حسابات الكونغرس الأرجنتيني الجديد تتعقّد في ظل ثقل اليمين المتطرف

بعد الزيادة الكبيرة في عدد مقاعده البرلمانية

بولريتش لدى إعلانها تأييدها مرشح اليميني المتطرف ميلي في الجولة الثانية الحاسمة الحاسمة (رويترز)
بولريتش لدى إعلانها تأييدها مرشح اليميني المتطرف ميلي في الجولة الثانية الحاسمة الحاسمة (رويترز)
TT

حسابات الكونغرس الأرجنتيني الجديد تتعقّد في ظل ثقل اليمين المتطرف

بولريتش لدى إعلانها تأييدها مرشح اليميني المتطرف ميلي في الجولة الثانية الحاسمة الحاسمة (رويترز)
بولريتش لدى إعلانها تأييدها مرشح اليميني المتطرف ميلي في الجولة الثانية الحاسمة الحاسمة (رويترز)

> أياً كان الفائز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية، فلن يتمكّن الرئيس المقبل من إحكام السيطرة على الكونغرس (مقر السلطة التشريعية)، الذي انقلبت موازين المعادلات فيه بشكل غير مسبوق بعد الجولة الأولى. فاليمين المتطرف، الذي كان يحتلّ 3 مقاعد فقط في مجلس النواب، أصبح الآن القوة الثالثة في مجلسي النواب والشيوخ، بحيث بات مستعصياً على الطرفين الحصول على الغالبية من دون التحالف مع الأحزاب والقوى الأخرى.

ولا شك في أن دخول اليمين المتطرف بهذا الزخم إلى مجلس النواب (38 مقعداً)، سيزيد من صعوبة التوصل إلى التوافق المتعثّر، حيث كان الصراع بين الحركة البيرونية الحاكمة والمعارضة قد تحوّل إلى ما يشبه «حرب عصابات برلمانية»، حيث يسعى كل طرف فيها إلى تعطيل مساعي الطرف الآخر، أو إلى تشكيل تحالفات ظرفية مع الأحزاب الصغيرة لتمرير مشاريع معيّنة.

أمام هذا المشهد السياسي، الذي يزداد تعقيداً بغض النظر عن النتائج التي ستسفر عنها الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، يبقى التساؤل السائد هو: إذا كان ماسّا سينجح في إبعاد شبح وصول «بولسونارو أرجنتيني» إلى الرئاسة فكيف سيكون عليه هذا المشهد في حال وصوله؟

الجواب عن هذا السؤال المزدوج الذي يتوقف على إجابتيه مصير الأرجنتين خلال السنوات المقبلة بات محصوراً بأصوات باتريسيا بولريتش المرشحة التي حلّت ثالثة، وخرجت من المنافسة في أعقاب حصولها على نسبة 23.8 في المائة من التأييد الشعبي، والأصوات التي نالها كل من المرشّح البيروني المنشقّ عن الحركة خوان سكياريتي (6.8 في المائة)، ومرشحة اليسار التقليدي ميريام برغمان (2.7 في المائة).

في تصريحات ماسّا الأخيرة، شدد المرشح البيروني على أن «الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة التي تعاني منها الأرجنتين منذ سنوات، مهما كانت خطورتها، لا يمكن أن تكون مبرراً أو ذريعة لحلول شبه انتحارية تقوّض الدعائم الأساسية للتعايش الوطني... مثل احترام الخصم، وحماية الضعفاء والفقراء والأقليات، والدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية».

وفي غضون ذلك، تستقطب الانتخابات الأرجنتينية اهتماماً غير مسبوق في البلدان المجاورة، ولا سيما في البرازيل، حيث تتابع حكومة الرئيس اليساري «لولا» (لويس إيناسيو لولا دا سيلفا) بقلق احتمالات وصول «نسخة أرجنتينية» يمينية متطرفة من الرئيس البرازيلي السابق اليميني المتطرف جايير بولسونارو إلى الرئاسة في «البلد الجار» والحليف، وهو ما يهدد بإعادة تشكيل المشهد السياسي الإقليمي الذي يجهد «لولا» لترجيح كفة القوى اليسارية والتقدمية فيه.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الفرص والتحديات وتوقّعات المستقبل من منظورَي الرياض وبكين

نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
TT

الفرص والتحديات وتوقّعات المستقبل من منظورَي الرياض وبكين

نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)

تُعَدُّ الشراكة بين السعودية والصين فرصة كبيرة لتعزيز التعاون في مجالات حيوية عدة. إذ يوفر التعاون في الطاقة النظيفة والابتكار التكنولوجي فرصاً لدعم أهداف السعودية في تحقيق «رؤية 2030» وزيادة استخدام الطاقة المستدامة، كما أن الاستثمار في مشاريع كبرى مثل «نيوم» يفتح آفاقاً واسعة للتنمية المستدامة ويعزز من النمو المشترك.

في مجالات التكنولوجيا والابتكار، يعزّز التعاون في قطاعي الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية من قدرة السعودية على تحقيق أهدافها التكنولوجية، ويقوّي الروابط الاقتصادية بين البلدين، ومن جهة أخرى، يعزز التبادل الثقافي والتعليم من العلاقات الإنسانية ويزيد من التعاون بين الشعبين.

مع هذا، تواجه الشراكة تحدياتٍ قد تؤثر على العلاقات الثنائية، وتشمل هذه التحديات التوترات الجيوسياسية الدولية التي تتطلب مزيداً من الحكمة والروية من أجل درء تعارض المصالح، والتقلبات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر على حجم التبادل التجاري والاستثمارات. ولا شك أن الاختلافات الثقافية والسياسية تستوجب تعزيز الحوار والتفاهم، كما يتطلب تحقيق التنمية المستدامة التنسيق بين المشاريع المشتركة وضمان توافقها مع معايير البيئة.

مستقبلاً، يتوقع أن يزداد التعاون في الطاقة النظيفة - وتقف مشاريع مثل «نيوم» حافزاً كبيراً لتعزيز الاستثمارات الصينية في المملكة -، كذلك عبر تكثيف الفعاليات الثقافية والتبادلات التعليمية، يؤمل تمتين الروابط بين الشعبين، ويمكن أن يشمل التعاون المستقبلي المجالات الأمنية مثل مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني لتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي. وحقاً، من شأن دعم السعودية مبادرة «الحزام والطريق»، الإسهام في تعزيز البنية التحتية والنقل بين الصين والشرق الأوسط، مع الأخذ في الحسبان تكيّف الشراكة مع التحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية باعتماد استراتيجيات مرنة.

إن العلاقات السعودية الصينية اليوم نموذج للشراكة الاستراتيجية المتكاملة التي تستند إلى المصالح المشتركة والرؤية المستقبلية، ومع مواصلة تطوير هذه الشراكة يتوقع أن تشهد العلاقات بين البلدين مزيداً من النمو في مختلف المجالات؛ ما يخدم مكانتيهما على الساحة الدولية. وأخيراً، إن الشراكة بين السعودية والصين لا تقتصر على تعزيز العلاقات الثنائية فحسب، بل تمتد لتسهم في استقرار الاقتصاد العالمي وتنميته بشكل عام. إذ تجسّد هذه الشراكة نموذجاً ناجحاً للتعاون الدولي القائم على تحقيق مصالح مشتركة؛ مما يساهم في تعزيز السلم والاستقرار العالميين. وهنا تبرز خصوصاً الرؤية الاستراتيجية عند البلدين والتزامهما بالابتكار والتعاون ليفتحا أبواباً جديدة للتنمية والتفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب والثقافات.