بحيرة «عين الصيرة»... إطلالة استثنائية على معالم مصر الأثرية

تحيطها قلعة صلاح الدين ومتحف «الحضارة» ومساجد عتيقة

فرصة للاستجمام وسط الطبيعة (تصوير: محمد يحيى)
فرصة للاستجمام وسط الطبيعة (تصوير: محمد يحيى)
TT

بحيرة «عين الصيرة»... إطلالة استثنائية على معالم مصر الأثرية

فرصة للاستجمام وسط الطبيعة (تصوير: محمد يحيى)
فرصة للاستجمام وسط الطبيعة (تصوير: محمد يحيى)

بحيرة «عين الصيرة» التي تزين قلب القاهرة التاريخية باتت مقصداً سياحياً بعد عملية تطوير شهدتها مؤخراً جعلتها تعزف سيمفونية من الجمال والتناغم مع المعالم السياحية المحيطة بها ما بين «المتحف القومي للحضارة» وقلعة «صلاح الدين» ومساحات خضراء ممتدة

بحيرة «عين الصيرة»، التي تزين قلب القاهرة التاريخية، باتت مقصداً سياحياً، بعد عملية تطوير شهدتها مؤخراً، جعلتها تعزف سيمفونية من الجمال والتناغم مع المعالم السياحية المحيطة بها؛ ما بين «المتحف القومي للحضارة»، وقلعة «صلاح الدين»، ومساحات خضراء ممتدة.

عندما تزورها سيروي لك المرشد السياحي حكايتها، وسيشرح لك كيف اختلفت آراء المؤرخين والعلماء حول نشأتها، إذ يرى البعض أن البحيرة الطبيعية ظهرت في عشرينات القرن الماضي، وبالتحديد 1926، بعد زلزال كبير ضرب القاهرة؛ في حين يتمسك آخرون بأنها كانت موجودة قبل الزلزال، وأنها أقدم من هذه الحقبة بعشرات السنين.

تتيح للزائر القيام بجولات في مياهها لمشاهدة الأماكن التاريخية (تصوير: محمد يحيى)

وبعيداً عن نشأتها، فإن الثابت أن المياه الكبريتية للبحيرة كانت تستخدم في علاج الأمراض الجلدية المختلفة، فضلاً عن كونها مقصداً للسياحة العلاجية.

بعد تطويرها وتغيير اسمها إلى «بحيرة القاهرة»، غيرت المكان في منطقة الفسطاط بالكامل، وأصبحت متنزهاً تستريح بين أرجائها الواسعة من السير طويلاً، والتنقل بين المقاصد التاريخية المختلفة في الفسطاط، أو أنك تعدّها نقطة انطلاق إلى هذه الأمكنة المتنوعة؛ فتتحرك من البحيرة نحو وجهتك السياحية نشيطاً يقظاً، بعد أن تكون أشبعت عينيك بقسط وافر من الجمال ومنظر الماء والخضرة بها.

يحيط بالبحيرة مشروع ترفيهي متكامل على مساحة ‏63 فداناً، يضم ممشى سياحياً حولها بطول 2500 م طولي، ولاند سكيب ونخيلاً وأشجاراً، إضافةً إلى نوافير مائية تضيء بعدة ألوان بعد غروب الشمس؛ فيتملكك الإحساس بأنك أمام عدة لوحات فنية.

البحيرة تطل على قلعة صلاح الدين والبيوت العتيقة (تصوير: محمد يحيى)

وسيثير انتباهك وجود مبنى ضخم يستقر أمامها هو المتحف القومي للحضارة الذي ستستمتع بإطلالته، وحتماً سيدعوك لزيارته؛ لتعيش لحظات تجمع بين التاريخ والتراث بين أكثر من 50 ألف قطعة أثرية، تروي قصة تطور الحضارة من قديم الأزل وحتى عصرنا الحالي.

لو أردت قضاء وقت هادئ في البحيرة، والتمتع في الوقت نفسه بمشاهدة بانورامية للمكان، فتوجه إلى «جزيرة الشاي» المصنوعة من الخشب الداكن؛ حيث تستطيع داخلها رؤية البحيرة بأكملها، أو تتوجه إلى أحد المطاعم أو الكافيهات المنتشرة على أطرافها؛ حيث يتميز بعضها بإطلالة خاصة؛ لا سيما أنها مصنوعة من الزجاج؛ لمنع حجب رؤية البحيرة عند الجلوس داخلها.

توفر إطلالة هادئة لزائر المتحف القومي للحضارة (تصوير: محمد يحيى)

وبعد أن تتناول الطعام بمنطقة المطاعم أنصحك بالتوجه إلى الجزيرة الاستوائية وسط البحيرة، وإذا كانت أشعة الشمس قوية فاحتمِ بإحدى البرجولات الخشبية، وهكذا تُعد البحيرة وجهة مثالية للتنزه وسط الطبيعة بالنسبة للأسر، وكذلك هي مقصد مناسب للرحلات الشبابية؛ حيث تتنوع الأنشطة التي يمكن ممارستها هناك، ومنها لعبة التسلق بالحبال الممتعة، ولعبة «Zipline» وفيها يتم ربط الشباب بالحبل على مرتفعات ليقوموا بالتزحلق، و«Climbing wall» أو تسلق الجدران.

أما التنزه في مركب ملكية مستلهمة من الحضارة المصرية القديمة داخل البحيرة، والقيام بجولة تستغرق نحو نصف الساعة، فيمثلان خياراً مناسباً وممتعاً للشباب والأسر على السواء، لا سيما إذا كنت ترغب في عمل جلسة تصوير مميزة، فستكون القلعة ومتحف الحضارة والبيوت القديمة والجديدة والمياه والخضرة بعض عناصرها الأساسية.

هنا يستقر الماء والخضرة والحضارة (تصوير: محمد يحيى)

وليست الأمكنة الحديثة مثل المتحف، أو تلك العتيقة مثل القلعة، وحدها هي ما ستأخذك إليه إطلالة «بحيرة القاهرة» أو «عين الصيرة»؛ فأنت هنا في حضرة منطقة الفسطاط، بكل زخمها التاريخي العريق، وهي واحدة من أقدم العواصم الإسلامية؛ إذ بنيت بعد الفتح الإسلامي لمصر في عام (21هـ - 641م)، واتخذها عمرو بن العاص العاصمة الجديدة، وأطلق عليها اسم «الفسطاط» أي الخيمة.

من هنا يضم المكان كثيراً من المواقع الأثرية التي ينبغي أن تتوجه إليها إذا ما زرت بحيرة «عين الصيرة»، منها جامع «عمرو بن العاص» وكنائس مصر القديمة، وحفائر أطلال مدينة الفسطاط، ومنطقة المراسم ومركز الفسطاط للحرف التراثية.

أما إذا كنت تبحث عن الأجواء الروحانية؛ فإنك ستجد ضالتك حين تزور البحيرة، حيث يمكنك أن تشاهد أثناء وجودك بها قبة مسجد وضريح الإمام الشافعي رضي الله عنه، إذ تطل عليك من خلف المباني العتيقة هذه القبة التاريخية الضخمة التي ستناديك للتوجه إليها، وإذا قررت أن تستجيب وتزور المسجد فسيكون في انتظارك مبناه ذو الطراز المميز، والشاهد على عظمة سيرة من يرقد داخله، حيث يضم رفات محمد بن إدريس بن العباس الشافعي القرشي، صاحب ثالث المذاهب الإسلامية الذي تنتهجه مصر منذ أن حط رحاله فيها عام 199 هجرية.

وإذا حالفك الحظ وقمت بزيارة البحيرة يوم الجمعة على وجه الخصوص، فتمسك أكثر بزيارة المسجد؛ لأنك ستشاهد لحظات روحانية خاصة مفعمة بالإرث الإنساني؛ حيث يحرص كثير من المصريين على زيارة مسجد الإمام الشافعي في هذا اليوم، وستراهم وهم يقدمون شكواهم للإمام، وسترقبهم وهم يكتبون خطابات تحمل شكواهم وأمنياتهم، أو يتحدثون بصوت صامت أو مسموع إليه، وقد تجد قطعاً من القماش معلقة، وهذا ما يطلق عليه العامة «الأثر».


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
TT

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)

تعدّ الصحاري من أكثر المغامرات إثارةً في العالم، فبعيداً عن الاعتقاد بأنها مجرد مساحات من الفراغ الشاسع، تكشف هذه الوجهات عن سلاسل جبلية وحياة برية فريدة، وثقافات تقليدية، ومناظر طبيعية خلابة مطلية بألوان نقية متنوعة.

وترتبط مصر في الأذهان بمجموعة من الأماكن الأثرية المتفردة المختلفة، لكنها إلى جانب ذلك تحتضن أمكنة لا مثيل لها، فهي أيضاً موطن «الصحراء البيضاء»، التي تتميز بعجائب جيولوجية تقدم للزائر مغامرةً فريدةً، تشعرك عبر تفاصيلها وكأنك تطأ كوكباً آخر؛ لذلك فهي مثالية للذين يبحثون عن قضاء عطلة لا تسقط من الذاكرة.

اُختيرت «الصحراء البيضاء» من قبل موقع «Trip Advisor» المختص بشؤون «السياحة والسفر»، لتتصدر المركز الأول لأفضل وأغرب 20 موقعاً سياحياً فريداً على مستوى العالم؛ فتلك الصحراء الواقعة في «واحة الفرافرة» بمحافظة الوادي الجديد، على مسافة نحو 500 كيلومتر من القاهرة، من أفضل المقاصد السياحية في مصر.

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

وتُعدّ الصحراء البيضاء «محمية متنزه وطني» وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (LUCN)، وتتلخص خصائصها في أنها من المَعالم الطبيعية المهمة، كما تعدّ مصدر دخل مهماً لأهل الواحات، فضلاً عن كونها تمثل قيمةً تاريخيةً وأثريةً كبيرةً.

يُغيِّر لك هذا المكان، الذي يشغل مساحة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع، مفهومَك التقليدي للصحراء بوصفها «مجرد» مكان من الكثبان الرملية والحرارة المرتفعة؛ فحين تزورها تُفاجأ بأن اللون الأبيض يغطي معظم أرجائها؛ وهو سر تسميتها، تستقبلك تكويناتها الصخرية التي تتخذ شكلا ًسريالياً، بعضها على هيئة أشكال مألوفة مثل عيش الغراب، وبعضها يتمتع بأشكال غير معروفة؛ ما جعلها تشبه المناظر الطبيعية الثلجية.

سيأخذك المكان إلى عصور قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، وستتخيل تلك اللحظات التي هبَّت عليها الرياح القوية خلال هذه العصور، وأسهمت في إنشاء هذه التكوينات.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

وأنصحك بمشاهدة هذه التكوينات النحتية عند شروق الشمس أو غروبها خصوصاً، فعندما تضيئها الشمس بظلالٍ ورديةٍ برتقاليةٍ، أو عندما يكتمل القمر، يضفي ذلك على المناظر الطبيعية مظهراً قطبياً وكأنه شبح ضخم، فتشعر بمزيد من أجواء الإثارة والمغامرة.

ستستحوذ الرمال المحيطة بالنتوءات الصخرية على اهتمامك، إذ ستجدها مليئة بالكوارتز، وأنواع مختلفة من البيريت الحديدي الأسود العميق، بالإضافة إلى الحفريات الصغيرة.

على مقربة من هذه التكوينات يوجد جبلان مسطحان يطلق عليهما بعض المرشدين السياحيين اسم «القمتين التوأم»، وهما نقطة رئيسية للمسافرين، وتعدّ هذه المنطقة وجهةً مفضلةً لدى منظمي الرحلات السياحية المحليين، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الخلابة من أعلى التلال المتناظرة المحيطة، التي تتخذ جميعها شكل تلال النمل العملاقة.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

بعد ذلك مباشرة، ستجد طريقاً شديد الانحدار؛ وهو الممر الرئيسي الذي يؤدي إلى منخفض الفرافرة، ويمثل نهاية «الصحراء البيضاء»، لكن هذا لا يعني أن رحلتك انتهت؛ فثمة أماكن ونشاطات أخرى يمكن أن تمارسها.

يستطيع عشاق الحياة البرية، أو الاختصاصيون الاستمتاعَ بمشاهدة الحيوانات البرية النادرة المُهدَّدة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والكبش الأروي، كما تضم المحمية بعض الأشجار الصحراوية.

لا ينبغي أن تفوتك زيارة جبل الكريستال، وهو في الواقع صخرة كبيرة مكونة بالكامل من الكوارتز، ويقع الجبل بجوار الطريق الرئيسي، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال الفتحة الكبيرة في منتصفه.

الصحراء البيضاء (أدوب ستوك)

أيضاً لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمل السماء ومراقبة النجوم، انغمس في عجائب هذا المكان الرائع ليلاً، فعندما تتحول السماء إلى اللون الوردي ثم أعمق درجات اللون البرتقالي الناري، بعد الغروب، ستتلاشى الأشكال الصخرية، ويحل الصمت في كل مكان، في هذه اللحظة ستجد البدو يدعونك إلى الجلوس حول نار مشتعلة، والاستمتاع بالدجاج المدفون، وكوب الشاي الساخن، في أثناء التخييم بالمكان.