«غابرييل شانيل... مانيفستو» يتتبع مسيرة مصممة «حاضرة حتى في غيابها»

معرض يستعيد أمجاد مصممة فرضت نُبل الصمت على الضجيج

تصميم أيقوني من توقيع شانيل (ويليام كلاين) - غابرييل شانيل عام 1937 (روجر شال)
تصميم أيقوني من توقيع شانيل (ويليام كلاين) - غابرييل شانيل عام 1937 (روجر شال)
TT

«غابرييل شانيل... مانيفستو» يتتبع مسيرة مصممة «حاضرة حتى في غيابها»

تصميم أيقوني من توقيع شانيل (ويليام كلاين) - غابرييل شانيل عام 1937 (روجر شال)
تصميم أيقوني من توقيع شانيل (ويليام كلاين) - غابرييل شانيل عام 1937 (روجر شال)

في عام 2021، دشّنت دار «شانيل» متحف «باليه غالييريا» الباريسي الذي كان قد خضع لعملية ترميم واسعة استغرقت عدة سنوات، بمعرض يحتفل بمؤسستها. عنوان المعرض «غابرييل شانيل... مانفستو موضة» Gabrielle Chanel. Fashion Manifesto وكان رحلة تستكشف حياة مصممة لخَصها جون كوكتو بقوله: «اتبعت قواعد تبدو أنها كانت خاصة بالرسامين والموسيقيين والشعراء فقط. لقد فرضت نُبل الصمت على ضجيج المجتمع».

تصميم أيقوني من توقيع شانيل (ويليام كلاين) - غابرييل شانيل عام 1937 (روجر شال)

نظراً لأهمية المعرض والجهد الذي استنزفه لجمع كل هذه التحف في مكان واحد، وعدت «شانيل» آنذاك أن تأخذه إلى عواصم أخرى حتى تعُم المتعة والفائدة على أكبر عدد من عشاق الدار الفرنسية. هذا الشهر، أوفت بوعدها. فمنذ فترة وهي تعمل مع متحف «فكتوريا أند ألبرت» لكي تنقل معروضاتها إليه. الفرق أنه سيكون هنا أكبر من حيث عدد التحف التي ستعرض فيه.

للوهلة الأولى يبدو اختيار العاصمة البريطانية كثاني محطة، طبيعياً، من الناحية الجغرافية على الأقل. لكن المتتبع لحياة غابرييل شانيل لا بد وأن يشعر بأن الجانب العاطفي له تأثير على هذه الخطوة. فعلاقة الحب التي ربطت غابرييل شانيل بآرثر بوي كابيل من القصص التي لا تُنسى. كان حبها الوحيد كما كان ممولها الأول ومُلهمها. كانت تبحث عنه في كل عطر وفي كل كتاب تقرأه وفي كل لوحة فنية تراها في معرض.

فستان من توقيع شانيل من مجموعة متحف «فيكتوريا آند ألبرت» (V&A)

يقول أمناء «غابرييل شانيل... مانفستو» أن المعرض سيتتبع مسيرة المصممة الفنية من خلال حوالي 200 تصميم. كل واحد له حكاية بتفاصيل مشوقة مثل قميص نادر من حرير الجيرسيه يعود تاريخه إلى 1916، وأزياء صممتها لفرقة الباليه الروسية في عام 1924 إلى جانب فساتين ظهرت بهما النجمتين مارلين ديتريش ولوران باكول في النصف الأول من القرن الماضي. كل شيء يؤكد أن الزائر سيتعرف على موهبة فذة لامرأة متمردة لا تخاف خض التابوهات والمتعارف عليه. فمنذ أسابيع قليلة، نُشر على صفحة «إنستغرام» V&A «فكتوريا أند ألبرت» فيديو قصير يُصوِر وصول فستان مخملي باللون الأسود يعود إلى 1954. كان منظر الخبراء وهم يلمسونه باحترام وإعجاب مهيباً. كان أقرب إلى الذهول وهم يكتشفون جمال تفاصيله.

قبعة من الحرير من تصميم غابرييل شانيل من عام 1917 (شانيل - نيكولاس آلان كوب)

سيشمل المعرض إلى جانب هذا الفستان وغيره، إكسسوارات وقطع مجوهرات كلها تسلط الضوء على مدى قوة غابرييل المعروفة بكوكو شانيل في التأثير على ثقافة عصر بكامله. فقد حرَرت المرأة وانخرطت في حركات نسوية من خلال تصاميم تعكس مرونتها في التعامل مع التغيرات، بل وعلى استباقها. لم تسجلها المصممة في مذكرات بل في تصاميم عبَرت عن روح العصر وطموحات شريحة من النساء تواقات للتغيير وخض المتعارف عليها. لكن حسب ما يؤكده المعرض أنها بالرغم من مواكبتها للتطورات لم تتنازل في أي مرة عن رؤيتها في تقديم أزياء وإكسسوارات مبتكرة تخدم المرأة وترتقي بها في الوقت ذاته. وهذا ما ستُسجله كتب التاريخ. فالموضة في القرن العشرين تنقسم إلى مرحلتين: قبل «شانيل» وبعدها. قبلها كانت الـ«هوت كوتور» قائمة على الفخامة والتفاصيل الأنثوية السخية، مثل الكورسيهات الضيقة والفساتين الطويلة بأحجام سخية وما شابهها. ثم جاءت هي لتنسف كل هذا وتقدم تصاميم عملية ومنطلقة وفي الوقت ذاته. صحيح أنها مفعمة بالأنوثة، لكنها أنوثة متحررة تناسب العصر وتواكب حركة نسوية كانت بوادرها قد بدأت تظهر في العشرينات. استعملت أقمشة كانت مخصصة للرجل مثل جاكيت التويد وأخرى لملابس النوم مثل حرير الجيرسيه من دون أن ننسى الفستان الأسود الناعم الذي أثار ضجة. فاللون الأسود كان قبل ذلك لمناسبات الحداد. أما طوله فوق الكاحل، فكان ثورة بحد ذاتها.

بدلة من التويد أيقونية التصميم تعود لعام 1964 (شانيل - نيكولاس آلان كوب)

ما يمكن توقعه من المعرض «غابرييل شانيل... مانيفستو» أنه سيكون مثل سابقه في «باليه لاغاليريا» بباريس، سرد مشوق لقصة بدأت في عام 1909 بمحل قبعات وانتهت في عام 1971 بآخر عرض قدمته غابرييل شانيل بباريس، مروراً بسنوات بعد الحرب ومعايشتها للعديد من الأحداث.

لحد الآن، أعلن المسؤولون عن المعرض أنه سيُقسَم إلى 10 أقسام كل واحد بتيمة معينة. منها ما يستكشف الأقمشة التي استعملتها ومنها ما يغوص في طريقة بنائها لكل تصميم ليُعبِر عنها كامرأة معاصرة تعرف ما تريد. ولا يمكن أن تنتهي القصة عن إنجازات غابرييل شانيل من دون قسم يحمل عنوان «الإكسسوار المخفي»، مخصص لعطر شانيل N°5 الذي يقال إنها طلبت تغييره عدة مرات قبل أن ترسى على الخلطة الخامسة منه. غني عن التذكير أن هذا العطر الذي شكل نقلة في صناعة العطور عندما صدر في عام 1921، لا يزال يُحقق لدار «شانيل» أعلى الأرباح إلى يومنا هذا. كذلك حقيبة 2.55 التي كانت أول من صممها بسلسلة تُعلَق على الكتف. والفكرة هنا أيضاً كانت لتحرير يد المرأة في المناسبات.

---سيفتتح معرض «غابرييل شانيل... مانفيستو» في 16 من شهر سبتمبر (أيلول) الحالي ويمتد إلى 25 فبراير (شباط) 2024


مقالات ذات صلة

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة أجواء العمل وطبيعته تفرض أسلوباً رسمياً (جيورجيو أرماني)

كيف تختار ملابس العمل حسب «الذكاء الاصطناعي»؟

اختيار ملابس العمل بشكل أنيق يتطلب الاهتمام، بعض النصائح المهمة قدمها لك «الذكاء الاصطناعي» لتحقيق ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة دار «ديور» تدافع عن نفسها

دار «ديور» تدافع عن نفسها

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، واستنفرت وسائل الإعلام أقلامها في الأسابيع الأخيرة، تدين كلاً من «ديور» و«جيورجيو أرماني».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

شارك ديريك جاي، خبير الموضة ببعض نصائح للرجال لاختيار الملابس المناسبة للمكتب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة صورة جماعية لعائلة أمباني (أ.ب)

عُرس أمباني... انتقادات كثيرة وإيجابيات كبيرة

بينما عدّه البعض زواج الأحلام بتفاصيله وجواهره وألوانه، وصفه البعض الآخر بالسيرك أو فيلم بوليوودي.

جميلة حلفيشي (لندن)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
TT

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها إلى آفاق جديدة لا يمكن تخيلها. هذا ما ينطبق على دار المجوهرات «تيفاني أند كو»، إلى حد كبير.

وُلدت، أول مرة، على يد تشارلز لويس تيفاني في عام 1837، وثاني مرة على يد جان شلومبرجيه في عام 1956، بعد لقاء مع وولتر هوفينغ، مجلس إدارة «تيفاني أند كو» آنذاك، ليبدأ فصل جديد من تاريخ «تيفاني أند كو». فقد أدخل شلومبرجيه الأحجار المتوهجة والأشكال المبتكرة التي لا تزال من أيقونات الدار إلى اليوم. تعترف الدار وكل المصممين الذين توالوا على قيادتها، أنه كان مصمِّماً فذاً خلَف أرشيفاً غنياً لا يزالون يغرفون منه إبداعات وتُحفاً فريدة، كان آخِرها مجموعة «تيفاني سيليست: بلو بوك 2024». وكما يشير اسمها، استعانت فيها ناتالي فيديل، الرئيسة الإبداعية للمجوهرات الرفيعة، بخيال شلومبرجيه وتطلعه للسماء، لتصوغ قِطعاً تستمد بريقها من أشعة الشمس والنجوم والأفلاك والمجرّات البعيدة.

ظهرت أيضاً في أقراط بأحجار من الألماس الأصفر «فانسي إنتانس» يزيد وزنه عن قيراطين

كان واضحاً فيها نظرة جان شلومبرجيه الفنية لهذه الأفلاك. نظرة تلخص معنى المجاز الشاعري والفني على حد سواء. وقد سبَق للمصممة ناتالي أن قدمت مجموعة، في بداية العام، بهذه التيمات وجَّهتها لفصل الربيع، وسلّطت فيها الضوء على ستة تصاميم هي: «وينغز»، و«آرو»، و«كونستيلايشن»، و«أيكونيك ستار»، و«راي أوف لايت»، و«أبولو». ثم عادت إليها مؤخراً في مجموعة موجّهة للصيف، قسمتها إلى ثلاثة فصول هي: «بيكوك»، و«شوتينغ ستار»، و«فلايمز».

في قطعة «بيكوك» استعملت ناتالي الأحجار النابضة بالحياة كالتنزانيت والتورمالين الأخضر والألماس (تيفاني أند كو)

فصل «بيكوك» أو الطاووس مثلاً، مُستوحى، كما يدل اسمه، من ريش هذا الطائر القزحي الذي اعتقد علماء الطبيعة الأوروبيون عندما سمعوا مواصفاته أول الأمر، أنه مِن نَسْج الخيال. ولحد الآن، لا تزال ألوان ريشه تشدُّ الأنفاس وتثير شعوراً بالرهبة أمام جمالها. ناتالي استعملت، لترجمة صورته، الأحجار النابضة بالحياة كالتنزانيت والتورمالين الأخضر والألماس. قلادة أخرى من هذا الفصل، تضم نحو 17 حجراً من التنزانيت المقصوص بأسلوب كوشن يزيد وزنها عن 108 قراريط، بينما يعرض بروش «بيكوك» أحجار التنزانيت المقصوصة بأسلوب كوشن يزيد وزنها عن 13 قيراطاً.

في مجموعة «شوتينغ ستار» يُلتقط الضوء عبر شرائط الألماس المتألّقة والذهب الأصفر المنساب من الجمشت (تيفاني أند كو)

أما فصل «شوتينغ ستار» أو «الشهاب» فهو أيضاً مُستوحى من الأرشيف الذي خلفه جان شلومبرجيه، ترجمته المصممة بصورة ظلية كلاسيكية للنجوم مع شرائط متصاعدة تحاكي ترديد المسارات المتلألئة للشهاب. تجسدت هذه الصورة في قلادة من الألماس مرصّعة بأكثر من 78 قيراطاً من الجمشت. وتُلتقط ظاهرة الضوء في أحد التجليات عبر شرائط الألماس المتألّقة والمزينة بالذهب الأصفر التي تنساب حول الجمشت الكبير الفخم، وفي تجلٍّ آخر، عبر عرض مبهر للألماس المتألّق.

قلادة «فلايمز» من البلاتينوم والذهب الأصفر يرصعها أكثر من 53 قيراطاً من الألماس (تيفاني أند كو)

الفصل الثالث «فلايمز» أو «الشُّعلة»، فمستوحى هو الآخر من مجموعة «فلايمز» لجان شلومبرجيه. أثارت بانعكاساتها ناتالي فأعادت صياغتها في قلادة من البلاتينوم والذهب الأصفر عيار 18 يرصعها أكثر من 53 قيراطاً من الألماس، ويبلغ الألماس ذو القصّات المتفاوتة أكثر من 46 قيراطاً. غنيٌّ عن القول إن هذه الأحجار تتخذ شكل لهب النار، وقد ظهرت أيضاً في أقراط بأحجار من الألماس الأصفر «فانسي إنتانس» يزيد وزنه عن قيراطين - كل منهما مُحاط بلمسات دقيقة من الألماس الأبيض.