كيف نجح المصمم ستيفان رولان في الجمع بين النعومة والإثارة بخيط رفيع؟

تشكيلته لخريف 2024 وشتاء 2025 تصاميم فنية بحبكة مسرحية

عروسه لخريف وشتاء 2024-2025 تميل إلى الفني والتفرد (ستيفان رولان)
عروسه لخريف وشتاء 2024-2025 تميل إلى الفني والتفرد (ستيفان رولان)
TT

كيف نجح المصمم ستيفان رولان في الجمع بين النعومة والإثارة بخيط رفيع؟

عروسه لخريف وشتاء 2024-2025 تميل إلى الفني والتفرد (ستيفان رولان)
عروسه لخريف وشتاء 2024-2025 تميل إلى الفني والتفرد (ستيفان رولان)

إذا كان هناك شيء واحد تخرج به بعد عرض ستيفان رولان لخريف 2024 وشتاء 2025، الذي قدمه ضمن أسبوع باريس للـ«هوت كوتور»، فهو أن الوفاء من شيمه؛ إنه عاشق وفيٌّ لباريس، صديق وفيٌّ لعارضته المفضلة نيفيز ألفاريز، التي افتتحت العرض كالعادة، وكأنه يتبرك بها، ووفيٌّ لأسلوبه المطعم بالشاعرية والفنية. قد يجنح أحياناً إلى المسرحي، لكنه مسرحي يغذي كل الحواس.

يبدو تأثره بأستاذه كريستوبال بالنسياغا واضحاً في الأحجام والأشكال الفنية (ستيفان رولان)

اقتصرت تشكيلته على لونين يتيمين، هما الأسود والأبيض. كانا كل ما يحتاج إليه ليكتب سيناريو مسرحية، قال إنه استلهمها من غموض وسحر باريس في ليالي الشتاء، عندما تكون الأشجار عارية، والأحجار المرصوفة بالحصى تتلألأ بمياه الأمطار. صورة استلهمها من براساي، المصور الفوتوغرافي، مجريُّ الأصل، المفتون بليالي باريس وخطاياها. كان يسهر الليل يجوب شوارعها المظلمة والخفية، يلتقط صورها وهي تستيقظ بعد أن ينام الناس لتعيش حياة موازية.

ستيفان رولان ترجم هذه الصور، أو بالأحرى الحياة، في قطع أزياء باللون الأسود تخترقها إشعاعات بيضاء، تلعب على المستور والمكشوف، فتحوَّل تناقضهما إلى تناغم مفعم بالأنوثة. بين الإطلالة والأخرى كان يضيف عليها بعض البريق، بترصيعها بأحجار الكريستال أو الزجاج أو السفير أو الأونيكس. وعندما لا يكفيه الأمر يستعمل «بروش» يُشبكه عند الخصر أو الكتف، أو حزاماً يُزيِّن الخصر من تحت التول أو الموسلين عوض أن يحدد الفستان.

لعب على الأسود والأبيض فقط وكانا كافيين لينسج منهما قصات مثيرة (ستيفان رولان)

وإذا كان الأسود والأبيض البطلين الرئيسيين، فإن الأقمشة أيضاً كان لها دور أساسي في هذه الحبكة المسرحية. تباينت بين صوف الكريب والمخمل والتول والساتان والموسلين. أول ما يتبادر إلى الذهن أنها أقمشة تتميز بقوام ناعم يخدم التصاميم التي تنسدل على الجسم، لكن ستيفان نجح في تشكيلها بهندسية، أضفت عليها قواماً صلباً جعلها تبدو كأنها منحوتات.

تتوالى الإطلالات في قاعة «بليل» الواقعة بالجادة 8 بباريس على نغمات موسيقية وأبيات شعر تتغنى بباريس للشاعر جاك بريفير، صديق المصور براساي ورفيق دربه في بعض جولاته الليلية، فنتذكر مهارة المصمم في التفصيل، وإعجابه القديم الذي لا يزال ساكناً وجدانه، بأستاذه كريستوبال بالنسياغا. ظهر هذا التأثير في بعض الأحجام الضخمة والأكتاف العريضة والتفاصيل الهندسية المبتكرة.

قد تكون بعض التفاصيل جانحة نحو السريالية إلا أنها ما يُميز أسلوب ستيفان رولان عن غيره (ستيفان رولان)

من بين هذه الإثارة البصرية لا ينسى المصمم منبع إلهامه، فيعود إلى قصص الليل والنهار: من خلال أبيض والأسود والسميك والشفاف. يترك الموسلين أو التول ينسدلان على شكل تنورة، أو بنطلون من تحت جاكيت توكسيدو كاشفاً عن الخصر للتخفيف من صرامة تفصيل الجزء العلوي أو لإبراز فنيته. يقول ستيفان: «إنها تصاميم (غرافيكية لكن ناعمة)»، ويتابع كأنه يريد ترسيخ الفكرة أو تصحيحها: «هناك الكثير من النعومة».

تصريحه لا يُبدِّد الإحساس الطاغي بأنها نعومة مربوطة بالإثارة الحسية. كان واضحاً تأثره بصور براساي الليلية. ترجمها من خلال فتحات ديكولتيه منخفضة للغاية، وفتحات جانبية تظهر كامل الساق وما فوقها، ولا يغطيها سوى ستارة خفيفة من الموسلين أو الأورغنزا، لا تنجح في إخفاء المكشوف بقدر ما تُبرزه وتزيد من سحره.

نجح ستيفان في تشكيل الأقمشة بهندسية أضفت عليها قواماً صلباً جعلها تبدو كأنها منحوتات (ستيفان رولان)

كانت هناك أيضاً إطلالات بظهور مكشوفة، وخصور لم يُخف منها المصمم سوى السرة. حرص على إخفائها، إما بحزام مرصع بالألماس وأحجار الكريستال أو بقطعة قماش صغيرة بحجم صفحة اليد، كان دورها أن تربط الصدر بتنورة منسدلة، حتى يبقى جزء كبير من منطقة الخصر مكشوفاً. تُفاجئنا جُرأته بعض الشيء، ثم نتذكر أننا هنا في عرض مسرحي، وفي قاعة مسرح، وهو ما يحتاج إلى بعض البهارات المثيرة. نتذكر أيضاً أن التشكيلة تنتمي لخط الـ«هوت كوتور»، وهذا يعني أن الزبونة من حقها أن تطلب إجراء تعديلات طفيفة عليها، مثل إضافة بطانة تستر المكشوف، أو أكمام وما شابه من تفاصيل، وإن كانت الكثيرات من زبونات الجيل الجديد سيُقبلن عليها كما هي.

ظل المصمم وفياً لأسلوبه الشاعري الجانح إلى المسرحي أحياناً من خلال التفاصيل والإكسسوارات (ستيفان رولان)

سحرها بالنسبة لهن يكمن في إثارتها، إضافة إلى فنيتها التي تعززها التفاصيل الهندسية تارة والإكسسوارات تارة أخرى. ويبدو أنه أخذ بعين الاعتبار هذه الشريحة. وأضاف إلى القطع ذات الياقات العالية والأكمام الطويلة سحابات يمكنهن فتحها للحصول على مبتغاهن.


مقالات ذات صلة

محمد آشي يحكي تفاصيل رحلة روحانية تتشابك فيها الظلمة بالنور

لمسات الموضة تيمة الظلمة والنور ظهرت في إطلالات هندسية وأخرى مفصلة   (آشي استوديو)

محمد آشي يحكي تفاصيل رحلة روحانية تتشابك فيها الظلمة بالنور

لم تكن فكرته الانفصال التام عن الواقع، بل فقط الابتعاد «ولو بأرواحنا وجوارحنا» عن إيقاع الحياة السريع الذي نعيشه اليوم.

جميلة حلفيشي (باريس)
لمسات الموضة صورة جماعية لعائلة أمباني (أ.ب)

عُرس أمباني... انتقادات كثيرة وإيجابيات كبيرة

بينما عدّه البعض زواج الأحلام بتفاصيله وجواهره وألوانه، وصفه البعض الآخر بالسيرك أو فيلم بوليوودي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة استُلهمت من ثلاثينات القرن الماضي الذي انتعشت فيه حركة الطيران والسفر (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تطير بتحفة ساعاتية للكبار

بسعر 42 ألف دولار، يمكن لعشاق التحف الساعاتية والطيران، على حد سواء، اقتناء هذه القطعة المبتكرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة من القطع التي صممتها الدار في عام 1907 لأحد هواة اقتناء التحف (فان كليف آند آربلز)

«فان كليف آند آربلز» تستعرض إرثها بكتاب للتاريخ ومجوهرات لملكات مصر

في بداية الشهر الماضي، أعلنت مجموعة «ريشمون»، المالكة لعدة دور ساعات ومجوهرات، تعيين كاثرين رينييه، الرئيس التنفيذي السابق في دار «جيجير لوكولتر» رئيساً…

جميلة حلفيشي (باريس)
لمسات الموضة أكشاتا ميرتي تستمتع إلى زوجها وهو يلقي خطاب الوداع خارج 10 داونينغ ستريت (أ.ب)

فستان زوجة رئيس الوزراء السابق ريتشي سوناك يثير موجة من التهكم والتعليقات السلبية

إذا كان الرابع من شهر يوليو (تموز)، يوماً تاريخياً على المستوى السياسي في بريطانيا، فإن الخامس من الشهر نفسه سيبقى مرسوماً في ذاكرة الموضة من خلال فستان مقلم…

جميلة حلفيشي (لندن)

«تيفاني أند كو» تطير بتحفة ساعاتية للكبار

استُلهمت من ثلاثينات القرن الماضي الذي انتعشت فيه حركة الطيران والسفر (تيفاني أند كو)
استُلهمت من ثلاثينات القرن الماضي الذي انتعشت فيه حركة الطيران والسفر (تيفاني أند كو)
TT

«تيفاني أند كو» تطير بتحفة ساعاتية للكبار

استُلهمت من ثلاثينات القرن الماضي الذي انتعشت فيه حركة الطيران والسفر (تيفاني أند كو)
استُلهمت من ثلاثينات القرن الماضي الذي انتعشت فيه حركة الطيران والسفر (تيفاني أند كو)

بسعر 42 ألف دولار، يمكن لعشاق التحف الساعاتية والطيران، على حد سواء، اقتناء هذه القطعة المبتكرة. تبدو من بعيد وكأنها لعبة يشتريها الآباء للأطفال، لكن ما إن تقترب منها حتى تلمس كمية الإبداع في تفاصيلها التقنية، وأنها موجهة إلى كبار من هواة الاقتناء، ومن ذوي الدخل العالي. طرحتها مؤخراً دار «تيفاني أند كو» ضمن مجموعاتها الخاصة تحت عنوان «تيفاني إيروايز» (Tiffany Airways). وتقول الدار إن هذه الساعة الميكانيكية أحدث إصداراتها، وأنها أرادتها أن تكون احتفالاً بتراثها وكل الأشكال المبتكرة التي أصبحت لصيقة باسمها.

تبدو من بعيد مثل اللعبة قبل أن تكتشف أنها للكبار فقط من هواة الاقتناء وذوي الدخل العالي (تيفاني أند كو)

صُنعت من الفولاذ المقاوم للصدأ الشهير «Tiffany Blue®»، ويشبه شكلها هيكل الطائرة بكل تفاصيله. فهو كما تقول الدار مستوحى من عالم الطيران في الثلاثينات، وهي الفترة التي غلب عليها روح الاكتشاف والبحث عن الجديد مهما كان بعيداً.

من الناحية التقنية، يجري عرض الساعات والدقائق فيها على أقراص كبيرة من الفولاذ المقاوم للصدأ في مقدمة الطائرة، ويتوّج قفص قمرة القيادة بشاشة عرض على شكل سهم تشير إلى الوقت الحالي.

هذا وتتميّز الطائرة بعجلات وظيفية تحاكي معدات الهبوط التقليدية، دورها هو تحقيق التوازن في مقدمة التصميم، وخلف المروحة، في حين يأخذ مشعاع محرك الطائرة دور «التاج» الذي يُستخدم لتشغيل الحركة. ويؤدي دوران المحرك المثقوب في اتجاه عقارب الساعة إلى تحريك الأقراص المصنوعة هي الأخرى من الفولاذ لتحديد الوقت. وعندما تدور الحركة بعكس اتجاه عقارب الساعة، تشتغل وكأنها محرك الطائرة.

يمكن عرضها بعدة أشكال تبدو في واحدة منها وكأنها ستُقلع (تيفاني أند كو)

أما من الناحية الجمالية فإن تصميم الساعة يسمح بعرضها بعدة طرق: إما بشكل مستقل، وإما تركيبها على حامل من الفولاذ المقاوم للصدأ، وإما تثبيتها على الحامل من خلال مشبك مبتكر يساعد على خلق انطباع بأنها ستقلع وتطير عالياً.