سجل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ أن كان أميراً للرياض طوال أكثر من نصف قرن، مفهوماً للهوية العمرانية الوطنية السعودية، من خلال دمج الأصالة بالحداثة، بفكرة حملت اسم «العمارة السلمانية»، وأنشأت جامعة الأمير سلطان مركز «عمران السعودية» في كلية العمارة والتصميم التابعة للجامعة، الذي يسعى لأن يكون منهجه وفق روح العمارة السلمانية التي تم التعريف بها وإطلاق هذا الاسم قبل ثماني سنوات، ومن المقرر أن يتم في الرياض عقد منتدى عالمي عن العمارة السلمانية للتعريف بمنهجها العمراني وإظهار تأصيله، وإيضاح أسسه ومعاييره وملامحه وتأثيره.
ولخصّ الأمير عبد العزيز بن عياف، رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان فكرة العمارة السلمانية والمفهوم الصحيح لها بقوله: «إنها لا ترتبط فقط بالمباني وتصاميمها المعمارية، أو أنها خاصة بالرياض، لكنها مرتبطة بأمور عديدة وأصيلة وبعيدة المدى، فهي ترتبط بالإنسان وبالأرض وبالتاريخ، والهوية والوطنية، وبكل مناطق السعودية». موضحاً أن «السلمانية» نهج يحترم ويقدر العمارة والعمران المحلي لكل منطقة بكل عناصره وتفاصيله، ويسعى إلى احتواء كل جديد معاصر لا يؤثر على روح ووظيفة وانتماء المبنى لمحيطه التاريخي والجغرافي والاجتماعي. ويتميز النهج السلماني بشموليته، فرغم ارتباطه الوثيق بالرياض، لكن تعميمه على مدن ومناطق المملكة أصبح ضرورة ملحة.
وشدد ابن عياف على أن العمارة السلمانية انبثقت من الحراك والتطور العمراني اللذين تشهدهما العاصمة منذ ما يزيد على الخمسة عقود، التي تردد فيها صدى نبض التطور الحضري الديناميكي لمدينة الرياض تحت القيادة المؤثرة لأمير منطقتها آنذاك الأمير (الملك) سلمان بن عبد العزيز. قادت شخصيته البارزة والملهمة تنمية وتطور المنطقة منذ عام 1963 إلى عام 2011م، بملامح اتسمت بالتحول الفريد في المشهد العمراني للمدينة. وشهدت المدينة تحولاً غير مسبوق لتصبح مترامية الأطراف تنمو نمواً سريعاً في ظل توجيهاته الحكيمة، التي تركت في النسيج الحضري الحالي للرياض بصمة واضحة وصريحة لرؤيته الاستراتيجية.
وتم إطلاق اسم «حي الملك سلمان» على حيّي «الواحة» و«صلاح الدين» وتطويرهما لرفع البعد الإنساني في الحي باسمه الجديد، ورفع معدلات جودة الخدمات الأساسية والأنشطة الترفيهية والترويحية وتطويرها، وخلق هوية عمرانية ومعمارية للمرافق العامة في الحي منبثقة من العمارة السلمانية ومبادئها.
وتُعد العمارة السلمانية أسلوباً عمرانياً ينتهج الحفاظ على الموروث الثقافي بالاستجابة لأطوار التحديث، والمواءمة بين الأصالة والحداثة، من خلال تصاميم عمرانية تستلهم التراث السعودي، إضافة إلى أنها أسلوب عمراني ينتهج الحفاظ على الموروث الثقافي بالاستجابة لأطوار التحديث، والمواءمة بين الأصالة والحداثة، من خلال تصاميم عمرانية تستلهم التراث السعودي العتيق.

ولعلَّ من المشاريع التي تتضح فيها العمارة السلمانية بالعاصمة الرياض منطقة قصر الحكم، ومركز الملك عبد العزيز التاريخي، وحي السفارات، ومبنى وزارة الخارجية، إضافةَ إلى حي سدرة الذي تنشئه شركة روشن المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة لبناء أكثر من 30 ألف منزل وفق العمارة السلمانية، بتصاميم حضرية حديثة تمزج بين هوية المدينة ومعايير البناء الحديثة.
الميثاق العمراني
في نهاية مارس (آذار) من العام الماضي، أقيم معرض مشروع تطوير حي الملك سلمان، اشتمل على الكثير من الأنشطة النوعية والتفاعلية والخطط التطويرية والمشاركات المجتمعية التي استهدفت التعريف بالمشروع وبأهم عناصره، ودوره في تحسين جودة حياة السكان، وترسيخ فكرة الطراز العمراني السلماني، وترسيخ مفهوم الأنسنة، وتمكين السكان من المشاركة في صنع القرار والإسهام في تنمية المدينة؛ من خلال تعزيز أدوارهم المجتمعية.

وحظيت الأمسيات وورشات العمل والمحاضرات التي أقيمت بالتزامن مع إقامة المعرض، بتفاعل كبير، سواء من سكان الحي أو بقية أحياء الرياض، وشكلت فرصة كبيرة لهم للمشاركة في خطط التطوير وتحديد عناصر تصميم الحي الذي يعد نموذجاً في تطبيق مفهوم الأنسنة بطرازه السلماني وروحه المحافِظة على الأصالة بطابع عصريّ ليشكل نقلة نوعية في جودة الحياة بالمدينة، وسلطت الفعاليات الضوء على العمارة السلمانية، وخطط التطوير العمرانية، واستشراف مستقبل الحي وأبرز عناصر تطويره وأنسنته.









