الأمعاء «دماغنا الثاني»... هل يساعد البروبيوتيك في علاج القلق؟

البروبيوتيك علاج للقلق (رويترز)
البروبيوتيك علاج للقلق (رويترز)
TT

الأمعاء «دماغنا الثاني»... هل يساعد البروبيوتيك في علاج القلق؟

البروبيوتيك علاج للقلق (رويترز)
البروبيوتيك علاج للقلق (رويترز)

يروج ممارسو الصحة الوظيفية (functional health practiceners) عبر قنواتهم على مواقع التواصل الاجتماعي باستمرار لأهمية صحة الأمعاء وتأثيرها على الصحة النفسية. ويصفون الأمعاء بأنها الدماغ الثاني للإنسان.

فهل تساعد معالجة «الدماغ الثاني» في تقليل القلق والتوتر في «الدماغ الأول»؟

درس بحثٌ سردي، نُشر مؤخراً في مجلة «نوترينتس»، بيانات حول التغيرات في ميكروبات الأمعاء لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق، وكيف يُمكن للبروبيوتيك أن يُساعد في تحسين أعراض القلق، وفق ما نشر موقع «ميديكال نيوز توداي».

وأشارت النتائج إلى وجود تغيرات، مثل انخفاض التنوع الميكروبي، لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق. بالإضافة إلى ذلك، قد يُساعد البروبيوتيك في تعديل ميكروبات الأمعاء وتحسين أعراض القلق.

ما العلاقة بين صحة الأمعاء والقلق؟

من خلال هذه المراجعة، أراد الباحثون فهم المزيد عن التغيرات في ميكروبات الأمعاء لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق.

وأشاروا إلى أن اضطرابات القلق من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً. وهذا يجعل فهم التغيرات الجسدية وتحديد طرق المساعدة أمراً بالغ الأهمية.

وأجرى الباحثون بحثاً في المراجع عن دراسات ذات صلة بالموضوع نُشرت في أي وقت وكُتبت باللغة الإنجليزية. وتضمنت مراجعتهم تجارب عشوائية مُحكمة ودراسات سريرية مع مشاركين يعانون من اضطرابات القلق.

أشارت الدراسات التي خضعت للفحص إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق قد شهدوا تغيرات واضحة في ميكروبات الأمعاء.

وجدت إحدى الدراسات أن المشاركين الذين يعانون من اضطراب القلق العام لديهم تنوع أقل في الكائنات الحية الدقيقة. كما كان لديهم ثراء أقل في الكائنات الدقيقة، ومستويات أعلى من بعض البكتيريا، ومستويات أقل من «البكتيريا التي تنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (مصدر موثوق)»، التي ارتبطت بالعديد من الجوانب الصحية المختلفة.

وجدت هذه الدراسة أيضاً أنه حتى بعد هدوء القلق لدى المشاركين، استمرت التغيرات المعوية، مما يشير إلى أن هذه التغيرات قد تؤثر على تطور القلق العام.

أما دراسة أخرى فوجدت انخفاضاً واضحاً في بعض البكتيريا وزيادة في أخرى لدى المشاركين الذين يعانون من اضطراب القلق العام. ارتبطت الزيادة في بعض البكتيريا بمدى شدة القلق، بينما ارتبطت أخرى بانخفاض القلق.

واستخدمت أبحاث أخرى العشوائية المندلية ووجدت خمس سمات بكتيرية قد تزيد من خطر الإصابة باضطرابات القلق، وأربع سمات قد تقلل من الخطر.

كما سلطت المراجعة الضوء على دراسة تناولت التغيرات في بكتيريا الأمعاء، مشيرةً إلى «علاقة معقدة بين ميكروبات الأمعاء والعوامل الالتهابية والوراثية، وتطور اضطرابات القلق».

كما أُجريت أبحاثٌ تُشير إلى اختلافات في ميكروبات الأمعاء بين الأفراد المصابين بالاكتئاب والمصابين باضطراب القلق العام، مما يُشير إلى أن دراسة ميكروبات الأمعاء قد تُساعد في تحديد ما إذا كان الشخص يُعاني من اضطراب الاكتئاب أو القلق.

وحددت دراسةٌ أخرى ميكروباتٍ مُحددة يُمكن أن يُساعد في تحديد شدة أعراض الاكتئاب لدى الفرد.

وأخيراً، استشهدت المراجعة بأبحاثٍ وجدت تركيباتٍ مُتشابهة لميكروبات الأمعاء لدى ضوابط صحية، ومشاركين مُصابين باعتلال المعدة والأمعاء الوظيفي (من مُضاعفات مرض السكري)، ومشاركين مُصابين باعتلال المعدة والأمعاء الوظيفي واضطراب القلق العام.

ومع ذلك، فقد وجدوا بعض الاختلافات، مثل ارتفاع مستويات ميكروبات المطثية لدى المُصابين بالقلق واعتلال المعدة والأمعاء الوظيفي.

ميكروبات الأمعاء والقلق: الآليات الكامنة

كتب مُؤلفو المراجعة أن «العديد من الآليات البيولوجية تُعزز العلاقة بين وجود/غياب البكتيريا في الأمعاء وأعراض القلق».

أولاً، يربط محور الأمعاء والدماغ ميكروبات الأمعاء بالجهاز العصبي المركزي. تساعد البكتيريا النافعة، مثل اللاكتوباسيلس، في إنتاج الناقل العصبي حمض غاما أمينوبوتيريك (GABA).

يساعد هذا الناقل العصبي في التحكم في استجابة الجسم للتوتر والقلق. قد يرتبط انخفاض البكتيريا المنتجة لحمض غاما أمينوبوتيريك بتفاقم أعراض القلق.

يمكن أن تساهم اختلالات ميكروبات الأمعاء أيضاً في حدوث التهاب جهازي. قد يساهم الالتهاب المزمن في تغيرات في وظائف الدماغ وزيادة القلق.

علاوة على ذلك، يميل الأشخاص الذين يعانون من قلق عام إلى زيادة مؤشرات الالتهاب، التي قد تكون ناجمة عن تغيرات في ميكروبات الأمعاء.

تنتج بعض بكتيريا الأمعاء النافعة أحماضاً دهنية قصيرة السلسلة تؤثر بدورها على نشاط الناقل العصبي وتساعد في تقليل الالتهاب العصبي.

وأخيراً، تساعد ميكروبات الأمعاء في تنظيم محور الوطاء-الغدة النخامية-الكظرية (HPA). عندما يكون هناك اختلال في توازن بكتيريا الأمعاء، قد يزيد هذا المحور من نشاطه بشكل مفرط، مما قد يؤدي إلى تفاقم أعراض القلق.

كيف يمكن أن تساعد البروبيوتيك في علاج أعراض القلق؟

أوضح المعالج النفسي المرخص نوا كاس، الحاصل على دكتوراه في العمل الاجتماعي، وهو اختصاصي اجتماعي سريري مرخص، لم يشارك في هذه المراجعة، لمجلة «ميديكال نيوز توداي» أن هذه المراجعة «تعزز العلاقة بين بكتيريا الأمعاء والضيق النفسي» و«تشير إلى أن بعض علاجات البروبيوتيك، وخاصة سلالات بكتيريا اللاكتوباسيلس، قد تساعد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات مرتبطة بالقلق».

وأشار مؤلفو المراجعة إلى أن تناول مكملات غذائية مثل البروبيوتيك، واستخدام بعض التوابل، وتناول الفواكه والخضراوات، يشجع على نمو البكتيريا المعوية المفيدة.

يمكن أن يساعد استخدام منتجات معينة أيضاً على تطوير عادات غذائية جيدة تُساعد على الوقاية من الاضطرابات العاطفية وتحسين أعراضها.

وأوضح الباحثون أيضاً أن بعض الأدلة تشير إلى أن تناول مكملات البروبيوتيك، وخاصةً تلك التي تحتوي على بكتيريا Lactobacillus rhamnosus، قد يُساعد في تنظيم استجابة الإجهاد وتقليل فرط نشاط محور «HPA».


مقالات ذات صلة

حَقن العين بجزئيات الذهب يبشر بثورة في علاج مشكلات البصر

صحتك تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)

حَقن العين بجزئيات الذهب يبشر بثورة في علاج مشكلات البصر

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة «براون» أن جزيئات الذهب النانوية قد تُستخدم يوماً ما للمساعدة في استعادة البصر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بخطر الوفاة المبكرة (رويترز)

دراسة دولية: الأطعمة فائقة المعالجة تزيد خطر الوفاة المبكرة

أظهرت دراسة دولية جديدة أن استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة يزيد خطر الوفاة المبكرة، مما أثار دعوات متجددة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه الأطعمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الدواء يحد من انتقال فيروس الإنفلوانزا إلى المخالطين (جامعة ميشيغان)

دواء مضاد للإنفلونزا يقلل انتقال العدوى بين أفراد الأسرة

وجدت دراسة سريرية أميركية أن جرعة واحدة من الدواء المضاد للفيروسات «زوفلوزا» (Xofluza) تخفض فرصة انتقال فيروس الإنفلونزا بين أفراد الأسرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق باحثون: ينبغي علينا تناول سعرات حرارية أكثر في بداية اليوم (غيتي)

لا آكل قبل الظهر... هل يتسبب في ضرر بدني؟

تشير التقارير إلى أن نحو واحد من كل خمسة أشخاص يتوقف عن تناول الأدوية الخاصة بإنقاص الوزن يستعيد كل الوزن الذي فقده، أو حتى أكثر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك النسيان قد يكون خطيراً ومقلقاً في بعض الحالات (رويترز)

متى يكون النسيان خطيراً؟

مثل أي عضو آخر في الجسم، يتغير الدماغ مع التقدم في السن. لكن النسيان قد يكون خطيراً ومقلقاً في بعض الحالات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

حَقن العين بجزئيات الذهب يبشر بثورة في علاج مشكلات البصر

تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)
تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)
TT

حَقن العين بجزئيات الذهب يبشر بثورة في علاج مشكلات البصر

تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)
تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة «براون» أن جزيئات الذهب النانوية -وهي قطع ذهبية مجهرية أرق بآلاف المرات من شعرة الإنسان- قد تُستخدم يوماً ما للمساعدة في استعادة البصر لدى الأشخاص المصابين بالتنكس البقعي واضطرابات الشبكية الأخرى.

في دراسة نُشرت في مجلة «إيه سي إس نانو»، وبدعم من المعاهد الوطنية للصحة، أظهر فريق البحث أن الجسيمات النانوية المحقونة في شبكية العين يمكنها تحفيز الجهاز البصري، واستعادة البصر بنجاح لدى الفئران التي تعاني من اضطرابات الشبكية.

وتشير النتائج إلى أن تلك التقنية البصرية التي تُستخدم فيها الجسيمات النانوية مع جهاز ليزر صغير يُلبَس في النظارات، قد يُساعد يوماً ما الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشبكية على استعادة الرؤية.

وفي السياق، قالت جياروي ني، باحثة ما بعد الدكتوراه في المعاهد الوطنية للصحة، والتي قادت البحث في أثناء إتمامها الدكتوراه في جامعة «براون»: «هذا نوع جديد من أنظمة الأطراف الاصطناعية الشبكية، لديه القدرة على استعادة الرؤية المفقودة بسبب تنكس الشبكية، دون الحاجة إلى أي نوع من الجراحة المعقدة أو التعديل الجيني». وأضافت: «نعتقد أن هذه التقنية قد تُحدِث نقلة نوعية في أساليب علاج حالات تنكس الشبكية».

وأجرت ني العمل في أثناء عملها في مختبر جونغ هوان لي، الأستاذ المشارك في كلية الهندسة بجامعة «براون»، وعضو هيئة التدريس في معهد «كارني» لعلوم الدماغ بجامعة «براون»، والذي أشرف على العمل وكان المؤلف الرئيسي للدراسة.

وتؤثر اضطرابات الشبكية -مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي- على ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة وحول العالم.

وتُحفِّز هذه النبضات أنواعاً أخرى من الخلايا في أعلى السلسلة البصرية، تُسمى الخلايا ثنائية القطب والعقدية، والتي تُعالج إشارات المستقبلات الضوئية وتُرسلها إلى الدماغ.

ويستخدم هذا النهج الجديد جسيمات نانوية تُحقَن مباشرة في شبكية العين لتجاوز المستقبلات الضوئية التالفة. عند تركيز ضوء الأشعة تحت الحمراء على الجسيمات النانوية، تُولِّد كمية ضئيلة من الحرارة تُنشِّط الخلايا ثنائية القطب والعقدية بطريقة عمل نبضات المستقبلات الضوئية نفسها.

وبما أن اضطرابات مثل التنكس البقعي تُؤثِّر في الغالب على المستقبلات الضوئية، مع الحفاظ على الخلايا ثنائية القطب والعقدية سليمة، فإن هذه الاستراتيجية لديها القدرة على استعادة البصر المفقود.

وفي هذه الدراسة الجديدة، اختبر فريق البحث أسلوب الجسيمات النانوية على شبكيات فئران حية تعاني من اضطرابات في الشبكية. وبعد حقن محلول جسيمات نانوية سائلة، استخدم الباحثون ضوء ليزر منقوشاً قريباً من الأشعة تحت الحمراء، لإسقاط أشكال على شبكيات العين.

وباستخدام إشارة الكالسيوم للكشف عن النشاط الخلوي، أكد الفريق أن الجسيمات النانوية تُثير الخلايا ثنائية القطب والعقدية بأنماط مطابقة للأشكال التي يُسقطها الليزر. وأظهرت التجارب أن محلول الجسيمات النانوية وتحفيز الليزر لم يُسببا آثاراً جانبية ضارة ملحوظة.

وباستخدام المجسات، أكد الباحثون أن التحفيز بالليزر للجسيمات النانوية أدى إلى زيادة نشاط القشرة البصرية لدى الفئران، وهو مؤشر على أن الدماغ كان ينقل ويعالج الإشارات البصرية التي كانت غائبة سابقاً.

وفي هذا الصدد، يقول الباحثون إن هذا مؤشر على استعادة البصر جزئياً على الأقل، وهي علامة جيدة لإمكانية تطبيق تقنية مماثلة على البشر.

وبشرياً، يتصور الباحثون نظاماً يجمع بين الجسيمات النانوية ونظام ليزر مُثبَّت في نظارة أو نظارات واقية.

وستجمع الكاميرات المُثبَّتة في النظارات بيانات الصور من العالم الخارجي، وتستخدمها لتوجيه نمط ليزر الأشعة تحت الحمراء. ثم تُحفِّز نبضات الليزر الجسيمات النانوية في شبكية العين، مما يُمكِّنهم من الرؤية.

ويُشبه هذا النهج نهجاً اعتمدته إدارة الغذاء والدواء الأميركية للاستخدام البشري قبل بضع سنوات. وكان النهج القديم يجمع بين نظام كاميرا ومصفوفة أقطاب كهربائية صغيرة تُزرع جراحياً في العين. ويتميز نهج الجسيمات النانوية بكثير من المزايا الرئيسية، وفقاً لـني.

ولأن محلول الجسيمات النانوية يغطي شبكية العين كلها، فإن النهج الجديد قد يغطي مجال الرؤية الكامل للشخص. ولأن الجسيمات النانوية تستجيب للضوء القريب من الأشعة تحت الحمراء على عكس الضوء المرئي، فإن النظام لا يتداخل بالضرورة مع أي قدر متبقٍّ من الرؤية قد يحتفظ به الشخص.

وقال ني إنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من العمل قبل تجربة هذا النهج سريرياً، ولكن هذا البحث المبكر يشير إلى إمكانية ذلك. وتابع ني عن البحث: «لقد أظهرنا أن الجسيمات النانوية يمكن أن تبقى في شبكية العين أشهراً دون أي سمية كبيرة». وأضاف: «وأظهرنا أنها قادرة على تحفيز الجهاز البصري بنجاح. وهذا أمر مشجع للغاية للتطبيقات المستقبلية».