تدمير إسرائيلي منهجي يودي بالتعليم في غزة

لا امتحانات ثانوية عامة... ومصير مجهول لآلاف الطلبة

«الأونروا» تكشف العثور على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل داخل مدارس خان يونس في غزة (إ.ب.أ)
«الأونروا» تكشف العثور على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل داخل مدارس خان يونس في غزة (إ.ب.أ)
TT

تدمير إسرائيلي منهجي يودي بالتعليم في غزة

«الأونروا» تكشف العثور على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل داخل مدارس خان يونس في غزة (إ.ب.أ)
«الأونروا» تكشف العثور على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل داخل مدارس خان يونس في غزة (إ.ب.أ)

تقضي تسنيم صافي (29 عاماً)، ساعات طويلة مع طفلتها ليان (5 سنوات)، جاهدة لتعليمها بعض أساسيات اللغة العربية والرياضيات، وتعيد لها بعض الدروس التي كانت تتلقاها في رياض الأطفال حتى قبل يومين فقط من بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، ولم يكن مضى أكثر من 3 أسابيع فقط على انطلاق العام الدراسي الجديد في الأراضي الفلسطينية.

وصافي واحدة من بين آلاف الأمهات اللواتي يحاولن تعويض الثغرة التعليمية لأطفالهن في العام الدراسي الحالي، إذا كنّ «محظوظات» كفاية بالنزوح إلى مكان يحتمل ذلك.

خيمة لتدريس الأطفال في خان يونس بعد تدمير مدارسهم (رويترز)

وقالت صافي لـ«الشرق الأوسط»، إنها تحاول أن تعوّد طفلتها على استذكار دروسها، وتعلمها الكتابة بشكل سليم، مضيفة: «أعلمها الحروف والأرقام والكلمات، ومسائل رياضية بسيطة. لا يمكن أن تبدأ رحلتها المدرسية متأخرة».

لكن الظروف التي فرضتها الحرب على غزة لا تجعل حتى هذه المحاولات ناجحة.

وتواجه صافي مشكلات حياتية كثيرة مثل غيرها من سكان القطاع، مع انقطاع الكهرباء، والماء، والمواد الغذائية، والعيش تحت قصف وقتل ودمار، وتشرح يكف أن ابنتها تسألها دائماً أين ستدرس بعدما دمرت إسرائيل الروضة التي كانت ترتادها في حي النصر شمال قطاع غزة، وتسألها عن صديقاتها كذلك.

وقالت صافي: «كبر الأطفال قبل الأوان. يفكرون في أشياء صعبة ومعقدة وليس في أبجد هوز. أشعر بأنهم في ضياع. ولا أعرف متى أو كيف ممكن أن يعودوا إلى التعليم».

وخلال الحرب الحالية على قطاع غزة، قصفت إسرائيل جامعات ومدارس ورياض أطفال بمختلف أنواعها، الحكومية والخاصة والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، في إطار سياسة رأى كثيرٌ من سكان القطاع أنها تهدف أيضاً لتجهيل جيل كامل على المدى الطويل.

طفلان فلسطينيان يتفقدان الأضرار التي لحقت بمدرسة تابعة لـ«الأونروا» في أعقاب غارة جوية إسرائيلية (د.ب.أ)

وقال خبراء أمميون، إن الهجمات القاسية المستمرة على البنية التحتية التعليمية في قطاع غزة لها تأثير مدمر طويل الأمد في حقوق السكان الأساسية في التعلم والتعبير عن أنفسهم، ما يحرم جيلاً آخر من الفلسطينيين من مستقبلهم.

ومنذ انطلقت الحرب، توقف ما لا يقل عن 625 ألف طالب عن العملية التعليمية، بينما قتلت إسرائيل أكثر من 5479 طالباً و261 معلماً و95 أستاذاً جامعياً، وأصابت خلال 6 أشهر من الحرب أكثر من 7819 طالباً و756 معلماً.

وبحسب إحصاءات دولية ومحلية فإن 80 في المائة من المدارس في غزة، دُمّرت، ما يشير إلى جهد متعمد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو عمل يعرف باسم «الإبادة التعليمية»، كما وصفها خبراء دوليون.

وتشير «الإبادة التعليمية» إلى المحو المنهجي للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية.

وقالت ريهام حميد، والدة الطالب رامي الذي كان يدرس في مدرسة تابعة لـ«الأونروا» بمخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، إنها اضطرت لإرسال ابنها (9 سنوات) إلى خيمة داخل مدرسة تؤوي النازحين، من أجل أن يتلقى دروساً تعليمية، بدلاً من أن يقضي يومه يلهو أمام البيت المتضرر بفعل قصف إسرائيلي طال منازل عدة في منطقة سكنهم بالمخيم.

وأضافت: «الحرب بدأت مع بداية الموسم الدراسي، والآن يقترب من نهايته، انه عام دون تعليم، وجاء بعد أعوام (كورونا)... جيل كامل ضاع».

وعلى الرغم من مبادرات فتح صفوف تعليمية في الخيم، فإن العملية لم تسر كما يجب.

وقالت حميد إنه بسبب نقص الكادر البشري والأدوات والأماكن، لم تنجح تلك المحاولات بشكل عام، لكن أي شيء أفضل من لا شيء.

وبينما لم يصدر عن وزارة التربية والتعليم سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، أي تعليق حول مصير العام الدراسي في القطاع، ولا يزال الآلاف من طلاب الثانوية العامة «التوجيهي»، ينتظرون أي بارقة أمل من أجل ألا يفقدوا عاماً كاملاً، وهو أمر يبدو بعيد المنال.

الفنان الفلسطيني فارس عنبر متوسطاً أطفال غزة في حلقة لتعليم الموسيقى (صور عنبر)

وقال الطالب رمضان مكاوي، إنه «مثل الضائع». وأضاف: «المرحلة الأهم في حياة أي طالب. قضيناها مهجّرين تحت القصف. نفكّر بالنجاة والمنازل والأهل والغذاء بدل الجامعات والتخصصات. وضع صعب وصفه».

وتابع: «واضح أنه لا يوجد أي حل. وسندفع الثمن من أعمارنا».

وتعدّ المرحلة الثانوية العامة، مهمة لكل الطلبة، قبل دخولهم في تخصصات جامعية مختلفة، تحدد مستقبلهم.

وعقب مكاوي: «لا توجد جهة نتوجه إليها، لتوضح لنا مصيرنا. لا توجد مدارس، ولا توجد جامعات. لا يوجد مستقبل هنا».

وكان أمجد برهم وزير التربية والتعليم أعلن أن ألف طالب فقط من قطاع غزة سيلتحقون بامتحانات الثانوية العامة، وهم الطلبة الموجودون في الخارج؛ منهم 800 في مصر و200 في دول أخرى، وهو ما يعني أنه لأول مرة منذ عقود، لن تعقد في غزة أي امتحانات للثانوية العامة.

وقال مجاهد سالم، إنه يلمس تراجع أبنائه تعليمياً منذ فترة تفشي «كورونا»، وجاءت هذه الحرب لتزيد الوضع سوءاً.

وأضاف: «ثمة مشكلة في المسيرة التعليمية منذ سنوات. وليس فقط هذا العام. أرى جيلاً كاملاً يضيع مستقبل بلا أدنى مسؤولية».


مقالات ذات صلة

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

حذرت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه

نظير مجلي (تل أبيب)

واشنطن واستراتيجية الـ«لا استراتيجية» في الشرق الأوسط

بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
TT

واشنطن واستراتيجية الـ«لا استراتيجية» في الشرق الأوسط

بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)

بعد عام على هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تتخبط منطقة الشرق الأوسط في موجة تصعيد مستمر، من دون أي بوادر حلحلة في الأفق. فمن الواضح أن إسرائيل مصرة على الخيارات العسكرية التصعيدية، ضاربة بعرض الحائط كل المبادرات الدولية للتهدئة، ومن الواضح أيضاً أن الولايات المتحدة وإدارة الرئيس جو بايدن، إما عاجزتان عن التأثير على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإما غير مستعدتين لممارسة ضغوطات كافية عليه للتجاوب مع دعواتها لوقف التصعيد. هذا في وقت تعيش فيه الولايات المتحدة موسماً انتخاباً ساخناً تتمحور فيه القرارات حول كيفية تأثيرها على السباق الرئاسي.

السؤال الأبرز المطروح حالياً هو عما إذا كان هناك استراتيجية أميركية ما حيال ملف الشرق الأوسط، انطلاقاً من الحرب الدائرة منذ عام. فقد واجهت الإدارة الحالية انتقادات حادة بسبب غياب منطقة الشرق الأوسط عن لائحة أولوياتها منذ تسلم بايدن السلطة. ولكن الأمور منذ 7 أكتوبر 2023 تغيرت جذرياً.

تحدثت «الشرق الأوسط» إلى غيث العمري، المستشار السابق لفريق المفاوضات الفلسطيني خلال محادثات الوضع الدائم وكبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي رأى أن الإدارة الأميركية سعت فعلياً إلى عدم إعطاء الأولوية لمنطقة الشرق الأوسط، وحوّلت تركيزها ومواردها إلى أولويات أخرى. ويقول العمري: «جاءت هجمات 7 أكتوبر لتفاجئ الولايات المتحدة التي لم تكن مستعدة لها، والتي افتقرت لما يلزم لمواجهة أزمة بهذا الحجم». ويرى العمري أن الولايات المتحدة اعتمدت منذ السابع من أكتوبر وحتى تاريخنا هذا على سياسة «مجزأة مبنية على رد الفعل»، مضيفاً: «إنها لم تتمكن من رسم المشهد الاستراتيجي أو ممارسة النفوذ على حلفائها الإقليميين».

امرأة تعرض صورة لجنود إسرائيليين بعد استعادتهم لموقع كفرعزّة إثر هجمات 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

تحدثت «الشرق الأوسط» أيضاً إلى جون الترمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية ومدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، فقال: «فشلت إدارة بايدن بالتأكيد في تحقيق العديد من أهدافها في العام الماضي، ولكن في الوقت نفسه لم تندلع حرب إقليمية كبيرة بعد». ويعرب الترمان عن «دهشته» من أنه ورغم «الإخفاقات»، فإن الولايات المتحدة «لا تزال هي النقطة المحورية للدبلوماسية الإقليمية».

وفيما تدافع إدارة بايدن عن أدائها بالقول إنها أظهرت الردع من خلال إرسال تعزيزات أميركية إلى المنطقة، إلا أن العمري يختلف مع هذه المقاربة، لافتاً إلى أن نشر هذه الأصول العسكرية ربما ساهم في المراحل المبكرة من الحرب «في ردع إيران و(حزب الله) من الانخراط في تصعيد كبير، إلا أنه فشل في ردعهما إلى جانب وكلائهما كالحوثيين من الانخراط في أنشطة خبيثة على مستوى منخفض». وأضاف: «لقد تسبب ذلك في زيادة الضغط، وأدى في النهاية إلى انتقال الحرب إلى لبنان وربما مناطق أخرى».

الدبلوماسية «هي الحل»

في خضم التصعيد، تبقى إدارة بايدن مصرة على تكرار التصريحات نفسها من أن الحل الدبلوماسي هو الحل الوحيد، محذرة من توسع رقعة الصراع في المنطقة. وعن ذلك يقول الترمان إن بايدن يريد حلولاً دبلوماسية؛ «لأن الحلول العسكرية تتطلب هزيمة شاملة لأحد الأطراف. ونظراً للرّهانات العالية لكلا الجانبين، فإن الحل العسكري بعيد المنال، وسينجم عنه المزيد من الموت والدمار أكثر بكثير مما شهدناه حتى الآن».

أما العمري فيرى أن التركيز على الدبلوماسية هو أمر مناسب؛ لأنه «في نهاية المطاف، تنتهي الحروب وستكون هناك حاجة إلى حل دبلوماسي»، مضيفاً: «عندما يأتي (اليوم التالي)، يجب أن تكون الأسس لترتيبات دبلوماسية جاهزة».

إلا أن العمري يحذر في الوقت نفسه من أن الدبلوماسية وحدها غير كافية إذا لم تكن مدعومة بقوة واضحة، بما في ذلك القوة العسكرية، ويفسر ذلك قائلاً: «إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من إقناع خصومها بأنها مستعدة لاستخدام قوتها لإيذائهم، وحلفائها بأنها مستعدة لفعل ما يلزم لمساعدتهم، فإن نفوذها تجاه الطرفين سيكون محدوداً».

تجميد الأسلحة لإسرائيل

سقوط أعداد هائلة من المدنيين في حربي غزة ولبنان منذ بدء العمليات الإسرائيلية للرد على هجمات 7 أكتوبر 2023، دفع الكثيرين إلى دعوة بايدن لوضع قيود على الأسلحة الأميركية لإسرائيل، بهدف ممارسة نوع من الضغوط على نتنياهو لوقف التصعيد، لكن الترمان يرفض النظرة القائلة بأن تجميد الأسلحة سيمهد للحل، ويفسر قائلاً: «إذا اعتمدت إدارة بايدن هذه المقاربة، أتوقع أن يعترض الكونغرس بشدة، وقد تكون النتيجة عرضاً للضعف والهشاشة في سياسة البيت الأبيض، بدلاً من صورة تقديم حلول». ويحذّر الترمان من أن خطوة من هذا النوع من شأنها كذلك أن تدفع إسرائيل إلى «الشعور بمزيد من العزلة التي قد تولّد بالتالي شعوراً أكبر بعدم الالتزام بأي قيود».

الرئيس الأميركي جو بايدن خارجاً من البيت الأبيض ليستقل الطائرة إلى نيويورك (أ.ب)

ويوافق العمري مع هذه المقاربة، مشيراً إلى أنه «من غير الواضح أن أي وسيلة ضغط ستنجح»، فيقول: «إسرائيل تشعر بأنها مهددة وجودياً، مما يجعلها أقل استعداداً لتقبل أي تأثير خارجي». ويوفر العمري نظرة شاملة عن مقاربة الإدارة الأميركية في غزة ولبنان التي تحد من الضغوط التي ترغب في ممارستها على إسرائيل، فيفسر قائلاً: «رغم أن الولايات المتحدة غير راضية عن بعض جوانب سير الحرب، خصوصاً فيما يتعلق بالخسائر البشرية بين المدنيين، فإنها تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد السابع من أكتوبر». لهذا السبب يشير العمري إلى أن الولايات المتحدة تحتاج إلى تحقيق توازن في الضغط بطرق يمكن أن تغير سلوك إسرائيل «دون تقييد قدرتها على تحقيق الهدف المشروع المتمثل في هزيمة (حماس)»، مضيفاً: «هذا التوازن ليس سهلاً».

بالإضافة إلى ذلك، يذكّر العمري بطبيعة العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي «تتجاوز القضية الإسرائيلية - الفلسطينية»، فيقول: «الولايات المتحدة تستفيد استراتيجياً من هذه العلاقة، بما في ذلك الفوائد المتعلقة بالتهديدات الإقليمية الأخرى مثل الأنشطة الإيرانية. وبذلك، فإن الولايات المتحدة لديها مصالحها الاستراتيجية الخاصة التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار».

أي حل في نهاية النفق

رغم التصعيد المستمر، تعمل الولايات المتحدة على بناء استراتيجية تضمن عدم خروج الأمور عن السيطرة، ودخول إيران على خط المواجهة، ويشدد العمري على أن «الأولوية الآن هي ضمان بقاء إيران خارج هذه الحرب»، مشيراً إلى أن هذا الأمر ضروري للحد من انتشار الصراع، و«لإضعاف مصداقية إيران الإقليمية ونفوذها مع وكلائها»، لكنه يرى في الوقت نفسه أنه «لا يمكن تحقيق مثل هذه النتيجة إلا إذا كانت إيران مقتنعة بأن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام العمل العسكري».

عنصران من الدفاع المدني الفلسطيني في دير البلح في غزة (أ.ف.ب)

أما الترمان الذي يؤكد ضرورة استمرار الولايات المتحدة «في تقديم مسار للمضي قدماً لجميع الأطراف»، فيحذّر من أن هذا لا يعني أنها يجب أن «تحمي الأطراف من العواقب الناجمة عن أفعالهم»، ويختم قائلاً: «هناك مفهوم يسمى (الخطر الأخلاقي)، يعني أن الناس يميلون إلى اتخاذ سلوكيات أكثر خطورة إذا اعتقدوا أن الآخرين سيحمونهم من الخسارة».