ما الذي يجعل صانع ساعات مثل ماكسيميليان بوسير، مالك «إم بي آند إف» ومديرها الإبداعي يختار الفنان ينكا إيلوري ليضع بصماته على ساعة «M.A.D.1S»؟ يأتي الجواب صارخاً: إنها الألوان المتوهجة والرغبة في معانقة الحياة.
«الفنان ينكا إيلوري يعيش في عالم يتفجّر بالألوان؛ أعماله تجعلك تشعر بالحياة، كأنها دفعة من الأدرينالين للمُضي قدماً. وقد أثمر هذا التعاون على مجموعة تجلب الفرح، وتذكرة لإدراك أحلامك الخاصة» وفق ما قاله ماكسيميليان بوسير، مبرراً تعاوناً جريئاً يتضمن 3 قطع من «ماد إيديشنز» (M.A.D.Editions)، وهي علامة موازية لـ«MB&F»، تصوّرها بوسير رسالة شكر لمجتمع «إم بي آند إف»، مجسداً من خلالها الجانب الميكانيكي المرح لعلامة الساعات الفاخرة. منذ انطلاقها في يونيو (حزيران) من عام 2021، تطوّرت «ماد إيديشنز» مدفوعة بالطلب الهائل على منتجها، من قطعة تجريبية إلى عائلة من عدة موديلات، من بينها إصدار «ماد 1 إس» (M.A.D.1S)، وهي الساعة التي ظهرت لأول مرة خلال فعاليات معرض «أيام ساعات جنيف» (Geneva Watch Days) للعام 2024.
مَن هو ينكا إيلوري؟

ينكا إيلوري فنّان ومصمّم بريطاني نيجيري متعدّد التخصّصات، وحاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية.
بالنسبة له، فإن العالم قماشة للتفاؤل، مستعملاً الألوان النابضة بالحياة والتصاميم المرحة. منذ طفولته، وحتى صعوده بصفته أحد أشهر المبدعين متعددي التخصصات؛ استخدم إيلوري فن السرد ليمزج بين التراث الثقافي والتعليق الاجتماعي والجماليات، عبر وسائط متنوعة.
فهو يحوّل كلّ شيء، من أركان لندن الأكثر رمادية، إلى سيارات ماكلارين المصمّمة على المقاس، لتعبيرات مرحة نابعة من رغبته في رفع المعنويات. ويمتدّ عمله عبر اختصاصات ووسائط متعددة في الفن والتصميم، لتشمل العمارة، والتركيبات الضخمة، والطباعة، والموضة، والمنسوجات، وتصميم مستلزمات المنزل.
في صميم فلسفة إيلوري، نجد إيمانه برعاية الأحلام، وهو مبدأ غرسه والداه فيه، وغالباً ما يرمز إليه من خلال تكرار نمط الأشجار الذي يحيل على الصبر والأمل.

تتجلّى هذه الفلسفة في كل أعماله من ساحات اللعب المعاد تصوّرها، والجسور المضيئة، إلى أكياس التسوق من السوبرماركت المزيّنة بشعارات تحفيزية، وحوامل الشاي الفاخر ذات الألوان المتغيرة كالمشكال. فالعالم بالنسبة له ليس مجرد قماشة رسم، بل أرض خصبة للإمكانات والاحتمالات،
الحلم إيمان
درس إيلوري تصميم الأثاث، ولفتت لغته السردية في التصميم الانتباه خلال فترة دراسته في جامعة لندن متروبوليتان. وتقديراً لرؤيته حصل على ميدالية المصمّم الصاعد، وبعد فترة عمل قضاها في مكتب هندسة معمارية، تلقّى دعماً من مؤسسة الأمير تشارلز لدعم الشباب، الأمر الذي شكَّل لحظة محورية جعلت عالمه الإبداعي يتسع من كرات السلة إلى المظلات، ومن الفعاليات المؤقتة إلى التركيبات الضخمة. كان من الطبيعي أن تتطور لغته التصميمية، لكن دائماً بإلهام من الأمثال والتقاليد الشفوية النيجيرية.
اللقاء الصدفة

لم يكن ماكسيميليان بوسير يُخطط للتعاون مع أي فنان لصالح علامة «ماد إيديشنز»، لكن الأمر تغيّر خلال عطلة صيف عام 2023، حين كان يتصفح مجموعة من المجلات. استوقفه عمل إبداعي للفنان إيلوري، جذبته تفاصيله وأسلوبه الفريد، فبادر بالتواصل معه. وبعد 6 أيام فقط، كان إيلوري في جنيف، منضماً إلى عالم «ماد إيديشنز» للساعات.
كانت «ماد إيديشنز» البيئة المثالية لهذا التعاون، لأنها بروحها الشبابية تحتمل الألوان الصارخة. والنتيجة كانت 3 ساعات تحمل اسم «Grow Your Dreams»: فلسفة إيلوري في الحياة والفن. أُطلق على كل ساعة اسم خاص: الشمس، والطبيعة، والماء - 3 إصدارات محدودة، يضمّ كل منها 400 قطعة.
بين الحلم والعلم

بينما تظل بنية العلبة والحركة قائمة على كاليبر «لاجو-بيريه» سويسري الصنع، ومتجذرة فيه، وهو الكاليبر الذي ظهر لأول مرة في إصدار «ماد 1 إس» (M.A.D.1S)؛ فإن هذا الإصدار يدفع حدود التصميم والهندسة نحو آفاق جديدة. فقد استغرقت عملية إعادة تصور تصميم دوّار التعبئة أشهراً من التطوير، ليصبح الآن أكثر نحافة وتعقيداً، من دون المساس بأدائه المميز. فكل شفرة من شفراته شُكّلت بزخرفة على شكل شجرة، كرمز للأمل والنمو.
ليس هذا هو التحدي التقني الوحيد في مسار الدوّار، فهو مصنوع من مادة التيتانيوم، ويخضع لعملية الأكسدة الكهربائية (الأنودة) لتغيير لونها، ما يسمح بابتكار 3 ألوان زاهية: الأصفر، والأخضر، والأزرق. في حين تُبرز مادة «سوبر-لومينوڤا» ملامح الدوّار، وتضيء شعار إيلوري المنقوش على سطحه: ازرع أحلامك (Grow Your Dreams). كما أن الأرقام على شاشة عرض الزمن من تصميم ينكا إيلوري.
ودفعاً لحدود لغة التصميم إلى آفاق أبعد، يكشف إطار الساعة عن سابقة بالنسبة إلى ساعات «ماد إيديشنز»؛ تتمثل في إدخال اللون داخل الإطار نفسه، فبدلاً من الاعتماد على طلاءات «بي ڤي دي» (PVD) التقليدية، مُلِئ أخدود حُفر بدقة بمادة «هاي سيرام» (HyCeram)، وهي سيراميك سائل عالي التقنية يتصلّب بالحرارة، ثم يتم تشطيبه بصقله يدوياً. ولإكمال طيف الألوان، تتميز صفيحة الارتكاز المصنوعة من الألمنيوم بموجات نسيجية مطبوعة، تموج تحت الحركة بتأثير ثلاثي الأبعاد.

يتفجّر كل موديل بألوان متباينة -غير متطابقة- من خلال أحزمته المطاطية؛ حيث يزاوج إصدار «الشمس» بين الأصفر المتوهج والأخضر الساطع، في حين يمزج إصدار «الماء» بين الأزرق الداكن والأزرق السماوي الفاتح، في حين يتباين في إصدار «الطبيعة» الأرجواني الجريء مع الأحمر. ويمنح التصميم كل حزام مزيداً من التفاصيل، بنقشه بأنماط أوراق الشجر المطبوعة، ما يعكس فلسفة إيلوري وأحلامه، كما تأتي كل نسخة مع حزام ثانٍ أبيض قابل للتبديل.
يقول ينكا إن شعار «ازرع أحلامك ليس مجرد احتفاء بالألوان أو الهوية بقدر ما هو دعوة لرعاية طموحاتنا مثلما نرعى البذور في التربة لنجني ثمارها». أمر ينطبق على الساعة أيضاً، فهي تتميز بجانب خاص وجانب عام: الجميع يرونها، ولكن من يضعها على معصمه هو مَن تجمعه بها تلك الصلة الحميمة.
















