ساعة بدرجة تحفة من «هوبلو» والفنان دانيال أرشام

خاصة لهواة الاقتناء فقط

دانيل أرشام في الاستوديو الخاص به يعمل على تصميم الساعة التي ستحمل اسمه وتوقيع هوبلو (هوبلو)
دانيل أرشام في الاستوديو الخاص به يعمل على تصميم الساعة التي ستحمل اسمه وتوقيع هوبلو (هوبلو)
TT

ساعة بدرجة تحفة من «هوبلو» والفنان دانيال أرشام

دانيل أرشام في الاستوديو الخاص به يعمل على تصميم الساعة التي ستحمل اسمه وتوقيع هوبلو (هوبلو)
دانيل أرشام في الاستوديو الخاص به يعمل على تصميم الساعة التي ستحمل اسمه وتوقيع هوبلو (هوبلو)

في مؤتمر صحافي بمتحف «تايت مودرن»، كشفت اليوم شركة هوبلو للساعات الفاخرة عن ثمرة تعاونها مع الفنّان المعاصر دانيال أرشام. ساعة ثوريّة تقدّم تصوراً جديداً لساعات الجيب الكلاسيكية شكلاً ومضموناً، وبدأ العمل عليها منذ أكثر من 3 سنوات. اسمها «Arsham Droplet» يشير إلى استلهامها من قطرة ماء. تأتي بتصميم دائري وبعلبة من التيتانيوم تحاكي الدانتيل الرقيق المنسوج، شرح الفنان آرشام أنه «جمع فيها عناصر من الماضي من خلال الشكل ومواد وأساليب إنتاج حديثة تتطلع إلى المستقبل». فهذه تحفة من الفن الوظيفي ستبقى مع أصحابها لأجيال.

يشتهر دانيال أرشام بأنه فنان شامل يحول الأشياء الغريبة إلى معالم وتحف معاصرة (هيبلو)

دانيال أرشام ليس غريباً أو دخيلاً على مثل هذه التعاونات. فأعماله أثارت انتباه كثير من صناع الترف والمجوهرات والساعات، منهم مجموعة «إل في إم إتش». مكمن جذبه أنه فنان شامل. يعمل في مجالات الفنون الجميلة والهندسة المعمارية وفنّ الأداء المسرحي والأفلام. تبرز في أعماله قوّة الحنين إلى الماضي، يلتقط منه خيوطاً يُطوعها ويجعلها قابلة للتكيف. ولأن هذه الأعمال تأتي غالباً على شكل مجسّمات متآكلة يحولها إلى «آثار مستقبلية» تعكس ثقافة شعبية كان من الصعب تخيل ما يمكن أن يقدمه في مجال الساعات. يقول إنه عاشق للساعات، وكان الوقت ولا يزال يثير كثيراً من التساؤلات بالنسبة له. كان هو من فكّر في التعاون مع شركة ساعات. أعرب عن رغبته هاته لأحد الأشخاص الذين تعاون معهم في سنغافورة. هذا الأخير هو الذي اقترح عليه شركة «هيبلو» بالتحديد، لأنها مثله تعتمد على الخامات الحديثة والمواد الغريبة والنادرة في ساعاتها. كان ذلك في عام 2018، وبسبب جائحة «كورونا» تأخر تنفيذ الفكرة حتى عام 2021. كان من المفترض ألا تستغرق العملية أكثر من عام، لكنها استغرقت نحو 3 سنوات. في كل مرة كان يطلب هو تغيير بعض التفاصيل أو يُطلب منه تعديل أخرى إلى أن اكتملت التحفة.

تأتي الساعة بـ3 وظائف ساعة جيب وقلادة وساعة طاولة (هوبلو)

الجميل فيها أنها ليست مجرد ساعة جيب بالمفهوم التقليدي. فهي تأتي بـ3 أشكال و3 وظائف مختلفة، كساعة جيب وكعقد يتدلى على الصدر، وأيضاً كساعة طاولة. يقول آرشام إنه كان يريدها بمثابة تحفة يسهل ضمها باليد أيضاً. استلهم شكلها من الطبيعة وانسيابيتها، مستخدماً التيتانيوم لخفة وزنه والمطاط وكريستال الصفير. فهذه المواد تدخل في معظم ساعات شركة هوبلو.

كريستال الصفير تحديداً كان مثيراً بالنسبة له، لأنه من الأرض ويشبه المواد التي يستعملها في بناء أعماله الضخمة، كالرمل والسيلينيت والرماد البركاني وغيرها. لكنه كان أيضاً تحدياً له، نظراً لحجم الساعة ورغبة الفنان في عدم استعمال غلاف لإخفاء وحماية علبة الساعة بالمفهوم التقليدي لساعات الجيب. رأى أن الصفير صلب بدرجة تكفي لحماية العلبة، الأمر الذي دفع بحرفيي الدار إلى العمل بشكل غير متوقع. فهم لم يستعملوا هذه المادة من قبل بحجم كبير.

إصدار «Arsham Droplet» محدودٌ بـ99 قطعة فقط كونها ساعة مخصّصة لهواة جمع القطع النادرة (هوبلو)

فيما يخص النواحي التقنية والوظائف المعقدة، كان من الطبيعي أن يعتمد على خبرة «هوبلو» وباعها الطويل في هذا المجال. تعقيدات الساعة تؤكد ذلك، بدءاً من آلية «Meca-10» التي تتميّز باحتياطي طاقة لمدة 10 أيام، دون الحاجة إلى تعبئتها بشكل متكرّر، إلى العلبة المزودة بنظام ختم مزدوج مكون من 17 حلقة دائرية مثبّتة لضمان الإحكام التام، فضلاً عن عناصر تصميم أخرى تشتهر بها «هوبلو»، مثل البراغي الستّة على شكل أول حرف من اسمها H، ومقاومتها للماء حتى عمق 30 متراً. أما مقاساتها البالغة 73.2 مليمتر (الطول) × 52.6 مليمتر (العرض) × 22.5 مليمتر (السماكة)، فجاءت لتتناسب تماماً مع قبضة اليد، بهدف أن تمنح صاحبها تجربة مفعمة بالراحة والأمان، إذ تأتي مرفقة بسلسلتَين من التيتانيوم، زوّدت كلّ منهما بنظام «وان - كليك» المزدوج المسجّل لـ«هوبلو»، لتسهيل عمليّة تثبيتها.

تجدر الإشارة إلى أن إصدار «Arsham Droplet» محدودٌ بـ99 قطعة فقط، كونها ساعة مخصّصة لهواة جمع القطع والتحف النادرة.


مقالات ذات صلة

«GemGenève»... من التهميش إلى العالمية

لمسات الموضة قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)

«GemGenève»... من التهميش إلى العالمية

رغم أنها صُممت في حقب قديمة بتقنيات تقليدية فإن الزمن لم ينل من بريقها، بل بالعكس لا تزال تُلهم الحاضر والمستقبل.

جميلة حلفيشي (جنيف)
لمسات الموضة «باجر»... ساعات سويسرية بجنسية كردية

«باجر»... ساعات سويسرية بجنسية كردية

ليلى يوسال، اسم يستوقفك لعدة أسباب، الأول أنها امرأة تنافس الرجال في صناعة الساعات الفاخرة، وثانياً أنها تتعامل مع إرثها الكردي كقضية وجودية لتمكين المرأة.

لمسات الموضة الزائر إلى المعرض سيستمتع بساعات تاريخية مكتوبة بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة (أ.ف.ب)

معرض «كارتييه» في متحف «فيكتوريا وألبرت» يفتح أبوابه للتاريخ

يتتبع المعرض العلاقة الخاصة والتاريخية التي تربط الدار بالعائلة الملكية البريطانية، منذ أن وصفها الملك إدوارد السابع بـ«صائغ الملوك وملك الصاغة».

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لقطة من جناح «IWC» في المعرض (ووتشرز آند ووندرز)

معرض «ساعات وعجائب 2025» يعيد عقارب الساعات إلى «الزمن» الجميل

الأزمات المتتالية علّمت صناع الترف أنه عندما يُغلق باب تُفتح منافذ جديدة، وهذا وجدوه في الشرق الأوسط؛ سوق منتعشة اقتصادياً، وزبائنها من الشباب تحديداً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة يصور الجدار الرئيسي «بانتيرا» يتحرك برشاقة بين الأزهار المتفتحة ووسط الكثبان الرملية كأنه يتوجه إلى واحة هادئة (كارتييه)

«كارتييه» ترسخ أقدامها في الرياض لرابع مرة

وأصبح للترف عنوان جديد في قلب الرياض: «سوليتير مول». هذا ما تقوله بيوت أزياء كبيرة مثل «شانيل» و«فندي» و«لويس فويتون» و«ديور»، ودور مجوهرات عالمية مثل «كارتييه…

«الشرق الأوسط» (لندن)

«زينيا» و«إيلي صعب»... لقاء الأجيال

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
TT

«زينيا» و«إيلي صعب»... لقاء الأجيال

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

لم تقتصر فعاليات دار «زينيا» في دبي الأسبوع الماضي على عرضها الرجالي الموجه لربيع وصيف 2026. تخللته فعاليات كثيرة ومثيرة نُظمت تحت مظلة «فيلا زينيا»، منها لقاء جمع جيلدو زينيا، رئيس مجلس إدارة المجموعة وابنه أنجيلو، وإيلي صعب الأب وإيلي صعب جونيور. كانت فكرته الحديث عن مفهوم التوريث العائلي، وقيم الاستمرارية، وماذا يتعلّم الأبناء من الآباء والمؤسسين، أو بالأحرى كيف يتحوّل الإرث العائلي إلى مؤسسات عالمية؟

جانب من اللقاء بين عائلتي «زينيا» و«إيلي صعب» في دار الأوبرا بدبي (زينيا)

يتحدث أنجيلو زينيا، الابن، وهو الرئيس التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ومدير استراتيجية العملاء العالميين في الدار، ويلتقط الخيط منه إيلي صعب جونيور، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة دار «إيلي صعب».

يستعيد كل منهما ذكريات الطفولة، وتجاربه الخاصة، فيُذيبان أي شكوك يمكن أن تخامر البعض حول ثقل إرثهما. بالعكس تماماً ينفيان هذا الاعتقاد، مؤكدين أنهما من اختار مسارهما.

يتذكر أنجيلو أيام الطفولة وهو يقول إن إجازته الصيفية لم تكن مثل إجازات أقرانه. كان يُسافر مع والده إلى أماكن بعيدة لاستكشاف أسواق جديدة. وكانت هذه الرحلات بمثابة مدرسة تعلَّم فيها من والده كيف يتعامل مع الآخر، ويفهم ثقافاته. ومع الوقت فهم أن العميل «ضيف وليس مجرد متسوق»، وهي سياسة لا يزال ينتهجها الآن.

جيلدو زينيا الأب وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا الابن وإيلي صعب جونيور (زينيا)

يضحك إيلي صعب جونيور، وهو يؤكد كم أن تجربة أنجيلو تلامس تجربته الخاصة «إذ لا يوجد خط فاصل واضح بين حياتنا المهنية والشخصية، نحن نعيش العمل كأنه جزء منّا، ولحسن الحظ نستمتع بكل دقيقة منه».

ينظر إلى والده، المصمم اللبناني إيلي صعب، بفخر وهو يسرد كيف أنه بدأ من الصفر وفي ظروف الحرب اللبنانية القاسية وأيضاً في وقت لم تكن الأرضية مفروشة بالورود أمام المصممين العرب. «لكنه صمد لأنه كان يؤمن بما يقوم به، وأذكر أنني كنت أراه يسافر بحراً إلى قبرص ثم جوّاً إلى مختلف أنحاء العالم ليُقدّم مجموعاته. كانت تجربته ملهمة».

لكن الأهم في حديثهما تأكيدهما أن تسلم المشعل من والديهما كان خياراً شخصياً. صحيح أنهما ورثاه لكنهما لم «يستثقلاه».

يقول إيلي جونيور: «لقد ترك لي والدي حرية الاختيار، لكن الوقت كان متأخراً لاتخاذ أي قرار آخر، لأنني كنت قد شُددت إلى حلمه وشغفه. منذ سن الثالثة أو الرابعة، وأنا أتنقل بين مشغل الخياطة وقسم التصميم. كبرت وأنا أعيش تفاصيل هذه الدار، واليوم أعد حمل مسؤولية إرثها والحفاظ عليه لأجيال قادمة شرفاً».

التوريث شرف وليس فرضاً

يوافقه أنجيلو الرأي، وهو يعترف ضاحكاً بأنه كان يحلم بأن يصبح بطل تزلج، لكن شغفه بإدارة الأعمال تغلّب في الآخر: «حين تحب ما تفعله، تستمر فيه حتى آخر لحظة».

ويتابع مبتسماً: «كل ما في الأمر أننا نحن الشباب وهم الحكماء، وعلينا أن نحترم ما يُعرف بـ(دستور العائلة) وتراتبية الأدوار. يتفقان في أن الاستمرارية مهمة، وبأنه على كل جيل أن يضيف طابقاً جديداً إلى البناء، ويحترم ما شُيّد قبله، وفي الوقت ذاته يجب ألا يخشى تطويره».

يقول أنجيلو: «ما تابعناه في العرض الذي قدمناه في دبي لربيع وصيف 2026 يعكس رؤية (زينيا)، وتوجهنا بصفتنا عائلة نحو المستقبل. يؤكد أيضاً رغبتنا في الابتكار والإبداع، لكن تبقى الأساسات التي ننطلق منها متجذرة في (فيلا زينيا) بيت المؤسس».

يتدخل إيلي صعب الأب الذي كان يراقب الحديث باهتمام، قائلاً إن «الانتماء العائلي لا يعني الحق التلقائي. الذي يريد دخول الدائرة عليه أن يُثبت جدارته، فلا وجود لمبدأ الاستحقاق الوراثي»، ويستطرد: «المنتج هو جوهر البقاء لأنه في صُلبه روح العلامة».

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

ويوافقه جيلدو زينيا الأب الرأي، قائلاً إن دور الجيل الحالي يتركز على حمل كل من «زينيا» و«إيلي صعب» نحو المستقبل لضمان استمراريتهما بصفتهما إرثاً عائلياً، وهو ما يتطلب التعامل مع هذا الإرث بوصفه قيمة أساسية.

سلاح «زينيا» بالنسبة له هو الفخامة والاستدامة، مستشهداً بتشكيلات الدار على مدار عقود. لم تركض في أي مرحلة من مراحلها وراء الصراعات، أو تُفرّط في هويتها الجينية، بل حافظت على تصميمات تكرّم الرجل وتمنحه تميزاً. والفضل يعود إلى أنها لم تقف ساكنة. صناعة الأقمشة المترفة التي كانت ولا تزال ورقتها الرابحة، يتم تطويرها وترويضها بشكل مستمر لتحافظ على هذا التميز.

الإرث وحده لا يكفي

يلتقط إيلي صعب جونيور الخيط ليُشدِّد على أن الإرث وحده لا يكفي: «لا يُمكنك أن تركن إلى الماضي، فالإرث يجب أن يُغذّى، ويُعاد تشكيله، ليواكب العصر، وإلا فقد بريقه».

وهذا يعني الإبداع والحرفية وفق جيلدو زينيا، مسلّطاً الضوء على صُنّاع الحلم، يغزلونه ويحولونه إلى واقع. يقول: «غالباً ما يتحدث الناس عن المتاجر وما تُحققه من نجاحات، أما أنا فأحب الحديث عن المصانع، لأنها الأساس. من دونها، ما كان لأليساندرو سارتوري أن يقدّم ما قدّمه في عرضه».

كان هناك اتفاق تام بين العائلتين على مسؤوليتهما في الحفاظ على الحرف، وكل ما «صُنع بحب ومسؤولية»، في ظل المنافسة الشرسة التي تتعرض لها العلامات العائلية من قبل المجموعات الضخمة. تخرج من اللقاء بنتيجة واضحة، وهي أن إرث «زينيا» و«إيلي صعب» قائم على علاقة تنسجها الأجيال، وأنها في أمان.