محطات وتجارب «تلاقٍ» مغاربية

الحبيب بورقيبة (أ.ف.ب)
الحبيب بورقيبة (أ.ف.ب)
TT

محطات وتجارب «تلاقٍ» مغاربية

الحبيب بورقيبة (أ.ف.ب)
الحبيب بورقيبة (أ.ف.ب)

> شهدت بلدان شمال أفريقيا تاريخياً تجارب عديدة للعمل المشترك والوَحدة، كانت غالباً تبرّر محاولاتها «الوحدوية» بتقاطع المصالح وبالرصيد التاريخي. إذ توحّدت منطقة شمال أفريقيا منذ القدم في إمبراطوريات ودول عديدة، كانت عاصمتها طوال قرون، قبل ميلاد المسيح وبعده، مدينة قرطاج في عهد القرطاجنيين والرومان والبيزنطيين (روم الشرق).

وخلال السنوات الثلاثين الماضية، عُقدت مئات الاجتماعات الوزارية والفنية المغاربية بمشاركة وفود عن الدول الخمس (المغرب وموريتانيا والجزائر وتونس وليبيا)، لكن لم تُعقد أي قمة خماسية خاصة بالاتحاد المغاربي منذ سنوات. وفي 24 أغسطس (آب) 2021، أعلنت الجزائر رسمياً قطع علاقاتها مع الرباط بعدما اتهمتها بـ«الضلوع في أعمال عدائية».

الحسن الثاني (رويترز)

وفي ما يلي بعض أبرز المحطات التاريخية والسياسية:

- منذ الفتوحات العربية والإسلامية في القرن السابع ميلادي أصبحت القيروان وتونس، ثم فاس عواصم لدول مغاربية «موحّدة» من ليبيا شرقاً إلى المغرب والأندلس غرباً.

- إبان عهد الدولة العثمانية في القرن الـ16 كانت دولتا تونس والجزائر تابعتين لإسطنبول إدارياً وثقافياً، لكنهما تمتّعتا باستقلالية نسبية. في حين لم تبسط الإمبراطورية العثمانية نفوذها العسكري والسياسي المباشر على المغرب.

- في عهد الاحتلال الفرنسي لبلدان شمال أفريقيا في القرنين الـ19 و20 توحّدت قيادات الحركات الوطنية في شمال أفريقيا، وشكّلت منذ أوائل القرن الـ20 منظمات للعمل المشترك من أجل التحرر الوطني.

- منذ مرحلة ما بين الحربين العالميتين أسّست «مكاتب المغرب العربي» في القاهرة ودمشق وبرلين وغيرها لتنسيق المواقف في الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي لتونس والجزائر والمغرب... والاحتلال الإيطالي لليبيا.

- في أبريل (نيسان) 1958 عُقد في مدينة طنجة المغربية المؤتمر الأول لقيادات الأحزاب والحكومات الوطنية في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب. وأسفر هذا المؤتمر عن توصيات عديدة، من بينها دعم الحركة الوطنية الجزائرية حتى إنجازها الاستقلال، ثم إنجاز «الوحدة المغاربية الشاملة».

معمّر القذافي (رويترز)

- بعد استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962، اندلعت «حرب الرمال» بينها وبين المغرب؛ بسبب خلافات حدودية وصراع حول مناطق صحراوية حدودية ضمّتها فرنسا للجزائر قبل اعترافها باستقلال المغرب.

- في أعقاب وصول العقيد الليبي معمّر القذافي ورفاقه «الضباط الأحرار» إلى الحكم في ليبيا مطلع سبتمبر (أيلول) 1969، توالت محاولاته تشكيل «جمهوريات عربية متحدة» مع دول عدة، بينها تونس والجزائر والمغرب.

- في يناير (كانون الثاني) 1974 أبرم العقيد معمّر القذافي والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة في جزيرة جربة السياحية التونسية، اتفاقية وحدة نصّت على «الانصهار الكامل بين تونس وليببا» في دولة واحدة سُمّيت يومذاك «الجمهورية العربية الإسلامية»، على أن يكون الرئيس الحبيب بورقيبة رئيساً لهذه الدولة والعقيد القذافي نائباً له ووزيراً للدفاع. إلا أن هذه التجربة الوحدوية فشلت بعد أيام لأسباب داخلية وخارجية. وبعد ذلك نظّمت محاولات وحدوية عديدة بين تونس وليبيا والجزائر بدعم من القذافي والرئيس الجزائري هواري بومدين، لكنها أسقطت بسبب اعتراض بورقيبة وعواصم إقليمية، وكذلك نُظمت محاولات وحدوية بين ليبيا ومصر والسودان بمبادرة من القذافي... أُسقطت جميعها لاحقاً.

- في نوفمبر (تشرين الثاني) 1975 تخلّت إسبانيا عن جُلّ مستعمراتها في المغرب، وخاصة عن الصحراء. وفي حين تمسك المغرب بالوحدة الترابية لكل أقاليمه الجنوبية والشمالية، دعمت الجزائر وليبيا جبهة «بوليساريو» الانفصالية.

- عام 1984، أُبرمت «اتفاقية التعاون والإخاء» بين تونس والجزائر وموريتانيا، وكانت نوعاً من «الوَحدة التي تدفع في اتجاه تقاطع المصالح دون اندماج كامل».

الحبيب بورقيبة (فرانس24)

- في 13 أغسطس 1984، أُبرمت في مدينة وجدة المغربية معاهدة «الوحدة المغربية - الليبية» من قِبل العاهل المغربي الحسن الثاني والزعيم الليبي معمّر القذافي رداً على «معاهدة الإخاء» التونسية - الجزائرية - الموريتانية.

- في فبراير (شباط) 1989، أبرمت اتفاقية تأسيس «الاتحاد المغاربي» في مدينة مراكش المغربية من قِبل الملك الحسن الثاني والرؤساء الجزائري الشاذلي بن جديد والتونسي زين العابدين بن علي والموريتاني معاوية ولد الطايع والليبي معمّر القذافي. وأسست أمانة عامة لـ«الاتحاد المغاربي» مقرّها الرباط على أن يكون أمينها العام تونسياً.

- في ديسمبر (كانون الأول) 1994 قرّر العاهل المغربي الحسن الثاني تجميد عضوية بلاده في المؤسسات المغاربية احتجاجاً على تمادي الجزائر في دعم «بوليساريو».


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى منذ 5 سنوات... تركيا تشارك باجتماع غير رسمي للاتحاد الأوروبي

أوروبا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

للمرة الأولى منذ 5 سنوات... تركيا تشارك باجتماع غير رسمي للاتحاد الأوروبي

تشارك تركيا في الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي (غيمنيتش) الذي يعقد في بروكسل، الخميس، للمرة الأولى منذ 5 سنوات

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أرشيفية لعناصر «فاغنر» في مالي (متداولة)

مالي تعلن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا

أعلن المتحدث باسم الحكومة المالية الكولونيل عبدالله مايغا، أن الحكومة الانتقالية في مالي قرّرت «قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بمفعول فوري».

«الشرق الأوسط» (دكار)
شمال افريقيا المرشح الرئاسي المعارض لطفي المرايحي (موقع حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري)

السجن لمرشح رئاسي ومنعه من الترشح مدى الحياة في تونس

أصدرت محكمة تونسية، اليوم الجمعة، حكماً بسجن المرشح الرئاسي المعارض، لطفي المرايحي، 8 أشهر ومنعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية مدى الحياة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا اجتماع القاهرة بين أعضاء بمجلسي «النواب» و«الدولة» الليبيين (متداولة)

أعضاء «النواب» و«الدولة» يتفقون على تشكيل «حكومة ليبية جديدة»

اتفق نحو 130 من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين، خلال اجتماعهم، الخميس، في العاصمة المصرية القاهرة، على «تشكيل حكومة جديدة».

خالد محمود (القاهرة )
تحليل إخباري وزيرة العدل بحكومة «الوحدة» خلال زيارتها مقار قضائية بدائرة اختصاص محكمة استئناف جنوب طرابلس (وزارة العدل)

تحليل إخباري جرائم «الإخفاء القسري» في ليبيا ما زالت تنتظر العقاب

سلطت عمليات الخطف والتوقيف المتكررة لنشطاء وصحافيين في ليبيا، الضوء على جرائم «الإخفاء القسري» المنتشرة بالبلاد، وسط انتقادات حقوقية.

جمال جوهر (ليبيا )

حملة ترمب... ودور لورا لومر مروّجة نظريات اليمين المتطرف؟

جانب من مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو... مسرح الشائعات الموجهة للمهاجرين الهايتيين (يو إس آيه توداي)
جانب من مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو... مسرح الشائعات الموجهة للمهاجرين الهايتيين (يو إس آيه توداي)
TT

حملة ترمب... ودور لورا لومر مروّجة نظريات اليمين المتطرف؟

جانب من مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو... مسرح الشائعات الموجهة للمهاجرين الهايتيين (يو إس آيه توداي)
جانب من مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو... مسرح الشائعات الموجهة للمهاجرين الهايتيين (يو إس آيه توداي)

إذا كان حضور المحامية ألينا حبّة في حملة ترمب الانتخابية، يهدف إلى تقديم رسالة إيجابية للأقليات، فإن وجود لورا لومر، المناصرة لـ«نظريات المؤامرة» اليمينية المتطرفة - المثيرة للجدل حتى لدى الجمهوريين - لا يسهم في هذا الهدف، بل يضفي الغموض على طبيعة علاقتها به.

لومر هي التي بثّت قبل يوم واحد فقط من مناظرة ترمب مع هاريس، الادعاء الذي أثار عديداً من الانتقادات، بأن المهاجرين غير الشرعيين من هايتي يأكلون الحيوانات الأليفة في مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو. ورغم التوضيح الذي أصدره مسؤولو المدينة، فإنها كرّرت على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الادعاء أمام متابعيها البالغ عددهم 1.2 مليون عبر منصة «إكس».

لورا لومر (آ ب)

هذا، وتشتهر لومر، المولودة في أريزونا عام 1993، وتعمل صحافية استقصائية وناشطة ومعلقة، بخطابها المتطرف، ونشر «نظريات المؤامرة»، ومنها أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) كانت «عملاً داخلياً» نفّذته الحكومة الأميركية. وادعت في منشور آخر، أنها تعمل «بشكل مستقل» لمساعدة ترمب، الذي أشارت إليه بأنه «الأمل الأخير لأمتنا حقاً». وكتبت: «بالنسبة لعديد من المراسلين الذين يتّصلون بي ويطلبون مني بشكل مهووس التحدث إليهم، فإن الإجابة هي (لا)... أنا مشغولة جداً بالعمل على قصصي وتحقيقاتي، وليس لدي وقت لنظريات المؤامرة الخاصة بكم».

في عام 2020 ترشّحت لومر، بدعم من ترمب، لمجلس النواب الأميركي في فلوريدا، لكنها خسرت أمام الديمقراطية لويس فرنكل. وعام 2022، حاولت مرة أخرى لكنها فشلت في إزاحة النائب دانيال وبستر في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في منطقة مختلفة بفلوريدا. وهي الآن غدت معروفة بدعمها الصريح لترمب وترويجها لسلسلة طويلة من «نظريات المؤامرة»، بما فيها الزعم بأن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس «ليست سوداء»، وأن نجل الملياردير جورج سوروس كان يرسل رسائل غامضة تدعو إلى اغتيال ترمب... وهو ما أدى إلى حظرها من عدد من المنصات، بما في ذلك «فيسبوك»، و«إنستغرام».

حالياً، تحضر لومر بشكل متكرّر الفعاليات الداعمة لترمب، وشوهدت مراراً في مقر إقامته بفلوريدا. وفي وقت سابق من هذا العام، سافرت على متن طائرته إلى ولاية آيوا، حيث وجه لها تحية على خشبة المسرح في إحدى الفعاليات. وخلال العام الماضي، ذكرت «نيويورك تايمز» أن ترمب أبدى اهتمامه بتوظيفها في حملته، لكنه تراجع بعدما أعرب كبار مساعديه عن قلقهم من أنها قد تلحق الضرر بحملته الانتخابية.