يوآف غالانت... حليف نتنياهو الداعم للاستيطان والتهجير

لاحقته تهم «جرائم الحرب» من «الرصاص المصبوب» إلى «السيوف الحديدية»

عام 2010 كان أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بترشيح من إيهود باراك
عام 2010 كان أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بترشيح من إيهود باراك
TT

يوآف غالانت... حليف نتنياهو الداعم للاستيطان والتهجير

عام 2010 كان أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بترشيح من إيهود باراك
عام 2010 كان أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بترشيح من إيهود باراك

عبر مقطع فيديو قصير جابَ منصات التواصل الاجتماعي، عرف كثيرون من رواد تلك المنصات، ربما للمرة الأولى، وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت. شاهدوه وهو يهدّد ويتوعّد ويعلن الحصار على قطاع غزة، يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بقوله: «لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق»، قبل أن يضيف: «نحن نحارب حيوانات بشرية، ونتصرف وفقاً لذلك». الجملة الأخيرة تختصر شخصية غالانت بوصفه قائد حرب، في حكومة يمينية متطرفة، لا يتردد في قتل مدنيين وتجويعهم، بداعي أنهم «جنس أقلّ من البشر».

علاقة يوآف غالانت بقطاع غزة لم تبدأ في الحرب الأخيرة، التي انطلقت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، رداً على عملية «طوفان الأقصى» التي نفّذتها حركة «حماس» ضد مستوطنات غلاف غزة، وتسببت في قتل وإصابة إسرائيليين وأَسْر آخرين، بل تعود إلى سنوات مضت قاد فيها غالانت عملية عسكرية في القطاع، وكانت سبباً في بروز اسمه وترشيحه لمناصب سياسية في إسرائيل.

قائد «الرصاص المصبوب»

لقد أشرف الجنرال غالانت، وكان يومذاك رئيس قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، على عملية الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف حينئذ باسم «فك الارتباط». إلا أن اسمه اقترن بالقطاع بعدها بثلاث سنوات، وتحديداً يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) عام 2008، بوصفه قائد عملية «الرصاص المصبوب»، التي شنّتها إسرائيل على غزة، بداعي الرد على الصواريخ التي كانت تطلقها حركة «حماس» باتجاه تل أبيب.

وعلى غرار ما يحدث اليوم، بدأت عملية «الرصاص المصبوب» بقصف جوي، قبل أن تنطلق العملية البرية، يوم 3 يناير (كانون الثاني) عام 2009. وكانت الأهداف المعلَنة لتلك العملية من الجانب الإسرائيلي هي «وضع حد لإطلاق الصواريخ من غزة، وتدمير أنفاق تهريب الأسلحة والسلع الغذائية في منطقة رفح الحدودية». استمرت تلك الحرب حتى 18 يناير؛ أي لنحو ثلاثة أسابيع، قبل أن تعلن إسرائيل وقفاً لإطلاق النار، ويعقب إعلانها إعلان مماثل من «حماس». ولقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، إيهود أولمرت، إن «العملية حققت أهدافها، بل تجاوزتها»، بتدمير نحو 70 في المائة من 500 نفق تقريباً في المنطقة، وفقاً للتقديرات الإسرائيلية.

من جهة ثانية، تسببت تلك العملية في مقتل نحو 1400 فلسطيني، إضافة إلى عشرة من الجنود الإسرائيليين وثلاثة مدنيين. غير أن الأهم في هذا السياق هو أن «نجاح» عملية «الرصاص المصبوب» نُسب لغالانت، الذي بات يحظى بدعم الجنود على الأرض باعتباره «قائداً عسكرياً محترفاً».

أمر آخر لا يقل أهمية عن ارتفاع أسهم غالانت، هو أن تلك المعركة كانت سبباً في اتهام أممي لإسرائيل بـ«ارتكاب جرائم حرب»، فقد أصدرت «منظمة الأمم المتحدة» تقريراً، خلال سبتمبر (أيلول) من عام 2009، ورد فيه أن «هناك أدلة تشير إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي ارتكبتها إسرائيل خلال النزاع في غزة، وأن تلك الجرائم تصل إلى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية». وأيضاً حمل التقرير الأممي اتهامات مماثلة للفصائل الفلسطينية بسبب «الإطلاق المتكرر للصواريخ وقذائف الهاون على جنوب إسرائيل».

من هو غالانت؟

في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1958، وُلد يوآف غالانت في يافا، تلك المدينة الفلسطينية العريقة المُطلة على البحر المتوسط التي تحوّلت بعد 1948 إلى ضاحية من ضواحي تل أبيب. وهو يتحدّر من أصول بولندية، وكانت والدته فروما إحدى الناجيات من «الهولوكوست». وكذلك والده مايكل، الذي كان عسكرياً أيضاً، وخدم في لواء «جعفاتي» إبّان حرب 1948. وخلال فترته خدمته العسكرية، شارك في عملية «يوآف» العسكرية في صحراء النقب، وهي العملية التي سمّى مايكل ابنه نسبةً لها.

ارتدى غالانت الابن الزي العسكري طوال حياته تقريباً، باستثناء فترة قصيرة بين عامي 1982 و1984 حصل خلالها على إجازة من الجيش، وسافر إلى ولاية ألاسكا الأميركية، حيث عمل حطّاباً.

وعلى الصعيد الأكاديمي، حصل غالانت على بكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة حيفا، وبدأ حياته العسكرية عام 1977 بالانضمام إلى سلاح مشاة البحرية، وعُرف عنه أنه كان «ضابطاً بارعاً» في وحدة النخبة البحرية «شيطت 13»، وهي الوحدة التي نفذت عدداً من العمليات العسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة وخارجها. بعد عودته من ألاسكا، انضم غالانت إلى البحرية من جديد، وخدم على متن قارب صواريخ، وتحمّل مسؤولية قيادة عدد من العمليات. وفي عام 1986 عُيّن قائد سريّة ورُقّي إلى رتبة «مقدم».

وعلى الأثر، تدرّج الضابط الطَّموح سريعاً في المناصب العسكرية، ليعيَّن قائداً لوحدة الكوماندوز البحرية «شيطت 13» في عام 1992. وفي العام التالي انتقل إلى القوات البرية ليتولى قيادة لواء جنين في الضفة الغربية. ثم في عام 1997 تولى قيادة قطاع غزة، وتدرّجت مسؤولياته صعوداً فيما بعد حتى حصل على رتبة جنرال عام 2002، وشغل منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون.

حياته العائلية

خلال مسيرته العسكرية تزوّج يوآف غالانت من كلودين، وهي، اليوم، ضابط جيش متقاعد برتبة «مقدم»، كان قد تعرَّف عليها خلال عمله العسكري، ولديه ولد التحق أخيراً بالجيش أيضاً، وابنتان إحداهما مجنّدة عسكرية.

في قلب الأحداث داخل أروقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، اشتهر غالانت بـ«معرفته الواسعة بهيئة الأركان والمؤسسة الأمنية بشكل عام»، ويعود ذلك إلى الفترة التي شغل فيها منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، وفق مراقبين.

من ناحية أخرى، اعتاد غالانت زيارة الوحدات العسكرية المختلفة، قبيل تعيينه، وبعد تعيينه وزيراً للدفاع؛ وذلك «ليس بسبب قلة إحاطته بتلك الوحدات، بل لأنه يريد الاستماع لعناصرها ومعرفة الوضع على الأرض»، وفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن مصدر مقرَّب من غالانت، قال إنه «يحب أن يكون دائماً في قلب الحدث، ويستمع من الناس مباشرة».

ربما كان هذا التواصل على الأرض، إضافة إلى قيادة عدد من العمليات العسكرية، ما جعل غالانت يُعرَف بين أصدقائه بأنه «قائد عسكري بارع، يعرف كيف يقرأ ساحة المعركة، ويحدد خريطة التهديدات، والأهم يضع حلولاً مبتكرة لمواجهتها»، على حد تعبيرهم.

«فضائح» ولغط... ونكسات

ولكن، على نقيض حياة يوآف غالانت العسكرية، شابَ حياته السياسية بعض الفضائح والصعوبات، ففي عام 2010 وعلى خلفية «نجاحه» في عملية «الرصاص المصبوب» في غزة، كان غالانت أحد المرشحين البارزين لتولّي منصب رئيس «هيئة أركان الجيش الإسرائيلي»، وهو المنصب الذي رشّحه له وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، إيهود باراك. بيد أن منظمة إسرائيلية غير حكومية تحمل اسم «يش جفول» رفعت دعوى ضد تعيينه في هذا المنصب؛ لـ«الاشتباه في ارتكابه انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، إبّان عملية الرصاص المصبوب». ثم إن ترشيح باراك لغالانت أثار جدلاً آخر لكونه جاء معاكساً لرغبة رئيس الأركان حينذاك، غابي أشكينازي.

أيضاً، نُشر تسريب، عبر القناة الثانية الإسرائيلية، في ذلك الوقت، أشار إلى أن غالانت حاول تشويه سُمعة مُنافسه على المنصب، بيني غانتس، فيما عُرف بـ«وثيقة غالانت». وهذه تهمة أَنكر صحتها غالانت، وبرّأته منها الشرطة، في وقت لاحق، وبعدها قال غالانت إنه لا ينوي متابعة الموضوع. وفي هذا الشأن، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مقرّبين منه أنه «ظلّ هادئاً طوال فترة التحقيقات، وواثقاً من أن هذه القضية لن تضرّ ترشيحه، لذلك لم يغير أياً من نشاطه اليومي المعتاد».

وبالفعل، في سبتمبر (أيلول) 2010 وافق «مجلس الوزراء الإسرائيلي»، الذي كان يرأسه بنيامين نتنياهو، على تعيين غالانت. وقال نتنياهو، وقتها، إن «غالانت أثبت على امتداد 33 سنة في الخدمة العسكرية أنه مقاتل شجاع، وضابط ممتاز، وقائد معارك مسؤول وجادّ». لكن سرعان ما ألغى نتنياهو تعيين غالانت في هذا المنصب، خلال فبراير (شباط) 2011، عقب فضيحة أخرى اتهم فيها غالانت بـ«مصادرة أرض ملكية عامة لبناء منزله»، وأسفرت نتائج التحقيق «عن صعوبات قانونية كبيرة» أمام تعيينه، وفقاً للنائب العام في ذلك الوقت. ومع أنه لم تُوجَّه إلى غالانت اتهامات جنائية في هذه القضية، فإن غبار تلك «الفضيحة» حالَ دون تعيينه في المنصب، الذي ذهب على الأثر إلى بيني غانتس.

بعد ذلك قرّر يوآف غالانت البقاء في قيادة المنطقة الجنوبية، رافضاً منصب قيادة القوات البرّية الذي عُرض عليه في حينه. وقال مراقبون، وقتها، إنه «كان يعتقد أن فرصه في الوصول لهيئة الأركان لا تزال جيدة، حتى وإن لم ينجح هذه المرة».

نهاية الانتظار... أخيراً

وبالفعل، جاءت فرصة أكبر بعد أكثر من عشر سنوات، وتحديداً في ديسمبر 2022، عندما أصدر بنيامين نتنياهو، أيضاً، قراراً بتعيين غالانت وزيراً للدفاع، خلفاً لبيني غانتس، وهو القرار الذي علّقت عليه القناة الثانية في «التلفزيون الإسرائيلي» بقولها إن «غالانت يصفّي حساباته مع غانتس»، في إشارة إلى الصراعين القديمين بين أشكينازي وغانتس من جهة، ونتنياهو وغالانت من جهة أخرى، وكانا قد دفعا نتنياهو، في فترة من الفترات، إلى اتهام أشكينازي وباراك بـ«التآمر على غالانت».

ومع هذا، سرعان ما انفضّ التحالف بين نتنياهو وغالانت، ليعلن الأول، يوم 26 مارس (آذار) الماضي، إقالة غالانت من منصبه وزيراً للدفاع؛ على خلفية تصريحات أدلى بها الأخير بشأن قضية تعديل النظام القضائي المثيرة للجدل، إذ طالب غالانت بـ«تجميد» آلية تعديلات النظام القضائي التي كانت (ولا تزال) تسعى لها الحكومة في وجه اعتراضات شعبية واسعة، وذلك «خشيةً من أن يؤدي الانقسام الشعبي حول الملف إلى تهديد أمن إسرائيل».

وردّاً على إقالة غالانت، أعلن القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك، آساف زمير، تقديم استقالته، وقال، على تطبيق «إكس»، إنه «لم يعد بإمكانه الاستمرار في تمثيل هذه الحكومة، وإن من واجبه ضمان بقاء إسرائيل منارة للديمقراطية والحرية في العالم». ومع إعلان الإقالة، توجه آلاف المتظاهرين إلى شارع كابلان، وسط تل أبيب، حيث مركز الاحتجاجات التي كانت مستمرة طوال الأسبوع ضد مشروع القرار، كما سجلت تجمعات عفوية أخرى أمام مقر إقامة رئيس الوزراء، وفي عدة مدن أخرى. وهكذا، تحت الضغط المتنامي، تراجع نتيناهو عن قرار الإقالة، ليعود غالانت - الذي يُعدّ أحد المؤيدين المخلصين لنتنياهو - إلى منصبه في 11 أبريل (نيسان) الماضي.

داعم للاستيطان والمستوطنات

في يناير عام 2015، بدأ يوآف غالانت نشاطه السياسي، وانضم إلى حزب كولانو الجديد «كلنا»، ومن ثم، احتل المركز الثاني في قائمة الحزب لانتخابات عام 2015، وانتخب عضواً في الكنيست عندما فاز الحزب بعشرة مقاعد، ليعيّن لاحقاً وزيراً للإنشاءات في الحكومة الجديدة. هذا، وجاء التحاقه بالعمل السياسي بعد فترة أمضاها مديراً لشركة حفريات مملوكة لرجل أعمال فرنسي إسرائيلي، قبل أن يستقيل منها عام 2014.

وفي عام 2019، ترك غالانت حزبه لينضم إلى حليفه القديم نتنياهو في حزب «الليكود»، ويخوض معه انتخابات 2022 التي قادته أخيراً إلى تولّي حقيبة الدفاع، في واحدة من أكثر الحكومات اليمنية المتطرفة التي تسلمت السلطة في إسرائيل.

وهنا، يجب الإشارة إلى أن غالانت، طوال تاريخه العسكري والسياسي، عُرف بدعمه سياسة الاستيطان والاهتمام بالمستوطنات الإسرائيلية، وهو ما دفع رئيس مجلس المستوطنات شلومو نئمان إلى الترحيب بتعيينه وزيراً للدفاع، إذ قال، في تصريح نُشر في حينه، إن «غالانت فعل كثيراً من أجل الاستيطان في الضفة الغربية».

«السيوف الحديدية»

اليوم، يدخل غالانت حرباً جديدة ضد قطاع غزة وأهله باسم «السيوف الحديدية»، قال عنها متوعّداً: «يجب أن تكون الأخيرة؛ لأنه لن يكون هناك وجود لحماس بعدها». ولقد أكد هذا القائد العسكري، الذي قاد معارك عدة ضد الفلسطينيين انتهك فيها القوانين الدولية، أن «هذه الحرب ستستغرق هذه المرة شهراً أو ثلاثة أشهر، وفي نهاية المطاف لن يكون هناك وجود لحماس». وأردف: «قبل أن تلاقي حماس مدرعاتنا ستختبر القصف الجوي»... قبل أن يخاطب قواته بقوله: «أنتم تعرفون كيف تفعلون ذلك بطريقة فتّاكة».


مقالات ذات صلة

نتنياهو يُبعد وزراءه عن «أجواء صفقة غزة» خشية إفشالها

المشرق العربي طفل يُطْعم طفلاً آخر بينما هما جالسان في مقبرة لجأت إليها عائلات نازحة في دير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

نتنياهو يُبعد وزراءه عن «أجواء صفقة غزة» خشية إفشالها

أبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزراءه، عن أجواء المفاوضات الجارية لإبرام «صفقة» بشأن الحرب الدائرة في غزة، خشية إفشالها.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الأب الفلسطيني تيسير عبيد وأسرته داخل الحفرة في دير البلح (أ.ف.ب)

«أشبه بالقبر»... غزاوي يحفر ملجأ لعائلته للاحتماء من البرد والقصف (صور)

حفر فلسطيني نازح في التربة الطينية بالمخيم، حفرةً مربعةً بعمق مترين تقريباً، غطَّاها بقماش مشمع مشدود فوق إطار خشبى ليحمي عائلته من البرد.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رد فعل فلسطيني على مقتل نازحين في غارة إسرائيلية على مخيم مؤقت للنازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: زيارة مبعوث ترمب إلى المنطقة دفعة لـ«اتفاق وشيك»

وسط تسريبات إعلامية عن حدوث «تقدم» بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، جاءت زيارة مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فتاة فلسطينية تقف أمام منزلها في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

عائلة فلسطينية تنشد العدالة بعد مقتل أطفالها في غارة إسرائيلية بالضفة الغربية

كانت بتول بشارات تلعب مع شقيقها رضا في قريتهما بالضفة الغربية المحتلة. وخلال لحظات، قتلت غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة الطفل مع اثنين من أبناء عمومتهما.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون ينتظرون دورهم للحصول على المياه في دير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

وسط «تحديات كبيرة»... بلدية غزة تكافح لتأمين لتأمين المياه للمواطنين

أعلنت بلدية غزة، اليوم (السبت)، أنها تواصل جهودها لتأمين المياه للمواطنين في ظل انقضاء 463 يوماً من الحرب على القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».