التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»... تمهيد للأسوأ أم للتسوية؟

أسابيع حاسمة... وتسابق بين التصعيد والدبلوماسية

من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
TT

التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»... تمهيد للأسوأ أم للتسوية؟

من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

انطلقت الحرب في «جبهة» جنوب لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» بحجة «مساندة غزة»، وفق ما أعلن «حزب الله»، إلا أنها تحوّلت «حرب استنزاف». وهي تتوسع من جنوب لبنان، حيث دُمّرت بلدات عدة بشكل كامل أو جزئي، إلى البقاع (شرقي البلاد) وضاحية بيروت الجنوبية، حيث تعمد إسرائيل إلى تنفيذ عمليات اغتيال مستهدفة قيادات في الحزب وفي حركة «حماس» و«الجماعة الاسلامية»، بالإضافة إلى تركّز القصف على بُنى تحتية للحزب في محاولات لقطع خطوط إمداده، ومنها مخازن أسلحة ومراكز عسكرية، وهو ما أعلنته مرات عدة إسرائيل.

كذلك بدأت عمليات «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل تأخذ منحىً تصاعدياً، مع استخدامه أسلحة متطوّرة، بعضها يستخدم للمرة الأولى، كالمسيّرات الانقضاضية وصواريخ «ألماس» بأجيالها الأربعة، إضافة إلى صاروخي «فلق» و«بركان»، غير أنها بقيت ضمن حدود معيّنة من دون تخطّي «الخطوط الحمراء»، مثل استهداف حيفا ومرافق الغاز.

شرط «ربط الجبهتين»

ومع تطوّر المواجهات، رفع مسؤولو «حزب الله» شرطاً واحداً للتراجع تمثل بـ«ربط» جبهة الجنوب بجبهة غزة، مع تأكيدهم الجهوزية للحرب الواسعة إذا وقعت. لكن هذه المعادلة رفضها المسؤولون في إسرائيل، الذين يرفعون بين الحين والآخر سقف التهديد... متوعّدين بتدمير لبنان وبالاجتياح البرّي، ومحمِّلين الحكومة اللبنانية و«حزب الله» مسؤولية توسّع الحرب.

وعلى الرغم من اعتبار البعض أن المواجهات في الجنوب لا تزال ضمن «قواعد الاشتباك» ولن تتوسّع أكثر، يرفض العميد المتقاعد الخبير العسكري خليل الحلو هذا الوصف، معتبراً ما يحصل اليوم على جبهة الجنوب «حرب استنزاف». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «احتمالات توسّع الحرب ترتفع بشكل كبير؛ وهو ما تعكسه الوقائع العسكرية والسياسية، من تهديدات المسؤولين الإسرائيليين والتحذيرات الدولية، وغيرها».

حرب نفسية متبادلة

الواقع، أنه بعد أشهر من التهديدات المتبادلة بين «حزب الله» وإسرائيل انتقلت المواجهات إلى «حرب نفسية» بامتياز، وعادت طبول الحرب تُقرع بعدما كانت احتمالاتها قد تراجعت مقارنة مع الأسابيع الأولى. وبعدما هددت إسرائيل بالاجتياح البرّي إذا فشلت الجهود الدبلوماسية، أعلن الجيش الإسرائيلي يوم 18 يونيو (حزيران) الحالي موافقته على «خطة لتنفيذ هجوم في لبنان»، وتوعّد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالقضاء على «حزب الله» وضرب لبنان في حال اندلاع «حرب شاملة».

في الموازاة، أطلق «حزب الله» رسالة هي الأولى من نوعها بالتزامن مع زيارة الموفد الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين، الذي أكد على ضرورة إنهاء النزاع بين الحزب وإسرائيل «بطريقة دبلوماسية وبسرعة». وتمثلت رسالة الحزب بنشره مشاهد مصوّرة بطائرة مسيّرة تتضمن مسحاً لمناطق في مدينة حيفا وشمالي فلسطين. وكشف الفيديو، الذي تجاوزت مدته 9 دقائق، عن صور عالية الدقة لميناء حيفا ومطارها، ومستوطنة الكريوت، ومواقع عسكرية ومنشآت بتروكيميائية حسّاسة. وتكلّم عن أهداف مدنية وعسكرية واقتصادية، في تلميح إلى التكلفة الباهظة التي ستتكبّدها إسرائيل إذا اندلعت حرب شاملة في لبنان، وهو ما اعتبرته تل أبيب «الأكثر إثارة للقلق منذ بداية الحرب».

بعد ذلك بيوم واحد، رفع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله سقف تهديداته محذّراً من أن أي مكان في إسرائيل «لن يكون بمنأى» عن صواريخ مقاتليه في حال اندلاع الحرب. ولم يقتصر تحذير نصر الله على إسرائيل وحدها، بل شمل أيضاً تهديد قبرص. فبعدما «كشف عن معلومات» تفيد بأن إسرائيل - التي تجري سنوياً مناورات في الجزيرة الصغيرة - قد تستخدم المطارات والقواعد القبرصية لمهاجمة لبنان - هدد بضربها كجهة معادية، وأعلن عن تجاوز عدد مقاتلي الحزب «المائة ألف بكثير وحصوله على أسلحة جديدة». وفي المقابل، قال الجنرال هرتسي هاليفي، رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي، خلال زيارة لشمال إسرائيل إن لدى قواته «قدرات أكبر بكثير» من قدرات «حزب الله».

تقرير «التلغراف» البريطانية

وتوالت رسائل الحرب النفسية التي تنعكس توتراً في لبنان عبر نشر صحيفة «التلغراف» البريطانية يوم 23 يونيو تقريراً نقلت فيه عن «مبلّغين من المطار» زيادة إمدادات السلاح على متن رحلات مباشرة من إيران. وتحدث هؤلاء عن نقل صناديق كبيرة غير اعتيادية وحضور متزايد لقادة رفيعي المستوى من «حزب الله» في المطار، لكن السلطات اللبنانية نفت صحة التقرير بصورة قاطعة، وطرحت علامات استفهام كثيرة حول توقيت نشره. وبينما لم يصدر أيّ تعليق من «حزب الله»، اعتبر علي حميه، وزير الأشغال المحسوب على الحزب، أنّ نشر التقرير «يهدف لتشويه سمعة المطار» و«يُلحق ضرراً معنوياً» باللبنانيين، مندّداً بما وصفه بـ«حرب نفسية مكتوبة».

أيضاً، وضع اللواء الركن المتقاعد الدكتور عبد الرحمن شحيتلي، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، التهديدات المتصاعدة في خانة الحرب النفسية التي لا تؤدي إلى حرب فعلية. وتابع: «الناس يعيشون أجواء الحرب نتيجة هذه المواقف التصعيدية، لكن على الأرض فعلياً تراجعت حدّة المواجهات العسكرية». وذكّر شحيتلي أن تل أبيب أطلقت الحرب النفسية عند إعلانها عن توقيع أمر الهجوم على لبنان، وردّ «حزب الله» برسالة مسيّرة «الهدهد». وأضاف: «عسكرياً، خطة العمليات تكون عادة سرّية يُمنع الاطلاع عليها، ويُعلن عن توقيعها عند بدء التنفيذ. وبالتالي، فإن مجرّد التسريب يعني التهديد... لا الذهاب إلى الحرب».

وفي حين يطرح شحيتلي علامة استفهام حول إعلان «حزب الله» لجهة ما قامت به مسيّرة «الهدهد»، فإنه أوضح: «الجهتان تخرقان السرّية العسكرية بتسريب المعلومات... وهذا يعني أنها حرب نفسية موجّهة للجيش الإسرائيلي والمجتمع داخل فلسطين المحتلة من جهة وللبيئة الحاضنة لـ(حزب الله) في لبنان من جهة أخرى».

أما الدكتور عماد سلامة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية، فأبلغ «الشرق الأوسط» أنه يمكن النظر إلى الحرب النفسية المتصاعدة بين «حزب الله» وإسرائيل إما «كمقدمة لحرب فعلية أو كاستراتيجية متبادلة لرفع سقف المفاوضات بين الطرفين». وأوضح: «إذا اعتبرنا هذا الأسلوب طريقاً عقلانية لرفع سقف التفاوض، فإن الطرفين يسعيان لعرض قوتيهما وقدراتهما، ليس فقط لإثارة مخاوف الطرف الآخر ومحاكاة حجم ونتائج الحرب إذا شُنت فعلياً، بل أيضاً للدفع للمفاوضات والتنازل لتسوية».

أسابيع حاسمة...

في سياق موازٍ، رغم رفع سقف التهديدات من قِبل الطرفين بقيت أبواب «الدبلوماسية» مفتوحة، بحسب ما أشارت تصريحات لمسؤولين في لبنان وإسرائيل؛ ما يعكس سباقاً بين التصعيد والحل السياسي. وفي هذا الإطار، أعرب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي عن قلقه من تطوّر الأوضاع في الجنوب، معتبراً أننا «أمام شهر حاسم والوضع غير مطمئن». وبعد يومين على لقائه الموفد الأميركي آموس هوكستين، كشف برّي عن أن الأخير «طرح تراجع (حزب الله) 8 كيلومترات عن الحدود لتهدئة الأوضاع بمناطق الشريط الحدودي»، فطالبه بالمقابل «بتراجع الجيش الإسرائيلي المسافة نفسها»، مؤكداً في الوقت عينه «تمسك لبنان بالقرار الأممي رقم 1701».

هذا، وكان هوكستين وبرّي تداولا مجموعة من الأفكار، أبرزها الالتزام بقواعد الاشتباك التي كانت سائدة قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)؛ ما من شأنه الإسهام بعودة النازحين على جانبَي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية. ومن جهته، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي إن «إسرائيل ستمضي الأسابيع المقبلة في محاولة حل الصراع مع (حزب الله)»، مؤكداً أنهم «يفضلون الحل الدبلوماسي». غير أن نيتزان نورييل، الرئيس السابق للمكتب الإسرائيلي لمكافحة الإرهاب، قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «أعتقد أننا في غضون أسابيع قليلة سنشهد عملية إسرائيلية في لبنان» متوقّعاً أن «تستمر شهوراً». وأشار إلى أن هدف العملية البرّية سيكون دفع «حزب الله» إلى شمال نهر الليطاني، على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة، وستترافق مع غارات جوية عبر الأراضي اللبنانية «ليظهر لهم الثمن الذي سيدفعونه».

هذه التهديدات أدت إلى استنفار من قِبل الدول الكبرى التي تواصل الدعوة إلى التهدئة، مع أنه كان قد نقل عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم لتل أبيب بأن الرئيس الأميركي جو بايدن سيكون مستعداً لدعم إسرائيل إذا اندلعت الحرب. كذلك، التحذير من التصعيد ورد أيضاً الأمم المتحدة على لسان مارتن غريفيث، منسق الشؤون الإنسانية، مشيراً إلى احتمال توسع رقعة الحرب الإسرائيلية ضد «حماس» في غزة إلى لبنان، وتابع: «سيكون ذلك مروعاً»، واصفاً الوضع بـ«المقلق جداً» وحذّر من «أنها قد تكون مجرد البداية».

في هذه الأثناء، في بيروت، فإن السلطات اللبنانية في حالة استنفار، محاولةً إبعاد شبح الحرب الشاملة والمدمّرة. وبعد تصاعد التهديدات في الأيام الأخيرة، ناشد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الأطراف اللبنانية كافة «أخذ مصلحة لبنان وعلاقاته الخارجية بعين الاعتبار». وتوجّه عبد الله بوحبيب، وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، إلى بروكسل لإجراء مباحثات مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، وانتقل إلى الولايات المتحدة وكندا، حيث التقى مسؤولين أميركيين في واشنطن، ومسؤولين أمميين في منظمة الأمم المتحدة.

استبعاد الحرب... إلا إذا!

رغم كل سبق، يستبعد اللواء الركن المتقاعد شحيتلي الحرب الموسعة في «المدى المنظور»، معتبراً أن «ما يحصل اليوم ليس إلا تبادلاً للقصف». في حين يعتبر الدكتور سلامة أن «كلاً من (حزب الله) وإسرائيل يسعى لخلق توازن رعب يمنع وقوع الحرب ويحافظ على الوضع الراهن؛ تفادياً بذلك تكلفة الحرب العالية لعلمه بأن أي مواجهة عسكرية شاملة ستكون مدمرة للطرفين». ولكن، مع ذلك، يرى سلامة أنه «في بعض الأحيان يمكن أن يُساء تقدير إمكانيات الطرف الآخر والرهان على كسب المعركة؛ ما قد يؤدي إلى المواجهة»؛ ولذا يؤكد أنه «حتى هذه اللحظة، تبقى المواجهة ضمن الخطوط المقبولة، وما زال الطرفان يديران المعركة ضمن ردع متبادل، وتبقى صيحات الحرب الشاملة ضمن الحرب النفسية حتى تتجلى الأمور في غزة وتعقد الصفقة. وبالتالي، يمكن القول إن هذه الحرب النفسية في جزء منها عرض قوة ورفع لسقف التفاوض، وجزء منها تهديد حقيقي قد ينزلق إلى مواجهة فعلية إذا ما أخطأ أحد الطرفين في حساباته».


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يدخل بلدة شمع بعد الخيام في الجنوب

المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني عند مدخل بلدة شمع (قيادة الجيش)

الجيش اللبناني يدخل بلدة شمع بعد الخيام في الجنوب

دخل الجيش اللبناني إلى بلدة شمع في قضاء صور لأول مرة منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)

تحليل إخباري لبنان على حافة الانخراط في عملية النهوض... أو تضييع الفرصة الكبرى

تترقب القوى السياسية اللبنانية عودة الحراك السياسي الهادف إلى انتخاب رئيس للجمهورية يُنهي فراغاً استمر أكثر من سنتين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مواطن يصوّر بيته الذي تعرض للقصف في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

نهاية الحرب لا تخفض إيجار المنازل في لبنان

رغم توقف الحرب وعودة عدد كبير من النازحين، فإن الإيجارات لا تزال مرتفعة في مناطق لبنان كافة.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (القوات اللبنانية)

جعجع يحذّر من «تهريب رئيس» في جلسة 9 يناير

يسود الترقب في لبنان مع بدء العد العكسي لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

القضاء اللبناني يستجوب نجل يوسف القرضاوي ويبقيه موقوفاً

مثل الناشط السياسي المصري عبد الرحمن القرضاوي، أمام النيابة العامة في لبنان، وخضع لاستجواب مطوّل حول مذكرة «الإنتربول» الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب.

يوسف دياب (بيروت)

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».