مُركب غذائي «نانوي» لتحسين نمو أسماك البلطي

طوره باحثون مصريون

المزارع السمكية تنتشر بغالبية المحافظات الساحلية في مصر (رويترز)
المزارع السمكية تنتشر بغالبية المحافظات الساحلية في مصر (رويترز)
TT

مُركب غذائي «نانوي» لتحسين نمو أسماك البلطي

المزارع السمكية تنتشر بغالبية المحافظات الساحلية في مصر (رويترز)
المزارع السمكية تنتشر بغالبية المحافظات الساحلية في مصر (رويترز)

تعد أسماك البلطي النيلي من أكثر أنواع الأسماك انتشاراً في أحواض تربية الأسماك (الاستزراع السمكي)، بفضل قدرتها على التكيف مع الظروف المناخية البيئية وسرعة نموها ومقاومتها للأمراض.

وتنتشر المزارع السمكية في غالبية المحافظات الساحلية في مصر، ويبلغ الإنتاج السنوي نحو مليوني طن بنسبة اكتفاء بلغت 85 في المائة، وفق وزارة الزراعة المصرية.

وتحتل مصر المركز الأول أفريقياً والسادس عالمياً في الاستزراع السمكي، كما تحتل المركز الثالث عالمياً في إنتاج السمك البلطي.

في المقابل، يواجه الاستزراع السمكي في مصر، تحديات تتعلق بتكاليف تربية أسماك البلطي وجودة العلف. لكن باحثين مصريين نجحوا في تطوير مركب غذائي نانوي جديد يحتوي على فيتامينات تعزز بشكل كبير نمو ومناعة أسماك البلطي النيلي.

وأوضح الباحثون، في دراستهم المنشورة في العدد الأخير من دورية «Scientific Reports»، الصادر في 8 يوليو (تموز) الماضي، أن النتائج تمهد الطريق لجعل تربية الأحياء المائية أكثر استدامة وإنتاجية.

وتمثل نتائج الدراسة تقدماً كبيراً في تعزيز صحة الأسماك وإنتاجيتها من خلال استراتيجيات غذائية مبتكرة، وفق الباحثين.مركبات نانويةتم تصنيع المركبات النانوية التي تحتوي على فيتامينات سي (C) وإي (E)، وتم خلطها مع طعام الأسماك الأساسي والجيلاتين لتكوين عجينة، ثم جُففت وقُطّعت إلى حبيبات.

وبما أن الأسماك لا تستطيع تصنيع فيتامين «سي» بشكل طبيعي، يجب إضافته إلى غذائها في المزارع. وفيتامين «سي» الذي يتأثر بالحرارة ويتحلل بسرعة في الماء، يعد مضاد أكسدة مهماً يؤثر بشكل كبير على الجهاز المناعي، فهو يعزز الاستجابات المناعية ويساعد في تقليل الالتهاب، ما يعزز قدرة الجسم على مواجهة العدوى والأمراض.

ولاختبار فاعلية المركب الغذائي الجديد، تضمنت الدراسة تغذية 420 سمكة بلطي نيلية موزعة عشوائياً على 21 حوضاً، لتجربة المركب الجديد مقارنة بالتغذية التقليدية. وتمت تغذية الأسماك يومياً بنسبة 5 في المائة من وزن الجسم على مدى 8 أسابيع، مع تقديم الطعام مرتين يومياً وتعديل الكمية وفقاً للوزن المحقق.

لاحظ الباحثون أن الأسماك التي تغذت على النظام الجديد أظهرت تحسناً ملحوظاً في النمو والوزن الإجمالي، مقارنة بالمجموعة الأخرى.

وكان للمركب تأثير إيجابي على المناعة، حيث أظهرت الأسماك التي تغذت على حمية فيتامين النانو زيادة ملحوظة في عدد خلايا الدم البيضاء، ونشاط المصل المضاد للبكتيريا، مما يشير إلى استجابة مناعية أقوى ويدل على تحسين دفاع الجسم ضد مسببات الأمراض.

كما قلل المركب بشكل فعال من الإجهاد التأكسدي في الأسماك، ما يساهم في الحفاظ على صحتها ويقيها من الأضرار المحتملة التي قد تؤثر على الوظائف الحيوية.

ويعتقد الباحثون أن التأثيرات الإيجابية التي لوحظت في الدراسة ترجع إلى التوافر الحيوي الفائق للفيتامينات المغلفة بالنانو. ويحمي المركب النانوي الفيتامينات من التحلل في الماء ويسهل امتصاصها من قبل الأسماك، مما يؤدي إلى تأثير أكثر فاعلية.استدامة الاستزراع السمكييقول الباحث الرئيسي للدراسة، من قسم أمراض الأسماك بمعهد بحوث الصحة الحيوانية بكفر الشيخ في مصر، الدكتور أحمد حماد شريف: «إن الدراسة تسلط الضوء على إمكانات تكنولوجيا النانو لتحسين صحة الأسماك وتعزيز ممارسات تربية الأحياء المائية المستدامة، ما يسهم في ضمان مصدر غذائي صحي للأجيال القادمة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «استخدام المركبات النانوية في تحسين غذاء وصحة الأسماك، قد يؤدي إلى تقليل الحاجة إلى مكملات غذائية إضافية وتقليل الأدوية، ما يساهم في خفض التكاليف التشغيلية ويعزز من استدامة الاستزراع السمكي».

ونوه إلى أن دمج مركبات الفيتامينات النانوية في أعلاف الأسماك، يُمكّن المزارعين من تحقيق عوائد إنتاج أعلى، وتقليل الاعتماد على المضادات الحيوية، وتقديم منتج أكثر صحة للمستهلكين في نهاية المطاف.


مقالات ذات صلة

إنقاذ كركند برتقالي نادر جداً من التحوُّل طبق عشاء

يوميات الشرق أُنقِذ من الطهي (مواقع التواصل)

إنقاذ كركند برتقالي نادر جداً من التحوُّل طبق عشاء

أُنقِذ كركند برتقالي نادر جداً، وأُعيد إلى محيطه بعد اكتشافه بداخل قسم المأكولات البحرية بسوق في ساوثهامبتون، بنيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رصد أول حالة تكاثر من دون إخصاب لدى نوع من أسماك القرش مهدد بالانقراض (رويترز)

لأول مرة... سمكة قرش مهددة بالانقراض تتكاثر من دون إخصاب

ذكرت مجلة علمية هذا الأسبوع أنّ باحثين إيطاليين رصدوا أول حالة تكاثر من دون إخصاب لدى نوع من أسماك القرش مهدد بالانقراض، بحسب ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق أسراب الأسماك تسبح في المحيط الهادئ (أرشيفية - أ.ف.ب)

اكتشاف «الأكسجين المظلم» في قاع المحيط لأول مرة يذهل العلماء

اكتشف علماء بعض المعادن الموجودة في أعماق المحيطات السحيقة، والقادرة على إنتاج الأكسجين في ظلام دامس، دون أي مساعدة من الكائنات الحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جيفة الحوت النادر تُرفع بالقرب من مصب نهر في مقاطعة أوتاغو (هيئة الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا)

ظهور جيفة حوت نادر على شاطئ بنيوزيلندا

كشف علماء أن الأمواج جرفت إلى شاطئ في نيوزيلندا جيفة حوت منقاري مجرفي الأسنان، وهو نوع نادر للغاية لم يُسبق رصده على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (كرايستشيرتش)
يوميات الشرق تعد مقاطعة غوانغدونغ الصينية موقعاً شهيراً لمزارع التماسيح (رويترز)

زحف التماسيح إلى المدن في شمال المكسيك بسبب الأمطار الغزيرة

زحف ما لا يقل عن 200 تمساح في شمال المكسيك إلى المناطق الحضرية، بعد الأمطار الغزيرة المرتبطة بإعصار «بريل» والعاصفة المدارية السابقة «ألبرتو».

«الشرق الأوسط» (مدينة مكسيكو)

تقنية جينومية جديده لتتبع الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات

الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
TT

تقنية جينومية جديده لتتبع الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات

الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

طور باحثون دوليون تقنية جينومية جديدة تتيح تتبع انتشار عدة جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات بشكل متزامن، ما قد يسهم في السيطرة أو حتى منع العدوى الشائعة في المستشفيات بشكل أسرع وأكثر فاعلية من ذي قبل.

التسلسل العميق لمسببات الأمراض

في دراسة حديثة نُشرت في 20 أغسطس (آب) 2024 في مجلة Lancet Microbe أجراها فريق من معهد «ويلكوم سانجر» من المملكة المتحدة وجامعة أوسلو في النرويج ومؤسسة سان ماتيو في إيطاليا، تم تطوير نهج جديد يعرف بـ«التسلسل العميق لجميع مسببات الأمراض».

ويسمح هذا النهج بالتقاط بيانات تسلسل الجينوم الكامل لمجموعة واسعة من مسببات الأمراض في وقت واحد ويمكنه توفير هذه البيانات الجينومية بالسرعة التي تستطيع فيها المستشفيات معالجة العينات. والتسلسل العميق هو مجموعة من التقنيات المستخدمة لتحديد وقياس أنواع الحمض النووي الريبي (أر إن إيه) RNA بطريقة متوازية على نطاق واسع ما يسمح بتغطية عميقة وتحليل مفصل للتعبير الجيني للمسببات المرضية.

التقاط بكتيريا المستشفيات

وفي إطار دراسة إثبات المفهوم - وهي إدراك طريقة معينة أو فكرة لإظهار الجدوى منها بهدف معاينة إمكانية التطبيق أو التنفيذ أو الاستخدام - تم التقاط مجموعة كاملة من البكتيريا المسببة للأمراض في وحدات العناية المركزة والأجنحة العادية في مستشفى إيطالي خلال الموجة الأولى من جائحة كوفيد - 19 في عام 2020 وأخذ الفريق عينات من 256 مريضاً وتم تحديد 52 نوعاً من البكتيريا في هذه العينات منها 66 بالمائة من سلالات مختلفة من أكثر سبعة أنواع من عدوى البكتيريا الأكثر شيوعاً في المستشفيات.

التأثير على وحدات العناية المركزة

وتشكل العدوى المكتسبة من المستشفيات خطراً كبيراً على المرضى وخاصة في وحدات العناية المركزة. وخلال الموجة الأولى من جائحة كوفيد - 19 زاد عدد المرضى بشكل كبير ما زاد من صعوبة فاعلية تدابير مكافحة العدوى. وهدفت الدراسة إلى تقييم المخاطر ومدى انتقال مسببات الأمراض في ظل الضغط الكبير على وحدات العناية المركزة وذلك من خلال تصميم نهج جديد للتسلسل الجينومي العميق deep genomic sequencing approach، والذي يمكن دمجه مع أنظمة المراقبة السريرية الروتينية وسير العمل التشخيصي.

ويشير التسلسل الجينومي العميق إلى تسلسل منطقة جينومية عدة مرات وأحياناً مئات أو حتى آلاف المرات. ويتيح نهج التسلسل من الجيل التالي للباحثين اكتشاف أنواع أو خلايا أو ميكروبات مستنسخة نادرة لا تشكل سوى 1 بالمائة من العينة الأصل.

جينات مقاومة المضادات الحيوية

وأظهرت النتائج أن جميع المرضى في وحدات العناية المركزة تقريباً كانوا يحملون بكتيريا واحدة على الأقل قادرة على التسبب في مرض شديد وأن جينات مقاومة المضادات الحيوية كانت موجودة في 40 بالمائة من هذه الحالات على الأقل. كما تمكن الفريق من رسم خريطة لانتشار البكتيريا في المستشفيات خلال فترة أخذ العينات التي استمرت خمسة أسابيع، ما سمح لهم بالتنبؤ بالبكتيريا الأكثر احتمالاً للتسبب في العدوى المكتسبة أثناء الإقامة في المستشفى.

وتعزز هذه التقنية الجديدة من فاعلية الرعاية الصحية من خلال تقديم وسيلة أسرع وأكثر شمولاً لتتبع الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية مما قد يساعد في تحسين تشخيص العدوى والسيطرة عليها في المستشفيات

تطبيقات أوسع

وقال البروفسور جوكا كوراندر رئيس قسم الإحصاء الحيوي كلية الطب جامعة أوسلو، والمؤلف المشارك الرئيسي للدراسة إن هذه الطريقة تلتقط المعلومات الجينية عن سلالات بكتيرية متعددة وفي نفس الوقت لديها القدرة على تحويل المراقبة الجينية لمسببات الأمراض، ما يمكننا من التقاط المعلومات الأساسية بشكل أسرع وأكثر شمولاً من أي وقت مضى دون فقدان الدقة. ويمكن الآن استخدام هذا النهج بثقة في الأبحاث المستقبلية لالتقاط النطاق الكامل للبكتيريا عالية الخطورة في منطقة ما، ونأمل أن تساعد المستشفيات في تتبع انتشار البكتيريا المقاومة للعلاج والحد منه.

وأوضح الدكتور هاري ثورب المؤلف الأول للدراسة في قسم الإحصاء الحيوي كلية الطب جامعة أوسلو والباحث الزائر في معهد ويلكوم سانجر أن الدراسة تعكس كيفية استخدام علم الجينوم لخلق صورة شاملة للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في وحدات العناية المركزة وأماكن أخرى داخل المستشفيات. وأشار إلى أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تتطور وتنتشر بسرعة مما يتطلب من أساليب التتبع أن تواكب هذا التطور وبيَّن أن معرفة تسلسل جميع البكتيريا في العينة توفر صورة أكثر شمولاً للتنوع البكتيري في منطقة ما وهو أمر أساسي للتنبؤ بالمخاطر وفهم العوامل الخارجية التي تسهم في انتشار سلالة معينة.

بكتيريا مقاومة أثناء جائحة «كوفيد»

من جانبه أكد البروفسور فاوستو بالدانتي مدير وحدة علم الأحياء الدقيقة والفيروسات في مؤسسة سان ماتيو أن وحدته كانت أول من اكتشف حالة إصابة بكوفيد - 19 في العالم الغربي مشيراً إلى أنهم شهدوا بداية الوباء جنباً إلى جنب مع الجهود العلمية العالمية الضخمة التي ركزت على فيروس «سارس كوف 2». ومع ذلك أظهرت الدراسة التي أجراها الباحثون أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية لم تختفِ خلال تلك الفترة. بل أضاف أن الوجود المتزامن لأنواع متعددة من البكتيريا المقاومة للأدوية في أجنحة العناية المركزة التي استقبلت مرضى كوفيد - 19 قد يكون جزءاً مهماً من الصورة السريرية المعقدة للمرض الجديد في تلك الأيام الحرجة.

وفي تعليق له على الدراسة أشار البروفسور نيكولاس تومسون عالم الطفيليات والميكروبات معهد ويلكوم سانجر في كمبريدج المملكة المتحدة إلى أن العدوى المقاومة للمضادات الحيوية لا تزال تمثل مشكلة مستمرة في المستشفيات رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون في الرعاية الصحية للحد منها. وأكد على أهمية رؤية وتتبع هذه البكتيريا من خلال دمج نهج التسلسل الجينومي العميق في أنظمة الرعاية الصحية مما يسهم في تشخيص العدوى بشكل أفضل وتحديد تفشيها والسيطرة عليها، خاصة في وحدات العناية المركزة.