النشاط البدني يُكافح الأمراض النفسية

لضرورة وضع استراتيجيات تُشجّع على تقليل السلوكيات الخاملة

النشاط البدني يسهم في الحفاظ على صحتَي الجسم والعقل (جامعة وست فرجينيا)
النشاط البدني يسهم في الحفاظ على صحتَي الجسم والعقل (جامعة وست فرجينيا)
TT
20

النشاط البدني يُكافح الأمراض النفسية

النشاط البدني يسهم في الحفاظ على صحتَي الجسم والعقل (جامعة وست فرجينيا)
النشاط البدني يسهم في الحفاظ على صحتَي الجسم والعقل (جامعة وست فرجينيا)

أفادت دراسة صينية بأنّ الأشخاص، الذين يمارسون نشاطاً بدنياً معتدلاً إلى مكثّف، أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، وفي مقدّمتها القلق والاكتئاب.

وأوضح باحثون من جامعة فودان في شنغهاي أنّ هذه النتائج تشير إلى أن النشاط البدني قد يكون أداة فعالة في الوقاية من أمراض عصبية ونفسية عدّة، وفق نتائج الدراسة التي نُشرت، الخميس، عبر موقع «يوريك أليرت» العلمي.

ويُعدّ النشاط البدني ضرورياً للحفاظ على صحتَي الجسم والعقل، إذ يُعزّز اللياقة البدنية، ويقوّي العضلات والعظام، ويُحسّن صحة القلب والأوعية الدموية. كما يساعد في تنظيم مستويات السكر بالدم، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب. وإلى جانب الفوائد الجسدية، يُسهم النشاط البدني في تحسين الحالة المزاجية، وتقليل التوتر والقلق، كما يعزّز القدرة على التركيز والإنتاجية، ويُحسّن جودة النوم.

وشملت الدراسة بيانات أكثر من 73 ألف شخص، بمتوسط عمر 56 عاماً. وارتدى المشاركون أجهزة استشعار لتتبُّع نشاطهم البدني، وقياس كمية الطاقة المستهلَكة، بالإضافة إلى الوقت الذي يقضونه في الجلوس.

وأظهرت النتائج أنّ الذين مارسوا نشاطاً بدنياً معتدلاً إلى مكثّف كانوا أقل عرضة للإصابة بـ5 أمراض نفسية وعصبية هي: القلق والاكتئاب واضطرابات النوم والخرف والسكتة الدماغية، بنسبة تتراوح بين 14 و40 في المائة، مقارنة بمَن لم يمارسوا الرياضة.

في المقابل، كلما زاد الوقت الذي يقضيه الأشخاص في الجلوس، ارتفع احتمال إصابتهم بأحد هذه الأمراض، إذ تراوحت الزيادة في المخاطر بين 5 و54 في المائة، مقارنةً بمن يجلسون لفترات أقل.

ويشمل النشاط البدني المعتدل إلى المكثّف تمارين ترفع معدل ضربات القلب وتُعزّز اللياقة، مثل المشي السريع، وركوب الدراجة، والتنظيف بالمكنسة الكهربائية. أما التمارين المكثّفة فتشمل الجري، والسباحة، ورفع الأثقال، والرياضات التنافسية مثل كرة القدم وكرة السلة.

ووفق الباحثين، فإنّ نتائج الدراسة تضيء على دور النشاط البدني والسلوكيات المستقرّة بوصفها عوامل قابلة للتعديل قد تُعزّز صحة الدماغ وتقلل معدلات الإصابة بالأمراض النفسية والعصبية. كما أشاروا إلى أهمية النشاط البدني في الوقاية من أمراض خطيرة تؤثر في صحة الدماغ والجهاز العصبي، مثل الخرف والسكتة الدماغية، إلى جانب دوره في تقليل مخاطر القلق والاكتئاب واضطرابات النوم.

وشدّد الفريق على ضرورة تقليل فترات الجلوس وتعزيز ممارسة الأنشطة البدنية المنتظمة، ليس للحفاظ على اللياقة البدنية فحسب، وإنما أيضاً لحماية صحة الدماغ والوقاية من الأمراض العصبية والنفسية.

وحضَّ صُناعَ القرار على وضع استراتيجيات صحية عامة تشجّع على ممارسة الرياضة اليومية وتقليل السلوكيات الخاملة؛ مما قد يُسهم في تحسين جودة الحياة وتقليل العبء الصحي العالمي على المدى الطويل.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق خاتم زواج (أرشيفية - رويترز)

الأشخاص غير المتزوجين أقل عرضة للإصابة بالخرف

أشارت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة ولاية فلوريدا إلى أن الأشخاص غير المتزوجين أقل عرضة للإصابة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك خسارة الوزن قد تؤدِّي إلى تحسينات كبيرة في الصحة (جامعة ساوثهامبتون البريطانية)

علاج فعَّال للسمنة يستمرُّ 3 سنوات

دواء «تيرزيباتيد» يمكن أن يُسهم في تحقيق خسارة وزن كبيرة ومستدامة مدَّة تصل إلى 3 سنوات على الأقل، لدى البالغين الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق العزلة تُضعف جودة النظام الغذائي لدى كبار السنّ (جامعة كاليفورنيا)

العزلة الاجتماعية تُفسد شهية كبار السنّ

النساء المُسنّات اللواتي يعانين عزلة اجتماعية مستمرّة أكثر عرضة لانخفاض استهلاكهن للفاكهة والخضراوات؛ ما يؤدّي إلى تراجع عام في شهيتهن وجودة نظامهن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

دراسة: 3 ملايين طفل تُوفوا بسبب «مقاومة المضادات الحيوية»

دعوة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للحدّ من سوء استخدام المضادات الحيوية (جامعة منيسوتا)
دعوة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للحدّ من سوء استخدام المضادات الحيوية (جامعة منيسوتا)
TT
20

دراسة: 3 ملايين طفل تُوفوا بسبب «مقاومة المضادات الحيوية»

دعوة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للحدّ من سوء استخدام المضادات الحيوية (جامعة منيسوتا)
دعوة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للحدّ من سوء استخدام المضادات الحيوية (جامعة منيسوتا)

أظهرت دراسة أجراها خبيران في مجال صحة الطفل أن أكثر من 3 ملايين طفل حول العالم لقوا حتفهم في عام 2022 نتيجة للعدوى المقاومة للمضادات الحيوية. وبيّنت أن الأطفال في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا هم الأكثر عرضة للخطر.

تتطور مقاومة المضادات الحيوية عندما تتطور الميكروبات المسببة للعدوى بطريقة تجعل المضادات الحيوية لا تعمل. وقد تم تحديدها كواحدة من أكبر التهديدات الصحية العامة التي تواجه سكان العالم، وفقاً لموقع «بي بي سي».

واستند مُعدّا الدراسة على بيانات من مصادر متعددة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية (WHO) والبنك الدولي، وخلصا إلى أن هناك أكثر من 3 ملايين حالة وفاة بين الأطفال في عام 2022 مرتبطة بالعدوى المقاومة للأدوية. وقد يكون الرقم تفاقم بسبب تأثير جائحة «كوفيد - 19».

زيادة استخدام المضادات الحيوية

تستخدم المضادات الحيوية لعلاج أو الوقاية من مجموعة كبيرة من العدوى البكتيرية، من التهابات الجلد إلى الالتهاب الرئوي.

وتُعطى المضادات الحيوية أحياناً كإجراء احترازي للوقاية من العدوى بدلاً من علاجها، على سبيل المثال إذا كان الشخص يخضع لعملية جراحية أو يتلقى علاجاً كيميائياً للسرطان.

والمضادات الحيوية ليس لها أي تأثير على العدوى الفيروسية، مثل نزلات البرد أو الإنفلونزا أو «كوفيد».

لكن بعض البكتيريا طورت الآن مقاومة لبعض الأدوية، بسبب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية أو استخدامها بشكل غير مناسب، في حين تباطأ الوصول إلى مضادات حيوية جديدة بشكل كبير، لأنها عملية طويلة ومكلفة.

يشير المؤلفان الرئيسيان للتقرير، الطبيبة يانهونغ جيسيكا من «معهد مردوخ لأبحاث الأطفال» في أستراليا، والبروفسور هيرب هارويل من «مبادرة كلينتون للوصول إلى الصحة»، إلى زيادة كبيرة في استخدام المضادات الحيوية التي من المفترض أن يتم استخدامها فقط في حالات العدوى الأكثر خطورة.

وبين عامي 2019 و2021، زاد استخدام «المضادات الحيوية الاحتياطية»، وهي أدوية ذات مخاطر عالية للمقاومة، بنسبة 160 في المائة في جنوب شرقي آسيا، و126 في المائة في أفريقيا.

وخلال الفترة نفسها، ارتفع استخدام «المضادات الحيوية الاحتياطية»، وهي العلاجات التي تستخدم ضد العدوى الشديدة المقاومة للأدوية المتعددة، بنسبة 45 في المائة في جنوب شرقي آسيا، و125 في المائة في أفريقيا.

تضاؤل الخيارات

ويحذر مؤلِّفا الدراسة من أنه إذا طورت البكتيريا مقاومة لهذه المضادات الحيوية، فلن يكون هناك سوى القليل من البدائل، إن وجدت، لعلاج الالتهابات المقاومة للأدوية المتعددة.

وقدم هارويل النتائج في مؤتمر الجمعية الأوروبية لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية في فيينا، هذا الشهر.

ويقول: «مقاومة مضادات الحيوية مشكلة عالمية؛ فهي تؤثر في الجميع. لقد قمنا بهذا العمل للتركيز على الطريقة غير المتناسبة التي تؤثر بها مقاومة مضادات الميكروبات على الأطفال».

وتابع: «نحن نقدر عدد وفيات الأطفال في جميع أنحاء العالم بثلاثة ملايين حالة وفاة مرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات».

هل هناك حل لمقاومة مضادات الميكروبات؟

تصف «منظمة الصحة العالمية» مقاومة مضادات الميكروبات بأنها واحدة من أخطر التهديدات الصحية العالمية التي نواجهها، لكن البروفسور هارويل متحدثاً من فيينا، حذر من عدم وجود إجابات سهلة.

وقال إنها «مشكلة متعددة الأوجه تمتد إلى جميع جوانب الطب، بل وحياة الإنسان في الواقع».

وأضاف أن «المضادات الحيوية منتشرة في كل مكان حولنا، وينتهي بها المطاف في طعامنا وبيئتنا. وبالتالي فإن التوصل إلى حل واحد ليس بالأمر السهل».

ويضيف أن أفضل طريقة لتجنب العدوى المقاومة للمضادات الحيوية هي تجنب العدوى تماماً، مما يعني الحاجة إلى مستويات أعلى من المناعة والصرف الصحي والنظافة.

وتابع: «سيكون هناك المزيد من استخدام المضادات الحيوية، لأن هناك المزيد من الأشخاص الذين يحتاجون إليها، ولكننا بحاجة إلى التأكد من استخدامها بشكل مناسب واستخدام الأدوية الصحيحة».

وقالت الدكتورة ليندسي إدواردز، المحاضرة البارزة في علم الأحياء الدقيقة في كلية «كينغز كوليدج» بلندن، إن الدراسة الجديدة «تمثل زيادة كبيرة ومقلقة مقارنة بالبيانات السابقة».

واختتمت: «يجب أن تكون هذه النتائج بمثابة جرس إنذار لقادة الصحة العالمية. فمن دون اتخاذ إجراءات حاسمة، يمكن لمقاومة مضادات الميكروبات أن تقوّض عقوداً من التقدم في مجال صحة الطفل، لا سيما في المناطق الأكثر ضعفاً في العالم».