السعودية... 100 عام من التجربة الشورية العريقة

تقليد ملكي لافتتاح أعمال المجلس... والملك فيصل تولى رئاسته 49 عاماً

مجلس الشورى السعودي
مجلس الشورى السعودي
TT

السعودية... 100 عام من التجربة الشورية العريقة

مجلس الشورى السعودي
مجلس الشورى السعودي

الملك عبد العزيز في صورة نادرة عند إقرار أول مجلس للشورى في الدولة الناشئة

منذ بدايات الدولة السعودية الحديثة، أرسى الملك عبد العزيز ثوابت وسنّ تقاليد راسخة منها اختيار الشورى منهاجاً وركيزة من ركائز حكمه الرشيد، ففي عهده تأسس مجلس الشورى وتعدّ تلك الخطوة أولى النقلات لمأسسة ممارسات الحكم، وهي النقلة أو التجربة التي أسست لمنظومة من المؤسسات الدستورية في الدولة الناشئة.

بداية المجلس الأهلي

بدأ ذلك الحراك الدستوري في شهر رجب 1343هـ - فبراير (شباط) 1925م بتشكيل «المجلس الأهلي» برئاسة الشيخ عبد القادر الشيبي، والذي أعيد تشكيله بعد نحو ستة أشهر بمسمى «مجلس الشورى الأهلي»، وانتُخب السيد محمد المرزوقي أبو حسين رئيساً، والشيخ عبد القادر الشيبي نائباً للرئيس والشيخ محمد سرور الصبان أميناً للسر. وفي عصر يوم الثلاثاء 13 محرم 1344هـ - 5 أغسطس (آب) 1925م افتتح عظمة السلطان عبد العزيز - كما كان يسمى وقتذاك – دورة انعقاد المجلس في مقرّه بدار الحكومة (مبنى الحميدية) بمكة المكرمة، وألقى ما يمكن عدّه أول «خطاب ملكي» في مجلس الشورى، واللافت أن ذلك الخطاب جاء في جزأين: الكلمة المختصرة التي ارتجلها الملك وتضمنت توجيهاته ورؤيته لعمل المجلس، أما الكلمة الموسعة أو البيان الرسمي فألقاها المستشار حافظ وهبة، وهذا التقليد استمر العمل به أحياناً، منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، وعدّ الأعضاء ذلك الخطاب الملكي «برنامج عمل» للمجلس، وقرّروا تشكيل لجان للنظر في كل الفروع التي وردت في الخطاب وبحثها ثم رفع النتائج لعظمة السلطان بعد إقرارها من المجلس، فيما يشبه الجواب على الخطاب الملكي.

اللبنة الأولى في البناء الشوري

وفي 2 ذو القعدة 1344هـ - 13 مايو (أيار) 1926م نُشر بلاغ رسمي لانتخاب المجالس الاستشارية بما فيها مجلس الشورى، وصدر مرسوم ملكي في 12 ذو القعدة 1344هـ - 23 مايو 1926م بإسناد رئاسة مجلس الشورى للشريف محمد شرف باشا بن عدنان آل غالب. إلا أن كل تلك المجالس لم تتشكل أصلاً بسبب قِصر المدة بين الدعوة لتشكيلها وصدور التعليمات الأساسية (أول وثيقة دستورية منشورة)، والتي نصت مواد القسم الرابع منها على تشكيل «المجلس الشوري».

الملك فيصل بن عبد العزيز حينما كان نائباً للملك في الحجاز

فشُكّل برئاسة نائب الملك في الحجاز في شهر صفر 1345هـ - سبتمبر (أيلول) 1926م، وكان نائبه مستشاره الشيخ عبد العزيز بن محمد العتيقي. وحقيقة، تعدّ تلك المجالس الثلاثة وبغض النظر عن مسمياتها وتباين المؤرخين في تسميتها وقصر مدتها، اللبنة الأولى في البناء الشوري الهيكلي ومرحلة التجريب والاختبار للنموذج الذي ستبنى عليه دولة المؤسسات السعودية، من حيث أنظمة تلك المجالس وطرق تشكيلها (انتخاباً أو تعييناً) وسابقتها البرلمانية في المنطقة وآليات عملها وإنجازاتها، لكنه من المتعذر في مقال كهذا الإحاطة بكل التفاصيل التي تستحق إفرادها ببحث مستقل يغوص في ثنايا تلك التجربة ويقيس أثرها وما تلاها من تجارب دستورية سعودية أوصلتها إلى ما هي فيه اليوم.

المؤسس يفتتح المجلس بخطاب ملكي

الشريف شرف عدنان

وفي 9 محرم 1346هـ - 8 يوليو (تموز) 1927م وبناءً على توصيات لجنة التفتيش والإصلاح، وافق الملك على اعتماد نظام جديد للمجلس وتفريغ أعضائه وإعادة تشكيله برئاسة نائب الملك في الحجاز، وكان ينوب عنه في رئاسة الجلسات مستشاره الشريف محمد شرف عدنان.

مرسوم ملكي لإسناد مجلس الشورى للشريف عدنان

وفي 14 محرم – 13 يوليو 1927 افتتح الملك عبد العزيز دورته الأولى بخطاب ملكي، وهنا بعض مقتطفاته:

«- الحكومة جادة في إدخال كثير من الإصلاحات والأعمال النافعة.

- ستعرض على مجلسكم مشاريع وموضوعات عدة، منها:

- مشاريع حفر الآبار الارتوازية لأن المياه أهم ما نحتاج إليه

- مشاريع تعبيد الطريق بين مكة وجدة وتوسعة الشوارع في مكة.

- إصلاح إدارة البريد والبرق التي استكملت معداتها لتعمل بموجب الاتفاقات الدولية بعد انضمام المملكة للاتحاد البريدي الدولي.

- إصلاح شؤون المعارف وتوحيد نظام التعليم في البلاد.

- إصلاح الحالة الصحية، واتخاذ الأسباب لراحة الحجاج».

الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن ويقف خلفه الطيب الهزازي

المؤسّس وتطوير مجلس الشورى

وتعدّ هذه الدورة انطلاقة مجلس الشورى بشكله الذي استمر عليه لعقود، ثم جاءت الدورة الثانية فرأى الملك عبد العزيز ضرورة تطوير نظامه الذي صدر في 14 مادة مع ملحق من 7 مواد، كما صدر النظام الداخلي للمجلس في 24 مادة، وعُرف بنظام (1347هـ - 1928م)، واستمر العمل به لما يقارب 65 عاماً يمارس فيها المجلس اختصاصاته.

المرسوم الملكي بتشكيل مجلس الشورى عام 1955م

وإن كانت قلّت صلاحياته بعد إنشاء مجلس الوزراء عام 1373هـ - 1952م وصدور نظامه الذي منحه اختصاص السلطة التنظيمية، فكان لا بد من تطوير نظام مجلس الشورى بما يواكب مراحل التطور التي مرّت بها سلطات وأجهزة الدولة المختلفة، وكانت أولى المحاولات عندما بادر المجلس بإعداد مشروع تطوير نظامه ولائحته الداخلية عام 1373هـ - 1953م ورفعها إلى المقام السامي، وشكلت لجان لدراسة الموضوع، ثم دُرس في اللجنة المشكلة برئاسة الأمير مساعد بن عبد الرحمن عام 1382هـ - 1962م لإعداد مشروع النظام الأساسي للحكم، وبعد ذلك في اللجنة التي شُكّلت عام 1400هـ - 1980م برئاسة الأمير نايف بن عبد العزيز؛ فكان أحد مخرجاتها «نظام مجلس الشورى».

تشكيل مجلس الشورى عام 1955م

في 54 عاماً عُقد 5963 جلسة

وعلى الرغم من تأخر تطوير النظام لنحو 40 عاماً، فإن تجربة المجلس في مرحلته تلك ظلت محفورة في الذاكرة السياسية والإدارية وآثارها محفوظة في الأراشيف الحكومية، وأحصى المؤرخ الشوري السعودي الدكتور عبد الرحمن بن علي الزهراني، أن عدد دورات المجلس خلال تاريخه الممتد بين عامي 1346 و1400هـ - 1927 و1980م، كانت (51 دورة) عقد خلالها (5963 جلسة) وأصدر (8583 قراراً) تضمنت مئات الأنظمة واللوائح والتعليمات والتفسيرات وغيرها. وتعاقب على عضويته (85 عضواً) ( تراوح عدد أعضاء الدورة الواحدة بين 6 و25 عضواً)، كان أطولهم مدة الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي الذي استمرت عضويته 51 عاماً تدرج فيها من سكرتير إلى عضو إلى نائب دائم لرئيس المجلس، أما أقلهم مدة فكان الشيخ محمد الطيب الهزازي الذي كانت عضويته لمدة شهر واحد فقط، وكان تمديد العضوية سمة لتلك المرحلة، ووجدت أن متوسط عدد سنوات العضوية يصل إلى 10 سنوات ونصف السنة للعضو الواحد.

الملك فيصل... 49 عاماً رئيساً للمجلس

وتولى رئاسة المجلس منذ عام 1346هـ - 1927م وحتى وفاته عام 1395هـ - 1975م الملك فيصل، واستمر المجلس بعد ذلك مرتبطاً بالملك ويقوم بإدارة أعماله نائب الرئيس، وحتى صدور الأمر الملكي بتعيين الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير رئيساً عام 1413هـ - 1992م، ومما يجدر ذكره أن ابن جبير كان عضواً في اللجان التي درست تطوير نظام المجلس منذ عام 1382هـ - 1962م.

أما منصب نائب الرئيس، فقد تولاه كل من: الشيخ عبد الله بن محمد الفضل، والسيد صالح شطا، والشيخ عبد الله الشيبي، والشريف محمد شرف رضا، والشيخ أحمد الغزاوي والسيد صادق دحلان.

أحمد الغزاوي

كما تعاقب على أمانته العامة 7 أمناء عامون، هم: الشيخ أحمد الغزاوي، والسيد حمزة المرزوقي أبو حسين، والأستاذ فؤاد علي رضا، والسيد صادق دحلان، والسيد علوي العيدروس، والأستاذ محمد سعيد جوهرجي والأستاذ عبد الرزاق الطيب. ويلاحظ أيضاً أن هناك أسراً شورية تعددت أسماء منها في عضوية المجلس، مثل: الزواوي، وشطا، والشيبي، والفضل ونصيف. علماً أن آخر جلسة عقدها ذلك المجلس خلال دورته الـ51، كانت يوم 18 ذو القعدة 1400هـ - 27 سبتمبر 1980م.

مجلس الشورى... من مكة إلى الرياض

لكن اللافت، أنه بعد ذلك التاريخ لم تتوقف أعمال المجلس؛ بل استمر ككيان قائم له ميزانيته وموظفوه ومقرّه في حي الششة بمكة المكرمة، حيث أمانته العامة وجهازه الإداري، كما كان يتم التمديد إلى من بقي من أعضائه.

صادق دحلان

وبعد وفاة نائب رئيس المجلس الشيخ أحمد الغزاوي صدر الأمر السامي رقم (2931) في 13 رمضان 1401هـ - 14 يوليو 1981م، بأن يحل السيد صادق بن عبد الله دحلان محل الشيخ الغزاوي، في إدارة أعمال مجلس الشورى، حيث استمر حتى عام 1413هـ - 1992م وانتقال إدارات المجلس للرياض. من هنا يمكن القول إن مسيرة الشورى السعودية مستمرة منذ مائة عام، ولا أعلم سبباً في عدم استمرار المجلس في مرحلته الحالية امتداداً للمجلس السابق من حيث أرقام دوراته وسنواته، رغم أن المادة ثانياً من الأمر الملكي رقم (أ/91) الصادر بنظام مجلس الشورى نصت على: «يحل هذا النظام محل نظام مجلس الشورى الصادر عام 1347هـ...»؛ ما يؤكد أنه امتداد له وليس منفصلاً عنه!

خادم الحرمين الشريفين لدى افتتاحه أعمال السنة الجديدة لمجلس الشورى (واس)

تقليد ملكي عريق لافتتاح أعمال المجلس

أما عن الخطب الملكية في مجلس الشورى، فاستمرت تقليداً عريقاً طوال عهد الملك عبد العزيز، ومما يسترعي الانتباه أن مجلس الشورى كان له مقر صيفي في الطائف، حيث افتتح الملك عبد العزيز الدورة الثالثة وألقى الخطاب الملكي في قاعة المجلس بالطائف يوم 2 ربيع الأول 1349هـ - 27 يوليو 1930م، كما ناب عن الملك في إلقاء الخطاب الملكي كل من: ولي العهد (الأمير) سعود، ونائب الملك في الحجاز ورئيس مجلس الشورى (الأمير) فيصل، والأمراء منصور بن عبد العزيز وعبد الله الفيصل بصفتهما رئيسين لمجلس الشورى بالنيابة.

تلك الركائز التي أرساها الملك عبد العزيز في مرحلة دقيقة من عمر الدولة التي لم يكن اكتمل توحيدها بعد، وعلى الرغم من انشغاله في حروب التوحيد وتوطيد الأمن والاستقرار، فإنه كان حريصاً على تثبيت دعائم بناء الدولة واستكمال هياكلها التنظيمية ومؤسساتها الدستورية، والتي سار عليها أبناؤه ملوك المملكة العربية السعودية من بعده وطوّروا ممارساتها وتطبيقاتها.

الملك فهد بن عبد العزيز يصدر مرسوماً ملكياً بإصدار نظام مجلس الشورى ويحل محل النظام السابق الصادر عام 1347 للهجرة

فأصدر الملك فهد نظام مجلس الشورى عام 1412هـ – 1992م ونصت مادته 14: «يلقي الملك أو من ينيبه، في مجلس الشورى، كل سنة خطاباً ملكياً، يتضمن سياسة الدولة الداخلية والخارجية.»؛ لذا يمكن القول إن هذا الخطاب الملكي هو الوحيد المؤسس له دستورياً والمحدد مكانه ووقته.

الملك فهد بن عبد العزيز وبجواره ولي عهده الأمير عبد الله بن عبد العزيز أثناء افتتاح أولى جلسات مجلس الشورى عام 1993م

ركائز ثابتة في الخطابات الملكية

وبتتبع الخطابات الملكية في مجلس الشورى خلال 30 عاماً، وجدت أن إطارها العام استعراض للسياسة الداخلية والخارجية مع رصد للمنجزات وإلقاء الضوء على المستجدات والتطورات، وعلى الرغم من اختلاف تفاصيل مضامينها عاماً بعد عام، فإن ركائزها الأساسية ظلت ثابتة، ويمكن تلخيصها في:

- التأكيد على ثوابت الدولة ونهجها.

- التأكيد على مكانة المملكة العربية السعودية وتشرفها بخدمة الحرمين.

- التذكير بنعمة الأمن والاستقرار وضرورة الحفاظ عليها.

- استعراض المنجزات والمستهدفات التنموية وأن المواطن هو محورها.

- إيضاح الأدوار الإنسانية والإغاثية.

- بيان المواقف السياسية السعودية.

- استعراض للجوانب الاقتصادية من مبادرات ومخرجات للخطط، والإشارة للسياسات المالية والبترولية.

- التطرق إلى الشأن الاجتماعي بمختلف جوانبه وأبعاده.

ولا يخلو الخطاب عادة من ملامسة لموضوعات الساعة مع ختمه بعبارات الشكر.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال مجلس الشورى (واس)

أما عن من ألقى الخطاب الملكي خلال تلك الأعوام، فكل من: الملك فهد وناب عنه في بعض السنوات ولي عهده (الأمير) عبد الله، ثم الملك عبد الله وناب عنه ولي عهده (الأمير) سلمان، ثم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وأناب عنه هذا العام ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

ثلاثة عقود منذ صدور نظام المجلس بعد تطويره، والمجلس يتشرف سنوياً بتلقي الخطاب الملكي في بداية كل سنة شورية؛ ما يؤكد تقدير القيادة للدور الوطني الذي يقوم به مجلس الشورى في اقتراح الأنظمة والقوانين وتطوير البنية التشريعية للجهاز الحكومي والإداري للدولة، خاصة خلال هذه المرحلة التنموية التاريخية التي تشهد فيها المملكة العربية السعودية حراكاً تشريعياً يواكب متطلبات «رؤية السعودية 2030»، ويلبي تطلعاتها المستقبلية ومستهدفاتها الوطنية، كما يعكس الدعم الذي يحظى به مجلس الشورى من القيادة السعودية ما يُمكّنه من القيام بدوره الرقابي والتشريعي، وأداء دوره البرلماني الوطني بالكفاءة المطلوبة.

مراحل وتحولات وأدوار في مجلس الشورى

وهنا، لا بد من توضيح أن المجلس مرّ بمراحل وتطورات وتحولات طوال مسيرته الممتدة وأدى أدواراً متعددة، فإضافة إلى دوره التشريعي، كُلف مهمات تفتيشية، وأسند إليه النظر في الأمور الإدارية، كما كان حاضراً في كثير من المحطات المفصلية في تاريخ الوطن، فمن أعضائه رُفع مشروع نظام إعلان توحيد البلاد وتسميتها المملكة العربية السعودية بدلاً من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها عام 1351هـ - 1932م، كما اشترك مع مجلس الوكلاء ورئاسة القضاء في ترشيح الأمير سعود لولاية العهد عام 1352هـ - 1933م، وفي عام 1355هـ - 1936م أعد مشروع النظام الأساسي للمملكة من (140) مادة ورفعه للمراجع العليا، كما اشترك مع مجلس الوزراء في إصدار بيان مبايعة الملك فيصل عام 1384هـ - 1964م، وغير ذلك كثير.

لذا؛ كان للمجلس دوره وتاريخه وإن قلت صلاحياته وتحولت كثير من اختصاصاته السابقة إلى أجهزة ومؤسسات أخرى، لكنه بقي كمؤسسة دستورية قائمة تنتظر تطوير نظامها ورهن إشارة الملك في أي وقت، كما كان دوماً حاضراً في ذهن القيادة، ومما يدل على ذلك أمر الملك فهد ببناء مقر للمجلس وفق أحدث التصاميم وتجهيزه بأفضل التقنيات ضمن مجمع قصر اليمامة في الرياض، وكان ذلك في أواسط الثمانينات الميلادية من القرن المنصرم وقبل صدور نظام المجلس وإعادة تشكيله بسنوات. ومن هنا يمكن أن نفهم ما سبق أن ذكره الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، في حديث نقله الكاتب السعودي خالد بن حمد السليمان، «أن تطوير دور وتعزيز صلاحيات مجلس الشورى هو إحدى الخطوات القادمة على طريق الإصلاح».

ومن الموافقات، أن الخطاب الملكي هذا العام جاء ونحن في منتصف رحلة الإنجاز نحو 2030 وقد تحقق الكثير، وكان مدعماً بالأرقام والمؤشرات؛ مما يبشر بمزيد من النجاحات الاقتصادية، كما أن تسهيل أداء الحج والعمرة لما يقارب 12 مليون مسلم، واستضافة عدد من القمم الكبرى جمعت أكثر من (100) دولة في عام واحد، عدا تنظيم عشرات المؤتمرات والمنتديات والمعارض والفعاليات الكبرى المختلفة، يعكس الدور الريادي للمملكة والإمكانات التي تؤهلها لاستضافة أبرز المحافل العالمية.

جانب من كلمة ولي العهد السعودي أمام «الشورى» (واس)

الخطاب الملكي وخريطة الطريق

ولا بد من الإشارة إلى أن المادة 14 في نظام مجلس الشورى والتي نصت على إلقاء الخطاب الملكي، جاءت قبل المادة التي حددت مدة المجلس، وتلتها المادة التي تضمنت اختصاصاته، ويمكن أن يُفهم من ذلك أن الخطاب الملكي ليس الغرض منه الإفصاح عن السياسة الداخلية والخارجية للدولة فحسب؛ بل وتزويد المجلس بخريطة طريق وبرنامج عمل لسنته التشريعية. وقد لا يكون معلوماً لدى كثيرين أن المجلس يعد جواباً على الخطاب الملكي، ووفقاً للمواد الواردة في قواعد عمله، يتم اختيار لجنة من بين أعضائه لإعداد مشروع الجواب على خطاب الملك، وبعد إقرار الجواب من المجلس يرفع إلى الملك.

كل ذلك يؤكد أن الخطاب السنوي في مجلس الشورى ليس خطاباً حولياً روتينياً؛ لكنه تقليد ملكي دستوري عريق، له ركائزه وبروتوكولاته، ويمكن من خلاله فهم سياقات كثيرة لتاريخ المملكة العربية السعودية وقراءة لحاضرها واستشراف لمستقبلها. إن مائة عام من التجربة الشورية الفريدة بأبعادها وقواعدها وتطبيقاتها كافة وما يصاحبها من التقاليد الملكية الأصيلة ليست بالمدة اليسرة؛ لذا أرى أن الرجوع للخطابات الملكية يمكن أن يؤرخ للسياسة السعودية الداخلية والخارجية في 100 عام، كما أن تلك الخطب والكلمات لا تمثل خريطة طريق لمجلس الشورى وبقية مؤسسات الدولة فحسب؛ لكنها مفاتيح مهمة لقراءة المستقبل السعودي من قِبل المحللين والباحثين، ووثائق تاريخية للدارسين والمؤرخين.


مقالات ذات صلة

السعودية: انضمام عضوين لـ«كبار العلماء» و77 لـ«الشورى»

الخليج تضم هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رئيساً و20 عضواً (واس)

السعودية: انضمام عضوين لـ«كبار العلماء» و77 لـ«الشورى»

أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أمرَين ملكييْن بإعادة تكوين «هيئة كبار العلماء» و«مجلس الشورى»، شهدا انضمام عضوين جديدين للهيئة و77 للمجلس.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد تحركات حكومية مكثفة لرفع نسبة تملك المواطنين للمسكن الأول (الشرق الأوسط)

«الشورى» السعودي يطالب بزيادة دعم القروض العقارية للمواطنين

طالب مجلس الشورى السعودي، بدراسة إمكانية زيادة مقدار المبلغ غير المسترد الذي يدفعه صندوق التنمية العقارية للمواطن لتملك مسكنه الأول.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشروع محطة سكاكا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية (الشرق الأوسط)

السعودية: مطالب بإنشاء مشاريع صغيرة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية

طالب مجلس الشورى السعودي بتشجيع ودعم القطاع الخاص للاستثمار في إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ثماني محطات إيرانية بعد «طوفان الأقصى»

خامنئي يؤم صلاة الجنازة على القيادي في «الحرس الثوري» رضي موسوي ديسمبر الماضي (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يؤم صلاة الجنازة على القيادي في «الحرس الثوري» رضي موسوي ديسمبر الماضي (موقع المرشد الإيراني)
TT

ثماني محطات إيرانية بعد «طوفان الأقصى»

خامنئي يؤم صلاة الجنازة على القيادي في «الحرس الثوري» رضي موسوي ديسمبر الماضي (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يؤم صلاة الجنازة على القيادي في «الحرس الثوري» رضي موسوي ديسمبر الماضي (موقع المرشد الإيراني)

عندما بدأت عملية «طوفان الأقصى» ونشوب الحرب في غزة، كانت إيران تواجه تداعيات الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة إثر وفاة الشابة مهسا أميني، التي جعلت خريف 2022 الأكثر دموية في الداخل الإيراني.

اندلعت الحرب في قطاع غزة، في لحظة محورية بالنسبة لمؤسسة المرشد الإيراني؛ حيث زادت الضغوط الدولية عليه بسبب قمع الاحتجاجات الداخلية، وإرسال الطائرات المسيّرة إلى روسيا، مع وصول المفاوضات النووية إلى طريق مسدود.

ومنذ الموقف الرسمي الأول، رأت طهران أن هجوم حركة «حماس» هو «رد فعل طبيعي وحركة عفوية على السياسات الحربية والاستفزازية والإشعال المتعمّد للصراعات من قبل رئيس الوزراء المتطرف والمغامر لإسرائيل».

دأب المسؤولون الإيرانيون على نفي أي دور في اتخاذ قرار عملية «طوفان الأقصى»، لكن الحراك الدبلوماسي والسياسي أوحى بأن أركان الدولة، بما في ذلك الجهاز الدبلوماسي، كان على أهبة الاستعداد للتطور الكبير الذي يهز المنطقة.

بعد أقل من أسبوع على هجوم «طوفان الأقصى» بدأ وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبد اللهيان، أول جولاته الخمس على دول المنطقة قبل وفاته في 19 مايو (أيار)؛ بهدف عقد مشاورات مع مسؤولي دول الجوار ولقاءات تنسيقية قادة جماعات «محور المقاومة» وتوجيه رسائل إقليمية، وتوجه إلى العراق وواصل زيارته إلى دمشق، ومنها إلى بيروت، وانتهى المطاف في الدوحة.

وحينها وجهت إيران رسالة لإسرائيل، بأنها قد تواجه عدة جبهات إذا لم تتوقف عملياتها العسكرية في غزة.

ودفعت طهران باتجاه تعزيز صورة الجماعات المسلحة في المنطقة، والعمل على إضفاء الشرعية على دورها في دعم تلك الجماعات، مستغلة الأوضاع السياسية والاضطرابات الإقليمية.

اجتماع ثلاثي بين عبداللهيان وزياد النخالة أمين عام «الجهاد الإسلامي» وصالح العاروري رئيس مكتب حركة «حماس» في بيروت مطلع سبتمبر 2023 (الخارجية الإيرانية)

وشكل هذا الموقف المحطة الأولى لإيران. وترى طهران أنها نقلت جماعات «محور المقاومة» من نطاق محصور إلى نطاق «عالمي»، أو ما يسميه الدبلوماسيون الإيرانيون من «عالم المقاومة» إلى «المقاومة العالمية».

بذلك، انتقلت إيران، التي حاولت الحفاظ على مرحلة التهدئة مع جيرانها الإقليميين، إلى وضع هجومي فيما يتعلق بالجماعات المرتبطة بها، وهو ما يراه البعض انعكاساً لاستراتيجيتها على توسيع نفوذها ودورها في المنطقة.

على المستوى الرسمي، بعثت إيران برسالة للأوساط الدولية بأن تلك الجماعات مستقلة، وتملك قرارها بنفسها، وتصنع أسلحتها، لكن عدة مسؤولين وقادة عسكريين إيرانيين أشاروا في تصريحاتهم إلى دور الجنرال قاسم سليماني وقوات الوحدة الخارجية في «الحرس الثوري» بتسليح تلك الجماعات وتزويدها بتقنيات صناعة الأسلحة.

أما ثاني محطة لإيران بعد «طوفان الأقصى»، فقد بدأت بعد شهر من اندلاع الحرب في غزة؛ حيث دعا المرشد الإيراني علي خامنئي إلى ما وصفه بـ«قطع الشرايين الاقتصادية» لإسرائيل، خصوصاً ممرات النفط والطاقة. ومنها دخلت الجماعات المرتبطة بطهران، وجماعة «الحوثي» تحديداً على خط الأزمة، وشنّت هجمات على سفن تجارية على مدى أشهر، أثرت على حركة الملاحة في البحر الأحمر.

كما باشرت الميليشيات والفصائل العراقية الموالية لإيران، هجمات بالطائرات المسيّرة على إسرائيل والقواعد الأميركية على حد سواء.

وبدأ الجيش الأميركي رده بعدما تعرضت له قاعدة في الحدود السورية بالرد على هجمات طالت قواته، مستهدفاً مواقع للفصائل المسلحة.

على المستوى السياسي، أصرت طهران على وضع شروط الجماعات الحليفة معها أولاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ومنها أبدت معارضتها لأي تسويات دولية، خصوصاً إحياء مقترح «حل الدولتين». وفي ديسمبر (كانون الأول)، قال وزير الخارجية الإيراني إن رفض «حل الدولتين» نقطة مشتركة بين إيران وإسرائيل.

المحطة الثالثة: بموازاتها باشرت إسرائيل بشن هجمات هادفة ضد القوات الإيرانية في سوريا، واستهدفت رضي موسوي مسؤول إمدادات «الحرس الثوري» في سوريا في ديسمبر، وبعد شهر، أعلن «الحرس الثوري» مقتل مسؤول استخباراته هناك، حجت الله أميدوار، لكن أقوى الضربات جاءت في مطلع أبريل (نيسان) عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية اجتماعاً لقادة «الحرس» في مقر القنصلية الإيرانية، وقتلت أرفع مسؤول عسكري إيراني في سوريا ولبنان، الجنرال محمد رضا زاهدي.

المرشد الإيراني علي خامنئي يؤم صلاة الجنازة على جثامين زاهدي وجنوده في حسينية مكتبه 4 أبريل 2024 (أ.ف.ب - موقع المرشد)

أما المحطة الإيرانية الرابعة، فقد وصلت إيران فيها إلى حافة الحرب مع إسرائيل، عندما ردت على قصف قنصليتها، بشن أول هجوم مباشر من أراضيها على الأراضي الإسرائيلية بمئات الصواريخ والمسيّرات.

ورغم تأكيد الجانب الإسرائيلي على صد الهجوم الإيراني، فقد وجهت ضربة محدودة لإيران باستهداف منظومة رادار مطار عسكري في مدينة أصفهان، قرب منشأة نووية حساسة.

وزادت المواجهة من احتمال تغيير مسار البرنامج النووي الإيراني، مع تكاثر الحديث في طهران عن ضرورة التوصل لأسلحة رادعة، وأيضاً التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.

امرأة غير محجبة تمر أمام لافتة دعائية للصواريخ الإيرانية في ساحة «ولي عصر» وسط طهران 15 أبريل الماضي (رويترز)

المحطة الإيرانية الخامسة، جاءت بعد مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، في حادث تحطم مروحية قرب الحدود الأذربيجانية. وسارعت السلطات الإيرانية لنفي نظرية المؤامرة، مستبعدة بذلك أي احتمالات لتعرض أرفع مسؤول تنفيذي في البلاد لضربة إسرائيلية. وأصدرت هيئة الأركان بعد نحو 3 أشهر على مقتل رئيسي، تأكيداً بأن مروحيته سقطت نتيجة ظروف مناخية، رغم أنها لم تُجِب عن كل الأسئلة.

عبداللهيان خلال اللقاء الذي جمعه بنصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية فبراير الماضي (إعلام «حزب الله»)

وفي هذه المرحلة، توسعت الحملة الإيرانية، مع دخول الموقف السياسي الإيراني مرحلة السبات فيما يخص تطورات الحرب في غزة، نظراً لانشغال السلطات بالانتخابات الرئاسية، والسعي لتشكيل حكومة جديدة.

وخلال حملة الانتخابات الرئاسية، تجنب المرشحون للانتخابات إثارة القضايا المتعلقة بحرب غزة والدعم الإيراني. على الرغم من الانتقادات الداخلية لتأجيل القضايا الإيرانية الملحة مثل رفع العقوبات وتعطل المسار الدبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي.

وكان لافتاً أن تصريحات المرشحين بمختلف توجهاتهم لم تذهب أبعد من الإشادة بالبرنامج الصاروخي، وتوجيه الضربة لإسرائيل، والتعهد بتعزيز معادلات الردع.

المحطة السادسة: بمراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في 30 يوليو (تموز)؛ إذ شهدت طهران أكبر تحول في حرب غزة، ألا وهو اغتيال رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية، في مقر تابع لـ«فيلق القدس» في شمال طهران.

هنية ونائب الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني ورئيس حركة «الجهاد الإسلامي» والمتحدث باسم الحوثيين في مراسم القسم الدستوري للرئيس الإيراني بطهران 30 يوليو الماضي (رويترز)

وتعهد المرشد الإيراني علي خامنئي حينها بالرد على «انتهاك السيادة الإيرانية» واغتيال «ضيف إيران»، وتنوعت نبرة ومفردات التهديد بين مسؤولين سياسيين وقادة عسكريين. وشدد المسؤولون الإيرانيون على حتمية الرد مع تقدم الوقت وتراكم الشكوك بشأن رد إيران.

وأثار اغتيال هنية في طهران الكثير من التساؤلات حول طبيعة العملية، خصوصاً مع وجود الاختراقات.

موكب تشييع إسماعيل هنية في طهران يوم 1 أغسطس الماضي (أ.ب)

المحطة السابعة: كان عنوانها تفجيرات أجهزة «البيجر»، بالتزامن مع رسالة تهدئة من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خصوصاً مع الولايات المتحدة، وشملت إسرائيل.

وقبل أن يتوجه إلى نيويورك، قال بزشكيان في مؤتمر صحافي إن بلاده لا تريد أن تكون عاملاً لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ولا تريد تصدير الثورة، مبدياً استعداده للانفتاح على واشنطن، إذا أثبتت أنها ليست معادية لطهران، وذهب أبعد من ذلك عندما استخدم وصف «الأخوة الأميركية».

واصل بزشكيان هذه النبرة في لقاءات على هامش حضوره أعمال الجمعية العامة في نيويورك، وقال: «إيران مستعدّة لوضع أسلحتها جانباً إذا وضعت إسرائيل أسلحتها جانباً»، حسب تسجيل صوتي انتشر من اللقاء نفسه. وقال إن تأخير الرد الإيراني على اغتيال هنية هو تلقي بلاده رسائل بأن اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» سيُبرم خلال أسبوع، مبدياً انزعاجه من عدم التوصل للاتفاق واستمرار الهجمات الإسرائيلية.

خامنئي يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره وفي الخلفية صورة نصر الله (موقع المرشد)

وقلل بزشكيان من قدرة «حزب الله» على مواجهة إسرائيل وحده، وهو ما مزق الصورة التي رسمها مسؤولون مقربون من المرشد علي خامنئي.

وزاد موقف بزشكيان وكذلك الفرضيات بوجود اختراق في هجمات «البيجر»، واستهداف قادة «حزب الله»؛ من الشكوك في طهران بوجود اختراقات للجبهة الإيرانية، وعززت أيضاً مخاوف داخلية من وجود اختراقات.

المحطة الثامنة والخطيرة، بدأت باغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، ثاني أهم لاعب للاستراتيجية الإقليمية الإيرانية، بعد الجنرال قاسم سليماني، خلال 35 سنة من حكم المرشد علي خامنئي. كما أدت الغارة الجوية الإسرائيلية على مقر نصر الله، إلى تسجيل ثاني خسائر «الحرس الثوري» الكبيرة منذ «طوفان الأقصى»، وهو نائب قائد غرفة العمليات، الجنرال عباس نيلفروشان.

ويحظى نصر الله بأهمية كبيرة لدى حكام إيران وخصوصاً الأوساط المحافظة، لدرجة تداول اسمه في بعض الفترات لتولي منصب المرشد الإيراني بعد خامنئي بوصفه «ولي الفقيه»، ولو أن الترشيح بدا مثالياً لأنه ليس مسؤولاً إيرانياً، فسيكون مرفوضاً من غالبية الأطراف السياسية.

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض الصواريخ الآتية من إيران (رويترز)

ورداً على اغتيال هنية في عمق الأراضي الإيرانية، ونصر الله، ونيلفروشان، وجهت إيران هجومها الصاروخي الثاني المباشر على إسرائيل، في خطوة هدّدت إسرائيل بالرد عليها مع التلويح ببنك أهداف غير محدودة تشمل مصافي النفط ومحطات الوقود وأيضاً المنشآت النووية والعسكرية، ما يجعل الأزمة بين إسرائيل وإيران مفتوحة على كل الاحتمالات.