوهرات وتجار الأحجار الكريمة والفنانين تحت سقف واحد مغامرة جريئة من قبل روني توتا وتوماس فيربر. صديقان جمعهما حب المجوهرات والرغبة في رد الاعتبار للأسماء المستقلة من الصاغة والمصممين والحرفيين على حد سواء.

يروي روني توتا في حديث جانبي مع «الشرق الأوسط» أن ولادة معرض «GemGenève» في عام 2018 لم تكن مجرد فكرة طموح، بل كانت ردة فعل على معاناة وعدم رضا. يقول: «كنت من المشاركين في معرض بازل للساعات والمجوهرات، لكنني كنت دائماً أشعر بأن كوننا متخصصي مجوهرات ومصممين وتجاراً مستقلين، مهمشون فيه، لأنه بصفته معرضاً دولياً ضخماً كان يُركز على الأسماء الكبيرة من بيوت المجوهرات، وللأسف كان ذلك على حسابنا».

ظل الإحباط يتراكم، حتى تحوَّل إلى فكرة، ثم إلى إصرار لتنفيذها. ومع أفول أهمية معرض بازل، وجد روني وتوماس الفرصة سانحة لصياغة رؤيتهما. تصوراه منصة يلتقي فيه التجار مع المصممين لعقد صفقاتهم فيما يخص شراء الأحجار بكل أشكالها وأنواعها، وفي الوقت ذاته يفتح أبوابه للعامة لكي يغوصوا في عالم المجوهرات وتاريخه عبر الزمن.

المؤسسان روني توتا وتوماس فيربرفي افتتاح النسخة التاسعة من «GemGenève» (خاص)

احتفل مؤخراً بنسخته التاسعة، واستقطب نحو 250 عارضاً من جنسيات وتخصصات مختلفة، في حين لم يكن المؤسسان يأملان عند تأسيسه في أكثر من 50 عارضاً.

ما يُحسب له أنه، ومنذ نسخته الأولى، اختار أن يكون ديمقراطياً في روحه ونهجه، محتضناً مختلف الفئات، من صاغة مستقلين إلى هواة اقتناء مبتدئين يسعون للتعمق في هذا العالم وفهم خصائص أحجاره، من الألماس والياقوت والزمرد إلى الأحجار العضوية ذات الأصول النباتية أو الحيوانية، مثل الكهرمان والكوبال والمليت والمرجان وعرق اللؤلؤ، وهي أحجار لا تقل قيمة، لكنها تتطلب دقة ومهارة عاليتين في التعامل معها. وهنا يبرز دور الصاغة والحرفيين الذين يحتضنهم المعرض ليعرضوا فنيّتهم ومهاراتهم في فنون الزخرفة، والنقش، والرسم، والتلوين، والتقطيع وغيرها.

يفتح المعرض الباب للحرفيين والمتخصصين لاستعراض مهاراتهم (خاص)

المجوهرات الـ«فينتاج» والتاريخية

وإذا كانت الأحجار العضوية تحكي قصص الطبيعة، فإن المجوهرات العتيقة، أو ما تُعرف بالـ«فينتاج» أو الـ«ريترو» تحكي قصص الزمن والبشر. تقول ناداج توتا، ابنة المؤسس روني إن «هذه القطع لا تزال مطلوبة، بل في بعض الأحيان تفوق قيمتها ما كانت عليه عند صنعها عندما تكون من خزائن ملكية وتاريخية».

وعلى الرغم من أنها صُممت في حقب قديمة وبتقنيات تقليدية، فإن الزمن لم ينل من بريقها أو جمالها، بل بالعكس لا تزال تُلهم الحاضر والمستقبل، لا سيما في عالم يُعيد فيه الاقتصاد الدائري تعريف الاستهلاك بمفهوم «توريث هذه القطع»، وهو الشعار الذي رفعه مدير المعرض، ماثيو ديكويكلير بقوله إن «الفخامة الحقيقية هي التي تورَّث». وأضاف أن «المجوهرات ليست مجرد زينة، بل ذاكرة، وحكاية، وتاريخ يُمنح حياة جديدة».

قطع تتكلم عن الزمن

قطع تاريخية صُممت في حقب قديمة بتقنيات تقليدية لكن الزمن لم ينل من جمالها (خاص)

وهذا ما يلفت انتباه زائر المعرض بعد دقائق قليلة من بدء جولته؛ أن سحر المجوهرات الـ«فينتاج» لا يشمل جمالها وفنيتها فحسب بل تلك القصص التي تتجسد في تفاصيلها الدقيقة. فكل جوهرة ترتبط بتاريخ، وكل قطعة تسرد حكاية امرأة ألهمت شكلها، أو صانع محترف جرَّب تقنيات وخامات جديدة ليضع بصمته الخاصة عليها. هذا الإبداع هو ما ينعش هذه السوق، ويسهم في نموها منذ بداية الألفية. فهواة اقتناء قطع الـ«فينتاج»، لا يحصلون هنا على مجرد قطعة مجوهرات نفيسة بل على لوحات فنية تزيد قيمتها عندما تكون نتاج مدرسة فنية تجعلها من المجموعات التاريخية. لا تُنكر إيدا فيربر، ابنة المؤسس توماس فيربر، أن شريحة مهمة من الشباب لا تزال تُفضِّل مجوهرات من بيوت عالمية، إلا أن استلهام هذه البيوت من حقبة الآرت ديكو، فتح عيون العديد منهم على جماليات قطع «ريترو»، ومن ثم أسهم في زيادة الاهتمام بها في كل من أوروبا وأميركا وأيضاً في دول آسيوية مثل تايلاند وسنغافورة وإندونيسيا. السوق الصينية في المقابل، لم تبلغ نضجها بعد، وفق رأيها.

عالم الآرت ديكو... حيث تلتقي الحداثة بالتاريخ

ساعة طاولة تاريخية من أرشيف دار «شوميه» (خاص)

هذا الاهتمام بمجوهرات وقطع فنية بطراز الآرت ديكو لم يمر مرور الكرام على منظمي المعرض هذا العام، فالنسخة التاسعة تتزامن مع مرور مائة عام على المعرض الدولي للفنون الزخرفية والصناعية، الذي أطلقت شرارته لأول مرة في باريس عام 1925. خصصوا له معرضاً مُصغَراً، كان بمثابة نافذة على زمن تجرأت فيه الفنون في كل مجالات التصميم على التمرد على القوالب التقليدية.

يقول روبرت لي-بيمبرتون، من شركة «همفري بتلر» المحدودة، ومقرها لندن، إن هذا «الفن نبع إبداعي لا ينضب، فضلاً عن أنه يُسجل تفاصيل حقبة شهدت تحرراً اجتماعياً جمع الابتكار الفني بالتكنولوجيا. في مجال صياغة المجوهرات مثلاً سجّل بداية استخدام البلاتين في التصميم والتصنيع، ما منح الصاغة زخماً وأدوات جديدة».

سوار من طراز الآرت ديكو من مجموعة فيربر (خاص)

هكذا، وتحت عنوان: «الآرت ديكو: إرث الأناقة الخالدة»، جرى عرض قطع نادرة تبرز كيف اندمج الفن مع الصناعات الحديثة في شتى المجالات، سواء كانت على شكل كرسي من الخشب، أو ساعة جيب، أو ساعة طاولة أو فستان من الساتان أو حقيبة يد من المخمل مرصعة بالأحجار أو قطعة مجوهرات نفيسة. كلها قطع نادرة أعارها شركاء ومؤسسات مرموقة، من بينها: متحف جنيف للفنون والتاريخ، ودار «شوميه» للمجوهرات الرفيعة، والمتحف الدولي للساعات، ومؤسسة «عز الدين علايا»، ومؤسسة «بوغوصيان»، ومتحف وحدائق فان بويرن، ومشاغل «ليزون دو كون»، وآخرون.

تقنيات جريئة... مواد غير تقليدية

شهدت العشرينات والثلاثينات تطور التقنيات لتصبح للقطعة الواحدة عدة استخدامات (خاص)

وفي حين تلفتك في هذه القطع الألوان والأشكال والمواد، مثل القش، وقشور البيض، والمينا، واللكر، والبلاتين، تلفتك في المجوهرات التقنيات التي تطوَّرت لتُشكل قفزة نوعية خلال عشرينات وثلاثينات القرن الماضي. تميّزت بمرونة استثنائية، تجعلها تتكيّف مع أكثر من استخدام: مثلاً هناك مشابك يمكن جمعها لتشكّل بروشاً، و«سوتوار» طويلاً يتحوّل إلى سوار، أو عقد قصير، وحتى التيجان باتت تُرتدى مثل القلائد والعكس.

بدورها تعكس الأزياء التي صممت في تلك الحقبة التحول الاجتماعي الذي شهدته المرأة والموضة عموماً، إذ تخففت التصاميم من قيود الماضي، وأصبحت تُعبِّر عن واقع جديد تُجسِّده في كلاسيكية لم يؤثر عليها الزمن، تنسدل على الجسم بانسيابية مريحة وحقائب السهرة تُحمل باليد أو بسلاسل تحرر يدي المرأة.

تُظهر التصاميم في معرض الآرت ديكو التحرر الاجتماعي والفني الذي شهدته العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي (خاص)

لم تستثنِ هذه الإبداعات الرجل، فهناك كم لا يستهان به من ساعات جيب وعلب سجائر ولوحات فنية، استوحت تصاميمها من حضارات الهند وآسيا ومصر. القاسم المشترك بينها دائماً هو جرأتها الفنية في استخدام خامات لم تكن مألوفة في صناعة المجوهرات والفنون الزخرفية من قبل، ورغبة صناعها ومبدعيها في التميز. ذهبت الرغبة في التجريب والخروج على القوالب التقليدية ببعضهم في تلك الحقبة إلى خوض مجالات جديدة عليهم، مثل الصائغ لاكلوش الذي انتقل من تصميم المجوهرات إلى ابتكار قطع أثاث مميزة.

قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)

يوضح المعرض أن ما ميّز هذه الحقبة، وجعلها أكثر خصوبة فنياً، أنها امتدت من عام 1910 وحتى أواخر الثلاثينات، ما أتاح ظهور أكثر من طراز واحد لهذا الفن، وتداخل تأثيرات متنوعة، أهمها اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922 التي كان لها تأثير بالغ على أعمال العديد من الفنانين والمعماريين والمصممين. ورغم أن الأمر كان أكثر وضوحاً في بريطانيا، فإنه أثَّر على أسلوب مصممين من فرنسا وسويسرا وفنانين من أوروبا الشرقية، حسب ما تؤكده المعروضات. غنيٌّ عن القول إن آسيا كان لها حضور قوي في المعرض. وهي الأخرى لعبت دوراً لا يُستهان به في تشكيل هذه الحقبة، حسب الرسمات المنقوشة بخامات تتضمن كثيراً من الحكايات المثيرة.