أول كمبيوتر بيولوجي في العالم يطرح في السوق

بخلايا دماغ بشرية على شريحة من الرقائق الإلكترونية

الكمبيوتر البيولوجي CL1
الكمبيوتر البيولوجي CL1
TT

أول كمبيوتر بيولوجي في العالم يطرح في السوق

الكمبيوتر البيولوجي CL1
الكمبيوتر البيولوجي CL1

أطلقت شركة «كورتيكال لابز» الأسترالية أخيراً أول كمبيوتر بيولوجي في العالم، بسعر 35000 دولار أميركي للوحدة.

«أول حاسوب بيولوجي»

وفي تطورٍ مستوحى من الخيال العلمي، أطلقت الشركة الناشئة ما أسمته «أول حاسوب بيولوجي بالرموز الكمبيوترية قابل للاستخدام في العالم» code-deployable biological computer، أو باختصار CL1، الذي طُرح لأول مرة في مارس (آذار) الماضي. ويدمج الجهاز خلايا الدماغ البشرية على شريحة سيليكون لمعالجة المعلومات عبر حلقات تغذية راجعة كهربائية خلال زمن لا يتجاوز الألف من الثانية.

دراسة تفاعل خلايا الدماغ مع المحفزات

صُمم جهاز CL1 باعتباره أداة موجهة لأبحاث علم الأعصاب والتكنولوجيا الحيوية، وهو يوفر طريقة جديدة لدراسة كيفية معالجة خلايا الدماغ للمحفزات، والمنبهات، وتفاعلها معها.

وبخلاف الأنظمة التقليدية القائمة على السيليكون، تستخدم هذه المنصة الهجينة خلايا عصبية بشرية حية قادرة على التكيف، والتعلم، والاستجابة للمدخلات الخارجية في الزمن الحقيقي.

رقائق إلكترونية تحمل خلايا دماغ بشرية

دماغ اصطناعية صغيرة

ونقل موقع مجلة «المهندسين الكهربائيين الأميركيين» الإلكتروني عن عالم الأعصاب النظري كارل فريستون من جامعة كلية لندن: «من وجهة نظري، يُمكن اعتبار CL أول حاسوب مُحاكٍ بيولوجي مُتاح تجارياً، وهو الأفضل في مجال الحوسبة العصبية الشكلية التي تستخدم الخلايا العصبية الحقيقية... ومع ذلك، فإن الهدية الحقيقية لهذه التقنية ليست لعلوم الكمبيوتر، بل لكونها تقنية تُمكّن العلماء من إجراء تجارب على دماغ اصطناعية صغيرة».

التسويق يبدأ هذا الصيف

سيبدأ شحن أول 115 وحدة هذا الصيف بسعر 35000 دولار أميركي للوحدة، أو 20000 دولار أميركي عند شرائها في رفوف خوادم تحتوي على 30 وحدة. كما تُقدم مختبرات «كورتيكال لابز» خدمة «البرمجيات الرطبة» بوصفها خدمة سحابية بسعر 300 دولار أميركي أسبوعياً للوحدة، ما يُتيح الوصول عن بُعد إلى مزارع الخلايا الداخلية.

800 ألف خلية مزروعة

يحتوي كل كمبيوتر بيولوجي CL1 على 800000 خلية عصبية بشرية مزروعة في المختبر، ومُعاد برمجتها من الجلد، أو عينات دم متبرعين بالغين حقيقيين. تبقى الخلايا قابلة للحياة لمدة تصل إلى ستة أشهر، تغذيها منظومة دعم الحياة التي تُوفر العناصر الغذائية، وتتحكم في درجة الحرارة، وتُرشّح الفضلات، وتحافظ على توازن السوائل. في هذه الأثناء، تُطلق الخلايا العصبية الإشارات، وتُفسّرها، مُتكيّفةً مع كل تفاعل.

بفضل طاقة CL1 المدمجة، وحجمها الكبير، يُمكن أن تُصبح جاذبةً للتجارب المُوسّعة. يستهلك رفّ من وحدات CL1 الكمبيوتر الجديد بين 850 و1000 واط، أي أقلّ بكثير من عشرات الكيلوواط التي يتطلبها مركز بيانات يُشغّل أحمال عمل الذكاء الاصطناعي.

دراسة استجابات الدماغ

يقول بريت كاغان، الرئيس العلمي لشركة «كورتيكال لابز»: «تُولّد خلايا الدماغ نبضات كهربائية صغيرة للتواصل مع شبكة أوسع... يمكننا القيام بشيء مُشابه عن طريق إدخال نبضات كهربائية صغيرة تُمثّل أجزاءً من المعلومات، ثم قراءة استجاباتها. يقوم CL1 بذلك آنياً باستخدام شيفرة بسيطة مُجرّدة من خلال طبقات مُتفاعلة مُتعددة من البرامج الثابتة والأجهزة. وتقرأ خلال زمن لا يتجاوز الألف من الثانية المعلومات، وتتفاعل معها، وتكتب معلومات جديدة في مزرعة الخلايا».

دماغ على شريحة لتطوير الأدوية

يقول كاغان إن مختبرات «كورتيكال لابز» شهدت اهتماماً كبيراً من الجامعات والشركات الناشئة والهيئات الحكومية التي تستكشف تطبيقات في اكتشاف الأدوية، والحوسبة العصبية، وتسريع الذكاء الاصطناعي، وتعدين البيتكوين. كما تواصلت شركات عديدة واعدة من قطاعي الموسيقى والترفيه، وتستكشف الشركة فرص تعاون تدمج الحوسبة البيولوجية مع الفن التجريبي، مثل مشروع حديث درس في البداية استخدام CL-1 للتواصل مع خلايا دماغ ملحن متوفى، لكنه اختار في النهاية نظاماً مختلفاً.

تعتبر مختبرات «كورتيكال لابز» الكمبيوتر بمثابة «تكنولوجيا منصة» أساسية لاكتشاف الأدوية، ونمذجة الأمراض التي تستهدف حالات مثل الصرع، ومرض ألزهايمر. ويقول كاغان: «بما أننا نستخدم خلايا الدماغ البشرية باعتبار أنها جهاز لمعالجة المعلومات، يمكننا استخدام متبرعين أو سلالات خلوية مختلفة للعثور على روابط جينية قد تمثل مرضاً، أو مجرد اختلافات فردية».

يشير كاغان إلى أن الأدوية النفسية العصبية تُسجّل بعضاً من أعلى معدلات الفشل في التجارب السريرية، ويعود ذلك جزئياً إلى فشل النماذج ما قبل السريرية الحالية في رصد وظيفة خلايا الدماغ الفعلية، أي كيفية معالجة الخلايا للمعلومات في الوقت الفعلي.

نموذج مطور

يعتمد نظام CL1 على النموذج الأولي الأصلي لـنظام «دش برين» DishBrain من نفس الشركة، والذي درّب مزارع الخلايا على لعب لعبة الأركيد الكلاسيكية «بونغ» في بيئة محاكاة. وتعلمت هذه المزارع تتبع الكرة، والتحكم في المضرب، ما أظهر سلوكاً موجهاً نحو الهدف في المختبر.

أفادت ورقة بحثية نُشرت في مجلة «Neuron» عام 2022 بتعلم الخلايا في غضون دقائق من اللعب، حيث تنظم الخلايا العصبية نفسها، وتتكيف مع التغذية الراجعة الحسية. وفي تجارب أخرى، وجدت الشركة أن هذه الشبكات البيولوجية غالباً ما تتفوق على خوارزميات التعلم المعزز العميق في كفاءة العينات، وتحسين التعلم.

طبقت تجربة «دش برين» التجريبية مبدأ الطاقة الحرة لكارل فريستون لاختبار إمكانية ظهور الاستدلال النشط -آلية الدماغ لتقليل المفاجأة من خلال التغذية الراجعة- في الأنظمة العصبية البيولوجية. ويصف فريستون، الذي طور هذا الإطار في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تقنية CL1 بأنها «إنجاز رائع»، و«خاتمة سنوات من الابتكار النظري والفيزيائي الحيوي».

ويُضيف فريستون: «يُتيح هذا النظام دراسة آثار التحفيز والأدوية والإصابات الاصطناعية على كيفية تعلم الدوائر العصبية، واستجابتها في بيئة مغلقة عندما تكون الشبكة العصبية في حالة تبادل مع عالم من المُحاكاة». «باختصار، أصبح لدى التجريبيين الآن (دماغ في وعاء) صغير، وهو أمرٌ طالما حلم به الفلاسفة لعقود».

الحوسبة البيولوجية... توسع مذهل

يُمثل CL1 توسعاً كبيراً عن سلفه «دش برين»، إذ يُضيف نظام دعم الحياة على متنه، ويزيد من مُدخلاته من 8 إلى 59، ويُقلل زمن الوصول من 5مللي ثانية إلى مستويات أقل من مللي ثانية.

وتخطط مختبرات «كورتيكال لابز» لتحسين أداء الكمبيوتر البيولوجي بشكل مُطرد مع مرور الوقت، مُستعينةً بقابلية التوسع الطبيعية في علم الأحياء. يقول كاغان: «في حين أن إنتاج 100000 خلية عصبية يكلفنا مبلغاً كبيراً، فإن إنتاج مليون خلية يكلفنا جزءاً ضئيلاً فقط، ولا يزيد كثيراً عن إنتاج 100 مليون خلية، لأن علم الأحياء ينمو بشكل كبير». ويضيف: «لن تواجه صعوبة في توسيع نطاق زراعة الخلايا إلى مستوى مليار أو تريليون خلية، كما هو الحال في اللحوم المزروعة في المختبر، حينها ستضطر إلى استخدام تقنية مختلفة. لكن إنتاج مئات الملايين أمر سهل للغاية».

مهارات وأخلاقيات المستخدمين

في حين أن مختبرات «كورتيكال لابز» لا تسعى إلى السيطرة على تطبيقات CL1، فإنها تشترط على العملاء الحصول على موافقة أخلاقية لإنتاج سلالات خلوية. يجب على مشتري الوحدات المادية أيضاً أن يكون لديهم مختبر زراعة خلايا مناسب. يقول كاغان: «لا نريد شخصاً يفتقر إلى المهارات، أو القدرة، أو السلامة. إنه ليس شيئاً يجب القيام به في مرأبك».

يتمثل هدف الشركة على المدى الطويل في إطلاق العنان لذكاء بشري باستخدام خلايا الدماغ. يُصوّر كاغان «الذكاء المُهندَس بيولوجياً» بأنه خطوة تتجاوز نماذج الدماغ في طبق، بهدف تصميم مزارع الخلايا العصبية لأداء وظائف قد تتجاوز في النهاية القدرات البشرية التقليدية.


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا خاصية إشعارات ارتفاع ضغط الدم في «أبل ووتش» تستند إلى مستشعر نبضات القلب البصري في الساعة (الشرق الأوسط)

«أبل ووتش» تتيح خاصية التنبيه المبكر لارتفاع ضغط الدم في السعودية والإمارات

قالت شركة «أبل» إنها أتاحت خاصية إشعارات ارتفاع ضغط الدم على ساعات «أبل ووتش» لمستخدميها في السعودية والإمارات.

«الشرق الأوسط» (دبي)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
علوم الصين تبني أول جزيرة عائمة مقاومة للأسلحة النووية في العالم

الصين تبني أول جزيرة عائمة مقاومة للأسلحة النووية في العالم

مشروع مثير للإعجاب لا مثيل له في العالم

جيسوس دياز (واشنطن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.