بحجم الحماسة للسفر والشعور اللطيف بتغيُّر المكان، يصيب توضيب الحقيبة كثيرين بارتباك. بعضٌ يُرجئ المَهمّة - ولا مفرّ منها - حتى الساعات الأخيرة قبل التوجّه إلى المطار، ويَحدُث أمام الاستعجال أن يحلّ النسيان. وبعضٌ يتّبع نصائح لتفادي فوضى الحقيبة وأخْذ ما لا يُستغنى عنه، فيوضّب بلا عجلة ويتأكد من جميع المستلزمات. يمتلئ الإنترنت بإرشادات تُسهّل توضيب الحقائب بما يتيح الاستفادة القصوى من المساحة والحجم. لا بأس باستعادتها توفيراً للندم ولتكرار عتب من نوع «كيف نسيتُ إحضار هذا؟»، «يا لِتيه الرأس حتى فاتتني أشياء كثيرة!».
لنبدأ من تجنُّب التوضيب في الدقيقة الأخيرة. جميعنا يطارد الوقت. وهو قهّار يتسرّب من الأيدي. مع ذلك، يُنصح بجمع أغراض السفر على مهل، قبل وقت غير قليل من موعد الرحلة، وتفادي تكديسها تحت الضغط. ورقة وقلم يساعدان في إعداد القائمة، والهاتف أيضاً، فيُستحسَن كتابة المطلوب حَمْله. ولأنّ الرأس يسبق الجسد في بلوغ الوُجهة، يمكن تصوُّر ملابس النهار والليل بحسب جدول الأعمال. في الصباح ألبُس كذا، وفي المساء سأرتدي كذا. تُجهَّز الملابس وفق المُخطَّط قبل توضيبها.
الطقس مسألة مهمّة. معرفته الدقيقة تتيح تحديداً أفضل للملابس. وهذه خطوة تسبق إعداد القائمة، المُفترض تقسيمها إلى مجموعات: ثياب، أحذية، أكسسوارات، أدوات النظافة، أجهزة إلكترونية وشواحن... التنبُّه إلى الاكتفاء بالضروري فقط يقلِّص احتمال الاتجاه إلى الوزن الزائد. جيد أيضاً توفير المال.
يُنصح بالتحايل في اللباس، فيُنسَّق البنطال الواحد على أكثر من قميص، ما يخفّف العدد. وماذا عن عَكْس القطع، فيمكن ارتداء قميص أو كنزة على بنطال ما، ثم ارتداؤهما على بنطال آخر، فتتحقق الاستفادة القصوى بأقل توضيب للملابس؟ الفكرة جيدة، ويمكن تطبيقها بذكاء، ما يشتّت الانتباه إلى تكرار الملابس لحُسن تنسيقها في أوقات متباعدة.
بعد تحضير القائمة، يُنصح بتوضيبها بحقيبة خفيفة الوزن يَسهل جرّها. ترتبط الحقائب بالوُجهة، فأسفار المطارات تشترط عجلات والتحلّي بميزة مقاومة للصدمات، بينما أسفار رحلات الغوص والاكتشاف تقتضي حقائب تعاند الماء وعوامل الطبيعة، لتمتاز حقائب رحلات السيارة بالطراوة بما يسهّل تخزينها في الصندوق. لا ينصح خبراء بشراء الحقيبة الغالية والمميزة الشكل، بل خفيفة الوزن وعالية الجودة، فتنجو من قسوة المعاملة أحياناً.
حان وقت التوضيب. البداية من ضرورة فصل الملابس النظيفة عن أخرى متّسخة قد يحتاج المسافر إليها، خصوصاً الجوارب. لا بأس بتحميل كيس لوضع الملابس المتّسخة في رحلة العودة إلى الديار. يمكن طيّ الملابس غير القابلة للتجعُّد، وأيضاً البناطيل، ووضعها في أسفل الحقيبة، لتُمدَّد عليها القمصان أو الملابس سهلة التجعُّد. عموماً، يُنصَح بتفادي النوع الأخير، واستبداله بصوف أو قطن، إلا للضرورة. على أزرار القمصان أن تُغلق، وينبغي فور بلوغ الوُجهة تفريغ الحقيبة مما يَسهل تجعُّده، مع نصيحة يطبّقها البعض: تشغيل الدوش الساخن وإغلاق الباب على مسافة من هذه الملابس المُجعّدة بعد تعليقها، فتستعيد نعومتها بالبخار. هذا لمَن لا يفضّلون الكيّ، وإلا فلتُكوَ القطعة لتعُد كما كانت.
يُفضَّل تقليل عدد الأحذية واستبعاد الضخمة منها، مع وضعها في أكياس خاصة، لتفادي التهامها مساحة مقدَّرة من الحقيبة، واقتحام حيّز الملابس لدى أول ارتطام خارجي. ثم توضع الملابس الداخلية والجوارب، لتليها أدوات العناية بالنظافة، ويُستحسن حصرها في حقيبة صغيرة تُستعمل في كل رحلة، وتحتوي قنانيَ بلاستيكية بحجم 100 مليلتر، تُزوّد بالشامبو المفضّل أو غسول الوجه ومزيل المكياج مثلاً، عوض حَمْل القناني الكبيرة، خصوصاً في أسفار مدّتها أيام، مع إمكان تفادي توضيب مستلزمات شخصية توفرها الفنادق مثل الصابون، أو ما يمكن شراؤه بسهولة مثل معجون الأسنان. أما فرشاة الشعر مثلاً والشواحن، فيمكن الاستفادة من زوايا الحقيبة وأماكنها غير المُستَغلَّة لمنحها حيّزها.
المطلوب التنبّه إلى عدم وضع أغراض ثمينة مثل مال ومجوهرات، أو مهمّة مثل أوراق ثبوتية وعقود عمل، في حقيبة الشحن. مهما بلغ الأمان، لا بدّ من حسبان هامش الخطأ المُترافِق مع الحظّ السيئ. من الضروري الاحتفاظ بها تحت الأنظار، في حقيبة اليد أو الظهر. وهذه أيضاً، من الأفضل الانتباه لحجمها ووزنها، وما المسموح والممنوع في داخلها، وفق قيود شركة الطيران، فلا يتسبّب أي تجاوُز بوزن زائد أو إرغام موظّف الشركة، حاملَها، على تفريغ ما لا يرغب في التخلّي عنه.
بجانب الدواء وضرورات الإسعافات الأولية، يُنصح أيضاً باستعمال حقيبة اليد لتوضيب الملابس الأساسية. المهم، عدم تخطّي الوزن المسموح به، أو الحجم المخوَّل للمسافر حمله على الطائرة.
من النصائح، إقفال حقيبة الشحن أو تغليفها، خصوصاً لاحتوائها ما يخشى المسافر ضياعه أو سرقته. ويمكن أيضاً وضع علامة لافتة مثل شريط ملوّن، أو اسم صاحبها، وأي دلالة تسهّل تسلّمها بعد بلوغ الوُجهة، لا سيما في وضعية تشابُه الحقائب. في الذهاب رحلة ممتعة، ولدى الوصول إقامة سعيدة.