فراغ... وازدحام!

اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي شهد استعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربية (رويترز)
اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي شهد استعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربية (رويترز)
TT

فراغ... وازدحام!

اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي شهد استعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربية (رويترز)
اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي شهد استعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربية (رويترز)

لا يمكن الادعاء بأن الدول العربية مجتمعة استطاعت في الماضي إقامة نظام إقليمي فاعل ينظم العلاقات بينها ويمكّنها من إدارة تعاونها، أو العمل المشترك بما يخدم مصالحها ومصالح شعوبها. ولن أحاول في هذا المقام توجيه اللوم إلى البنية الحالية المتمثلة بالجامعة العربية؛ إذ من المعلوم أن نجاح أي منظمة إقليمية أو دولية يعتمد بصورة أساسية على توفر الإرادة السياسية لدى أعضائها.

وفي ظل غياب مثل ذلك النظام الإقليمي، شهدت العقود الأخيرة، وتحديداً منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، تغييرات كبرى عصفت بهذه المنطقة ولا تزال تداعياتها مستمرة. فمنذ احتلال العراق للكويت دخل الإقليم حالة حادة من عدم الاستقرار، وغياب التوازن، وشهد حرباً كبرى لإنهاء ذلك الاحتلال، أعقبتها حرب أميركا على العراق عام 2003، ثم الحروب الإسرائيلية على كل من فلسطين ولبنان، والتي قد لا يكون آخرها ما نشهده من حرب إبادة ضد الفلسطينيين، خاصة في غزة.

توازى كل ذلك مع انهيارات داخلية شملت عدة دول، ما فاقم من إنهاك واستنزاف هذه المنطقة بصورة لم تحصل في أي إقليم منذ الحربين الكونيتين، وأدى إلى فراغ هائل، وإلى زيادة تأثير القوى الدولية الخارجية، وتنامي نفوذ الأطراف غير العربية، وأقصد هنا إيران وتركيا، وكل منهما تشكل جزءاً طبيعياً من هذا الإقليم، وقبلهما إسرائيل، الدولة التي فرضها الغرب، والتي لا تزال غير مستعدة للتجاوب مع دعوات العيش الطبيعي في المنطقة من خلال تلبية متطلبات قبولها.

والفراغ هنا، سبب ونتيجة لعدم توفر القدرة العربية على تأسيس عمل إقليمي مشترك، الأمر الذي أدى إلى تخلف المنطقة عن مختلف مناطق العالم فيما يتعلق بانفتاح أجزائها على بعضها. ورغم تفاوت قدرة الأطر الإقليمية الموجودة في العالم، نلاحظ أن العمل الأوروبي المشترك، على سبيل المثال، قد تطور وتراكم، عبر عقود سبعة، وصولاً إلى الاتحاد الأوروبي الحالي، الذي نجح، رغم ما يعانيه من تحديات، في تأسيس إطار «فوق وطني» شكل، بنسبة معقولة، شبكة أمان لأعضائه في مجالات عديدة، وقدم نموذجاً على فوائد مثل تلك الشبكة للدول الوطنية.

فالدولة الوطنية عموماً، تواجه تحديات ومشكلات تتجاوز حدودها، لا تقتصر على قضايا مثل الأمن المشترك والمياه والبيئة والكوارث الطبيعية والمخدرات والهجرة وغيرها، بل إن متطلبات الانفتاح الاقتصادي والتنمية تستدعي وجود بنى تحتية مشتركة وما يلزمها من مشروعات عابرة للحدود. علما بأن ثورة الاتصالات والمعلومات، وتنقل رؤوس الأموال، زادت من التحديات والفرص، كما غيرت من تعريف مفهوم السيادة التقليدية.

إن المنطقة العربية بحاجة حقيقية إلى تعزيز قدرات دولها على تنمية اقتصادها والانفتاح على بعضها بما يوسع أسواقها ويزيد إنتاجية قطاعاتها الاقتصادية، ويمكنها من الاستفادة من «اقتصاديات السوق». كما أن معظم الدول العربية تواجه، بالإضافة إلى التحديات المذكورة، تهديدات التطرف والإرهاب، وما يمكن أن يحمله كل ذلك على أمنها الوطني من أخطار.

ومن المعلوم أن أعداداً غير قليلة من المعنيين بالشأن العام لا تزال تجد صعوبة في المواءمة بين الانتماء الوطني والانتماء القومي الأشمل، وكأنه من المفروض أن يكون هناك تناقض جذري بين الانتماءين. ومن المفيد التذكير هنا، أن حالات فشل الدولة الوطنية التي شهدها العالم العربي منذ «الربيع العربي»، لم تؤدِّ إلا إلى الانزلاق إلى ممارسات ما قبل تأسيس الدول، وإلى ما كان سائداً من انقسامات طائفية وقبلية وإثنية.

ولما كانت تلك التحديات تمس مباشرة بالأمن الفردي للدول والمجتمعات، فإن القدرة على مواجهتها لا بد أن تتعزز من خلال مقاربتها والتعامل معها على أساس مشترك. إن بناء أرضية مشتركة للتعاون يشكل ضرورة حيوية لا غنى عنها، آجلاً أو عاجلاً، فهذه الأخطار لن تختفي مع الزمن، لا بل إنها قد تزداد وتتفاقم.

وليس من المفروض أن تتفق الدول التي قد تسعى إلى مثل ذلك التعاون، منذ البداية، على كل تفاصيل القضايا والمواضيع التي قد تدخل ضمن نطاقه. إن البدء في التعامل معها والقبول بالتدرج في مراكمة النتائج قد يخلق ديناميكية تشجع على المضي قدماً.

إن نقطة الانطلاق تكون عبر الإقرار بالمصالح المشتركة، وتأسيس الإرادة السياسية للعمل على حمايتها وتنميتها. وهذا يشمل أساساً، وأولاً، عدم ترك هذه المنطقة عرضة لفراغ يؤدي إلى زيادة نفوذ الأطراف الأخرى، ويعزز قدرتها على التدخل، ويزيد من الاستقطاب بين أجزائها، ويحمل المزيد من المخاطر عليها كلها.

ومثل ذلك التعاون لا يشكل بالضرورة موقفاً سلبياً تجاه الآخرين بقدر ما هو موقف طبيعي لحفظ المصالح المشتركة للدول العربية، والتي وإن وُجدت اختلافات بينها، فإن ما يجمعها من مصالح مشتركة يفترض أن يكون أكبر وأكثر مما يفرق بينها.

قد يرى البعض أن تطوير عمل الجامعة قد يكون مدخلاً نحو التأسيس لمثل ذلك العمل المشترك، إلا أن مقاربة هذا الأمر حالياً من خلال الأطر الموجودة قد لا يكون فعالاً بمقدار ما يمكن أن يؤدي إليه، أولاً، تشكيل نواة له من عدة دول، قادرة وراغبة ولها مصلحة واضحة في إرساء قواعد نظام إقليمي عربي مفتوح للجميع، يبدأ بالتعامل مع تحديات لها أولوية، يمكن بناء توافقات حولها، بما يشكل مدخلاً للعمل المشترك الذي يهدف، ابتداء، إلى درء الأخطار وتكوين رؤى مشتركة حول منهجيات التعامل مع تلك القضايا. ويجب عدم توهم سهولة مثل ذلك الجهد؛ إذ إنه يتطلب إرادة وتصميماً ومثابرةً، ومتابعةً متواصلة على أعلى المستويات.

ولا بد أن تؤدي البدايات الناجحة إلى خلق أجواء تعزز الرغبة بالتعاون. كما أن التمكن من تحقيق إنجازات مهما كانت متواضعة سيفتح آفاقاً أكبر، وسيمكّن من بناء أرضية مشتركة، مهما كانت محدودة، المشاركين من الوقوف عليها وتوسيعها، بما يؤدي إلى تضييق التباينات، وزيادة الإقبال على إعطاء الإطار الجديد حيزاً أرحب بما يشمل التعامل مع عدد أكبر من القضايا.

إن تجارب العقود الماضية أثبتت أن غياب إطار عمل مشترك لم يؤدِّ إلا إلى الانتقاص من الحقوق، وإلى التجاوز على المصالح العربية، وأن استمرار هذا الوضع سينتج مزيداً من الاستقطاب والتشظي الذي سيستمر الجميع في تحمل تبعاته ودفع كلفته.

ننتظر بداية عام جديد، والبداية نقطة أمل، فهل يمكن أن نرى بداية تغيير إيجابي باتجاه عدم استمرار ذلك الفراغ؟


مقالات ذات صلة

نقلة نوعية للاقتصاد الرقمي السعودي في 2024

خاص السعودية تعزز ريادة الأعمال والاقتصاد الرقمي في قطاع الاتصالات والمعلومات (الشرق الأوسط)

نقلة نوعية للاقتصاد الرقمي السعودي في 2024

ما لا شك فيه أن الفرص السانحة في المملكة العربية السعودية لا تعد ولا تحصى، إلا أن التوجهات التي سترسم ملامح عام 2024، وما بعده ستتخطى التقنيات والحلول الجديدة.

إياد مرعي
خاص أهم 6 توجهات لتقنيات «ويب 3.0» و«بلوك تشين» والعملات الرقمية

خاص أهم 6 توجهات لتقنيات «ويب 3.0» و«بلوك تشين» والعملات الرقمية

خوارزميات الـ«بلوك تشين» يمكن استخدامها لتعزيز أمان الشبكات والمساعدة في اكتشاف مشكلات الأمان المحتملة بشكل أكثر كفاءة من المنهجيات التقليدية.

بن تشو
خاص ثورة المدفوعات الرقمية  في السعودية تعزز فرص التجارة الإلكترونية

خاص ثورة المدفوعات الرقمية في السعودية تعزز فرص التجارة الإلكترونية

يشكّل التحول نحو وسائل الدفع الرقمية محفزاً لتحول أوسع في قطاعات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجيستية في المملكة العربية السعودية.

إيمان الغامدي
خاص الاتصالات المعزَّزة تعد بنقلة في قطاع السيارات

خاص الاتصالات المعزَّزة تعد بنقلة في قطاع السيارات

تواجه مسألة التحضُّر المدني والنمو الاقتصادي السريع في العصر الحالي عدّة تحدّيات رئيسية، من أبرزها الازدحام المروري الخانق الذي تتسبّب به الزيادة السكانية.

لويس دي لا كروز
خاص بزوغ عصر اقتصاد التجربة مدعوماً بالذكاء الاصطناعي

خاص بزوغ عصر اقتصاد التجربة مدعوماً بالذكاء الاصطناعي

في حين يقف العالم على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة حافلة بالفرص والتحديات على كل المستويات، بدأت ملامح «اقتصاد التجربة Experience Economy» في الاكتمال في عدد من…

نضال أبو لطيف

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.