السرطان يتنكر في شكل فيروس... لكن جهاز المناعة يرصده

كشف «الخدعة الجينية» يمكن أن يقود إلى تطوير أدوية ولقاحات ذكية

السرطان يتنكر في شكل فيروس... لكن جهاز المناعة يرصده
TT

السرطان يتنكر في شكل فيروس... لكن جهاز المناعة يرصده

السرطان يتنكر في شكل فيروس... لكن جهاز المناعة يرصده

في سباق لا يتوقف للقضاء على أحد أخطر أمراض العصر يواصل العلماء حول العالم فكّ شيفرات جديدة تُظهر كيف يتعامل جهاز المناعة مع السرطان، ذلك العدوّ الذكي الذي يتخفّى داخل الجسم مستتراً بخلاياه.

خيوط تفاعلية خفيّة

وبينما كان يُعتقد سابقاً أن جهاز المناعة يقف عاجزاً أمام هذا الخداع تكشف الأبحاث الحديثة عن خيوطٍ خفية من التفاعل بين الطرفَيْن قد تغيّر مستقبل علاج السرطان إلى الأبد. وتمهد هذه الاكتشافات الواعدة الطريق لعصر جديد من العلاجات المناعية الدقيقة واللقاحات المصمَّمة خصوصاً لهزيمة المرض من الداخل.

وقد كشف فريق بحثي من مركز «ميموريال سلون كيترينغ» في نيويورك بالولايات المتحدة -في دراسة جديدة نُشرت في مجلة «Cell Genomics» خلال 24 سبتمبر (أيلول) 2025- عن نتائج توضّح كيف يشكّل جهاز المناعة تطوّر السرطان، كما تكشف عن شيفرة خفية قد تغيّر طريقة فهم العلماء للمرض وعلاجه.

عندما تتصرّف الخلايا السرطانية مثل الفيروسات

المهمة الأساسية للجهاز المناعي هي التعرف إلى التهديدات مثل البكتيريا والفيروسات والقضاء عليها. لكن ولأن السرطان ينشأ من خلايا الجسم نفسها، يصعب على الجهاز المناعي عدّه خطراً.

المفاجأة التي اكتشفها العلماء أن بعض الخلايا السرطانية تُعيد تنشيط تسلسلات متكرّرة في الحمض النووي (دي إن إيه) DNA، وهي أجزاء تشكّل نحو نصف الجينوم البشري، لكنها عادةً ما تكون خاملة. وعند تنشيطها تبدأ هذه المقاطع إنتاج جزيئات من الحمض النووي الريبي (آر إن إيه) RNA تُشبه إلى حد كبير تلك التي تنتجها الفيروسات الحقيقية.

حينها يتعامل الجهاز المناعي مع هذه الإشارات، وكأن الجسم يتعرّض لهجوم فيروسي فيُطلق استجابة مناعية قوية. وهذه الظاهرة هي ما يُعرف بـ«محاكاة الفيروسات».

يقول عالم الأورام الحسابي في مركز «ميموريال سلون كيترينغ» للسرطان الأميركي، قائد الدراسة، الدكتور بنجامين غرينباوم، إنها طريقة مذهلة تجذب بها الخلايا السرطانية انتباه الجهاز المناعي. ولأجل فهم متى ولماذا يحدث هذا يمكن أن يكشف الكثير عن تطور السرطان وكيفية تحسين العلاجات.

تحويل علم الأحياء إلى معادلات رياضية

حتى وقت قريب لم تكن لدى العلماء أدوات دقيقة لقياس هذه الظاهرة أو التنبؤ بموعد حدوثها. لكن فريق الدكتور غرينباوم، بالتعاون مع باحثين دوليين، ابتكر نموذجاً رياضياً متقدماً، لقياس وتوقّع «محاكاة الفيروسات» Viral Mimicry في الخلايا السرطانية.

وقد استعان الفريق بوسائل من الفيزياء الإحصائية والذكاء الاصطناعي وعلم الأحياء التطوري لبناء نموذج قادر على تحديد أيّ التسلسلات الجينية تُثير الجهاز المناعي، وأيّها تبقى غير ملحوظة. ويعتمد فهم ما يُفعّل هذه المحاكاة أو يُوقفها كثيراً على تتبّع كيفية تفاعل الجهاز المناعي مع الخلايا في أثناء تطوّرها، بما في ذلك الخلايا السرطانية.

وقد كشفت نتائج الدراسة الجديدة عن أن بعض أنواع الحمض النووي المتكرر تُجيد تقليد الفيروسات أكثر من غيرها، مما يشير إلى أن لهذه المقاطع وظيفة دفاعية خفية ربما تعمل بمثابة آلية إنذار مبكر عند حدوث خلل داخل الخلية.

لماذا تبقى بعض الخلايا السرطانية «مرئية»؟

لا تخفي كل السرطانات نفسها عن جهاز المناعة، فبعض الخلايا السرطانية تبقي إشاراتها الجينية النشطة مرئية، رغم أن ذلك يجعلها أكثر عرضة لهجوم الخلايا المناعية.

ويقول الدكتور غرينباوم إنه من المحتمل أن هذه التسلسلات المتكرّرة تساعد في الحفاظ على توازن معيّن في تطوّر الخلايا، وربما تُسهم في اكتشاف الخلل أو الإجهاد داخلها.

وكان فريق الدكتور غرينباوم أوضح، في دراسة سابقة نُشرت في مجلة «Immunity» خلال 10 ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، كيف تتجنب خلايا سرطان البنكرياس الهجمات المناعية من خلال إسكات تكرارات جينية تُعرف باسم «الريتروترانسبوسونات» Retrotransposons (هي عناصر متحركة تتحرك في جينوم المضيف عن طريق تحويل الحمض النووي الريبي «RNA» المنسوخ إلى حمض نووي «DNA» من خلال النسخ العكسي).

كما أظهرت دراساتهم السابقة أن الأورام قد تستخدم مسارَين للهروب من الاستجابة المناعية: الأول يتضمن طفرة في الجين «TP53»، والآخر يعتمد على إنزيم يُدعى «ADAR1» الذي يعدّل الحمض النووي الريبي (RNA) لتقليل الإشارات التي تكشف الخلايا للمنظومة المناعية.

وعندما تم تعطيل أي من هذَيْن المسارَيْن في التجارب المختبرية تراجع نمو الورم بشكل ملحوظ، مما يوضح كيف تطوّر السرطانات وسائل معقدة لتفادي دفاعات الجسم الطبيعية.

نحو علاجات مناعية أكثر ذكاءً

إن فهم هذا «الكود الخفي» بين السرطان والجهاز المناعي قد يمكّن العلماء من تصميم علاجات مناعية أكثر دقة. ويقول الدكتور غرينباوم إذا فهمنا ما الذي يُنشّط الجهاز المناعي يمكننا تصميم لقاحات السرطان لتكون أكثر أو أقل وضوحاً للمناعة حسب الحاجة إلى تحقيق أفضل استجابة ممكنة. فقد تساعد هذه المعرفة أيضاً على تطوير أدوية جديدة تنشّط المناعة بشكل انتقائي لمهاجمة الأورام فقط دون التسبب في التهابات ضارة.

فصل جديد في أبحاث السرطان

ويؤكد الدكتور غرينباوم أن القدرة على قياس محاكاة الفيروسات تفتح آفاقاً جديدة لدراسة العلاقة المعقّدة بين السرطان والجهاز المناعي. ويختتم بقوله: «لقد حوّلنا شيئاً كان غامضاً إلى ظاهرة قابلة للقياس»، وهو ما يفتح الباب أمام فهم أعمق للطريقة التي يرى بها جهاز المناعة السرطان، وكيف يمكننا استخدام هذه المعرفة لعلاج المرضى.

ومع التطور المتسارع في النماذج الحسابية والذكاء الاصطناعي يبدو أن العلماء باتوا على أعتاب فهم الشيفرة الخفية للسرطان وربما يوماً ما استخدام بيولوجيا الجسم نفسه لهزيمته.


مقالات ذات صلة

فوائد صحية مذهلة للزنجبيل

صحتك قد يساعد الزنجبيل في تقليل مقاومة الإنسولين (الشرق الأوسط)

فوائد صحية مذهلة للزنجبيل

يرتبط الزنجبيل بالكثير من الفوائد الصحية للجسم، مثل علاج آلام المعدة، والإسهال، والغثيان الناتج من اضطراب المعدة، والحمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يستخدم سرطان البنكرياس حيلة فريدة للهروب من الجهاز المناعي (بكسلز)

اختراق طبي لمحاربة سرطان البنكرياس... علماء يطورون علاجاً مناعياً جديداً

طوَّر فريق من العلماء علاجاً جديداً يعتمد على الأجسام المضادة؛ لمساعدة الجهاز المناعي على التعرُّف على سرطان البنكرياس ومهاجمته بفاعلية أكبر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أثبتت الدراسة وجود علاقة قوية بين تدخين الماريغوانا وتطور سرطان الرأس والعنق (بكسلز)

دراسة تحذر: الماريغوانا قد تزيد خطر سرطان الرأس والعنق بثمانية أضعاف

كشفت الدراسات العلمية الحديثة عن ارتباط محتمل بين استخدام الماريغوانا (القنب) وازدياد خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فاكهة التنين غنية بالألياف التي تدعم الهضم وتمنع الإمساك (بيكسيلز)

5 فوائد صحية تدفعك لإضافة فاكهة التنين إلى نظامك الغذائي

تتمتع فاكهة التنين بمذاق حلو حيث إنها غنية بالألياف ومضادات الأكسدة. كما تشتهر بفوائدها المرتبطة بصحة الأمعاء، وضبط مستوى السكر في الدم، وتقوية المناعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق القرون مألوفة على الحيوان وغريبة على البشر (أ.ب)

لماذا يظهر «قرن» لدى بعض البشر؟

ربما لن يفاجئك العلم بأنه يمكن لمثل القرون أن تظهر عند البشر أيضاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذكاء الاصطناعي يعيد اكتشاف عظمة الطب القديم

حين تتعلّم الآلة لغة الأجداد
حين تتعلّم الآلة لغة الأجداد
TT

الذكاء الاصطناعي يعيد اكتشاف عظمة الطب القديم

حين تتعلّم الآلة لغة الأجداد
حين تتعلّم الآلة لغة الأجداد

في زمنٍ تُعيد فيه الخوارزميات رسم خريطة الجسد البشري بدقةٍ تفوق عدسة الجرّاح، يبرز سؤالٌ يتجاوز ضجيج التقنية إلى صمت الحكمة القديمة: من نحن حين تُصبح أجسادنا بيانات؟ وهل ما نراه من تَقدّمٍ مذهل يقودنا فقط نحو مستقبل أكثر كفاءة، أم يعيدنا أيضاً إلى ماضٍ كان فيه الطبّ لغة تأمل، لا معادلات فقط؟

لقد كان الطبيب في العصور الأولى حكيماً قبل أن يكون مختصاً، يقرأ في نبض المريض خفقان الحياة والمصير، وفي صمته ألماً ومعنى. واليوم، حين يُعيد الذكاء الاصطناعي صياغة علاقتنا بالمرض والشفاء، يبدو كأنه يوقظ فينا صدى تلك اللحظة الأولى التي التقت فيها المعرفة مع الرحمة... والعلم مع الإيمان.

من ألواح الطين إلى خوارزميات السيليكون

الخوارزميات تفكّ رموز الطبّ القديم

في عام 2023، أطلقت جامعة «لايبزيغ» الألمانية، بالتعاون مع معهد «ماكس بلانك» مشروعاً فريداً لتدريب نماذج تعلّم عميق (Deep Learning) على قراءة النصوص المسمارية من بلاد ما بين النهرَيْن. وكأن الخوارزميات، بعد أن أتقنت لغات المستقبل، قررت أن تعود لتتعلّم لغة الطين.

استخدم الباحثون آلاف الصور الرقمية عالية الدقة لألواحٍ طينيةٍ متهالكة، وعلّموا الآلة بأن تميّز الرموز المسمارية حتى وإن تآكلت أو غابت بعض حروفها. وكانت النتيجة مذهلة، فقد أعادت النماذج الذكية بناء نصوص طبية مفقودة بدقّة تجاوزت 85 في المائة، بل اقترحت قراءاتٍ لغوية أكثر انسجاماً من الترجمات البشرية.

وفي إحدى الحالات، أعادت الخوارزمية وصفةً طبية لعلاج ما كان يُعرف بـ«النبض المضطرب» -ما نسمّيه اليوم «تسرّع القلب» (Tachycardia)- مستخدمة مغلي نبات الحرمل، الذي ما زال يُستعمل حتى اليوم بوصفه مهدّئاً للأعصاب. وكأن الخوارزمية لم تترجم فقط... بل فهمت.

من الكاهن إلى الطبيب... ومن الطبيب إلى الخوارزمية

في حضارات وادي الرافدَيْن، كان الطبّ علماً ذا جناحين: الكاهن (آشيبو) والطبيب (آسو). الأول يُعالج بالرقى وتفسير الأحلام، والآخر بالعقاقير والفحص السريري. كانا وجهَيْن لحكمةٍ واحدةٍ ترى أن المرض ليس جسدياً فحسب، بل نفسيّ وروحيّ أيضاً.

وتُظهر الألواح البابلية سجلات لحالات يُحال فيها المريض من الكاهن إلى الطبيب أو العكس، فيما يشبه أقدم نظام للإحالة الطبية (Referral System). وإذا استُبعد السبب الغيبي، تُسلّم الحالة للطبيب الفيزيائي، أما إن عجز الأخير فيُستأنس برأي الكاهن.

اليوم، يعيد الذكاء الاصطناعي إنتاج هذا المنهج نفسه فيما يُعرف بـ«التشخيص المزدوج» (Dual Diagnosis)، حين يفصل بين العوامل العضوية والنفسية، ويقترح أكثر من احتمال. إنه لا يتصرّف بوصفه طبيباً أو كاهناً... بل بصفته مرآة ذكية تعكس شكوكنا ويقيننا معاً.

ألواح نينوى... حين ينطق الطين بالحكمة

في مكتبة «آشور بانيبال» في نينوى، عُثر على أكثر من ثلاثين لوحاً طينياً طبياً كُتبت قبل 2600 عام. لم تكن مجرّد وصفات عشبية، بل سجلات سريرية تحتوي على تشخيصات دقيقة لأمراض القلب والصرع والحمّى والأمراض النسائية، بل حتى إجراءات جراحية بسيطة.

كانت تلك الألواح بمثابة «السجلات الطبية الإلكترونية» لزمنٍ لم يعرف الكهرباء بعد. لكن كثيراً منها بقي صامتاً قروناً طويلة إلى أن جاءت الخوارزميات لتُعيد الحياة إلى حروفه، حرفاً حرفاً، حتى بدا وكأن الطين نفسه بدأ يتكلم من جديد.

من الطب البابلي إلى أخلاقيات الخوارزمية

إن المدهش ليس التقنية وحدها، بل القيم التي تستعيدها. فالأطباء البابليون التزموا بمبادئ صارمة دوّنها قانون حمورابي: «إذا نجحت الجراحة كوفئ الطبيب، وإذا فشل وتسبّب بالأذى يُغرم أو تُقطع يده».

إنه أقدم نصّ يُعبّر عن مفهوم المساءلة الطبية. واليوم، ونحن نُسلّم للخوارزميات قرارات تمسّ حياة الإنسان، يتردّد السؤال نفسه: من يتحمّل المسؤولية إذا أخطأ الذكاء الاصطناعي؟ المطوّر؟ أم الطبيب؟ أم النظام نفسه؟

تلك الأسئلة الأخلاقية تعيدنا إلى ما خطّه البابليون على ألواح الطين: المسؤولية، والشفافية (Transparency)، والنيّة الصافية (Good Faith)؛ وهي المبادئ نفسها التي تقوم عليها أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الحديث.

حين يقرأ الباحث العربي لغة الطب الأولى في ضوء الخوارزميات

السعودية وجسر الحضارات الذكية

في ظلّ «رؤية المملكة 2030»، لم يعد الذكاء الاصطناعي في السعودية مجرد أداة تقنية، بل مشروع حضاري يُعيد التوازن بين التقدّم والجذور. فالتحوّل الرقمي في القطاع الصحي لا يقوم على الخوارزميات وحدها، بل على قيم الرحمة والإنصاف والهوية.

تملك المملكة فرصة نادرة لتكون الرائدة في استعادة التراث العلمي العربي وربطه بالذكاء الاصطناعي. تخيّلوا مشروعاً سعودياً عالمياً تُفهرس فيه النصوص الطبية القديمة من وادي الرافدَيْن ووادي النيل والجزيرة العربية، وتُحلّل بخوارزميات حديثة تُعيد بناء معرفةٍ إنسانيةٍ عابرةٍ للعصور.

مشروع مثل هذا لن يُعيد فقط كتابة التاريخ... بل سيمنحنا تاريخاً جديداً نكتبه نحن، بأدواتنا وبلغتنا وروحنا.

خاتمة: من الطين إلى السيليكون

يبدو أن الذكاء الاصطناعي لا يمشي فقط نحو المستقبل، بل يمدّ نظره إلى الماضي أيضاً، كأنه يُصغي إلى همس الأجداد في ألواح الطين.

من مسلّة حمورابي إلى شرائح السيليكون، ومن تعاويذ الشفاء إلى خوارزميات التعلّم، تتجلّى أمامنا صورة مهيبة للطب بوصفه علماً إنسانياً لا يعرف حدود الزمان أو المكان.

فإذا كانت بلاد الرافدَيْن قد أنجبت أول طبيب، فإن الذكاء الاصطناعي اليوم لا يأتي لينافسه... بل ليُحيي رسالته، ويعيد إلى العلم إنسانيته، وإلى الإنسان حريته في أن يَفهم لا أن يُلقَّن. وكما قال حمورابي قبل آلاف السنين: «لقد وضعتُ قوانيني ليشرق العدل في الأرض... ولأمنع القوي من ظلم الضعيف».

واليوم، لعلّ واجبنا أن نضمن بقاء الخوارزمية خادمةً للرحمة... لا أداةً للسلطة.


خبرات بشرية إبداعية لتعزيز الذكاء الاصطناعي

خبرات بشرية إبداعية لتعزيز الذكاء الاصطناعي
TT

خبرات بشرية إبداعية لتعزيز الذكاء الاصطناعي

خبرات بشرية إبداعية لتعزيز الذكاء الاصطناعي

أصدرت مختبرات الذكاء الاصطناعي الرائدة والشركات الناشئة في السنوات الأخيرة برامج ذكاء اصطناعي مصممة لمهام متزايدة التعقيد، بما في ذلك حل مسائل رياضية على مستوى دراسة الدكتوراه، وخطوات التفكير المنطقي لحل الأسئلة المعقدة خطوة بخطوة، واستخدام أدوات، مثل متصفحات الويب لإنجاز مهام معقدة.

جيش من خبراء «الحكمة البشرية» الجدد

إن دور مهندسي الذكاء الاصطناعي في تحقيق ذلك موثق جيداً، وغالباً ما يكون مجزياً، لكن الدور غير المعروف جيداً هو دور جيش متنامٍ من الخبراء المستقلين، من فيزيائيين ورياضيين إلى مصورين ونقاد فنيين، الذين تُجنّدهم شركات متخصصة في تدريب الذكاء الاصطناعي، وهي صناعة بمليارات الدولارات.

وتؤكد هذه الشركات أن الحكمة البشرية ضرورية لإنشاء نماذج للمسائل والحلول ومعايير التقييم التي تُساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين أدائه في مجموعة واسعة من المجالات.

يقول أكاش سابهاروال، نائب رئيس قسم الهندسة في شركة تدريب الذكاء الاصطناعي «سكيل إيه آي»: «ما دام الذكاء الاصطناعي مهمّاً، فسيظل البشر كذلك».

ولا تزال هذه الشركة لاعباً رئيسياً في هذا المجال؛ حيث تُوظّف مُدرّبي ذكاء اصطناعي خبراء في مجموعة واسعة من المجالات، وتُنشئ بيئات رقمية يُشبّهها سابهاروال بـ«أجهزة محاكاة الطيران للذكاء الاصطناعي»؛ حيث يُمكن للبشر مساعدة الآلات على تعلّم كل شيء، من إرسال رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل إلى كتابة الرموز البرمجية.

انخراط عدد أكبر من حاملي الدكتوراه

نمت صناعة تدريب الذكاء الاصطناعي الحديثة من أعمال سابقة لإنشاء بيانات تدريب مُصنّفة تُعلِّم أجهزة الكمبيوتر كيفية تحديد الأشياء في الصور أو تحديد منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تحتاج إلى تعديل. يقول مات فيتزباتريك، الرئيس التنفيذي لشركة تدريب الذكاء الاصطناعي «إنفيزيبل تكنولوجيز»: «كانت الأيام الأولى لنظرة الناس إلى هذه الصناعة تُمثّل ما يُسمّى تصنيف السلع، مثل قط/كلب، وما شابه».

أما في الآونة الأخيرة، ومع توفّر نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، فقد ساعد العاملون البشريون في توجيه البرنامج للإجابة بشكل صحيح عن أسئلة حول موضوعات مثل رياضيات المرحلة الثانوية، والتواصل بطلاقة افتراضية بمجموعة متنوعة من اللغات. كما سعت بعض الشركات إلى تحسين تقنية الذكاء الاصطناعي التي يمكنها تقديم رؤى ثاقبة بناءً على احتياجاتها الخاصة وبياناتها الداخلية.

والآن، وفي حين يتفاخر قادة شركات الذكاء الاصطناعي بانتظام ببراعة روبوتات الدردشة الخاصة بهم في معالجة مسائل الرياضيات والعلوم المتقدمة، يعمل الخبراء البشريون خلف الكواليس لاختبار حدود الروبوتات، ودفع مستويات معرفتها إلى الأمام.

ويقول فيتزباتريك: «لقد شهدنا تغييراً حقيقياً في الأقدمية ومستوى الخبرة لدى مجموعات الخبراء، إذ يدخل المزيد من حاملي شهادات الدكتوراه، والمزيد من حاملي شهادات الماجستير».

100 خبير مصرفي للتدريب على التحليلات المالية الذكية

على الرغم من التقارير التي تُفيد بأن بعض شركات الذكاء الاصطناعي بدأت بتوظيف خبراء بشكل مباشر لتدريب أنظمتها؛ حيث أفادت التقارير بأن شركة «أوبن إيه آي» وظّفت أكثر من 100 مصرفي سابق من كبرى مؤسسات «وول ستريت» للمساعدة في تدريب أنظمتها على إجراء تحليل مالي مبتدئ على الأقل.

اجتذاب الأطباء وخبراء التسويق والعاملين في الترفيه

إن سوق الخبراء المستقلين الذين يمتلكون الوقت والمعرفة اللازمين لتدريب الذكاء الاصطناعي في مجالات غامضة، هي في حد ذاتها سوق تنافسية؛ حيث يتفاخر مديرو شركات التدريب بمؤهلات خبرائهم المتعاقدين معهم، كما يتفاخر رؤساء الجامعات بفئة جديدة من طلاب البكالوريوس المتميزين.

لدى إحدى شركات تدريب الذكاء الاصطناعي (ميركور) حالياً قوائم منشورة تبحث عن «عاملين في مجال الترفيه» براتب يتراوح بين 60 و80 دولاراً في الساعة، و«خبير تسويق إسباني ثنائي اللغة» براتب يتراوح بين 20 و60 دولاراً في الساعة، و«خبراء قانونيين» براتب يتراوح بين 90 و120 دولاراً في الساعة، و«أطباء عامين» في الطب من آيرلندا براتب يتراوح بين 160 و185 دولاراً في الساعة، من بين العديد من القوائم الأخرى.

مستويات متقدمة من مهندسي البرمجيات

وفي العديد من مجالات المعرفة، يرتفع مستوى المؤهلات المطلوبة للتعيين في المشروعات، وفقاً لمدير منتجات «ميركور»، أوزفالد نيتسكي. ويقول نيتسكي: «يُطلب من مهندسي البرمجيات الآن إما امتلاك خبرة في لغة برمجة متخصصة، وإما تحقيق درجات عالية جداً في تحديات البرمجة التنافسية. نبحث الآن أحياناً عن أفراد محددين، لأن المستوى المطلوب مرتفع للغاية، لدرجة أن هناك عدداً محدوداً من الأشخاص في العالم ممن يستوفون هذا المستوى بالفعل».

وأعلنت الشركة أنها تدفع أكثر من 1.5 مليون دولار يومياً لخبرائها، بمتوسط ​​أجور يتجاوز 85 دولاراً في الساعة. ووفقاً للشركة، فإن أكثر من 30 ألف خبير مسجلون في منصة «ميركور».

ويقول علي أنصاري، مؤسس شركة «مايكرو1» ورئيسها التنفيذي، إن الشركة تُركز على المواهب في مجالات المالية والطب والقانون والهندسة، ويتراوح متوسط ​​الأجور التي تدفعها الشركة حول 100 دولار للساعة، مع اختلافها بين التخصصات؛ حيث يتقاضى نحو 70 في المائة من الخبراء ما بين 70 و210 دولارات للساعة.

حب الاطلاع الفكري

وبينما تُحفز الأجور الخبراء، الذين يعمل الكثير منهم بدوام كامل في مجالاتهم، على دخول مجال تدريب الذكاء الاصطناعي، فإن بعضهم مدفوع أيضاً بحب الاطلاع الفكري والرغبة في صقل برامج يأملون أن تُساعدهم يوماً ما في عملهم، أو تُعالج مشكلات عويصة.

«أتمتة» المهام الطبية الشاقة

تقول أليس تشياو، طبيبة طب الطوارئ وخبيرة لدى شركة «ميركور»، إنها تأمل أن يُسهم الذكاء الاصطناعي في أتمتة بعض المهام الطبية المرهقة، مثل رسم الخرائط وتوثيق البيانات، ما يمكّن الأطباء من التواصل بشكل أفضل مع مرضاهم، مضيفة أن عملها في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي يتضمن مطالبتها بالإجابة عن أسئلة طبية سبق أن أربكتها خلال ممارستها العملية، وهي سيناريوهات معقّدة تظهر عندما يختلف مرضى الواقع عن النماذج المرجعية التقليدية.

وتؤكد تشياو أنها لا تتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي الذي تُدرّبه محلّها أو محل زملائها الأطباء، بل ترى أن مساعدة هذه التكنولوجيا تُسهم في استعادة مستوى من التفاعل البشري الذي غالباً ما اختفى في الممارسة الطبية.

وتقول: «لا أعتقد أن تدريب الذكاء الاصطناعي هو تدريب بديل؛ أعتقد أن لديه إمكانات كبيرة لتعزيز العلاقة بين المريض والطبيب، التي تآكلت لدرجة أن معظم الأطباء لم يعودوا راضين عن جودة الحوار والتواصل بين المريض والطبيب».

تدريب وإشراف بشري متواصل

يقول أدوين تشين، الرئيس التنفيذي لشركة «Surge AI» المتخصصة في التدريب على نظم الذكاء الاصطناعي، إن نسبة الخبراء المتخصصين في مجال تدريب الذكاء الاصطناعي قد ازدادت بمرور الوقت، لكن الأشخاص ذوي المعرفة العامة لا يزالون يُسهمون أيضاً. ويضيف أن هذا الوضع من غير المرجح أن يتغير، لأن أدوات الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى تدريب مستمر حتى على المشكلات الأساسية.

وحتى إذا استمر الذكاء الاصطناعي في التحسن في حل المشكلات الصعبة، وتوليه أدواراً أكثر، فسيظل بحاجة إلى توجيه بشري؛ حيث ستستمر معايير أدائه في النمو. وهذا يعني أنه من غير المرجح أن يُلغي الذكاء الاصطناعي دور مُعلميه البشريين في أي وقت قريب.

ويضيف تشين: «مع ازدياد استخدام الأدوات الذكية، تزداد إمكاناتها وتتوسع تطبيقاتها؛ ولذلك لم يعد مقبولاً أن تكون دقة النماذج 80 في المائة، بل يجب أن تكون 99.99999 في المائة، وفي الوقت نفسه، ومع ازدياد ذكاء النماذج، فإننا نحتاج دائماً إلى بشر لتوجيهها ومواءمتها».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

1.5

مليون دولار وأكثر تدفعها شركة «ميركور» يومياً لخبرائها الذين يزيد عددهم على 30 ألفاً


5 نصائح عند استشارة… «الدكتور تشات جي بي تي»

5 نصائح عند استشارة… «الدكتور تشات جي بي تي»
TT

5 نصائح عند استشارة… «الدكتور تشات جي بي تي»

5 نصائح عند استشارة… «الدكتور تشات جي بي تي»

سواءً للأفضل أو للأسوأ، يطلب الكثير من الناس معلومات ونصائح صحية من روبوتات الدردشة الذكية. ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته مجموعة أبحاث الصحة KFF في يونيو (حزيران) 2024، أفاد نحو واحد من كل ستة بالغين بأنهم يفعلون ذلك بانتظام. ويقول الخبراء إن هذه النسبة قد ازدادت منذ ذلك الحين، كما كتب سيمار باجاج (*).

إجابات... بين الدقة العالية والاختلاقات

أظهرت دراسات حديثة أن «تشات جي بي تي» قادر على اجتياز امتحانات الترخيص الطبي وحل الحالات السريرية بدقة أكبر من البشر. لكن روبوتات الدردشة الذكية تشتهر أيضاً باختلاق الأمور، ويبدو أن نصائحها الطبية الخاطئة قد تسببت أيضاً في أضرار جسيمة.

وقال الدكتور أينسلي ماكلين، الرئيس السابق للذكاء الاصطناعي في مجموعة Mid-Atlantic Permanente الطبية، إن هذه المخاطر لا تعني التوقف عن استخدام روبوتات الدردشة، لكنها تؤكد على ضرورة الحذر والتفكير النقدي.

الروبوت لا يحل محل الطبيب

وأضاف ماكلين أن روبوتات الدردشة رائعة في إنشاء قائمة أسئلة لطرحها على طبيبك، وتبسيط المصطلحات الطبية في السجلات الطبية، وإرشادك خلال تشخيصك أو خطة علاجك. ولكن لا يوجد روبوت دردشة جاهز ليحل محل طبيبك؛ لذا كن أكثر حذراً عند طلب التشخيصات المحتملة أو النصائح الطبية من الذكاء الاصطناعي.

أفضل طرق استخدام الروبوتات للإجابات الصحية

سألنا الخبراء عن أفضل طريقة لاستخدام روبوتات الدردشة للإجابة عن أسئلتك المتعلقة بالرعاية الصحية.

* تدرب عندما تكون المخاطر منخفضة. قالت الدكتورة راينا ميرشانت، المديرة التنفيذية لمركز تحول وابتكار الرعاية الصحية في جامعة بنسلفانيا الطبية، إن الناس معتادون عموماً على طلب المشورة الطبية من «غوغل»، ويدركون أن «الصفحة العاشرة من النتائج ليست بجودة الصفحة الأولى».

لكن معظم الناس لا يمتلكون القدر نفسه من الخبرة في استخدام روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ويقول الخبراء إن هناك منحنى تعلم، وإن المستخدمين يحتاجون إلى التدرب على صياغة الأسئلة وتدقيق الردود للحصول على أفضل النتائج.

لذا؛ لا تنتظر حتى تواجه مشكلة صحية خطيرة لتبدأ بتجربة الذكاء الاصطناعي، كما يقول الدكتور روبرت بيرل، مؤلف كتاب «تشات جي بي تي» - الطبيب: كيف يمكن للمرضى والأطباء المُعززين بالذكاء الاصطناعي استعادة السيطرة على الطب الأميركي«ChatGPT, MD: How A.I.-Empowered Patients & Doctors Can Take Back Control of American Medicine».

اقترح بيرل أن تتذكر زيارتك الطبية الأخيرة، وبعض الأسئلة التي أجاب عنها طبيبك بشكل جيد... اطرحها على روبوت الدردشة واختبر الإجابات، وقارن إجاباته بإجابات طبيبك. وأضاف أن هذا التمرين يمكن أن يمنحك فكرة عن نقاط قوة روبوت الدردشة ونقاط ضعفه.

ميل الروبوتات إلى التملّق

احذر أيضاً من ميل روبوتات الدردشة إلى التملق والإصرار على التصديق. إذ قد يدفع سؤال مُوجّه - مثل: «ألا تعتقد أنني في حاجة إلى إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي؟» - روبوت الدردشة إلى الموافقة علي تصوراتك، بدلاً من تقديم إجابات دقيقة. ولكن يمكنك الوقاية من ذلك بطرح أسئلة متوازنة ومفتوحة.

حتى أن بيرل أوصى بأن تستبعد نفسك من السؤال – مثل توجيه سؤال: «ماذا ستقول لمريض يعاني سعالاً شديداً؟» — لتتجاوز ميل روبوتات الدردشة للموافقة على رأيك بشكل أفضل. يمكنك حتى التفكير في سؤاله مباشرةً: «ماذا تقول له (للمريض) من إجابات قد لا يرغب في سماعها؟».

مشاركة البيانات

* تشارك في السياق - في حدود المعقول. قال الدكتور مايكل توركين، طبيب الطب الباطني في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو الصحية، إن روبوتات الدردشة لا تعرف شيئاً عنك، إلا ما تخبرها به. لذلك؛ عند طرح أسئلة طبية، امنح روبوتات الدردشة أكبر قدر من السياق (التفصيل) الذي تشعر بالراحة في مشاركته لزيادة فرصة الحصول على إجابة أكثر تخصيصاً.

لنفترض أنك سألت روبوت دردشة عن ألم ورك أُصبتَ به أخيراً. هناك بالطبع عشرات الأسباب المحتملة. قال بيرل: «لكن بمجرد أن تُعطي روبوت الدردشة عمرك، وتاريخك الطبي السابق، والأمراض المصاحبة، والأدوية، ووظيفتك، يمكنه الآن أن يبدأ في تقديم تشخيص دقيق وشخصي للغاية»، وهو تشخيص يمكنك بعد ذلك سؤال طبيبك عنه.

مخاوف خرق الخصوصية

مع ذلك، قال الدكتور رافي باريخ، مدير مختبر التعاون بين الإنسان والخوارزميات في جامعة إيموري، إن هناك مخاوف جدية تتعلق بالخصوصية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. وأضاف أن معظم برامج الدردشة الآلية الشائعة غير مُلزمة بقانون نقل ومساءلة مؤسسات التأمين الصحي، وليس من الواضح من يمكنه الوصول إلى سجل محادثاتك. لذا؛ تجنب المشاركة بتفاصيل التعريف بوضعك أو تحميل سجلاتك الطبية كاملةً. فقد تتضمن هذه السجلات عنوانك ورقم الضمان الاجتماعي وبيانات حساسة أخرى.

إذا كنت قلقاً بشأن الخصوصية، فإن الكثير من برامج الدردشة الآلية تعمل بنظام التصفح المجهول أو المتخفي، حيث لا تُستخدم المحادثات لتدريب النموذج، وتُحذف بعد فترة قصيرة. وأشار توركين إلى وجود الكثير من برامج الدردشة الآلية الطبية المتوافقة مع القوانين.

حذارِ من المحادثات الطويلة

* تحقق من صحة المعلومات أثناء المحادثات الطويلة. قال باريخ إن برامج الدردشة الآلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي قد تنسى أو تخلط أحياناً بين تفاصيل مهمة، خاصةً إذا كانت من الإصدارات المجانية أو أثناء إجراء المحادثات الطويلة. لذا؛ يُفضل استخدام النماذج المدفوعة الأجر والأكثر تقدماً، للأسئلة الطبية؛ لأنها عادةً ما تتمتع بذاكرة أطول، وعملية «استنتاج» أفضل، وبيانات أكثر تحديثاً.

قد يكون من المفيد أيضاً بدء محادثات جديدة بشكل دوري، لكن الكثير من المرضى يجدون صعوبة في إعادة إدخال معلوماتهم الطبية وتحديث النموذج. في هذه الحالة، أوصت ميرشانت بطلب «تلخيص ما تعرفه عن تاريخي الطبي» من روبوت المحادثة على فترات منتظمة. يمكن أن تساعد هذه المراجعات في تصحيح سوء الفهم وضمان بقاء روبوت المحادثة على المسار الصحيح.

اطلب أسئلة من الروبوتات

* اطلب طرح المزيد من الأسئلة. بشكل عام، تتفوق روبوتات المحادثة الذكية في تقديم الإجابات مقارنة بطرحها للأسئلة؛ لذا فإنها تميل إلى تجاهل المتابعات (الأسئلة) المهمة التي قد يوجهها الطبيب للمريض، كما يقول توركين - مثل ما إذا كنت تعاني أي أمراض كامنة أو تتناول أي أدوية. وهذا يُمثل مشكلة خاصةً عند السؤال عن تشخيصات محتملة أو نصائح طبية.

للتعويض (عن هذا النقص في عمل الروبوتات)، أوصى توركين بتحفيز روبوت المحادثة بجملة مثل: «اسألني أي أسئلة إضافية تحتاج إليها للتفكير بشكل أكثر أماناً».

توقع هنا سيلاً من الأسئلة، لكن حاول الإجابة عن كل سؤال بعناية. إذا أغفلت سؤالاً أو تجاهلته، فمن المحتمل ألا يسألك مرة أخرى، كما يقول توركين.

اطلب المصادر

* قارن روبوت الدردشة الخاص بك بنفسه. قال بيرل إن كل نصيحة صحية تُقدم عبر الإنترنت أو من صديق تأتي بمنظور مُحدد، وروبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي ليست استثناءً. تكمن المشكلة في أنه حتى عندما يرتكب الذكاء الاصطناعي أخطاءً بدائية، فإنه لا يزال ينضح بالثقة ويبدو عالماً بكل شيء.

لذا؛ تنصح ماكلين بالتشكك وطلب المصادر من روبوتات الدردشة، ثم التأكد من وجودها بالفعل. كما يجب عليك طرح أسئلة متابعة صعبة، وجعل روبوتات الدردشة تشرح أسبابها. وأضافت: «كن متفاعلاً حقاً. لا أحد يهتم بصحتك أكثر منك».

ولدفع روبوتات الدردشة إلى أبعد من ذلك؛ شجعها على تبني وجهات نظر مختلفة. في البداية، كما قالت ماكلين، قد تقول لروبوت الدردشة: «أنت طبيب رعاية أولية دقيق وذو خبرة». ولكن لاحقاً، اطلب منه تبني وجهة نظر اختصاصي؛ ما يُسهم في توجيه النموذج نحو معرفة أعمق ومتخصصة في مجال معين.

* خدمة «نيويورك تايمز»