جامعة هارفارد... والكذبات الثلاث

فيها أحد أكثر التماثيل جذباً بالولايات المتحدة

فناء الجامعة ومبنى المكتبة (شاترستوك)
فناء الجامعة ومبنى المكتبة (شاترستوك)
TT

جامعة هارفارد... والكذبات الثلاث

فناء الجامعة ومبنى المكتبة (شاترستوك)
فناء الجامعة ومبنى المكتبة (شاترستوك)

بمجرد أن تطل برأسك خارجاً من محطة مترو هارفارد سكوير Harvard Square، حتى يهب في وجهك صخب ساحة مكتظة بالناس، تتوسط عدداً من بنايات جامعة هارفارد العريقة. طلاب وذووهم، كما تشي هيئاتهم، وكذلك مجموعات كبيرة من السياح، يتحلق بعضهم حول كشك صغير، على واجهته القرميدية اللون ثُبتت لوحة: «جولة هارفارد»، Harvard Tour.

فناء الجامعة ومبنى المكتبة (شاترستوك)

يتميز طلاب جامعة هارفارد، التي تأسست عام 1636، أي قبل تأسيس الولايات المتحدة بنحو 150 عاماً، بتنوعهم العرقي والديني والثقافي، كما هي حال السياح القادمين من شتى أنحاء العالم، للاطلاع على معالم الجامعة عن قرب.

المحطة الأولى - بوابة جونستون 1889

شُيدت بوابة جونستون، وهي المدخل الرئيسي للجامعة، عام 1889. وما يميز هذه البوابة أن الطلاب يدخلونها مرة واحدة في سنتهم الدراسية الأولى، ولا يخرجون منها إلا بعد حفل التخرج. ومن دون تشكيك يتوارث طلاب الجامعة التي تستقبل نحو 1700 طالب سنوياً، الاعتقاد السائد بأن الخروج من بوابة جونستون قبل التخرج نذير شؤم قد يحول دون الحصول على الشهادة الجامعية.

فناء هارفارد - Harvard Yard

خلف بوابة جونستون يمتد فناء الجامعة على مساحة 22 فداناً، تتسامق على مرجه الأخضر أشجار البلوط العملاقة، وتحيط به 660 بناية شُيدت بالآجرّ الأحمر، بعضها قبل مئات السنين. ومن بينها مبنى ماساتشوستس هول Massachusetts Hall، حيث اختبأ جنود المقاومة الأميركية ضد الاحتلال البريطاني أثناء حرب الاستقلال، واليوم يضم مكتب رئيس الجامعة.

البناية التي يشخص لون آجرها المصفر من بين صفوف المباني القرميدية هي وادزورث هاوس Wadsworth House منها قاد أول رئيس أميركي، جورج واشنطن، جيشه أثناء حرب التحرير. واضطُر واشنطن للاختباء في حرم الجامعة مدة 45 يوماً، عندما حاصر البريطانيون مدينة بوسطن التي تبعد نحو 10 كيلومترات عن كامبرج.

تتضمن البنايات المحيطة بفناء الجامعة الأقسام الداخلية التي لا يمكن لغير طلاب السنة الأولى السكن فيها. وها هم يفترشون العشب الأخضر، منغمسين في كتبهم الدراسية وشاشات هواتفهم وحواسيبهم الشخصية. بعضهم يتناولون وجبات الأطعمة الجاهزة على مقاعد حديد ملونة متناثرة في أبعاد الفناء. مساكن الطلاب هذه أقام فيها أدباء ومفكرون وعلماء وساسة أميركيون، مثل هنري ثورو، والدو إيمرسون، ويليام هيرست، جون كينيدي، هنري كيسنجر، بيل غيتس، جون آدامز.

تمثال الكذبات الثلاث من أشهر التماثيل التي يقصدها السياح في أميركا (شاترستوك)

جون هارفارد... تمثال الأكاذيب الثلاث

ثالث أكثر التماثيل جذباً للزوار في الولايات المتحدة، بعد تمثالي الحرية في نيويورك، وإبراهام لنكولن في العاصمة واشنطن. لا يمكن للعين أن تخطئه، مع تدافع زواره للمس قدمه، وحرصهم على توثيق الحدث بصور ومقاطع فيديو.

يجسد تمثال الكذبات الثلاث، كما يطلق عليه طلاب الجامعة، شخص مؤسِّس جامعة هارفارد المفترض، جون هارفارد، جالساً على كرسي، واضعاً كتاباً مفتوحاً على فخذه اليمنى. وتحت التمثال المصنوع من البرونز، سُطرت معلومات تفيد بأن هذا تمثال جون هارفارد مؤسس الجامعة عام 1638، وهنا مكمن المغالطات الثلاث.

1- لم يؤسس جون هارفارد الجامعة، وإنما أسستها الهيئة التشريعية التي كانت تحكم المستعمرة البريطانية ماساشوستس، باسم فيرست كوليدج First Collage.

2- الكذبة الثانية أن تأسيس الجامعة يعود لعام 1636 وليس 1638 كما هو مكتوب تحت التمثال. فجون هارفارد الذي تحمل الجامعة اسمه كان أول المتبرعين للجامعة؛ فقبل وفاته عام 1638 أوصى بإعطاء الجامعة كل ما كان يملك من كتب وصل عددها إلى نحو 400 مجلد، وكذلك نصف ثروته التي كانت تعادل ميزانية عام من موازنة الولاية.

3- أخيراً، فإن الشخص المنحوت ليس جون هارفارد أصلاً. في عام 1883 عندما قرر المشرفون على الجامعة نصب تمثال للرجل، كانت اللوحة الوحيدة التي تجسده قد احترقت، ولم يكن باستطاعة أحد وصف ملامحه، فقرروا نحت التمثال على شكل شخص آخر.

التمثال بني اللون، ولكنّ قدميه ذهبيتا اللون. وهذا لم يكن في حسبان النحات ضمن التصميم الأصلي للتمثال، إنما تكشّف لون البرونز جراء لمس ملايين الأيدي سنوياً لحذاءي الرجل، فالاعتقاد السائد أن لمسك قدم التمثال يجلب لك الحظ في الحصول على قبول للدراسة في الجامعة التي لا تقبل أكثر من 3 في المائة من طلبات المتقدمين.

بوابة جونستون المحطة الأولى من الجولة السياحية في هارفارد (شاترستوك)

مكتبة وادنر Widener Library

في الجانب الجنوبي من فناء الجامعة، يجتذب نظرك صرحٌ معماري هائل الحجم، ذو أعمدة عملاقة، على طراز المعابد الإغريقية، إنها مكتبة وادنر. كان هنري وادنر ابن أسرة ثرية، تخرج في الجامعة عام 1907، وكان شغوفاً بجمع الكتب، وكان يحلم بإهدائها إلى هارفارد.

في عام 1912، بعد اقتنائه كتباً من لندن، قرر العودة مع والده إلى الولايات المتحدة، فاستقلا أكبر وأشهر باخرة حينها: تيتانك. فابتلع المحيط الباخرة ومن كان على متنها، بمن فيهم هنري ووالده وكتبه. بعد غرقه، قررت والدته عام 1915 التبرع لبناء مكتبة في الجامعة تكون نواتها الكتب التي تركها ولدها هنري، واشترطت ألا تُهدم المكتبة أبداً، وألا يتغير طرازها المعماري، وأن تحتوي على حجرة خاصة يوضع فيها أثاث مكتب ابنها، وألا يدخل الحجرة أحد غير عمال النظافة الذين عليهم أن يغيروا زهور المكتب يومياً.

وأغرب شروط والدة هنري أن على كل طالب أن يتعلم السباحة، قبل التخرج في جامعة هارفارد، ليتفادى مصير ابنها. وفعلاً قبلت الجامعة الشروط كلها. وحتى عام 1977، كان على كل طالب من طلاب الجامعة أن ينجح في اختبار السباحة لكي يتخرج.

قد يكفيك يوم واحد لتقصي فناء هارفارد ومكتبتها، لكن زيارة بقية أجزاء الجامعة التي تمتد على نهر تشارلز، بملاعبها ومراكز أبحاثها وكلياتها ومتاحفها، قد تستغرق أياماً.


مقالات ذات صلة

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

ما أجمل المباني السياحية في بريطانيا؟

«قصر باكنغهام»... (إنستغرام)
«قصر باكنغهام»... (إنستغرام)
TT

ما أجمل المباني السياحية في بريطانيا؟

«قصر باكنغهام»... (إنستغرام)
«قصر باكنغهام»... (إنستغرام)

أجرى باحثون استطلاعاً للرأي على مستوى البلاد لاكتشاف أجمل المباني وأبرزها في جميع أنحاء المملكة المتحدة، حيث جاء كل من: «كاتدرائية القديس بول» (بنسبة 21 في المائة)، و«كاتدرائية يورك» (بنسبة 18 في المائة)، و«دير وستمنستر آبي» (بنسبة 16 في المائة)، و«قصر وارويك» (بنسبة 13 في المائة)، جميعها ضمن القائمة النهائية.

مع ذلك جاء «قصر باكنغهام» في المركز الأول، حيث حصل على 24 في المائة من الأصوات. ويمكن تتبع أصوله، التي تعود إلى عام 1703، عندما كان مسكناً لدوق باكنغهام، وكان يُشار إليه باسم «باكنغهام هاوس».

وفي عام 1837، أصبح القصر البارز المقر الرسمي لحاكم المملكة المتحدة في لندن، وهو اليوم المقر الإداري للملك، ويجذب أكثر من مليون زائر سنوياً.

يحب واحد من كل عشرة (10 في المائة) زيارة مبنى «ذا شارد» في لندن، الذي بُني في عام 2009، بينما يرى 10 في المائة آخرون أن المناطق البيئية لمشروع «إيدن» (10 في المائة) تمثل إضافة رائعة لأفق مقاطعة كورنوول.

برج «بلاكبول» شمال انجلترا (إنستغرام)

كذلك تتضمن القائمة «جناح برايتون الملكي» (9 في المائة)، الذي بُني عام 1787 على طراز المعمار الهندي الـ«ساراكينوسي»، إلى جانب «ذا رويال كريسنت» (الهلال الملكي) بمدينة باث (9 في المائة)، الذي يضم صفاً من 30 منزلاً مرتبة على شكل هلال كامل، وبرج «بلاكبول» الشهير (7 في المائة)، الذي يستقبل أكثر من 650 ألف زائر سنوياً، وقلعة «كارنارفون» (7 في المائة)، التي شيدها إدوارد الأول عام 1283.

وتجمع القائمة التي تضم 30 مبنى، والتي أعدتها مجموعة الفنادق الرائدة «ليوناردو هوتلز يو كي آند آيرلاند»، بين التصاميم الحديثة والتاريخية، ومنها محطة «كينغ كروس ستيشن»، التي جُددت وطُورت بين عامي 2006 و2013، وساحة «غريت كورت» المغطاة التي جُددت مؤخراً داخل المتحف البريطاني، جنباً إلى جنب مع قلعة «هايكلير» في مقاطعة هامبشاير، التي ذاع صيتها بفضل مسلسل «داونتون آبي».

ليس من المستغرب أن يتفق ثلثا المستطلعة آراؤهم (67 في المائة) على أن المملكة المتحدة لديها بعض أجمل المباني في العالم، حيث يعترف 71 في المائة بأنهم أحياناً ما ينسون جمال البلاد.

ويعتقد 6 من كل 10 (60 في المائة) أن هناك كثيراً من الأماكن الجديرة بالزيارة والمناظر الجديرة بالمشاهدة في المملكة المتحدة، بما في ذلك المناظر الخلابة (46 في المائة)، والتراث المذهل والتاريخ الرائع (33 في المائة).

«ذا رويال كريسنت» في مدينة باث (إنستغرام)

وقالت سوزان كانون، مديرة التسويق في شركة «ليوناردو هوتلز يو كي آند آيرلاند» البريطانية، التي أعدت الدراسة: «من الواضح أن المملكة المتحدة تضم كثيراً من المباني الرائعة؛ سواء الجديدة والقديمة. ومن الرائع أن يعدّها كثير من البريطانيين أماكن جميلة لقضاء الإجازات في الداخل. بالنسبة إلى أولئك الذين يخططون للاستمتاع بإجازة داخل البلاد، فلن تكون هناك حاجة إلى كثير من البحث، حيث تنتشر فنادقنا الـ49 في جميع أنحاء المملكة المتحدة بمواقع مثالية في مراكز المدن، وعلى مسافة قريبة من بعض المباني المفضلة لدى البريطانيين والمعالم الشهيرة البارزة، مما يجعلها المكان المثالي للذين يبحثون عن تجربة لا تُنسى حقاً. ويمكن للضيوف أيضاً توفير 15 في المائة من النفقات عند تمديد إقامتهم لثلاثة أيام أو أكثر حتى يوليو (تموز) 2025».

مبنى «ذا شارد» شرق لندن (إنستغرام)

كذلك كشف الاستطلاع عن أن «أكثر من نصفنا (65 في المائة) يخططون لقضاء إجازة داخل المملكة المتحدة خلال العام الحالي، حيث يقضي المواطن البريطاني العادي 4 إجازات في المملكة المتحدة، و74 في المائة يقضون مزيداً من الإجازات في بريطانيا حالياً مقارنة بعددهم منذ 3 سنوات.

وأفاد أكثر من الثلث (35 في المائة) بأنهم «يحبون استكشاف شواطئنا الجميلة، حيث إن التنقل فيها أسهل (34 في المائة)، وأرخص (32 في المائة)، وأقل إجهاداً (30 في المائة)».

بشكل عام، يرى 56 في المائة من المشاركين أن البقاء في المملكة المتحدة أسهل من السفر إلى خارج البلاد.