لبنان على حافة الانخراط في عملية النهوض... أو تضييع الفرصة الكبرى

الانتخابات الرئاسية تشكل معياراً يحكم من خلاله العرب والعالم على جدية قواه السياسية

لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)
لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)
TT

لبنان على حافة الانخراط في عملية النهوض... أو تضييع الفرصة الكبرى

لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)
لقاء جمع رئيس البرلمان نبيه بري والوزير السابق في الحزب «التقدمي الاشتراكي» غازي العريضي حيث عرَض لآخر المستجدات السياسية (رئاسة البرلمان)

تترقب القوى السياسية اللبنانية عودة الحراك السياسي الهادف إلى انتخاب رئيس للجمهورية يُنهي فراغاً استمر أكثر من سنتين بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون من دون اتفاق القوى السياسية على شخصية تخلفه في المنصب، وعجز هذه القوى عن إيصال رئيس من فريقها السياسي، بسبب غياب الأكثرية اللازمة لدى كل الأطراف، أو التوافق على شخصية أخرى بسبب اتساع الهوة في مواقف الطرفين.

وتوقع مصدر دبلوماسي عربي أن يشهد الأسبوع الأول من العام الجديد عودة للحراك الخارجي الداعم لإنهاء هذا الفراغ، على الرغم من أن مواقف الأطراف السياسية حالياً تبدو بعيدة عن التوصل إلى تفاهم حول شخصية معينة. لكن المصدر تحدث عن «تفاؤل كبير» بإنهاء الفراغ ونجاح البرلمان في انتخاب الرئيس في جلسة البرلمان المقررة في التاسع من يناير (كانون الثاني)... أو بعده بأيام في أسوأ السيناريوهات المفترضة. وينطلق المصدر في تفاؤله من قناعة بأن «الثنائي الشيعي»، المتمثل بحركة «أمل» و«حزب الله»، يرغب في إنجاز الاستحقاق قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب وفريق الصقور إلى السلطة في العشرين من الشهر نفسه.

وقلل المصدر من «الأجواء الحادة» التي تضفيها بعض القوى على المفاوضات الجارية من منطلق أن الجميع يحاول حالياً رفع السقوف قبل المفاوضات الحقيقية. كما أشار إلى أن الجميع بات على قناعة بإنهاء الملف استعداداً لمواكبة المرحلة المقبلة. وإذ أكد المصدر أنه «لا مرشحين مفضلين لأعضاء اللجنة الخماسية» المؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، أكد أن المجتمعَين: العربي والدولي، سيحكمان على الرئيس المقبل، كما على المسار الذي سينطلق من بعد انتخابه»، مشيراً إلى «برنامج عمل ضخم ينتظر لبنان بعد الانتخابات»، كما أشار إلى «ورش عمل إصلاحية على كل المستويات، سياسياً وقضائياً واقتصادياً»، وأن التزام لبنان بهذه الإصلاحات هو الحد الفاصل بين تعاون المجتمع الدولي والعرب في مساعدة لبنان على النهوض وإعادة الإعمار».

وأشار المصدر إلى أن المنطقة بأكملها تتجه نحو مسار جديد وتحولات كبرى، ومن مصلحة لبنان أن يكون شريكاً فيها، ولا يغيب نفسه عنها فيخسر فرصة تاريخية لن تعوض».

وبانتظار اتضاح صورة التوجهات الرئاسية التي يفترض أن تتبلور أكثر مع بداية العام الجديد، تتكثف اللقاءات والاتصالات السياسية، وتُجمع المواقف على أهمية إنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ أكثر من سنتين وانتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المحددة في 9 يناير المقبل.

وفي هذا الإطار، أكد وزير الداخلية بسام مولوي بعد لقائه مطران الروم الأرثوذكس إلياس عودة، «ضرورة انتخاب رئيس جمهورية سيادي قيادي يتمتع بالمواصفات التي من شأنها أن تؤمن لهذا البلد استقراره واستمراره». وعن جلسة انتخاب رئيس في 9 يناير قال مولوي: «رئيس البرلمان نبيه بري حدد جلسة وأصر على أن تكون هذه الجلسة بدورات متتالية، وعلى السادة النواب أن يسارعوا إلى التلاقي للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية ميثاقي، قوي، يمثل اللبنانيين، والأهم يقود اللبنانيين إلى خشبة الخلاص».

من جهته، قال رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، إنه طلب إعلان سنة 2025 حياد لبنان؛ لأن الظروف التي حصلت وتحصل في المنطقة تدل على أننا جميعاً في أمسّ الحاجة لتحييد لبنان، مشيراً إلى أن «هذا الموضوع يبدأ في بداية السنة الجديدة مع انتخاب رئيس للجمهورية من دون شروط أو (فيتو) من أحد، وأنا أتمنى أن يكون مؤمناً بالمؤسسات والقانون وليس حزيباً»، موضحاً أنه «إذا لم ننتخب رئيساً في بداية السنة فستكون الأمور متعثرة».

وكانت الانتخابات الرئاسية حاضرة أيضاً في لقاء نائب رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سليم الصايغ مع الراعي، حيث قال: «أجرينا جولة أفق عشية الانتخابات الرئاسية، وكان هناك تطابق مع توجيهاته، واليوم لا بد من أن نضع كل جهودنا (بوصفنا) نواباً لنواكب الاندفاعة الدولية لإنقاذ لبنان. علينا (بصفتنا) لبنانيين أن نواكب هذه الاندفاعة بأكبر التفاف ممكن حول مرشحين يمكن أن يحصلوا على تزكية أو تقدم على غيرهم؛ لأنهم يتمتعون بثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي».

وحذر الصايغ مما وصفه بـ«التذاكي واللعب بالسياسة على الطريقة اللبنانية بالنسبة لإنتاج رئيس كما العادة، في وقت هناك أنظمة تسقط، ولبنان انقلب رأساً على عقب، وهناك كثر يفكرون بالطريقة الكلاسيكية والتقليدية؛ أي (مرقلي تمرقلك)، وأن يأتوا برئيس مقيد غير محرر لتأمين مصالحهم».

بدوره، أكد المرشح للرئاسة النائب نعمة فرام أهمية أن «يكون رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة رئيساً لكلّ لبنان، وحاملاً همّ كلّ لبنانيّ، ويمثّل كل لبنان»، وقال بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ونائب رئيس المجلس الإسلاميّ الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، إنه تم التطرق «إلى أهمية المرحلة المقبلة وتطبيق الدستور واتفاق الطائف، والمسؤوليّة كبيرة في تطبيقه للمّ الشمل وللتأسيس للجمهوريّة الجديدة، وتطويره بطريقة خلّاقة لمنع التعطيل في النظام التشغيليّ لمؤسّساتنا الدستوريّة وللحياة السياسيّة اللبنانيّة».

وعما إذا كان هناك من تنافس أو توافق على اسم واحد، تحدث عن ثلاثة سيناريوهات: «السيناريو الأول: توافق على تعديل الدستور، وهذا سيناريو واضح بمعالمه والدخول إلى انتخاب رئيس عسكري، في إشارة إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون، والثاني إن لم يكن هناك تعديل للدستور فسندخل إلى سيناريو اتفاق قبل يوم أو يومين على اسم مرشح، أو دخول اسمين أو ثلاثة وليس أكثر».

وفي رسالة له إلى اللبنانيين بمناسبة رأس السنة، رفض المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان «أي تسوية تضعنا في قلب احتلال دولي سياسي». وقال: «العين على جلسة انتخاب رئيس جمهورية، والحذر كل الحذر من الغدر الدولي الذي يجيد لحظة الانقسام بمجلس النواب، ولا للتفاهمات الطائفية، ولا خطر على لبنان أكبر من الانقسام الطائفي، فقط التفاهمات الوطنية تنقذ لبنان، والمصلحة الوطنية بخلاف ما تريده واشنطن»، محذراً «من تسوية بلا الثقل السني الوطني، ولا شيء أخطر على لبنان من الانقسام الوطني على الخيارات الدستورية».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يحرق منزلين في بلدة بجنوب لبنان

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية بالقرب من مدينة النبطية جنوب لبنان (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يحرق منزلين في بلدة بجنوب لبنان

أحرقت القوات الإسرائيلية، قبل ظهر اليوم (الجمعة)، منزلين في بلدة بني حيان في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيارات تصطف لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)

سوريا تفرض «قيوداً» على دخول اللبنانيين إلى أراضيها

فرضت السلطات الجديدة في سوريا قيوداً على دخول اللبنانيين إلى أراضيها، حسب ما أفاد مصدران أمنيان وكالة الصحافة الفرنسية اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ امرأة تقوم بلف علم «حزب الله» اللبناني (د.ب.أ)

اتهام جندي أميركي سابق بمحاولة الانضمام لـ«حزب الله»

وُجّهت إلى عنصر سابق في الجيش الأميركي سافر إلى لبنان وسوريا في مسعى للانضمام إلى «حزب الله» تهمة محاولة دعم منظمة «إرهابية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي تصاعد دخان بعد قصف إسرائيلي في جنوب لبنان يوم 11 أكتوبر 2023 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف منصات صواريخ لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أكد الجيش الإسرائيلي أن طائراته المقاتلة نفّذت غارة جوية في جنوب لبنان قبل قليل، وقال إنها استهدفت منصات إطلاق صواريخ متوسطة المدى في موقع لجماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة متداولة في «إكس» لرفعت الأسد مع حفيدته شمس

القضاء اللبناني يفرج عن حفيدة رفعت الأسد وأمها

أطلق القضاء اللبناني سراح شمس دريد الأسد، حفيدة رفعت الأسد ووالدتها رشا خزيم، بعد توقيفهما قبل أسبوع على أثر استخدامهما جوازي سفر مزورين.

يوسف دياب (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يحرق منزلين في بلدة بجنوب لبنان

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية بالقرب من مدينة النبطية جنوب لبنان (د.ب.أ)
تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية بالقرب من مدينة النبطية جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يحرق منزلين في بلدة بجنوب لبنان

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية بالقرب من مدينة النبطية جنوب لبنان (د.ب.أ)
تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية بالقرب من مدينة النبطية جنوب لبنان (د.ب.أ)

أحرقت القوات الإسرائيلية، قبل ظهر اليوم (الجمعة)، منزلين في بلدة بني حيان في جنوب لبنان.

بحسب ما ذكرته «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية، أحرق الجيش الإسرائيلي منزلين، قبل ظهر اليوم، في بلدة بني حيان في جنوب لبنان بعد تفتيشهما، كما قام بعمليات تجريف في الوادي الذي يصل إلى البلدة من الجهة الغربية وصولاً إلى وادي السلوقي في جنوب لبنان.

وقام رئيس لجنة المتابعة الدولية لوقف إطلاق النار، الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، بجولة في بلدة الخيام قبل ظهر اليوم برفقة قائد اللواء السابع في الجيش اللبناني، العميد الركن طوني فارس، ووفد مرافق، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام».

وحلَّقت طائرة مسيَّرة إسرائيلية، قبل ظهر اليوم، على علو منخفض، في أجواء العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية.

وتواصلت الخروقات الإسرائيلية في القرى التي تحتلها إسرائيل في الجنوب، حيث هدمت الجرافات الإسرائيلية منازل في أحياء بلدة الناقورة الجنوبية وسوَّتها بالأرض، الأمر الذي أخَّر دخول الجيش اللبناني إلى البلدة أمس.

وشهد طريق البياضة - الناقورة دوريات وتحركات كثيفة لقوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان «اليونيفيل» إلى جانب الجيش اللبناني، الذي وضع عوائق إسمنتية عند طريق الحمرا - البياضة الساحلي، في اتجاه بلدة الناقورة الجنوبية، مانعاً الدخول وسلوك الطريق إلى الناقورة، باستثناء آليات «اليونيفيل» وموظفيها.

وتقوم فرق الهندسة في الجيش اللبناني بمسح المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية في بلدتَي شمع والبياضة الجنوبيتين.

وكان الجيش الإسرائيلي قد قام صباح اليوم بعملية تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة بين بلدتَي بني حيان وطلوسة في جنوب لبنان، ونفَّذ الجيش الإسرائيلي عند منتصف الليل، عملية نسف في محيط بلدة بني حيان. كما نفَّذ عملية نسف كبيرة في بلدة كفركلا الجنوبية سمع دويها في أرجاء الجنوب، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام».

وينتشر الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان بعد غزوه المنطقة في أول أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي؛ لاستهداف مواقع «حزب الله».

وكان قد تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي.

وبموجب الاتفاق، سوف ينسحب الجيش الإسرائيلي بعد مرور 60 يوماً من سريانه. وتخرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ.