كيف تنافست غابرييل شانيل والأمير ألبرت على إدخال التويد عالم الأناقة؟

منذ عشرينات القرن الماضي إلى اليوم وهو ينعم بكلاسيكية تتحدى الزمن

من عرض «شانيل» لخريف وشتاء 2017  -  من اقتراحات دار «فندي» لخريف وشتاء 2017  -  من عرض «كروز 2018» لشانيل  -  في عرض «كروز 2018» الذي قدمته دار «شانيل» في باريس اكتسب التويد خفة وبريقاً  -  من عرض دار «شانيل» لهذا الموسم
من عرض «شانيل» لخريف وشتاء 2017 - من اقتراحات دار «فندي» لخريف وشتاء 2017 - من عرض «كروز 2018» لشانيل - في عرض «كروز 2018» الذي قدمته دار «شانيل» في باريس اكتسب التويد خفة وبريقاً - من عرض دار «شانيل» لهذا الموسم
TT

كيف تنافست غابرييل شانيل والأمير ألبرت على إدخال التويد عالم الأناقة؟

من عرض «شانيل» لخريف وشتاء 2017  -  من اقتراحات دار «فندي» لخريف وشتاء 2017  -  من عرض «كروز 2018» لشانيل  -  في عرض «كروز 2018» الذي قدمته دار «شانيل» في باريس اكتسب التويد خفة وبريقاً  -  من عرض دار «شانيل» لهذا الموسم
من عرض «شانيل» لخريف وشتاء 2017 - من اقتراحات دار «فندي» لخريف وشتاء 2017 - من عرض «كروز 2018» لشانيل - في عرض «كروز 2018» الذي قدمته دار «شانيل» في باريس اكتسب التويد خفة وبريقاً - من عرض دار «شانيل» لهذا الموسم

يُذكر قماش التويد فيتبادر إلى الذهن اسم «شانيل». فمنذ أن سرقته غابرييل شانيل من خزانة الرجل لتُهديه للمرة في عشرينات القرن الماضي وهو لصيق بالدار. يحدد شخصيتها ويظهر في كل عروضها من الـ«هوت كوتير» إلى الأزياء الجاهزة وفي السنوات الأخيرة حتى في الإكسسوارات والساعات الرفيعة.
قبل أن تستحوذ عليه غابرييل شانيل وتجعله واحدا من مُمتلكاتها، هو بالأساس ملكا إنجليزيا أسكوتلنديا ارتبط بالريف وحفلات الصيد، لما يتمتع به من سمك ومقاومة للماء. وكما تبنته الطبقات الأرستقراطية، اقتداء بالأمير ألبرت الذي كان له الفضل في إدخال ألوان وخامات جديدة عليه، مالت إليه الطبقات العاملة لعمليته. وإذا كان الأمير ألبرت أشهره على مستوى إنجليزي ورجالي، فإن لا أحد ينكر أن الفضل في دخوله عالم الموضة العالمية يعود إلى الآنسة غابرييل شانيل. تزامنت قصتها معه بقصتها مع دوق ويستمنستر، الذي كان له تأثير كبير على حياتها الشخصية والمهنية على حد سواء. كانت تثيرها ملابسه لما تحمله من بصمات «الجنتلمان» الإنجليزي. وتطورت هذه العلاقة مع التويد، عندما استضافها الدوق في قصره بأسكوتلندا ضاربا عرض الحائط بالأعراف والبروتوكول آنذاك. خلال هذه الزيارة عاينت عن قرب مدى اعتزاز سكان المنطقة بهذا القماش ومدى ديمقراطيته. لكن أهم ما حفزها من الناحية الإبداعية أنه كان ذكوريا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ولأنها كانت مسكونة بالتمرد والتوق لتكسير التابوهات ودمج التناقضات وجدت فيه ضالتها. استعملته كوسيلة لخض عالم الموضة التي كانت في العشرينات تتقيد بأبجديات معينة تقيد المرأة وتحد من حركتها وحريتها. بإدخالها هذا القماش للأزياء النسائية قامت بخطوة مهمة كسرت فيها الفوارق بين المرأة والرجل.
أهدته للمرأة من خلال جاكيت تحول إلى أيقونة كلاسيكية، كما استعملته في فساتين ناعمة فيما بعد. في عام 1924 بدأت بالتعاون مع شركة أستكلندية متخصصة في غزله، حتى تتمكن من فرض ألوان جديدة عوض أن تقتصر على الألوان التقليدية، مثل الأخضر والأحمر والأرجواني. إضافة إلى هذا اعتمدت طريقة خفيفة جدا لغسله لكي تحافظ على مرونته.
نظرا لبُعد الجغرافيا، بدأت تتعاون مع حائكين في شمال فرنسا لمزجه بألياف اصطناعية ثم بالحرير والقطن وخامات أخرى. كل هذا لتخفف من خشونة ملمسه وسماكته.
الآن لا يزال كارل لاغرفيلد، الذي تسلم مقاليد الدار في عام 1983، يحترم إرثها ويُوظفه بشكل عصري حتى في الإكسسوارات، من حقائب اليد إلى الأحذية المستوحاة من التصاميم الرياضية. ما شجعه على ذلك أن صناعة الأزياء، أو بالأحرى التقنيات، تطورت بشكل كبير جعلت الخشن بنعومة الحرير وخفته.
مساهمته في الارتقاء بهذا القماش أنه لم يكتف به في أزياء النهار وأدخله لمناسبات المساء والسهرة وعلى خط الـ«هوت كوتير». فقد غير شخصيته تماما بعد أن مزجه بخامات وأنسجة مترفة مثل الحرير وطرزه باللؤلؤ وأحجار الكريستال والخرز.
التويد لم يبق حُكرا على «شانيل». كان من الطبيعي أن تنتقل عدواه إلى باقي بيوت الأزياء. من «بالنسياغا» إلى «رالف لورين» و«ميوميو» و«برادا» وكارولينا هيريرا وهلم جرا. وبالنتيجة يشهد هذا القماش منذ عدة مواسم انتعاشة قوية. في الموسم الحالي استعمله كل من ديمنا فازاليا، مصمم «بالنسياغا» وميوتشا برادا وغيرهم في تشكيلاتهم، مؤكدين أنه لم يعد قماشا كلاسيكيا أو تراثيا.
لكن الحقيقة أن هذا القماش لم يكن محتاجا لأي تجديد لإقناع عشاق الموضة به. والسبب أنه مرتبط بـ«شانيل»، وكل ما تطرحه هذه الدار يُصبح بين عشية وضُحاها أمرا مفروضا على الموضة ومن الكلاسيكيات التي تعشقها المرأة أينما كانت وبغض النظر عن عمرها وأسلوبها. وهذا ما تؤكده نتائج المزادات ومحلات بيع قطع الـ«فينتاج». هذه الأخيرة تقول بأنها ما إن تطرح قطعة تحمل توقيع الدار حتى تجد مُشترية لها، وهو ما يشير إلى أن الزواج بين التويد والموضة لا يزال ناجحا وقويا.
> تقول القصة أن تسميته بالتويد جاءت بالخطأ. كان من المفترض أن يُسمى بـ«التويل» ومعناها صوف منسوج على نحو مُضلع، غير أن أحدهم اختلط عليه الأمر وربطه بنهر التويد بأسكوتلندا لتلتصق به هذه التسمية لحد الآن.
- المقصود بالتويد كل قماش مغزول من مجموعة من أنواع الصوف بشكل خشن وألوان متعددة ومتداخلة.
- نظرا لصلابته وخشونته ومقاومته للماء والبرد لا يزال المفضل في شمال اسكوتلندا والمناطق الجبلية وأيضا للأنشطة التي تقام في الهواء الطلق مثل النزهات الريفية وحفلات الصيد.
- في عام 1848 بدأ انتعاش بدلات ومعاطف التويد بين الطبقات الأرستقراطية. كان ذلك عندما اشترى الأمير ألبرت قصر بالمورال، الأمر الذي اقتدى به الكثير منهم. أقبلوا على شراء قصور أو بيوت ريفية، ومن لم تكن له القدرة أو الرغبة في الشراء منهم كان يكتفي بالإيجار. الهدف كان الاستمتاع بالهواء الطلق وما يتيحه من أنشطة بعيدا عن عيون الفضوليين.
- حتى يتميزوا عن العمال والطبقات الكادحة بدأوا في طلب أنواع خاصة منه يحددها كل واحد منهم، سواء باختيار ألوان جديدة وفاتحة أو استعمال خيوط مترفة من الصوف. هنا أيضا كان الأمير ألبرت من أجج هذه الموضة عندما طلب بدلة من التويد في عام 1850، بمواصفات خاصة أثارت فضول رفاقه وحاشيته.
- إذا كانت غابرييل شانيل أخرجته في العشرينات من القرن الماضي من رجولته لتهديه للجنس اللطيف، فإن أمير وايلز كان أول من أخرجه من نطاق المحلية في تلك الحقبة. باستعماله خيوط رفيعة ومزجه بالكشمير إضافة إلى ألوان طبيعية من درجات البني، خرج من نطاق الريف إلى المدينة
- رغم أنه ارتبط في المخيلة بالطبقات المخملية والأرستقراطية، فإنه، ومنذ بدايته كان ديمقراطيا، يلبسه العمال والفلاحون. حاليا أصبح جزءا من الأناقة العصرية بتوجهه لكل الأعمار. فحتى إذا لم يستسغه شاب كبدلة متكاملة، على أساس أنها قد تكون مُغرقة في الكلاسيكية، يمكنه أن يكتفي بسترة «بلايزر» منه مع بنطلون جينز ليحصل على أناقة متميزة.
- أصبح الآن أكثر من مجرد قماش دافئ مغزول بخيوط من الصوف والكشمير وألوان متداخلة... بالنسبة لدار «شانيل» وعشاقها، تحول إلى أسلوب حياة.


مقالات ذات صلة

التول والمخمل... رفيقا الأفراح والجمال

لمسات الموضة الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

التول والمخمل... رفيقا الأفراح والجمال

بين المرأة والتول والمخمل قصة حب تزيد دفئاً وقوة في الاحتفالات الخاصة والمناسبات المهمة

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بين ماركل وجينر، إلى جانب الجدل الذي تثيرانه بسبب الثقافة التي تُمثلانها ويرفضها البعض ويدعمها البعض الآخر.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.