محطات في تاريخ الخلافات الإسرائيلية ـــ الأميركية

شارون كان يقول: «نحن نحكم في واشنطن»

اجتماع لحكومة شارون... ويبدو فيها نتنياهو في أقصى يمين الصورة (غيتي)
اجتماع لحكومة شارون... ويبدو فيها نتنياهو في أقصى يمين الصورة (غيتي)
TT

محطات في تاريخ الخلافات الإسرائيلية ـــ الأميركية

اجتماع لحكومة شارون... ويبدو فيها نتنياهو في أقصى يمين الصورة (غيتي)
اجتماع لحكومة شارون... ويبدو فيها نتنياهو في أقصى يمين الصورة (غيتي)

شهد تاريخ العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية عديداً من حالات التوتر، التي بلغت حدوداً أكبر من الخلاف الحالي الناجم عن اجتياح رفح. إلا أن الحليفين عرفا دائماً «التنازل» لحلّ الإشكال. وغالباً ما كان هذا «المتنازل» هو الجانب الإسرائيلي. ومع أن بعض المراقبين عدّوا قرار الرئيس جو بايدن تجميد إرسال واحدة من شحنات الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل «زلزالاً سياسياً»، فإن مصادر في الجانبين تكلمت عن أنه - كالعادة - تُبذل جهود وراء الكواليس لتصحيح العلاقات بشكل فوري «كي لا يجني قادة حماس، ومن ورائهم قادة إيران وحزب الله، ربحاً سياسياً ومعنوياً». ويتضح من مسح للعلاقات بين البلدين عبر 76 سنة لإسرائيل انفجار خلافات عدة، لكن 14 منها بلغت حد الأزمة، كما هي الحال اليوم.

آثار استهداف المدمرة "ي إس إس ليبرتي" (صور سلاح البحرية الأميركي)

وقع أول خلاف كبير بين تل أبيب وواشنطن عام 1949، عندما سيطرت إسرائيل على أراضٍ مصرية بعد أشهر طويلة من وقف إطلاق النار. وحينذاك، سُوّيّ الخلافُ عندما وافقت حكومة إسرائيل برئاسة دافيد بن غوريون على الدخول في «مفاوضات رودس» لترسيم حدود وقف إطلاق النار - عبر إنشاء ما عُرف بـ«الخط الأخضر» - وهي التي أصبحت حدود إسرائيل غير الرسمية، قبل «حرب يونيو (حزيران) 1967».

ثم وقع الخلاف الثاني الكبير عام 1957، في أعقاب «حرب السويس» التي وقعت عام 1956 وعُرفت في حينه باسم «العدوان الثلاثي» على مصر. وفي حينه أطلقت إسرائيل عمليات لتثبيت احتلالها لسيناء وقطاع غزة، وبدأت تخطط للاستيطان اليهودي هناك. لكن الرئيس الأميركي دوايت آيزنهاور طالبها بالانسحاب فوراً، وهدد بقطع المساعدات الاقتصادية (إذ لم تكن هناك مساعدات عسكرية ذات شأن)، وفعلاً، انسحب بن غوريون وتجنب الصدام.

ديمونة... و«ليبرتي

»خلال الفترة بين 1960 و1964، نشبت أزمة على خلفية بناء المفاعل النووي الإسرائيلي في منطقة ديمونة (شمال صحراء النقب وجنوب شرقي مدينة بئر السبع) بمساعدة فرنسية. فقد فوجئت الولايات المتحدة بهذا المشروع، وطالبت إسرائيل بإخضاعه للرقابة الدولية أو الأميركية. لكن إسرائيل لم تتراجع هذه المرة، وتمسّكت برفضها أمام الرئيس آيزنهاور، ثم أمام خلفه الرئيس جون كيندي، الذي اتخذ موقفاً سلبياً أشد من حكومة إسرائيل. ثم جاء الرئيس ليندون جونسون (الذي تولّى الرئاسة إثر اغتيال كيندي) 1963، ليبدأ في إحداث انعطاف في العلاقات. وحقاً، عام 1964، وافقت إسرائيل على رقابة جزئية وسطحية ووافق جونسون على إنهاء الأزمة. وهكذا استمر عمل المفاعل النووي.حرب 1967... والسفينة «ليبرتي»

ثم في عام 1967، وقعت أزمة جديدة بين واشنطن وتل أبيب عندما أقدمت طائرات وسفن حربية إسرائيلية على قصف قطعة بحرية حربية أميركية يوم 8 يونيو 1967، وهو اليوم الثالث في «حرب يونيو».

في ذلك اليوم كانت المدمّرة الأميركية «يو إس إس ليبرتي» تبحر على بعد 13 ميلاً بحرياً قبالة العريش خارج المياه الإقليمية المصريّة بشمال شبه جزيرة سيناء. وأدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل 34 من البحارة و171 إصابة.

الجاسوس جوناثان بولارد (رويترز)

حرب أكتوبر

عام 1973، في الأيام الأخيرة من «حرب أكتوبر (تشرين الأول)»، اخترقت إسرائيل خطوط قوات الهجوم المصرية - التي كانت قد حرّرت قسماً كبيراً من غرب سيناء - وتحقق لإسرائيل ذلك بعدما قدّمت الولايات المتحدة دعماً غير مسبوق للجيش الإسرائيلي بلغ حد إرسال طائرات حربية أميركية دخلت إلى المعركة وقادها طيارون أميركيون.

يومذاك، طوّقت القوات الإسرائيلية، المدعومة أميركياً، «الجيش الثالث» المصري وفرضت عليه حصاراً. وعندما طلب الرئيس ريتشارد نيكسون من إسرائيل فك الحصار وبدء مفاوضات لفك الاشتباك، رفضت رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير، الانصياع في البداية وهددت واشنطن بقطع الدعمَين السياسي والعسكري. إلا أنها تراجعت لاحقاً، وفكت الحصار وبدأت المفاوضات.

ثم في مطلع عام 1975 طلب الرئيس جيرالد فورد من رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين، تحويل «اتفاق فصل القوات» مع مصر إلى «اتفاق لوقف النار»، ويومها وافق رابين بشرط أن توافق مصر على إنهاء حالة الحرب. لكن الرئيس المصري أنور السادات اشترط لإنهاء حالة الحرب انسحاباً إسرائيلياً من كامل أراضي سيناء. وعلى الأثر أجرى هنري كيسنجر (وزير الخارجية الأميركي) سلسلة جولات مكّوكية. ولما فشل حمّل تل أبيب مسؤولية الفشل، وبدأت واشنطن تعاقب إسرائيل. إذ أعلن الرئيس فورد عن «إعادة تقييم العلاقات الأميركية - الإسرائيلية»، وقرّر تجميد التوقيع على صفقات أسلحة جديدة، بل، وباشر مسؤولون أميركيون رسميون عقد لقاءات مع ممثلين عن منظمة التحرير الفلسطينية... ولم تعد الإدارة الأميركية تنسّق مع إسرائيل التحضير لمؤتمر جنيف للسلام في الشرق الأوسط (لم ينعقد بالتالي).

ولقد استمرت هذه الحال، حتى رضخ رابين. وفي أغسطس (آب) استأنف كيسنجر جولاته المكّوكية لأسبوعين، وأسفرت عن اتفاق جديد بين مصر إسرائيل، يؤكد أن البلدين يحرصان على تسوية الصراع بالطرق السلمية. وانسحبت إسرائيل إلى خط العريش - رأس محمد.

المصاحة التاريخية في كامب ديفيد بين السادات وبيغن برعاية كارتر (غيتي)

«كامب ديفيد»

في عام 1978، بدأ الرئيس جيمي كارتر محاولاته للسلام بين مصر وإسرائيل. إلا أنه قبل «مؤتمر كامب ديفيد» اصطدم برفض إسرائيلي مطلبين مصريَّين: الأول إنشاء مكتب ارتباط مصري في قطاع غزة تمهيداً لإنهاء الاحتلال. والثاني بدء مشروع استخراج النفط مقابل سيناء.

عندها حضر كارتر إلى القدس واجتمع بالحكومة الإسرائيلية، وراح يهدّد: «لقد وعدت السادات بأن توافقوا ولن أسمح لكم بتخييب أملي»... بيد أن هذا الضغط لم ينجح. وفي كامب ديفيد جدّد كارتر تهديده لرئيس الحكومة الإسرائيلي مناحم بيغن بـ«إعادة النظر في العلاقات بين البلدين». ومع أن الخلافات طويت إثر نجاح المؤتمر، ذكر باحثون أن كارتر «تكلم مع قادة إسرائيل بعدائية وفوقية واضحة»... و«أنه لو فشلت المفاوضات لكانت فعلاً بداية أزمة تاريخية». ولقد نُشرت اقتباسات من بيغن بلغت حد اعتبار كارتر «معادياً للسامية»، واقتباسات من كارتر تعدّ بيغن «كذاباً محترفاً ومتغطرساً».

ولاحقاً، وقفت غالبية اليهود الأميركيين ضد إعادة انتخاب كارتر لفترة رئاسية ثانية - إذ هبط تصويت اليهود له من 71 في المائة عام 1976 إلى 45 في المائة عام 1980 -. إلا أن الرئيس رونالد ريغان الذي حظي عام 1980 بتأييد الغالبية اليهودية، وبشكل خاص حكومة بيغن، دخل في صدامات عدة مع إسرائيل. ذلك أنه، عام 1981 قرّر ريغان إبرام صفقة لبيع طائرات «آواكس» للمملكة العربية السعودية، واعترضت إسرائيل بحجة أن الصفقة تمس بأمنها، وجنّدت عدداً من «اللوبيات» لمحاربتها، ومع أنها أغضبت ريغان، فإن ضغوطها فشلت... ونُفّذت الصفقة.

وعام 1981 أيضاً، دمّرت إسرائيل المفاعل النووي العراقي قرب بغداد، من دون التنسيق مع واشنطن. ومجدداً غضب ريغان وقرّر تجميد قرار تسليم إسرائيل طائرات «إف 16». وفقط بعد 6 أشهر حصل تفاهم بينهما أعاد تسليم أول دفعة من الطائرات.

لكن ريغان عاد فاضطر إلى تجميد القسم الثاني من صفقة الطائرات عام 1982، عندما رفض بيغن خطة السلام التي اقترحها لتسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. فقد تضمّنت الخطة الانسحاب الإسرائيلي من معظم الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وإنشاء كيان فلسطيني مستقل فيها. لكن غضب ريغن استغرق 3 أشهر، وطوى خطته وأعاد التفاهم مع بيغن.

الجاسوس بولارد

عام 1985 نشبت أزمة جديدة في العلاقات عندما أُلقي القبض على جوناثان بولارد، وهو محلل استخبارات مدني في القوات البحرية الأميركية، بتهمة التجسس واستغلال منصبه لتسريب معلومات لصالح إسرائيل. ولقد تنازل بولارد عن الحق في المحاكمة مقابل القيود المفروضة على الحكم، وأقرّ بأنه مذنب، فأدين لكونه جاسوساً لحساب إسرائيل، ثم حُكم عليه بالسجن مدى الحياة في عام 1986، بينما نفت إسرائيل حتى عام 1998 أن يكون بولارد جاسوساً لحسابها.

مشروعات شمير الاستيطانية

عام 1991 كان «بطل تأزم العلاقات» رئيس الوزراء إسحق شمير، الذي عُدّ أسوأ رئيس حكومة في التاريخ الإسرائيلي (بعد بنيامين نتنياهو). إذ أعلن شمير مشروعات عدة لتوسيع الاستيطان وقت التحضير لـ«مؤتمر مدريد للسلام»، ما أثار غضب الرئيس جورج بوش «الأب». لكن شمير استرضاه، بأن حضر بنفسه المؤتمر الذي عُقد على مستوى وزراء الخارجية، وكان برفقته نتنياهو، الذي كان نائباً لوزير الخارجية وناطقاً بلسان الوفد الإسرائيلي.

مع هذا، ضُبِط شمير وهو يروي لمسؤولين أنه إنما وافق على خوض مسار مدريد كي يماطل في المفاوضات إلى أبد الآبدين. عندها فقط أدركت واشنطن أن شمير يجهض المشروع، فقرّر بوش سلسلة عقوبات أقساها القرار بإلغاء الضمانات الأميركية لإسرائيل بقيمة 10 مليارات دولار. وأحدث هذا القرار «زلزالاً» في إسرائيل يُعزى إليه سقوط شمير في الانتخابات اللاحقة وانتخاب إسحق رابين مكانه.

نحن نسيطر على أميركا

بعدها، في ظل حكم أرئيل شارون، أيضاً بدأت العلاقات بشكل سلبي، لكنها تحسّنت بعد قبوله بالانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية وفق خطة الانفصال. ومن الدلائل على الخلافات، روى المؤرخ توم سيجف أنه، يوم 3 أكتوبر 2001، دعا شارون المجلس الوزاريّ - الأمنيّ المُصغّر في حكومته إلى اجتماع لتدارس الدعوة الأميركيّة لإسرائيل بوقف إطلاق النار في الضفّة الغربيّة المُحتلّة. وخلال النقاش اعترض شمعون بيريس، على اتخاذ أي إجراء يستفزّ الحلفاء في واشنطن، إلا أن شارون ردّ عليه «لا تقلق يا عزيزي بشأن الضغط الأميركيّ، نحن الشعب اليهوديّ نُسيطر على أميركا، والأميركيون يعرفون ذلك. القدس: نظير مجلي

نتنياهو (آ ف ب/غيتي)

عهد بنيامين نتنياهو... شهد أسوأ فترات عاشتها العلاقات

يبقى أن أسوأ فترة مرَّت فيها علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل هي فترة - أو فترات - حكم بنيامين نتنياهو. والواقع أنه من أول أيام انتخاب نتنياهو لرئاسة الوزراء، في أول مرة، بعد اغتيال إسحق رابين، وهو يخوض معارك ابتزازية متتالية مع الإدارات الأميركية. وبدأ ذلك المسلسل عام 1996، عندما انتخب وحاول التلاعب في تنفيذ «اتفاقيات أوسلو». وللعلم، في تلك الفترة كان نتنياهو يتصرف كرئيس حكومة قوي، لم تكن قد أُعدت ضده لوائح اتهام بالفساد وخيانة الأمانة وتلقي الرشى، ولم يكن يخشى كما هو اليوم الحكم عليه بالسجن. فقبل بدء محاكمته (عام 2020)، كان نتنياهو شخصية مختلفة. لقد تطاول نتنياهو على واشنطن، وأخذ صوته يرتفع ويشتد بالتدريج، لكن الأميركيين في عام 1996 أوقفوه عند حده، وأخذوا يُسمِعونه تهديدات بوقف المساعدات، فألقى خطاباً قال فيه إنه ينوي التنازل عن هذه المساعدات، وإن وضع إسرائيل الاقتصادي جيد ولا تحتاج إليها. بيد أن الرئيس بيل كلينتون ردَّ عليه بإرسال وفد رفيع ليفاوض على إنهاء هذه المساعدات... ووصل الوفد فعلاً، فتراجع نتنياهو. مع هذا أصر الأميركيون على إلغاء المساعدات المالية، وتحوّلت المساعدات إلى عسكرية. وهكذا عاد نتنياهو وسار بتنفيذ قسم من «اتفاقيات أوسلو»، خصوصاً بعد «حرب النفق» تحت المسجد الأقصى، في سبتمبر (أيلول) 1997، التي استمرت 3 أيام، وقُتِل فيها 100 جندي فلسطيني و17 جندياً إسرائيلياً. وحينذاك دعا كلينتون كلاً من نتنياهو والرئيس ياسر عرفات إلى واشنطن، بمشاركة الملك حسين، وجرى التوقيع على «اتفاقية الخليل» (انسحبت إسرائيل من مساحة 85 في المائة من مدينة الخليل)، ولاحقاً انسحبت من 13 في المائة من الضفة الغربية. في عام 2010، تفجر خلاف جديد في عهد نتنياهو، إذ بدا يخطط لشن حرب على إيران ووقفت واشنطن ضده. لكن نتنياهو خاض معركة خاسرة من البداية لأن جميع قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية عارضوه (الجيش والموساد وأمان والشاباك). واكتشف عندها وجود مفاوضات سرية بين واشنطن وطهران لتوقيع «الاتفاق النووي». وعندها راح يحارب «الاتفاق» سياسياً، ودخل في صدام مباشر مع الرئيس باراك أوباما، لدرجة التدخل في انتخابات الرئاسة لإسقاط أوباما. كذلك ألقى خطاباً ضد «الاتفاق النووي» في الكونغرس عام 2015 من دون ترتيب مع البيت الأبيض. وتعمق الخلاف لدرجة أن أوباما لم يستخدم «الفيتو» في قرار مجلس الأمن الدولي ضد الاستيطان. ولكن عندما فاز دونالد ترمب بالحكم، ازدهرت العلاقات الثنائية، وحقق نتنياهو إنجازات لسياسة اليمين، كالاعتراف بضم الجولان السوري لإسرائيل، وإعلان «صفقة القرن»، ومعاقبة رفض الفلسطينيين لها بالاعتراف بضم القدس لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وإغلاق القنصلية الأميركية التي تخدم الفلسطينيين، وإغلاق مكاتب منظمة التحرير في واشنطن. ومع سقوط ترمب، عادت العلاقات إلى التوتر، بسبب إجهاض نتنياهو كل المحاولات للعودة إلى المسار السياسي. هذه المرة، وقف الرئيس جو بايدن ضد نتنياهو، بسبب خطته الانقلابية على منظومة الحكم، ورفض استقبال نتنياهو في البيت الأبيض، بل ودعم علناً حملة الاحتجاج ضد الحكومة وخطتها الانقلابية. وبحسب قادة حملة الاحتجاج، فإن تلك «المعركة» اقتربت من نهايتها، وكادت تسقط حكم نتنياهو، لولا هجوم «حماس»، في أكتوبر (تشرين الأول). هنا حاول بايدن إظهار الدعم المطلق لإسرائيل رغم خلافاته مع نتنياهو، قائلاً إنه يفرق بين حكومة إسرائيل وشعب إسرائيل. وظل الدعم مطلقاً، رغم أن الرد الإسرائيلي على هجوم «حماس» كان مرعباً، واستخدمت فيه أدوات تدمير وقتل وحشية، غالبيتها من صنع أميركي. وأيضاً حضر بايدن لإسرائيل ليعلن مدى انتمائه إلى الصهيونية، ونظم جسراً جوياً وآخر بحرياً شمل 130 شحنة أسلحة وذخيرة، وبينها أسلحة تُستخدم للمرة الأولى. وقدم دعماً بقيمة 14.3 مليار دولار ليصبح مجموع ما قدمته واشنطن لإسرائيل منذ قيامها نحو 170 مليار دولار، بجانب منح إسرائيل غطاءً سياسياً وإعلامياً واستخبارياً وقضائياً. لكن نتنياهو ووزراءه من اليمين المتطرف لم يرضوا ولم يشبعوا. ولم يتردد بعضهم في اتهام بايدن وأركان فريقه بدعم وتشجيع «حماس». واليوم، يقود نتنياهو حملة للتصوير إسرائيل «وحيدة بلا أصدقاء»... لكنه قادر على قيادتها في معركة الاعتماد على الذات، أي من دون واشنطن.


مقالات ذات صلة

ضبابية الانتخابات تُدخِل فرنسا في نفق مظلم

حصاد الأسبوع الرئيس ماكرون خلال استضافته في مجمع قصر الإليزيه حفلاً موسيقياً... بعيداً عن هموم الانتخابات (آ ف ب/غيتي)

ضبابية الانتخابات تُدخِل فرنسا في نفق مظلم

تنطلق الأحد، الجولة الأولى من الانتخابات النيابية الفرنسية المبكرة، حيث دعي 49.5 مليون مواطن فرنسي للتوجه إلى صناديق الاقتراع بعد سنتين فقط من الانتخابات السابقة المماثلة. ولقد كان من المفترض أن تحصل هذه الانتخابات في العام 2027، بيد أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نسف الأجندة الانتخابية بقراره ليل الأحد في التاسع من يونيو (حزيران) الحالي حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة. هذا الأمر أثار الذهول ليس في فرنسا وحدها، بل أيضاً داخل الاتحاد الأوروبي... لا، بل إن المستشار الألماني أولاف شولتس، المعروف بتحفظه، لم يتردد في التعبير عن «قلقه» إزاء ما ستحمله نتائج الانتخابات، وتخوّفه من تمكن اليمين المتطرّف ممثّلاً بـ«التجمع الوطني» ورئيسه الشاب جوردان بارديلا، البالغ من العمر 28 سنة فقط، إلى السلطة.

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع مارين لوبن (رويترز)

ماكرون: أنا موجود في الإليزيه حتى مايو 2027... ولن أخرج منه

> إزاء واقع الانسداد السياسي، لم تتردد مارين لوبن، زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف والطامحة في الوصول إلى رئاسة الجمهورية، في دعوة الرئيس إيمانويل ماكرون.

حصاد الأسبوع ستيفاني خوري

ستيفاني خوري... «خبيرة حل أزمات» تسعى إلى إنهاء «الانسداد السياسي» في ليبيا

دفع اختيار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري، نائباً للمبعوث الأممي إلى ليبيا، إلى الكلام عن مساعٍ للاستعانة بـ«خبيرة الأزمات» لإنهاء حالة «الانسداد السياسي» في ليبيا، التي لم تفلح معها جهود المبعوثين الأمميين السابقين على مدار أكثر من 13 سنة. ثم إن اختيار خوري، خلال مارس (آذار) الماضي «قائماً بأعمال المبعوث الأممي» هناك، أعاد إلى الأذهان الدور الذي لعبته مواطنتها ستيفاني وليامز قبل 4 سنوات عند اختيارها نائباً للمبعوث الأممي، ثم مبعوثة أممية في مارس 2020. وكانت وليامز قد أشرفت حينذاك على اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وتشكيل حكومة «وحدة وطنية»، والاتفاق على إجراء انتخابات كانت مقرّرة في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، قبل تعثر تلك الخطوة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
حصاد الأسبوع من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»... تمهيد للأسوأ أم للتسوية؟

انتقلت المواجهات بين «حزب الله» اللبناني وإسرائيل إلى مرحلة الحرب النفسية مع ارتفاع مستوى التهديدات بين الطرفين واستمرار العمليات التي تتصاعد حدّتها وتتراجع وفقاً لمسار المساعي التي تبذل لمنع توسّع الحرب إلى لبنان. اليوم، يستخدم كل من «حزب الله» وإسرائيل وسائل التهديد التي انتقلت من الشروط والشروط التفاوضية المضادة إلى الرسائل السياسية والعسكرية، التي وصلت إلى الإعلان عن «بنك أهداف» الحرب المقبلة؛ الأمر الذي يطرح جملة من «علامات الاستفهام» حول النيات الحقيقية خلفها، منها ما يراه البعض أنها ليست إلا سعياً لرفع سقف التفاوض ؛لأن لا مصلحة للطرفين بتوسيع الحرب، ولا قرار حاسماً بهذا الشأن.

كارولين عاكوم (بيروت)
حصاد الأسبوع حوار على الواقف بين هوكشتين مع بري في بيروت (آ ف ب/غيتي)

«الحرب النفسية» تنعكس توتّراً في لبنان

> على الرغم من أن أهالي جنوب لبنان يعيشون حرباً حقيقية، فإن اللبنانيين بشكل عام، ومعهم القطاعات الاقتصادية على اختلاف أنواعها، يعيشون على وقع مستوى التهديدات.


التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»... تمهيد للأسوأ أم للتسوية؟

من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
TT

التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»... تمهيد للأسوأ أم للتسوية؟

من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

انطلقت الحرب في «جبهة» جنوب لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» بحجة «مساندة غزة»، وفق ما أعلن «حزب الله»، إلا أنها تحوّلت «حرب استنزاف». وهي تتوسع من جنوب لبنان، حيث دُمّرت بلدات عدة بشكل كامل أو جزئي، إلى البقاع (شرقي البلاد) وضاحية بيروت الجنوبية، حيث تعمد إسرائيل إلى تنفيذ عمليات اغتيال مستهدفة قيادات في الحزب وفي حركة «حماس» و«الجماعة الاسلامية»، بالإضافة إلى تركّز القصف على بُنى تحتية للحزب في محاولات لقطع خطوط إمداده، ومنها مخازن أسلحة ومراكز عسكرية، وهو ما أعلنته مرات عدة إسرائيل.

كذلك بدأت عمليات «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل تأخذ منحىً تصاعدياً، مع استخدامه أسلحة متطوّرة، بعضها يستخدم للمرة الأولى، كالمسيّرات الانقضاضية وصواريخ «ألماس» بأجيالها الأربعة، إضافة إلى صاروخي «فلق» و«بركان»، غير أنها بقيت ضمن حدود معيّنة من دون تخطّي «الخطوط الحمراء»، مثل استهداف حيفا ومرافق الغاز.

شرط «ربط الجبهتين»

ومع تطوّر المواجهات، رفع مسؤولو «حزب الله» شرطاً واحداً للتراجع تمثل بـ«ربط» جبهة الجنوب بجبهة غزة، مع تأكيدهم الجهوزية للحرب الواسعة إذا وقعت. لكن هذه المعادلة رفضها المسؤولون في إسرائيل، الذين يرفعون بين الحين والآخر سقف التهديد... متوعّدين بتدمير لبنان وبالاجتياح البرّي، ومحمِّلين الحكومة اللبنانية و«حزب الله» مسؤولية توسّع الحرب.

وعلى الرغم من اعتبار البعض أن المواجهات في الجنوب لا تزال ضمن «قواعد الاشتباك» ولن تتوسّع أكثر، يرفض العميد المتقاعد الخبير العسكري خليل الحلو هذا الوصف، معتبراً ما يحصل اليوم على جبهة الجنوب «حرب استنزاف». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «احتمالات توسّع الحرب ترتفع بشكل كبير؛ وهو ما تعكسه الوقائع العسكرية والسياسية، من تهديدات المسؤولين الإسرائيليين والتحذيرات الدولية، وغيرها».

حرب نفسية متبادلة

الواقع، أنه بعد أشهر من التهديدات المتبادلة بين «حزب الله» وإسرائيل انتقلت المواجهات إلى «حرب نفسية» بامتياز، وعادت طبول الحرب تُقرع بعدما كانت احتمالاتها قد تراجعت مقارنة مع الأسابيع الأولى. وبعدما هددت إسرائيل بالاجتياح البرّي إذا فشلت الجهود الدبلوماسية، أعلن الجيش الإسرائيلي يوم 18 يونيو (حزيران) الحالي موافقته على «خطة لتنفيذ هجوم في لبنان»، وتوعّد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالقضاء على «حزب الله» وضرب لبنان في حال اندلاع «حرب شاملة».

في الموازاة، أطلق «حزب الله» رسالة هي الأولى من نوعها بالتزامن مع زيارة الموفد الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين، الذي أكد على ضرورة إنهاء النزاع بين الحزب وإسرائيل «بطريقة دبلوماسية وبسرعة». وتمثلت رسالة الحزب بنشره مشاهد مصوّرة بطائرة مسيّرة تتضمن مسحاً لمناطق في مدينة حيفا وشمالي فلسطين. وكشف الفيديو، الذي تجاوزت مدته 9 دقائق، عن صور عالية الدقة لميناء حيفا ومطارها، ومستوطنة الكريوت، ومواقع عسكرية ومنشآت بتروكيميائية حسّاسة. وتكلّم عن أهداف مدنية وعسكرية واقتصادية، في تلميح إلى التكلفة الباهظة التي ستتكبّدها إسرائيل إذا اندلعت حرب شاملة في لبنان، وهو ما اعتبرته تل أبيب «الأكثر إثارة للقلق منذ بداية الحرب».

بعد ذلك بيوم واحد، رفع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله سقف تهديداته محذّراً من أن أي مكان في إسرائيل «لن يكون بمنأى» عن صواريخ مقاتليه في حال اندلاع الحرب. ولم يقتصر تحذير نصر الله على إسرائيل وحدها، بل شمل أيضاً تهديد قبرص. فبعدما «كشف عن معلومات» تفيد بأن إسرائيل - التي تجري سنوياً مناورات في الجزيرة الصغيرة - قد تستخدم المطارات والقواعد القبرصية لمهاجمة لبنان - هدد بضربها كجهة معادية، وأعلن عن تجاوز عدد مقاتلي الحزب «المائة ألف بكثير وحصوله على أسلحة جديدة». وفي المقابل، قال الجنرال هرتسي هاليفي، رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي، خلال زيارة لشمال إسرائيل إن لدى قواته «قدرات أكبر بكثير» من قدرات «حزب الله».

تقرير «التلغراف» البريطانية

وتوالت رسائل الحرب النفسية التي تنعكس توتراً في لبنان عبر نشر صحيفة «التلغراف» البريطانية يوم 23 يونيو تقريراً نقلت فيه عن «مبلّغين من المطار» زيادة إمدادات السلاح على متن رحلات مباشرة من إيران. وتحدث هؤلاء عن نقل صناديق كبيرة غير اعتيادية وحضور متزايد لقادة رفيعي المستوى من «حزب الله» في المطار، لكن السلطات اللبنانية نفت صحة التقرير بصورة قاطعة، وطرحت علامات استفهام كثيرة حول توقيت نشره. وبينما لم يصدر أيّ تعليق من «حزب الله»، اعتبر علي حميه، وزير الأشغال المحسوب على الحزب، أنّ نشر التقرير «يهدف لتشويه سمعة المطار» و«يُلحق ضرراً معنوياً» باللبنانيين، مندّداً بما وصفه بـ«حرب نفسية مكتوبة».

أيضاً، وضع اللواء الركن المتقاعد الدكتور عبد الرحمن شحيتلي، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، التهديدات المتصاعدة في خانة الحرب النفسية التي لا تؤدي إلى حرب فعلية. وتابع: «الناس يعيشون أجواء الحرب نتيجة هذه المواقف التصعيدية، لكن على الأرض فعلياً تراجعت حدّة المواجهات العسكرية». وذكّر شحيتلي أن تل أبيب أطلقت الحرب النفسية عند إعلانها عن توقيع أمر الهجوم على لبنان، وردّ «حزب الله» برسالة مسيّرة «الهدهد». وأضاف: «عسكرياً، خطة العمليات تكون عادة سرّية يُمنع الاطلاع عليها، ويُعلن عن توقيعها عند بدء التنفيذ. وبالتالي، فإن مجرّد التسريب يعني التهديد... لا الذهاب إلى الحرب».

وفي حين يطرح شحيتلي علامة استفهام حول إعلان «حزب الله» لجهة ما قامت به مسيّرة «الهدهد»، فإنه أوضح: «الجهتان تخرقان السرّية العسكرية بتسريب المعلومات... وهذا يعني أنها حرب نفسية موجّهة للجيش الإسرائيلي والمجتمع داخل فلسطين المحتلة من جهة وللبيئة الحاضنة لـ(حزب الله) في لبنان من جهة أخرى».

أما الدكتور عماد سلامة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية، فأبلغ «الشرق الأوسط» أنه يمكن النظر إلى الحرب النفسية المتصاعدة بين «حزب الله» وإسرائيل إما «كمقدمة لحرب فعلية أو كاستراتيجية متبادلة لرفع سقف المفاوضات بين الطرفين». وأوضح: «إذا اعتبرنا هذا الأسلوب طريقاً عقلانية لرفع سقف التفاوض، فإن الطرفين يسعيان لعرض قوتيهما وقدراتهما، ليس فقط لإثارة مخاوف الطرف الآخر ومحاكاة حجم ونتائج الحرب إذا شُنت فعلياً، بل أيضاً للدفع للمفاوضات والتنازل لتسوية».

أسابيع حاسمة...

في سياق موازٍ، رغم رفع سقف التهديدات من قِبل الطرفين بقيت أبواب «الدبلوماسية» مفتوحة، بحسب ما أشارت تصريحات لمسؤولين في لبنان وإسرائيل؛ ما يعكس سباقاً بين التصعيد والحل السياسي. وفي هذا الإطار، أعرب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي عن قلقه من تطوّر الأوضاع في الجنوب، معتبراً أننا «أمام شهر حاسم والوضع غير مطمئن». وبعد يومين على لقائه الموفد الأميركي آموس هوكستين، كشف برّي عن أن الأخير «طرح تراجع (حزب الله) 8 كيلومترات عن الحدود لتهدئة الأوضاع بمناطق الشريط الحدودي»، فطالبه بالمقابل «بتراجع الجيش الإسرائيلي المسافة نفسها»، مؤكداً في الوقت عينه «تمسك لبنان بالقرار الأممي رقم 1701».

هذا، وكان هوكستين وبرّي تداولا مجموعة من الأفكار، أبرزها الالتزام بقواعد الاشتباك التي كانت سائدة قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)؛ ما من شأنه الإسهام بعودة النازحين على جانبَي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية. ومن جهته، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي إن «إسرائيل ستمضي الأسابيع المقبلة في محاولة حل الصراع مع (حزب الله)»، مؤكداً أنهم «يفضلون الحل الدبلوماسي». غير أن نيتزان نورييل، الرئيس السابق للمكتب الإسرائيلي لمكافحة الإرهاب، قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «أعتقد أننا في غضون أسابيع قليلة سنشهد عملية إسرائيلية في لبنان» متوقّعاً أن «تستمر شهوراً». وأشار إلى أن هدف العملية البرّية سيكون دفع «حزب الله» إلى شمال نهر الليطاني، على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة، وستترافق مع غارات جوية عبر الأراضي اللبنانية «ليظهر لهم الثمن الذي سيدفعونه».

هذه التهديدات أدت إلى استنفار من قِبل الدول الكبرى التي تواصل الدعوة إلى التهدئة، مع أنه كان قد نقل عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم لتل أبيب بأن الرئيس الأميركي جو بايدن سيكون مستعداً لدعم إسرائيل إذا اندلعت الحرب. كذلك، التحذير من التصعيد ورد أيضاً الأمم المتحدة على لسان مارتن غريفيث، منسق الشؤون الإنسانية، مشيراً إلى احتمال توسع رقعة الحرب الإسرائيلية ضد «حماس» في غزة إلى لبنان، وتابع: «سيكون ذلك مروعاً»، واصفاً الوضع بـ«المقلق جداً» وحذّر من «أنها قد تكون مجرد البداية».

في هذه الأثناء، في بيروت، فإن السلطات اللبنانية في حالة استنفار، محاولةً إبعاد شبح الحرب الشاملة والمدمّرة. وبعد تصاعد التهديدات في الأيام الأخيرة، ناشد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الأطراف اللبنانية كافة «أخذ مصلحة لبنان وعلاقاته الخارجية بعين الاعتبار». وتوجّه عبد الله بوحبيب، وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، إلى بروكسل لإجراء مباحثات مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، وانتقل إلى الولايات المتحدة وكندا، حيث التقى مسؤولين أميركيين في واشنطن، ومسؤولين أمميين في منظمة الأمم المتحدة.

استبعاد الحرب... إلا إذا!

رغم كل سبق، يستبعد اللواء الركن المتقاعد شحيتلي الحرب الموسعة في «المدى المنظور»، معتبراً أن «ما يحصل اليوم ليس إلا تبادلاً للقصف». في حين يعتبر الدكتور سلامة أن «كلاً من (حزب الله) وإسرائيل يسعى لخلق توازن رعب يمنع وقوع الحرب ويحافظ على الوضع الراهن؛ تفادياً بذلك تكلفة الحرب العالية لعلمه بأن أي مواجهة عسكرية شاملة ستكون مدمرة للطرفين». ولكن، مع ذلك، يرى سلامة أنه «في بعض الأحيان يمكن أن يُساء تقدير إمكانيات الطرف الآخر والرهان على كسب المعركة؛ ما قد يؤدي إلى المواجهة»؛ ولذا يؤكد أنه «حتى هذه اللحظة، تبقى المواجهة ضمن الخطوط المقبولة، وما زال الطرفان يديران المعركة ضمن ردع متبادل، وتبقى صيحات الحرب الشاملة ضمن الحرب النفسية حتى تتجلى الأمور في غزة وتعقد الصفقة. وبالتالي، يمكن القول إن هذه الحرب النفسية في جزء منها عرض قوة ورفع لسقف التفاوض، وجزء منها تهديد حقيقي قد ينزلق إلى مواجهة فعلية إذا ما أخطأ أحد الطرفين في حساباته».