«فندي» تبدأ مغامرة فنية جديدة مع الياباني كينغو كوما

عندما تتماهى مواد الطبيعة مع جمال الإكسسوارات

ركز كوما على قطع أيقونية مثل حقيبتي «بيكابو» و«باغيت» وحذاء «فلو»
ركز كوما على قطع أيقونية مثل حقيبتي «بيكابو» و«باغيت» وحذاء «فلو»
TT

«فندي» تبدأ مغامرة فنية جديدة مع الياباني كينغو كوما

ركز كوما على قطع أيقونية مثل حقيبتي «بيكابو» و«باغيت» وحذاء «فلو»
ركز كوما على قطع أيقونية مثل حقيبتي «بيكابو» و«باغيت» وحذاء «فلو»

دار «فندي» سعيدة هذه الأيام. فأخيراً كُشف النقاب عن مجموعة من الإكسسوارات من مجموعتها الرجالية لربيع وصيف 2024، خرجت من مصنع الدار الجديد. مصنع يقع وسط تلال منطقة كابانوتشيا الخضراء في توسكانا ويختلف عن سواه. فتصميمه جاء ليكون مركزاً حاضناً لحرفيي المستقبل ومختبراً لتعاونات بين الحرفيين وكبار الفنانين من مجالات مختلفة. أول الغيث كان مجموعةً حصريةً من الإكسسوارات تم التعاون فيها مع المهندس المعماري الياباني كينغو كوما، فيما أسمته الدار الإيطالية تبادلاً ثقافياً محفزاً بين الاختصاصات الإبداعية المختلفة، ودمج الماضي والحاضر من خلال تعبير حقيقي عن الإمكانيات المادية.

المهندس المعماري كينغو كوما في المصنع يعمل على هيكل حذاء «فلو» الرياضي (فندي)

تقول سيلفيا فنتوريني فندي، المديرة الفنية للإكسسوارات وملابس الرجال إن هذه الشراكة مع مهندس بحجم كوما، ليس مجرد حوار بين الدار والهندسة المعمارية «بل هي تأسيس لنوع من المحادثة تجمعنا بمصمّم من ثقافة مختلفة نستكشف معه طريقة اختياره للمواد وتعامله مع الحرفيين». وتتابع: «نحن ندرك أن الإبداع على نطاق واسع ليس عملاً فردياً، بل هو تعاون يعتمد على مجموعة متكاملة من الأيادي والعقول، والمواهب، إضافة إلى موارد متنوعة بخصوصيات عالمية».

بالنسبة إلى سيلفيا، فإن هذه الشراكة طبيعية تتماشى مع ثقافة الدار التي تتبنى شتى الفنون. فقد سبق وحوّلت مقرها الرئيسي في روما متحفاً مفتوحاً للعامة تنظم فيه بين الفينة والأخرى معرضاً. في العام الماضي، مثلاً نظمت معرضاً ضخماً استعرضت فيه أعمال الفنان أرنالدو بومودورو، بعنوان «المسرح العظيم للحضارات». كان هو الآخر يربط الماضي بالمستقبل، ويُسلط الضوء على علاقة فنان اشتهر بجرأته على دمج شتى أنواع الفنون المرئية والمسرحية واستعمال المواد الغريبة بأشكال ثلاثية الأبعاد. كانت المعروضات تتماهى مع الطبيعة المحيطة بمقر الدار.

ورق الواشي شكّل قاعدة هيكلية متينة بواجهة مرقطة لكل من حقيبتَي «بيكابو» و«باغيت» وحذاء «فلو» الرياضي (فندي)

وربما هذا ما شجع على هذه الشراكة بين «فندي» الإيطالية وكينغو كوما الياباني. فحسب سيلفيا، تتماشى هناك قواسم مشتركة كثيرة بينهما. تقول عن كينغو إنه «أستاذ في الهندسة المعمارية الطبيعية. وكان أول من فهم أهمية بناء الطبيعة في الهندسة المعمارية من الداخل، كما من الخارج أيضاً. والأهم من هذا يستعمل مواد طبيعية تقليدية في بناء المستقبل».

لم تنس سيلفيا أن تشير إلى أن مبادئ التصميم الصارمة التي يعتمدها كوما، ونهجه التجريبي حيال هذه المواد الطبيعية، إضافة إلى حرصه على الحرفية العالية، يتوافق تماماً مع مقاربة الدار التي تعتمد هي الأخرى على الابتكار في المواد، وعلى البحث والتنمية. تشرح: «إن عمله يمزج بين المستقبل وجذوره بطريقة جوهرية رائعة؛ ما يجعلني أشعر بنوع من القرابة تجمعنا كإيطاليين بالنهج الياباني الذي يتبعه، لا سيما فيما يخصّ الحرفية».

طبّق في حقيبتَي «بيكابو» Peekaboo والباغيت Baguette Soft Trunk وحذاء «فلو» Flow Sneakers التقاليد الحرفية اليابانية القديمة والمواد الطبيعية الخام (فندي)

المعروف عن كينغو كوما أن الطبيعة والحِرف اليدوية تدخل في صُلب عمله كمهندس معماري ومصمّم على حد سواء؛ لهذا عندما طلبت منه «فندي» التأمّل في الحقائب والأحذية التي تحمل اسمها ليرى كيف يمكنه أن يضيف إليها نفسُه، ويتعامل معها «كمشروع معماري صغير، لكن بمفهوم بشري» كان أول ما قام به أنه اعتمد تقنيات ومواد يابانية تقليدية تحتفي بالطبيعة والابتكار على حد سواء.

عمل على ورق وارانشي وهو نمط هجين من ورق الواشي المصنوع من ألياف القطن ولحاء الأشجار كعنصر أساسي (فندي)

بالنسبة إليه كان من الطبيعي عندما طُلب منه التركيز على قطع أيقونية مثل «بيكابو» Peekaboo، والباغيت Baguette Soft Trunk ، وحذاء «فلو» Flow Sneakers، أن يُطبّق التقاليد الحرفية اليابانية القديمة والمواد الطبيعية الخام. أضاف إلى ذلك الفن القديم لصناعة الورق يدوياً، حيث عمل على ورق وارانشي، كعنصر أساسي في كلّ تصميم، علماً أن هذا الورق هو نمط هجين من ورق الواشي، المصنوع من ألياف القطن ولحاء الأشجار. إلى عهد قريب كان هذا النسيج الجاف والناعم مخصّصاً لفنون الأوريغامي وصناعة الفوانيس وتفاصيل الكيمونو، لكنه في هذه المجموعة يُشكل قاعدةً هيكليةً متينةً بواجهة مرقطة وغير مثالية، لكل من حقيبتيْ «بيكابو» و«باغيت» وحذاء «فلو» الرياضي.


مقالات ذات صلة

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

لمسات الموضة اكتسب الريش هذه المرة مرونة وديناميكية شبابية (آسبري لندن)

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

تأمل «آسبري» أن تحقق لها هذه المجوهرات نفس النجاح المبهر الذي حققته كبسولة الحقائب في العام الماضي. كانت الأسرع مبيعاً في تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة الأسلوب الخاص يمكن اكتسابه مع الوقت والممارسة... لكنه في الغالب يولد مع الشخص (رويترز)

أسرار «الأناقة الراقية»... تميز دون تكلف أو تكاليف

«الأناقة دون جهد» ليست مجرد صفة مميزة؛ بل تجسيد لأناقة تنبع من الشخص بطريقة طبيعية وغير متكلفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة بعد خمس سنوات مديرة إبداعية في الدار غادرت فيرجيني فيار «شانيل» بهدوء (أ.ف.ب)

من سيخلف فيرجيني فيار في دار «شانيل»؟

مساء يوم الأربعاء، أعلنت دار الأزياء الفرنسية شانيل مغادرة مديرتها الفنية فيرجيني فيار. كما تبوأت هذا المنصب منذ خمس سنوات بهدوء، غادرته بهدوء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أزياء طاقم طيران الرياض سيكون أول ما سيراه المسافرون لهذا كان مهماً أن تُسند هذه المهمة لمصمم من وزن وثقافة محمد آشي (آشي)

محمد آشي... مصمم طاقم «طيران الرياض» الجديد

استعداداً لإطلاق أولى رحلاته التجارية رسمياً في عام 2025، كشفت شركة «طيران الرياض»، الناقل الجوي الوطني الجديد، عن اختياره مصمم الأزياء محمد آشي لتصميم أزياء…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)

«فالنتينو» تودّع بييرباولو بيكيولي وتستقبل أليساندرو ميكيلي في غضون أسبوع

أشاد غارافاني فالنتينو مؤسس دار «فالنتينو» ببييرباولو بنشره في تغريدة يشكره فيها أنه احترم إرثه وتاريخه ولم يحاول تغييرهما بدافع الأنا المتضخمة.

جميلة حلفيشي (لندن)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.