روسيا تعزز مكاسبها في 2024 وتستعد لاتساع الشرخ في المعسكر الغربي

حرب أوكرانيا «مؤجلة»... وتنشيط الانخراط في ملفات إقليمية

بوتين ووزير دفاعه سيرغي شويغو خلال زيارة لمركز تدريب عسكري في أكتوبر (أ.ف.ب)
بوتين ووزير دفاعه سيرغي شويغو خلال زيارة لمركز تدريب عسكري في أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

روسيا تعزز مكاسبها في 2024 وتستعد لاتساع الشرخ في المعسكر الغربي

بوتين ووزير دفاعه سيرغي شويغو خلال زيارة لمركز تدريب عسكري في أكتوبر (أ.ف.ب)
بوتين ووزير دفاعه سيرغي شويغو خلال زيارة لمركز تدريب عسكري في أكتوبر (أ.ف.ب)

يبدو المشهدان الإقليمي والدولي مواتيين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية العام. كان 2023 أكثر المحطات اضطراباً وقلقاً خلال السنوات العشر الماضية؛ على الصعيدين الداخلي والخارجي. شهدت روسيا منعطفات خطرة وأحداثاً كبرى.

كاد التمرد العسكري لمجموعة «فاغنر» مدعوماً بتأييد جنرالات بارزين، ومساحة واسعة من القبول الشعبي، يدخل روسيا، في منتصف العام، نفقاً من الفوضى الداخلية. لكن الكرملين خرج منتصراً في معركة داخلية حاسمة ونجح في القضاء بضربة قاضية على خصومه. وأطلق عملية تطهير داخلية واسعة غاب معها تهديد انتشار السلاح والطموحات السياسية لدى أطراف عدة شكلت مراكز ضغط وتأثير.

الأحوال المعيشية شهدت هزات كبرى. وبدا في بداية العام أن الاقتصاد الروسي بدأ يترنح تحت ثقل 11 رزمة من العقوبات الشاملة. لكن المؤشرات انتقلت، مع حلول الخريف، من الجمود إلى تحقيق تحسن في عدد من القطاعات. وبدا أن روسيا بدأت تتعايش مع العزلة الاقتصادية عن الغرب، وحسنت شروط مواجهة التداعيات القاسية، وانتقلت إلى تسجيل أرقام نمو في مجالات عدة.

على جبهات القتال في البلد المجاور، كرس العام الماضي معادلة فشل الرهان على تحقيق انتصار عسكري على روسيا. بدل الكرملين بدوره الأولويات، وبعد اختراق باخموت في منتصف العام، لم يعد يولي اهتماماً لتقدم واسع على الجبهات. لكنه حصن في المقابل خرائط «الأمر الواقع» التي أقامها بعد ضم المقاطعات الأوكرانية، محبطاً كل محاولات التقدم في إطار الهجوم الأوكراني – الغربي المضاد.

في السياسة الدولية؛ سارت الرياح وفقاً لهوى بوتين، مع اتساع الشرخ في المعسكر الغربي حيال ملف المساعدات الحربية لكييف وجدوى الضغوط الاقتصادية على موسكو. وفتحت حرب غزة في الخريف على مكاسب جديدة. ولم يمنع ضعف تأثير التحالفات الإقليمية التي رعاها الكرملين، مثل «بريكس» و«شنغهاي» و«رابطة الدول المستقلة»، على الأحداث العالمية، من تطوير سياسات تقوم على مراكمة فوائد لموسكو وحلفائها.

انقضت أصعب الأوقات؛ وفقاً للكرملين ولتيار واسع داخل روسيا. وبدا أن موسكو تستعد مع حلول العام الجديد لحصد نتائج.

أوكرانيا... تجميد الصراع

بين أبرز توجهات سياسات بوتين في 2024 المحافظة على جمود خرائط الصراع العسكري في أوكرانيا. لا يتوقع خبراء بارزون أن يبادر الكرملين لشن هجوم واسع على الأقل خلال النصف الأول من العام. ولهذا مبررات قوية من وجهة نظرهم؛ إذ لا تحتاج موسكو لتغيير ميداني واسع قد يسبب تبدلاً في موازين القوى القائمة. في حين تستعد البلاد لاستحقاق انتخابي مهم في مارس (آذار) المقبل. ومع أن نتيجة الانتخابات الرئاسية معروفة سلفاً؛ فإن هذا لا يقلل من أهمية الحدث، الذي يكرس بوتين عملياً زعيماً للأمة، وسيداً للكرملين مدى الحياة. خلافاً لتساؤلات قلقة كانت قد برزت سابقاً عن مدى قدرة صاحب قرار الحرب المثير للجدل على الصمود في كرسيه. هذا الاستحقاق سوف يعني تكريس نهج «البوتينية» في روسيا لسنوات طويلة مقبلة بعدما توقع الغرب انهياره.

زينة العام الجديد في موسكو: نجمة الكرملين بعلامة «زد» شعار الجيش الروسي في أوكرانيا (أ.ف.ب)

في هذا الإطار؛ يمكن رصد توجهات عدة لبوتين على صعيد معركته في أوكرانيا.

نجحت القوات الروسية في تجميد القتال على طول خط المواجهة بالكامل، ومنع وقوع اختراقات كبيرة. وغدا النجاح يقاس بتقدم لبضع مئات من الأمتار، أو تراجع بمثلها. ويقول الخبراء العسكريون إن موسكو قد تطور حصارها على أفدييفكا (دونيتسك) من دون شن هجوم كبير لا يحتاجه الكرملين، لتأكيد «شعبية» بوتين في المرحلة المقبلة، كما أن مخاطره مرتفعة للغاية، وقد تنعكس سلباً إذا وقعت خسائر كبيرة في صفوف الجنود الروس.

العنصر الثاني على هذا الصعيد أن موسكو باتت في وضع رابح جزئياً في «حرب الاستنزاف»؛ لذلك تركز توجهاتها على السعي لتوسيع الشرخ في صفوف الغرب، وهي تستعد لمزيد من التململ الأوروبي، وأن تحذو بلدان عدة حذو سلوفاكيا والمجر وهولندا في تخفيف لهجتها حيال موسكو والدعوة بشكل أكثر إلحاحاً إلى فتح حوار معها.

في الإطار ذاته، تشير معطيات موسكو إلى استنفاد الأسلحة والذخيرة من مخازن الغرب، مما يعني أن تكلفة إمدادات أوكرانيا ستكون أعلى في المرحلة المقبلة. وهذا بدأ ينعكس في توجه بعض البلدان الغربية لدعم إنشاء صناعات دفاعية مشتركة مع كييف بديلاً للإمدادات العسكرية بالأسلحة والتقنيات المصنوعة في بلدان «حلف الأطلسي».

يراهن الكرملين على أن جمود الصراع يوفر أساساً مهماً لتوسيع الشرخ لدى الغرب، ويضعف أكثر قدرات كييف على المناورة، خصوصاً مع انتظار وتشجيع صراعات داخلية في أوكرانيا قد تتطور مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي الداخلي المؤجل حتى الآن.

ولا يتوقع خبراء أن يحدث تطور عسكري واسع قبل حلول منتصف العام المقبل، وغالباً سوف تكون مقدماته مرتبطة بالمشهد الداخلي الأوكراني، ومستوى الترهل الذي يتوقع الكرملين أن يصيب الحلف الغربي.

عموماً تميل التقديرات إلى أن عام 2024 سيكون حاسماً بالنسبة إلى تحديد مصير الحرب مع اقترابه من الربع الأخير.

تعزيز جبهة الحلفاء

على الرغم من أن تحالفات روسيا الإقليمية لم تنعكس خلال العام الماضي في إظهار تماسك صلب يدعم مواقف الكرملين تجاه الغرب، فإن موسكو نجحت في تحقيق اختراقات عدة؛ بينها توسيع خطوط التبادل التجاري البديلة، في مواجهة الحصار الغربي، وزيادة نسبة التبادل بالعملات الوطنية في إطار «شنغهاي» و«بريكس» وبشكل ثنائي مع حلفاء «استراتيجيين» مثل الصين، لتصل إلى نحو نصف حجم التجارة الخارجية الروسية. هذا المسار سوف يتواصل بقوة خلال العام الجديد، وتسعى موسكو إلى تعزيز مسار طرق الإمداد البديلة، خصوصاً «ممر شمال - جنوب» بالتعاون مع الصين وإيران وبلدان جنوب القوقاز، وتحسين شروط التبادل التجاري مع حلفائها.

على صعيد السياسة الدولية؛ يعمل الكرملين على تثبيت انحيازه لبلدان «الجنوب» في إطار مواجهة الهيمنة الأميركية على الملفات الإقليمية. وهذا التوجه بدأ يتخذ منحى أوضح مع اندلاع حرب غزة. لذلك تسعى موسكو إلى توسيع التعاون في أفريقيا، وهي هيأت لذلك عبر إعادة ترتيب وجود مجموعات بديلة لـ«فاغنر» في عدد من بلدان القارة؛ مما يؤسس لاستمرار التدخل المباشر في السياسات الداخلية ودعم بعض البلدان في مواجهة الضغوط الغربية.

بالمقياس نفسه؛ تتعامل موسكو مع ظروف تنشيط عمل مجموعة «شنغهاي» ومسار توسيع حضور تكتل «بريكس» في السياسات الإقليمية، على الرغم من أن التباينات الداخلية لدى أعضاء التكتلين شكلت عناصر عرقلة في السنة الماضية، ومثال ذلك التباينات الصينية - الهندية.

قادة «بريكس» خلال اجتماعهم في جوهانسبرغ في أغسطس (أ.ف.ب)

في العلاقة مع الحليف الأبرز الصين، الذي سوف يتحول أكثر خلال عام 2024 إلى الشريك «الأكبر» بعدما كانت موسكو تسعى إلى تكريس الندية في التعامل معه في السابق، تخطط روسيا والصين لإطلاق مشروعات مشتركة في مجالات عدة عام 2024؛ بما في ذلك على صعيد تعزيز تنسيق السياسات الخارجية وتعزيز مسار المشروعات الاستراتيجية المشتركة. من ذلك؛ خطط لمشروعات عملاقة في مجال بناء السفن والتقنيات الشاملة والطاقة الخضراء. علماً بأن الصين باتت تحتل مكان الاتحاد الأوروبي سابقاً شريكاً تجارياً أول. وخلال عام 2023، ارتفع حجم التجارة الثنائية بنسبة 23 في المائة ليصل إلى 201 مليار دولار.

إيران الحليف الاستراتيجي

بين التوجهات الرئيسية للسياسة الروسية في العام الجديد؛ مواصلة تعزيز العلاقة بإيران بصفتها الشريك الإقليمي الأبرز لروسيا. وقد وضع ترسيخ الشراكة في الحرب الأوكرانية، والإمدادات الكبرى التي قدمتها طهران لموسكو خلال العام الماضي، مقدمات للبناء على توسيع هذا التحرك المشترك، وهو ما بدأ يبرز عبر اتفاقات على صناعات مشتركة يجري العمل لتطويرها في المجالين؛ المدني (صناعة السيارات وتجميع طائرات وآليات...)، والعسكري الذي يتعلق بالدرجة الأولى بتطوير التعاون في مجال صناعة المسيّرات ومواصلة العمل على تطوير قطاع الصواريخ الدفاعية. في هذا الإطار يصب أيضاً الحديث عن احتمال تزويد إيران بصفقة طال انتظارها من مقاتلات الجيل الأحدث من «سوخوي».

وتشير تقديرات روسية وإيرانية إلى توجه الطرفين في النصف الأول من 2024 إلى توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية، جديدة وشاملة. جرى العمل على وضع الاتفاقية؛ التي ينتظر أن تنقل العلاقات إلى مستوى نوعي جديد، لمدة عامين، وباتت تنتظر مراسم التوقيع الرسمية بعدما تم التوصل إلى صيغتها النهائية التي تشمل كل مجالات التعاون المستقبلي.

على الصعيد الإقليمي؛ لا يخفي البلدان عزمهما على تعزيز التطابق في وجهات النظر حيال الملفات المطروحة، خصوصاً ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وملف الصراع الدائر في سوريا، الذي ينتظر أيضاً أن يدخل خلال العام المقبل مرحلة جديدة.

سوريا... ساحة صراع متجدد

قادت حرب أوكرانيا، والمواقف التي تبنتها تل أبيب في تقديم دعم صريح لكييف، بالإضافة إلى التداعيات اللاحقة التي سببتها الحرب الدائرة في غزة، إلى تبدل مهم في أولويات روسيا في سوريا.

ظهر ذلك بالدرجة الأولى في انتقال موسكو إلى سياسة أقل حذراً وحساسية تجاه مساعيها السابقة للمحافظة على التوازن الدقيق الذي أقامته بين علاقاتها بإيران من جانب؛ وبإسرائيل من الجانب الآخر. وقد تجلى هذا المسار في ازدياد وتيرة الإدانات الروسية للضربات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا، وفي التراجع عن استعدادات في السابق للتوصل إلى صفقة مع الغرب تقوم على «ضبط الوجود» الإيراني في سوريا، وهو أمر برز عبر لقاءات رؤساء مجالس الأمن القومي في روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك عبر تفاهمات سابقة على إبعاد إيران عن مواقع «حساسة» مثل خطوط التماس في الجولان.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحافي في قاعة المعارض غوستيني دفور بوسط موسكو (رويترز)

حالياً؛ مالت موسكو نحو تخفيف التزاماتها في هذا الشأن، ومع حلول نهاية العام نفت موسكو صحة تقارير غربية عن استعداد للوساطة لتجديد اتفاق إبعاد إيران عن الجولان بمسافة 80 كيلومتراً. والأكثر من ذلك؛ تردد تقارير حول تقديم تسهيلات لنقل إمدادات إيرانية عبر المطارات السورية التي تسيطر عليها موسكو بديلاً عن المطارات التي تقصفها إسرائيل دورياً.

يضاف إلى هذا العنصر؛ أن موسكو شجعت بشكل مباشر أو غير مباشر أحياناً على توسيع استهداف القواعد الأميركية في سوريا والعراق.

يتوقع خبراء أن تواصل موسكو تعزيز هذا المسار خلال المرحلة المقبلة، مع ميلها إلى مواصلة الحرص على عدم انزلاق الأمور إلى مواجهة شاملة قد تسفر عن توسيع النطاق الجغرافي لحرب غزة إقليمياً.

يعني ذلك تحول سوريا مجدداً إلى ساحة صراع نشط وإن كان «مضبوطاً» إلى درجة معينة بين الفاعلين الخارجيين، مع توقع أن تتخلى موسكو عن تحركات لضبط الحضور الإيراني في هذا البلد. في الوقت ذاته، وانعكاساً لهذا التطور، يتوقع خبراء أن يشهد العام المقبل تدهوراً أوسع على صعيد غياب مفاعيل التفاهمات الروسية - الإسرائيلية والروسية - الأميركية في مجال «بروتوكولات عدم التصادم»؛ مع المحافظة على الحد الأدنى الذي يمنع وقوع مواجهة مباشرة.


مقالات ذات صلة

الخارجية الأميركية: جنود من كوريا الشمالية ينضمون لروسيا في الحرب

العالم قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

الخارجية الأميركية: جنود من كوريا الشمالية ينضمون لروسيا في الحرب

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، إن قوات من كوريا الشمالية بدأت الاشتراك في عمليات قتالية في صفوف القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أثناء مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي ببوخارست برومانيا 30 نوفمبر 2022 (رويترز)

بلينكن يزور بروكسل لبحث الدعم الغربي لأوكرانيا بعد فوز ترمب

توجه وزير الخارجية الأميركي إلى بروكسل حيث يجري محادثات طارئة مع الأوروبيين لتسريع المساعدات الموجهة لأوكرانيا وذلك على خلفية انتخاب ترمب رئيساً لأميركا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته يتصافحان في أثناء إلقائهما بياناتهما خلال اجتماعهما في قصر الإليزيه في باريس 12 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

ماكرون وروته يؤكدان ضرورة بقاء الدعم لأوكرانيا «أولوية مطلقة»

أكد كل من الرئيس الفرنسي والأمين العام لحلف الناتو، اليوم الثلاثاء، أهمية أن يبقى الدعم العسكري لأوكرانيا في مواجهة روسيا «أولوية مطلقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا يفرض القانون على الأفراد الذين يشاركون في الترويج لأسلوب حياة من دون أبناء غرامة قدرها 4250 دولاراً (إ.ب.أ)

النواب الروس أقرّوا قانوناً يحظر الترويج لحياة من دون أبناء

أقرّ النواب الروس اليوم (الثلاثاء) قانوناً يحظر الترويج لأسلوب حياة من دون أبناء، على خلفية الأزمة الديموغرافية في روسيا التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

TT

في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

بعد يومين اثنين من هجوم «حماس» على البلدات والمواقع العسكرية القائمة في غلاف غزة، يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، طلب عدد من الضباط الإسرائيليين الاجتماع بنظرائهم من أجهزة الأمن الفلسطينية، وأبلغوهم بأن «إسرائيل التي يعرفونها حتى اليوم لم تعد قائمة. ستتعرفون على إسرائيل أخرى».

لم يقولوا هذه الكلمات بلهجة توحي بمضمون العداء والتهديد. لكنها قيلت بمنتهى الصرامة. كان الوجوم طاغياً على الوجوه. فهؤلاء الضباط يعرفون بعضهم جيداً. هم الطاقم الذي يمثّل حكومة إسرائيل، من جهة، والحكومة الفلسطينية، من جهة ثانية، والمهمة الموكلة إليه هي القيام بما يعرف على الملأ بـ«التنسيق الأمني» بين الطرفين. اجتماعات هؤلاء الضباط مستمرة منذ توقيع اتفاقات أوسلو وإقامة السلطة الفلسطينية قبل 30 سنة، وهي تُعقد تقريباً بشكل يومي.

وعلى عكس الانطباع السائد لدى كثيرين، لم يقتصر التنسيق بينهم أبداً على الملفات الأمنية. كانوا يجتمعون في البداية لغرض تطبيق الاتفاقات ومنحها طابعاً إنسانياً. اهتموا بقضايا تحسين العلاقات التجارية والاجتماعية والاقتصادية، وأيضاً الأمنية. اهتموا ذات مرة بمنح تصاريح العودة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين عادوا من الشتات واستقروا في الوطن. واهتموا بتسهيل خروج وعودة الطلبة الفلسطينيين الجامعيين وجلب عمال فلسطينيين إلى إسرائيل واستيراد البضائع الفلسطينية إلى إسرائيل أو تصديرها إلى الخارج. نظموا دوريات مشتركة لضمان سلطة نفاذ القانون التي كان فيها الضباط والجنود يتناولون الطعام معاً، وصاروا فيها يتقاسمون رغيف الخبز.

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

وقد شهدت العلاقات بينهما طلعات ونزلات كثيرة، وكان عليهم أن يمتصوا الأحداث العدائية. ففي الطرفين توجد قوى حاربت الاتفاقات ولم تطق سماع عبارة «عملية السلام». بدأ الأمر عام 1994 بمذبحة الخليل التي نفذها طبيب إسرائيلي مستوطن، والتي رد عليها متطرفون فلسطينيون بسلسلة عمليات انتحارية في مدن إسرائيلية. وعندما تمكن اليمين المتطرف في إسرائيل من اغتيال رئيس الوزراء، اسحق رابين، بهدف تدمير الاتفاقات مع الفلسطينيين، حصل تدهور جارف في العلاقات بين الطرفين.

وعندما فاز بنيامين نتنياهو بالحكم، أول مرة سنة 1996، زاد التوتر وانفجر بمعارك قتالية بين الجيش الإسرائيلي وبين ضباط وجنود في أجهزة الأمن الفلسطينية. وعند اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، كادت تقع حرب بينهما. وعاد الجيش الإسرائيلي ليكرس الاحتلال وعادت الأجهزة الفلسطينية إلى قواعد منظمة التحرير وأيام الكفاح. لكن قادة الطرفين، بمساعدة الأميركيين ودول مختلفة، حاولوا تطويق الأوضاع.

وظل أعضاء فريقي التنسيق الأمني يلتقون وينسقون. تعاملوا مع بعضهم البعض على أساس المصالح المشتركة «بيزنِس»، لضمان الحد الأدنى من التواصل. وكل من الطرفين يعترف بأن الأمر ضروري وحيوي، برغم أن الشعبويين في إسرائيل يعتبرون ذلك استمراراً لاتفاقات أوسلو وتمهيداً للاعتراف بدولة فلسطينية، فيما بعض الفلسطينيين يعتبر ذلك تهادناً مع إسرائيل وتعاوناً معها «ضد المقاومة». ولكن رغم هذه الانتقادات من أطراف في الجانبين، يصمد فريق التنسيق في وجه تشويه جهوده. فالضباط من الطرفين يدركون أن فك التنسيق ثمنه باهظ، فلسطينياً وإسرائيلياً.

والجديد الآن أن الضباط الإسرائيليين يأتون إلى الاجتماعات وهم يؤكدون أنهم ينوون الاستمرار في التنسيق لكن الفلسطينيين «سيجدون إسرائيل مختلفة». كانوا صادقين. ورسالتهم هذه كانت موجهة ليس فقط للضباط أو المسؤولين الفلسطينيين، بل للشعب الفلسطيني كله... ومن خلاله إلى كل العالم.

دمار واسع في قطاع غزة بعد سنة على الحرب الإسرائيلية (الشرق الأوسط)

«واحة الديمقراطية».. لم تعد موجودة

مع مرور سنة كاملة على الحرب في غزة، يمكن القول إن إسرائيل تغيّرت بالفعل، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. مقولة الجنرالات الإسرائيليين لنظرائهم الفلسطينيين يرددها جميع القادة الإسرائيليين السياسيين سواء كانوا في الحكومة أو المعارضة، كما يرددها القادة العسكريون من كل الأجهزة. يريدون تثبيت فكرة أن إسرائيل تغيّرت في عقول شعوب المنطقة والعالم. والواقع، أن هذه الفكرة باتت حقيقة مُرّة.

فإذا كان هناك من يعتبر إسرائيل «فيلّا جميلة في غابة موحشة» أو «واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط» أو «دولة حضارية» أو «جبهة متقدمة للغرب في الشرق» أو «دولة التعاضد السكاني» أو «دولة القيم وحقوق الإنسان»، فإن كثيراً من قادتها وقسماً كبيراً من شعبها تنازلوا، كما يبدو، عن هذه المفاهيم تماماً، في أعقاب ما حصل في 7 أكتوبر. صاروا معنيين باستبدال هذه الصفات. فالفيلّا أصبحت الغابة. والواحة باتت منطقة جرداء. والدولة الحضارية باتت تتصرف كوحش جريح. والتعاضد السكاني صار جبهة واحدة ضد العرب. والقيم وحقوق الإنسان ديست بأقدام الجنود ودباباتهم وغاراتهم. كأن إسرائيل تريد أن يتم النظر إليها بوصفها جرافة تدمر كل ما ومن يعترض طريقها، أو كأنها «دولة الانتصار على كل أعدائها».

تُعبّر الأرقام في الواقع عن نتيجة هذا التغيّر في طريقة تصرف الإسرائيليين. إذ تفيد إحصاءات الحرب في قطاع غزة بأن 60 في المائة من البيوت والعمارات السكنية مدمرة، والبقية متصدعة أو آيلة إلى الانهيار وغير آمنة. وفي مقدمها المستشفيات والعيادات الطبية والمساجد والكنائس والجامعات والمدارس ومخيمات اللاجئين. كلها دُمّرت بقرارات لا يمكن سوى أن تكون «مدروسة» ولأغراض «مدروسة»، بحسب ما يعتقد كثيرون. أما حصيلة القتلى فتقترب من 42 ألفاً، ثلثاهم نساء وأطفال. والجرحى أكثر من 100 ألف. وهكذا تدخل الحرب في غزة التاريخ كواحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين، وفق تقرير لصحيفة «هآرتس» اعتمد تدقيقاً للبيانات بما في ذلك معدل ووتيرة الوفيات، إضافة إلى الظروف المعيشية للسكان في القطاع.

تقول الصحيفة إنه في الوقت الذي يتشبث فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وغيره من المتحدثين الإسرائيليين بحجتهم المفضلة، وهي اتهام المجتمع الدولي بالنفاق فيما يتعلق بالحرب في قطاع غزة، والادعاء بأنه يتجاهل الصراعات والكوارث الإنسانية الأخرى، فإن الأرقام المسجلة حتى الآن تجعل الحرب في غزة تتجاوز دموية النزاعات في كل من العراق وأوكرانيا وميانمار (بورما). وبما أن عدد سكان غزة لا يتجاوز مليوني شخص، وعدد القتلى يضاهي 2 في المائة من السكان، فإن مقارنة بسيطة مع إسرائيل تبيّن أنه لو قُتل في إسرائيل 2 في المائة من السكان لأصبح عدد القتلى 198 ألفاً.

يقول البروفسور، مايكل سباغات، من جامعة لندن للصحيفة: «من حيث العدد الإجمالي للقتلى، أفترض أن غزة لن تكون من بين أكثر 10 صراعات عنفاً في القرن الحادي والعشرين. ولكن بالمقارنة مع النسبة المئوية للسكان الذين قتلوا، فإنها بالفعل ضمن الخمسة الأسوأ في المقدمة». ويضيف سباغات، وهو باحث في الحروب والنزاعات المسلحة ويراقب عدد الضحايا في تلك الأزمات: «إذا أخذنا في الاعتبار مقدار الوقت الذي استغرقه قتل واحد في المائة من هؤلاء السكان، فقد يكون ذلك غير مسبوق».

ووفق حساباته، فإنه في الإبادة الجماعية للروهينغا في ميانمار، على سبيل المثال، قتل نحو 25 ألف شخص، وفقاً للأمم المتحدة. وفي الإبادة الجماعية للإيزيديين على يد تنظيم «داعش»، في عام 2015، تشير تقديرات الخبراء إلى أن 9100 شخص قتلوا، نصفهم من خلال العنف المباشر والنصف الآخر بسبب الجوع والمرض، بالإضافة إلى الآلاف الذين اختطفوا.

عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تشكو من أن الحكومة تتجاهل مصيرهم (أ.ف.ب)

ومنذ بدء الحرب في غزة، بلغ متوسط معدل الوفيات نحو 4 آلاف وفاة شهرياً. بالمقارنة، في السنة الأولى من الحرب في أوكرانيا، بلغ معدل الوفيات 7736 شهرياً، بينما في أكثر سنوات الحرب دموية في العراق، في عام 2015، كان عدد القتلى نحو 1370 شهرياً. في هاتين الحربين، كان العدد الإجمالي للقتلى أعلى بكثير مما كان عليه في الحرب في غزة، لكن هذين الصراعين استمرا، وما زالا مستمرين، لفترة أطول بكثير.

الحرب في غزة تبرز أيضاً بالمقارنة مع حروب تسعينات القرن العشرين، على غرار الحرب في دولة يوغوسلافيا السابقة. واحدة من هذه المناطق كانت البوسنة، وفي أسوأ عام من الصراع، 1991، كان متوسط عدد القتلى شهرياً 2097، والعدد الإجمالي للقتلى على مدى أربع سنوات كان 63 ألفاً.

الفرق الأبرز بين بقية حروب القرن الـ21 والحرب في قطاع غزة هو حجم الأراضي التي تدور فيها المعارك وعدم قدرة المدنيين غير المشاركين على الفرار من المعارك، وخاصة نسبة الضحايا بين إجمالي السكان. امتدت الجبهات في أكبر حروب هذا القرن، في سوريا والعراق وأوكرانيا، على مدى آلاف الكيلومترات ووقعت المذابح في مئات المواقع المختلفة. والأهم من ذلك، أن المدنيين في تلك الأماكن يمكنهم، حتى ولو بثمن مؤلم، الفرار إلى مناطق أكثر أماناً. ففي سوريا، غادر ملايين اللاجئين إلى بلدان أخرى، مثل الأردن وتركيا ودول أوروبية. كما غادر مئات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين مناطق خط المواجهة وانتقلوا غرباً.

أما في غزة البالغة مساحتها 360 كلم مربعاً، أي جزءاً بسيطاً من حجم أوكرانيا، فقد اندلع القتال في كل مكان تقريباً من أرجائها، ولا يزال مستمراً. لقد تم تهجير معظم سكان القطاع، لكن هروبهم إلى المناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي كمناطق آمنة لم يساعد دائماً، وقتل العديد منهم في هذه المناطق أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن الظروف المعيشية في هذه المناطق المصنفة إنسانية، قاسية للغاية، إذ يعاني اللاجئون من الاكتظاظ والمرض ونقص المأوى الآمن ونقص الأدوية وأكثر من ذلك.

والمشكلة الأكبر أن كثيراً من هذه الفظائع تم ويتم بقرارات واعية من المسؤولين الإسرائيليين. فإذا وصلت معلومة للمخابرات الإسرائيلية أو شبهة بأن فلاناً ناشط في «حماس»، كان يتم قصف بيته على من فيه، بلا انذار أحياناً أو بإنذار وجيز. وإذا دخل عنصر يعتبر «مطلوباً»، من أي تنظيم فلسطيني، إلى مقهى، كان يتم قصف المقهى على من فيه. وحتى المسجد كان يتم تدميره أيضاً في حال اشتبهت إسرائيل بأن شخصية ما تختفي داخله.

التغيير الجديد... نظرة فوقية

في الماضي كان الإسرائيليون يقومون بمثل هذه الممارسات، لكنهم كانوا يخجلون منها. يحاولون التستر عليها. كانوا يكسرون ويجبرون. فمقابل القتل والبطش كانوا يبرزون قصصاً لجنود قدموا المساعدة. ظهر معترضون نددوا بالبطش ضد الفلسطينيين الأبرياء. أما اليوم فلم يعد هناك شيء من هذا. كثيرون في إسرائيل باتوا يقولون إنه لا يوجد في نظرهم أناس أبرياء. فالعائلات الفلسطينية تساند أولادها، ولذلك يجوز معاقبتها. الطفل الفلسطيني سيكبر ويصبح جندياً، ولذلك فلا يجب أن ترحمه.

وإذا كان شبان مخيمات اللاجئين يقاومون، فيمكن أن يتم حرمان كل سكان المخيم من الماء والكهرباء والبنى التحتية، عقاباً لهم. بات الفلسطينيون «حيوانات»، بحسب وصف وزير الدفاع يوآف غالانت المفترض أنه من يرسم سياسة الجيش. والحقيقة أن هذه النظرة الفوقية تجاه الفلسطينيين صارت سائدة اليوم في المجتمع الإسرائيلي، ورغم أن هذا الاستعلاء هو بالذات ربما ما أوقع إسرائيل في إخفاقات 7 أكتوبر. باغتتها «حماس»، بلا شك، بهجوم شديد يومها. ولولا أن مقاتلي الحركة وقعوا في مطب أخلاقي شنيع، ارتكبت خلاله ممارسات مشينة ضد المدنيين الإسرائيليين، لكان هجومهم اعتُبر ناجحاً، بغض النظر عن النتائج التي أدى إليها لاحقاً. فقد احتلوا 11 موقعاً عسكرياً وأسروا عدداً من جنود وضباط الجيش الإسرائيلي.

صور وتذكارات لإسرائيليين خُطفوا أو قُتلوا في هجوم «حماس» على موقع «سوبر نوفا» الموسيقي في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر العام الماضي (إ.ب.أ)

لكن التغيير الذي أرادت إسرائيل أن يظهر للعرب، انسحب أيضاً على إسرائيل نفسها. لقد تغيرت تجاه الإسرائيليين أنفسهم. انتهى الخجل في السياسة الداخلية. فالائتلاف اليميني الحكومي، في نظر منتقديه، بات يسن قوانين تتيح الفساد، مثل القوانين التي تضرب استقلالية القضاء، والقانون الذي يضعف المراقبة على التعيينات الحكومية بحيث يمكن تعيين موظفين غير مؤهلين في مواقع إدارية رفيعة، والقانون الذي يوفر لرئيس الحكومة المتهم بالفساد تمويلاً لمصاريف الدفاع عن النفس في المحكمة من خزينة الدولة. أما القضاة في إسرائيل فباتوا يخافون الحكومة ويصدرون قراراتهم وفقاً لأهوائها، في كثير من الأحيان.

والأكثر من ذلك، لم تعد إسرائيل اليوم تتعامل مع حياة الإنسان الفلسطيني أو اللبناني بأنها رخصية، بل أيضاً مع حياة الإنسان الإسرائيلي. فالحكومة باتت تستخدم منظومة «بروتوكول هنيبعل»، الذي يقضي بقتل الجندي الإسرائيلي مع آسريه، حتى لا يقع في الأسر.

في معركة مارون الراس الأخيرة في الجنوب اللبناني، أمر الضباط جنودهم بخوض القتال لمنع عناصر «حزب الله» من أسر جثة جندي، وكلفها الأمر مقتل ستة جنود وجرح أكثر من عشرة. والمواطنون الإسرائيليون المحتجزون لدى «حماس» في غزة، مهملون، كما تقول أسرهم التي تتهم نتنياهو بأنه يرفض التوصل إلى صفقة تبادل تضمن إطلاق سراحهم.

وبدل احتضان عائلات هؤلاء المحتجزين، ينظم مناصرون للائتلاف اليميني الحاكم حملة تحريض عليهم ويعتدون على مظاهراتهم الاحتجاجية. وفوق ذلك كله، تبدو الحكومة وكأنها تشجع اليمين المتطرف على مهاجمة قيادة الجيش، فهي لم تحاسب مجموعات منهم نظّمت اعتداءات على معسكر للجيش، ولم تمنع حتى اعتداءات مستوطنين على الجنود الذين يحمونهم في الضفة الغربية.

إسرائيل اليوم صارت خانقة أيضاً للإسرائيليين الذين يفكرون بطريقة مختلفة عن الحكومة. كلمة سلام صارت لعنة. والخناق يشتد حول حرية الرأي والتعبير. واتهام المعارضين بالخيانة صار أسهل من شربة ماء.

والتغيير الأكبر، على الصعيد الداخلي، هو أن رئيس الحكومة ورؤساء ووزراء ائتلافه الحكومي، يعملون على المكشوف لتغليب مصالحهم الذاتية والحزبية على مصالح الدولة. ويقول منتقدو نتنياهو إنه يعرف أن الجمهور لا يريده في الحكم وينتظر أن تنتهي الحرب حتى يسقطه، ولذلك هو يعمل، ببساطة، على إطالة الحرب ليبقى في السلطة.

في ذكرى 7 أكتوبر، تبدو إسرائيل بالفعل وكأنها تغيّرت. قيادتها الحالية مصممة على تأجيج الصراع أكثر وتوسيعه. لا يهدد ذلك فقط بمزيد من التأجيل للتسوية مع الفلسطينيين، بل يخاطر أيضاً بحروب فتاكة قادمة تورثها إسرائيل لأبنائها وبناتها.