الجينات الوراثية تحدّد الآثار الصحية لفيتامين «إيه»

تلعب دوراً حاسماً في استقلابه

الجينات الوراثية تحدّد الآثار الصحية لفيتامين «إيه»
TT

الجينات الوراثية تحدّد الآثار الصحية لفيتامين «إيه»

الجينات الوراثية تحدّد الآثار الصحية لفيتامين «إيه»

قام فريق بحث من أستراليا باستكشاف دور فيتامين «إيه» في التسبب في الاضطرابات النفسية، ووجد أن الاتصال بين الخلايا العصبية في الدماغ يتغير لدى الأشخاص المصابين بالفصام وحالات نفسية أخرى، حيث إن الجينات تلعب دوراً في تحديد كيفية استقلاب الجسم للفيتامين «إيه».

الجينات واستقلاب الفيتامين «إيه»

كما وجد الفريق أن بعض الأشخاص قد يكونون أكثر استجابة للفيتامين من آخرين نتيجة لاختلافات في جيناتهم. وقد تؤثر هذه الاختلافات الوراثية على مستويات الريتينول في الجسم، وبالتالي تؤثر على الصحة.

ونُشرت الدراسة في مجلة نتشركوميونيكيشن nature communications في 19 فبراير (شباط) 2024 برئاسة موراي كيرنزمن من كلية العلوم الطبية الحيوية والصيدلة جامعة نيوكاسل كالاهان نيو ساوث ويلز في أستراليا.

فوائد فيتامين «إيه»

وفيتامين «إيه» المعروف أيضاً باسم ريتينول Retinol أو حامض الريتينويك retinoic acid هو مغذٍ مهم للصحة العامة ويلعب دوراً في الرؤية والنمو وانقسام الخلايا وتقوية جهاز المناعة بالإضافة إلى ذلك يتميز الفيتامين بخصائص مضادة للأكسدة حيث يحمي الخلايا من تأثيرات الجذور الحرة التي تنشأ أثناء عملية هضم الطعام أوعند تعرض الجسم للتدخين والإشعاع.

تأثيرات وراثية

بحثت الدراسة في العوامل الوراثية التي تنظم مستويات الريتينول في مجرى الدم ومن خلال تحليل البيانات من آلاف الجينومات الفردية حدد الباحثون الاختلافات الجينية المرتبطة بامتصاص الريتينول ونقله في الدم. وكانت أبحاث سابقة أشارت إلى وجود صلة محتملة بين تغير الاتصال العصبي في الدماغ ومستويات فيتامين «إيه» لدى الأفراد المصابين بالفصام والاضطرابات النفسية الأخرى.

فهم الحالات المعقدة

تمكن الباحثون من الحصول على نظرة ثاقبة لدور الفيتامين في مختلف الحالات الصحية المعقدة من خلال فهم الهندسة الوراثية لمستويات الريتينول وباستخدام التباين الجيني الذي يؤثر على الريتينول كبديل لمستويات الفيتامين في الدراسات الجينية الكبيرة التي أجريت على ملايين الأفراد.

وفيما يتعلق بأكثر من 17 ألف سمة تمكن الباحثون من التحقق من علاقة مستوى الفيتامين بالسمات المرتبطة بالالتهاب ودهون البلازما والسمنة والرؤية (الإبصار) والميكروبيوم وبنية الدماغ والربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن والمزيد من الأمراض.

وكانت للنتائج آثار أيضا على الطب الدقيق وخاصة في توجيه استخدام الرتينوئيدات الاصطناعية (البدائل الصناعية للفيتامين) كأدوية من خلال تطبيق نهج مستنير وراثيا يمكن الباحثين من تصميم علاجات تعتمد على الريتينويد للأفراد بناءً على استعدادهم الوراثي وظروفهم الصحية. وعلى سبيل المثال فإن الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية لديهم مستويات منخفضة من الريتينول.

أهمية فيتامين «إيه»

فيتامين «إيه» هو عنصر غذائي قابل للذوبان في الدهون ويتوفر بكثرة في اللحوم وكذلك في النباتات الخضراء والبرتقالية والشكل النباتي للفيتامين يكون على شكل بيتا كاروتين beta-carotene ويحوله الكبد إلى الريتينول أو فيتامين «إيه» والمصادر الرئيسية للبيتا كاروتين هي السبانخ والجزر والبطاطا الحلوة والفلفل الأحمر والفاكهة الصفراء مثل المانجو والبابايا والمشمش. وهو ضروري لمختلف جوانب النمو بما في ذلك وظائف المخ وتنظيم الجهاز المناعي وصحة الجلد والرؤية ومع ذلك فإن الحفاظ على التوازن الصحيح للريتينول أمر ضروري حيث إن نقصانه أو زيادته يمكن أن يؤديا إلى مشكلات صحية.

تحذير للنساء الحوامل

وأكد الباحثون على ضرورة توخي الحذر عند تناول جرعات عالية من مكملات فيتامين «إيه» وأدوية الريتينويد بالنسبة للنساء الحوامل وأولئك اللواتي في سن الإنجاب لأن التناول المفرط من الفيتامين يمكن أن يشكل مخاطر على نمو الجنين وينبغي طلب المشورة الطبية قبل تناول المكملات الغذائية والاعتدال هو المفتاح.

اتجاهات المستقبل

في حين أن الدراسة توفر رؤى قيمة إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم تأثير الريتينول على صحة الإنسان بشكل كامل. ومع ذلك تؤكد النتائج أهمية استكشاف كيفية استخدام الريتينول بشكل فعال لتحسين نتائج صحة الإنسان. وباختصار فإن نتائج هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية فيتامين «إيه» في صحة الإنسان لا سيما في سياق حدوث الاضطرابات النفسية وتؤكد على إمكانية اتباع نهج الطب الدقيق لتحسين العلاجات القائمة على الريتينويد.


مقالات ذات صلة

7 علامات تشير إلى نقص فيتامين «د» في جسمك

صحتك مكملات فيتامين «د» (رويترز)

7 علامات تشير إلى نقص فيتامين «د» في جسمك

نقلت صحيفة «الغارديان» عن عدد من اختصاصيي التغذية، قولهم إن هناك 7 علامات رئيسية تشير إلى نقص فيتامين «د» في أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المكمل يحتوي على أحماض «أوميغا 3» الدهنية وفيتامين «أ» وهي مكونات أساسية تدعم صحة العظام والعضلات (ميديكال نيوز توداي)

«زيت كبد سمك القد»... هل يجب عليك تناوله؟

يتمتع زيت كبد سمك القد بعديد من الفوائد الصحية، وقد استُخدم منذ القرن الثامن عشر وسيلةً لتكملة الجسم بفيتامين «د» الحيوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تناول الفيتامينات المتعددة يومياً يزيد من خطر الوفاة المبكرة (رويترز)

تناول الفيتامينات يومياً... هل يُطيل العمر؟

توصلت دراسة كبيرة إلى أن تناول الفيتامينات المتعددة يومياً لا يساعد الأشخاص على العيش مدة أطول، وإنما على العكس، فهو قد يزيد في الواقع من خطر الوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات غذائية (أرشيفية - رويترز)

هل تناول المكملات الغذائية غير الضرورية يؤدي إلى أضرار؟… الخبراء يجيبون

طرحت صحيفة «تليغراف» البريطانية على خبراء سؤالا بشأن المكملات الغذائية وتأثيرها على الصحة خاصة مع إقبال الشباب على تناولها للحصول على الفيتامينات.

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جرعة فيتامين «د» التي يجب أن يحصل عليها البالغون الأصحاء يومياً هي 15 ميكروغراماً (أ.ف.ب)

وفاة بريطاني بعد تناول كميات كبيرة من فيتامين «د»

تُوفي رجل بريطاني بسبب تناول كميات كبيرة من فيتامين «د» الأمر الذي دفع الخبراء للتحذير من مخاطر الإفراط في تناول الفيتامينات والمكمّلات الغذائية

«الشرق الأوسط» (لندن)

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة
مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة
TT

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة
مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة

عام 1974، نشرت مجلة «ساترداي ريفيو - Saturday Review» الأميركية الرصينة، التي كانت في عامها الـ50 آنذاك، عدة إصدارات بمناسبة ذكراها السنوية، تناولت كيف أدى القرن إلى حاضر قاتم من الحرب النووية الحرارية الوشيكة، والطفرة السكانية التي سرعان ما ستتجاوز قدرة الكوكب على إطعام سكانه، ونضوب الطاقة القابلة للاستغلال، وغيرها من التعثرات التي تهدد العالم.

الاكتظاظ السكاني وندرة النفط... تنبؤات ما قبل 50 عاماً

في الختام، قدمت المجلة إصداراً خيالياً غير معتاد مليئاً بالتنبؤات والمقترحات الخيالية والمعقدة أحياناً للعالم، لما بعد نصف قرن من الزمان في المستقبل. وكان أحد إصدارات الذكرى السنوية في عام 1974 مخصصاً بالكامل للطرق التي يمكن للعالم من خلالها استعادة ثقته. وأشرف على إصدار الإصدارات محرر المجلة نورمان كوزينز، وهو نفسه مثقف عام غزير الإنتاج وكان ذات يوم أشهر شخصية متفائلة في البلاد.

كان كوزينز وصف في عام 1979، كتابه الأكثر مبيعاً «تشريح المرض كما يراه المريض» كيف نجح في علاج نفسه، جزئياً، بعد تشخيص حالته بمرض مميت، من خلال التمتع بأفلام كوميدية مجنونة وضحكات عالية.

«مستقبليون» سابقون مشهورون

جمع كوزينز قائمة من كبار الشخصيات المشهورين على مستوى العالم، مثل أندريه ساخاروف، ونيل أرمسترونغ، وجاك كوستو، وإسحاق أسيموف، وكلير بوث لوس (المرأة الوحيدة).

وقد تراجعت بعض المشاكل التي كانوا يأملون أن يتمكن العالم من إيجاد مخرج منها، وخاصة ندرة النفط والاكتظاظ السكاني. وسواء كان ذلك بحكمة أو بغير حكمة، فقد حلت محل هذه المخاوف نقيضاتها الظاهرية الحالية.

وباء السمنة وحطام الوقود الأحفوري

في البلدان الغنية حالياً ظهرت مشكلات أخرى، إذ تتعامل اليوم مع أوبئة السمنة و«حطام» الوقود الأحفوري المفرط في الوفرة.

ومن المفارقة أن قيمة شركة «نوفو نورديسك»، المصنعة لعقاقير إنقاص الوزن أوزيمبيك وويجغفي تأتي فقط بعد قيم شركتي النفط والغاز الكبيرتين في العالم، «أرامكو» السعودية و«إكسون».

واليوم تصاب الدول بالذعر إزاء الانحدار العالمي في معدلات المواليد وتقلص أعداد السكان وشيخوخة السكان. وقد أكون مغروراً بقدر ما أصبت في توقعاتي، ولكنني أدرك أيضاً ما أغفلته توقعاتي المستقبلية.

40 % من البالغين لا يريدون الإنجاب

لقد توقعت أن معدلات المواليد المتقلصة سوف تجتاح العالم بأسره، ولكنني لم أتوقع أن يصبح عدد البالغين الذين سوف يختارون عدم إنجاب الأطفال على الإطلاق كبيراً، ففي بعض البلدان تصل نسبتهم إلى نحو 40 في المائة. لقد توقعت بشكل صحيح أن سياسة الطفل الواحد التي تنتهجها الصين سوف تدفع الأسر الصينية إلى الاستثمار بشكل متزايد في تعليم أطفالها من أجل إعدادهم للسوق العالمية. لم أكن أتوقع أن الملايين من الشباب الصينيين المتعلمين في الجامعات والذين يعانون من الإحباط المهني سوف يفضّلون البقاء عاطلين عن العمل لسنوات بدلاً من العمل في وظائف يعدّونها أدنى من مستواهم، أو أنهم سوف يظلون معتمدين على والديهم، غير متزوجين وليس لديهم أطفال.

ازدياد أجيال من غير المتعلمين

لم أكن أتوقع بالتأكيد أن الرخاء وانخفاض معدلات البطالة في أميركا سوف يثني الشباب عن الذهاب إلى الجامعة، أو أن «غير المتعلمين» سوف يلوّحون بعدم حصولهم على الشهادات الجامعية كفضيلة سياسية ثم يتفاخرون بها وبأنهم يمثلون طليعة النهضة الأميركية العظيمة.

صدمة المستقبل

الأشياء التي فاتتني لم تكن جامحة مثل بعض الرؤى الغريبة التي تخيلها طاقم المجلة في عام 1974.

* نبوءة نيل أرمسترونغ. تنبأ نيل أرمسترونغ (رائد الفضاء الأميركي) بوجود مجموعات كاملة من البشر يعيشون في محيط من مادة الميثان اللزجة تحت سطح كوكب المشتري الذي يمكنهم البقاء عليه. سوف يعملون في وظائفهم اليومية، ويتسوّقون ويحتفلون بينما يطفون في بدلات السباحة، ولكن فقط بعد إجراء عملية جراحية لاستبدال قلوب ورئات المستعمرين بأجهزة أكسجين قابلة للزرع. ومن الغريب أن أرمسترونغ، وهو مهندس طيران، رأى هذا باعتباره رؤية وردية لعام 2024.

* نبوءة أندريه ساخاروف. كما قدم أندريه ساخاروف، والد القنبلة الهيدروجينية السوفياتية والحائز على جائزة نوبل للسلام (1975)، أفكاراً حول كيفية إخراج الناس «من عالم صناعي مكتظ وغير مضياف للحياة البشرية والطبيعة».

كان ساخاروف يعتقد أن عالم عام 2024 سوف ينقسم إلى مناطق صناعية قاتمة وأحزمة خضراء مكتظة بالسكان حيث يقضي الناس معظم وقتهم. لكن سطح الأرض لن يكون كافياً لـ«7 مليارات نسمة في عام 2024» (كان ينقصه مليار). كما توقع ساخاروف مدناً شاسعة في الفضاء ستكون موطناً للمزارع والمصانع. أعتقد أن هذا يبدو وكأنه رؤية طوباوية إذا كانت الحياة البائسة على سطح الأرض أسوأ بكثير.

* نبوءة كلير بوث لوس، المحافظة السياسية ومدمنة عقار «إل إس دي»، والتي كانت كاتبة مسرحية وممثلة في الكونغرس وسفيرة في إيطاليا وزوجة لرجال أقوياء، أن التقدم البطيء للغاية الذي أحرزته النساء تمكن رؤيته في ملامح ماضيهن.

كانت لوس تعتقد أن المساواة للمرأة سوف تأتي، لكنها ستستغرق قرناً أو أكثر. وقد كتبت: «يؤسفني أن أقول إن الصورة التي أراها هناك ليست صورة المرأة الجالسة في الغرفة البيضاوية في البيت الأبيض في عام 2024».

إيمان مستقبلي

في الآونة الأخيرة، كنت أحاول أن أرى المستقبل من خلال قضاء بعض الوقت في مواقع بناء مراكز البيانات التي تنتشر في جميع أنحاء البلاد لالتقاط ملامح الطفرة في الذكاء الاصطناعي.

إن أحد التنبؤات المذهلة التي تحرك الأموال والسياسات اليوم أن العالم سينفق أكثر من تريليون دولار لبناء البنية الأساسية للبيانات (يتوقع سام ألتمان، مؤسس شركة «OpenAI» سبعة تريليونات دولار) للحوسبة من الجيل التالي التي يمكن أن تلغي التنبؤ البشري وتستبدله بنماذج تنبؤية تديرها الآلات.

ورغم أنه لا أحد يعرف إلى أين ستقود كل هذه القوة الحاسوبية، فإن العالم يراهن عليها بشدة مع ذلك. إن هذه الطفرة تجعل خيالي - وهو شيء كنت فخوراً به للغاية - يشعر بالضآلة والإرهاق.

رؤية مفعمة بالأمل لدحر التشاؤم

لقد جاء دافع كوزينز للتنبؤ بالمستقبل أكثر من منطلقات الذكاء العاطفي له والرؤى المفعمة بالأمل له وأمثاله الذين وظّفوا معرفتهم للانفصال عن الماضي، وأقل من منطلقات رؤيته للمستقبل المستنبطة من الحقائق المعروفة في زمنه.

ومن المفارقات، كما أشار كوزينز، أن التنبؤات لا تأخذ في الحسبان التفاؤل الذي يتوقعه الناس في المستقبل.

وأضاف، في حينه، أنه إذا كان لدى عدد كافٍ من الناس إيمان بأن الجنس البشري يتمتع بالقدر الكافي من الذكاء والطاقة للعمل معاً على حل المشاكل العالمية، فإنه استخلص أن «التوقعات المتشائمة للخبراء سوف تفقد قدرتها على الشلل أو الترهيب. لذا فإن أكبر مهمة تواجه البشرية في السنوات الـ50 المقبلة سوف تكون إثبات خطأ الخبراء [المتشائمين]».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».