الوجهة السياحية... اكتشافها ألذُّ من معرفتها المعرَّضة لتكون خدَّاعة

رهان على الدهشة و«شطارة» السفر

«فلاديمير للسياحة والسفر» تراهن على دهشة السائح (من رحلات تنظّمها الشركة)
«فلاديمير للسياحة والسفر» تراهن على دهشة السائح (من رحلات تنظّمها الشركة)
TT

الوجهة السياحية... اكتشافها ألذُّ من معرفتها المعرَّضة لتكون خدَّاعة

«فلاديمير للسياحة والسفر» تراهن على دهشة السائح (من رحلات تنظّمها الشركة)
«فلاديمير للسياحة والسفر» تراهن على دهشة السائح (من رحلات تنظّمها الشركة)

السفر مع مجموعة غير التخطيط الذي يتولاه الفرد. المسألة الثانية خاضعة للخصوصية؛ قد تصيب التوقعات من الرحلة، وقد تخيب حيال ما يتعلق بالمكان على حقيقته، والتطابق بين الواقع وعروض الإنترنت. وهي تشترط بالضرورة تحديد الوجهة والإحاطة الكاملة. المسافر وحده يحجز الفندق ويفنّد المطاعم ويخشى أن يفوته مَعْلم أو مزار. يبتهج للنتيجة، أو يشعر بشيء من الغشّ جراء تناقض بين صور «غوغل» ومعاينة المواقع على الأرض.

مجموعات السفر لها خصوصية تنظّمها جهات تراهن على الثقة (فلاديمير للسياحة والسفر)

مجموعات السفر لها خصوصية من نوع آخر. تُنظّمها جهات تراهن على الثقة. فالعلاقة من طرفين، بين السائح والشركة المُنظِّمة، لا تكتمل لولا إحساس الأول بأنه بين أيدٍ أمينة، والوقت الرائع ينتظره.

يتحدّث زياد خير الله، من شركة «فلاديمير للسياحة والسفر» الشهيرة في لبنان بتنظيم رحلات داخلية وخارجية، عن ضرورة معرفة الوجهة السياحية وأهمية القراءة عنها حين يكون المهتم فرداً، وعن انتفاء تلك الأهمية ضمن مجموعة. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يراهن على دهشة السائح، وهذه لا تتحقق إنْ ألمَّ بكل تفصيل وأدرك ما ينتظره. بالنسبة إليه، السفر الجماعي يُبرّر بعض الغموض، فتتّخذ العلاقة بالمكان المقصود معنى آخر.

تستغرب «فلاديمير» تكرار الوجهات بينما يمكن اكتشاف الجديد (من رحلات تنظّمها الشركة)

يدخل «البولمان» أحد أنفاق طرطوس، فيعتذر خير الله عن انقطاع الاتصال. رحلات «فلاديمير» لا تهدأ، بين لبنان والخارج. يستغرب تكرار الوجهات، بينما يمكن اكتشاف الجديد والبحث خارج الصندوق: «تخطر تركيا على البال كلما أراد لبناني متوسّط الدخل السفر. أما اللبناني الميسور فيتّجه على الفور نحو اليونان أو روما أو باريس. هذه الوجهات (كليشيه). نبحث عن الوجهة غير المُكتشَفة لنُخبر قصصاً لم تُحكَ. حين نظّمتُ برنامجاً لاكتشاف أسواق الميلاد في أوروبا، بعضٌ انتقد. راح يتساءل عن جدوى الرحلات في عزّ البرد. مذهل اكتشاف صخب (كريسماس) والموسيقى وروح العيد خارج الصور النمطية للمدن. يرى الناس ما يقرأون عنه في كتب الأطفال وهم في أعمار الخيالات».

المسافر وحده، أو «كوبلات» السفر؛ العشاق والأزواج؛ يمضون الوقت في البحث، ويحرصون على الإلمام التام بما ينتظرهم خشية مفاجأة غير سارّة تنغّص الأيام الحلوة. «فلاديمير» تشدّد على الثقة وتنطلق منها: «المسافرون يعلمون ما يجب أن يعلموه. معلومات عامة عن المكان والبرنامج السياحي تكفي لبدء الرحلة. منذ الصعود إلى (البولمان) تبدأ مغامرة منطلقها الثقة».

يرفض خير الله أن يكون اللبناني عبارة عن «رقص ونارجيلة»: «على العكس، حين يُعطى معلومة مفيدة، يُصغي ويستمتع». يردّ تكوُّن هذا الانطباع إلى مجموعات تنظيم رحلات تصطحب الطبلة طوال الطريق نحو الوجهة وترفع صوت الموسيقى. بذلك فقط تُسلّي وتُمرّر الوقت. «فلاديمير» تُعنى بـ«تثقيف السائح»: «السفر ليس صوراً للنشر في (فيسبوك) و(إنستغرام) فقط. هذا جزء من العملية. إنه معرفة واكتشاف. لا يكفي تذوّق الطعام من دون الإصغاء إلى حكايته. ولا يكفي المرور بجانب مَعْلم من دون معرفة تاريخه. نُطلع السائحين ضمن مجموعاتنا على سِيَر الأماكن. تتزامن المعلومة مع عملية الاكتشاف، لا قبلها. ننتظر خروج الـ(واو) من الأفواه. في اللحظة الواقعة بين جمالية المكان واكتشاف جذوره، تحدث المتعة القصوى».

تُعنى «فلاديمير» بتثقيف السائح وترى السفر معرفة واكتشافاً (من رحلات تنظّمها الشركة)

رافقت دليلة سياحية أردنية رحلة «فلاديمير» إلى بترا وآثار البلاد. يقول خير الله: «لأربعة أيام رافقتنا في (البولمان)، ولم تكفَّ عن الشرح. كانت الآذان تصغي بلا ملل. شدَّت اللبنانيين بالمعلومة ولم يتأفف أحد. الطبلة والرقص طوال الرحلة ليسا وسيلتَي التسلية الوحيدتين. حين يوضع الناس أمام الحكايا سيشعرون بالفضول لاكتشافها».

يضرب مثلاً بأصناف الطعام: «مأكولات في فيتنام وتايلاند وبانكوك واليابان، قد لا يلتهمها اللبناني بنهم. المهم هنا هو التذوُّق المُرفَق بحكاية. ثمة نوع من الحلويات يُدعى (أم علي). نخبر السائح عن المكوّنات والقصة التاريخية، بينما يتذوّق. لا يعود الطعام بذاته غاية، بل القصص التاريخية وهي تُروى».

«فلاديمير للسياحة والسفر» تراهن على دهشة السائح (من رحلات تنظّمها الشركة)

يتكلّم عن أماكن تصيب القارئ عنها بالخديعة، نظراً لأنّ الإنترنت يمتلئ بالمعلومة المغلوطة. استعداداً للوجهة، لا بدّ من خطوات، فيشرح: «نقرأ جيداً عن المكان المقصود، وتاريخه وجغرافيته. نهتم بغير المستهلَك. تستوقفنا المدن، وأيضاً القرى، وما يحافظ على أصالته. ثم نطّلع على البرامج السياحية الأوروبية، خصوصاً الفرنسية منها، لاقتراب مسارها من الثقافة اللبنانية. نقارن ما بينها ونختار الأجمل. نُجنّب برنامجنا فراغاً مُحتملاً، ونحرص على التكثيف. هذا يفسّر أيضاً منطق تحديد السعر. قد تأخذ جميع الرحلات السائحين إلى بترا، لكن الفارق يكمن في التفاصيل ومدى الاهتمام ببلوغ الرحلة أقصى الفائدتَيْن: التسلية والثقافة».

تبحث «فلاديمير» عن الوجهة غير المُكتشَفة لتُخبر قصصاً لم تُحكَ (من رحلات تنظّمها الشركة)

قدَّر الأردن البُعد التثقيفي لـ«فلاديمير»، وعدم اتّكائها على خواء الوقت، فكرَّمها ممثل «هيئة تنشيط السياحة الأردنية» في لبنان، بمقرّ السفارة اللبنانية في عمان، بحضور القائم بالأعمال. ذلك لأنّ الرحلات عنوانها «عِش المكان» عوض الاكتفاء بزيارة عابرة. يضرب بكوبا المثل: «توقف الزمن لديها منذ عام 1950، وهذا لافت. هناك، لا يُدهَش السائح بالجمال بقدر ما يؤخَذ بخصائص البلد. الأماكن عادات وقصص. لا نسافر لتناول طعامنا المفضّل فقط والرقص حتى الفجر. السفر شطارةُ جمع المعرفة بالبهجة».


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
TT

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

وسط مسعى السعودية لتنمية مدنها والارتقاء بمعايير جودة الحياة العصرية وتوسيع نطاق العروض السياحية، أبرم عدد من الجهات في القطاعين الخاص والحكومي اتفاقيات بارزة مؤخّراً في هذا الإطار، وشهد معرض «سيتي سكيب» العالمي في الرياض توقيع عدد من هذه الاتفاقيات.

وبهدف تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية، أعلنت «أسفار»، الشركة السعودية للاستثمار السياحي، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، عن توقيع مذكرة تفاهم مع «وزارة البلديات والإسكان»، ووفقاً للمسؤولين، سيوفّر هذا التعاون الاستراتيجي فرصاً ترفيهية وثقافية ورياضية جديدة في الأماكن العامة غير المستغلة، ما يسهم في نمو قطاع السياحة في البلاد.

تعزيز الثقافة المحلية والجمال الطبيعي للمناطق

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لشركة أسفار: «نسعى إلى تحويل المدن الواعدة في السعودية إلى وجهات عالمية من خلال استثمارات استراتيجية تعزز الثقافة المحلية، وتبرز الجمال الطبيعي الفريد لكل منطقة». وأضاف أن هذه المبادرات «تمثِّل خطوة مهمة في رحلتنا المستمرة نحو بناء شراكات قوية وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص لدفع عجلة السياحة في السعودية».

جانب من التوقيع بين «وزارة البلديات والإسكان» و«أسفار» إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي. (الشرق الأوسط)

وبحسب ابن مشيط، تتطلّع «أسفار» إلى تعزيز علاقتها مع البلديات وهيئات تطوير المناطق التي تستثمر فيها لتحقيق مهمتها، كاشفاً عن التزام بـ«ترسيخ مكانة السعودية على خريطة السياحة العالمية، وأن نكون جسراً نحو نمو مستدام يحقق قيمة طويلة الأمد للمجتمعات السعودية عبر كافة مناطق السعودية وإثراء تجارب الزوار».

تحويل المساحات إلى وجهات حيوية

وعلمت «الشرق الأوسط» أن التعاون الاستراتيجي يستهدف أيضاً تحويل المساحات غير المستغلة إلى وجهات مجتمعية حيوية، ما يساعد في تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر، وذلك تماشياً مع مشروع «بهجة» المبادرة الوطنية للوزارة، بهدف تنمية المدن وتعزيز رفاهية سكانها وتجربة زوارها نحو تحقيق مفهوم جودة الحياة، كما يتناغم مع ما تلتزم به «أسفار» من تحويل المدن الواعدة إلى وجهات سياحية بارزة، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية السعودية 2030».

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

8 مدن واعدة

ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط»، جاءت الـ8 مدن الواعدة، التي ستعمل «أسفار» على تحويلها إلى وجهات سياحية بارزة كالتالي: الأحساء، الباحة، الجوف، حائل، الخبر، ينبع، الطائف، الدمام.

وفي الإطار ذاته، أُبرمت الاثنين اتفاقية ثلاثية، جمعت أمانة المنطقة الشرقية، وهيئة تطوير المنطقة الشرقية، وشركة «أسفار»، بحضور خالد البكر الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة في السعودية، وهدفت الاتفاقية إلى تعزيز الاستثمار السياحي في مدينة الخبر، ودعم أهداف برنامج جودة الحياة في السعودية، وتضمّنت الاتفاقية إلى جانب تعزيز الوجهات السياحية والترفيهية في المنطقة الشرقية، وتحديداً مدينة الخُبر، تطوير موقع «الكورنيش الجنوبي» ليصبح وجهة سياحية متكاملة ورائدة في القطاع السياحي للمواطنين، المقيمين والزوار على حد سواء.