دواء للسعال يقدّم أملاً جديداً لمرضى تليُّف الرئة

للدواء تأثير مضاد على تليُّف الرئة (مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي)
للدواء تأثير مضاد على تليُّف الرئة (مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي)
TT

دواء للسعال يقدّم أملاً جديداً لمرضى تليُّف الرئة

للدواء تأثير مضاد على تليُّف الرئة (مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي)
للدواء تأثير مضاد على تليُّف الرئة (مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي)

كشفت دراسة دولية عن إمكانات واعدة لمادة «ديكستروميثورفان»، وهي مكوّن شائع في أدوية السعال المتوفرة، في علاج تليُّف الرئة.

وأوضح الباحثون في مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي بالتعاون مع مركز بحوث الرئة الألماني، أنّ هذا الاكتشاف يفتح الباب لإعادة استخدام الأدوية المُعتمدة لعلاج أمراض أخرى؛ ما يسرّع عملية إيجاد حلول طبية جديدة، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية «Science Translational Medicine».

يُعدّ تليُّف الرئة مرضاً يصيب البالغين غالباً بسبب التعرّض لمهيجات بيئية مثل غبار الفحم والعفن، أو نتيجة آثار جانبية لبعض أدوية العلاج الكيميائي، أو بكونه جزءاً من أمراض مناعية ذاتية، مثل الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي.

ويؤدّي التليُّف إلى تصلُّب أنسجة الرئة، ما يصعّب عملية التنفُّس ويخفّض تركيز الأكسجين في الدم، ما قد يتسبَّب في فشل الأعضاء.

ووفق «منظمة الصحة العالمية»، يعاني نحو 761 ألف شخص في أوروبا هذا المرض، مع وفاة 25 ألف مريض بسببه منذ عام 2019.

وأجرى الباحثون فحصاً لمجموعة من الأدوية المُعتمدة من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA)، بما في ذلك «ديكستروميثورفان»، باستخدام تقنيات حديثة لتحليل فعالية الأدوية، في مكافحة تليُّف الرئة.

واستخدموا تقنيات متطوّرة مثل الميكروسكوب عالي الدقة وتحليل البروتينات لدراسة تأثير الدواء في حركة الكولاجين؛ وهو البروتين الذي يتراكم بشكل مفرط عند الإصابة بتليف الرئة، مما يؤدّي إلى تصلُّب الأنسجة الرئوية وصعوبة التنفس.

وأثبتت التجارب على أنسجة رئة بشرية ثلاثية البُعد في المختبر فاعلية الدواء في تقليل التليُّف.

وأظهرت الدراسة أنّ «ديكستروميثورفان» يقلّل تليُّف الرئة من خلال تثبيط تراكم الكولاجين في الخلايا. وأثبتت النتائج أنّ هذا الدواء يمكنه تقليل تكون الأنسجة الندبية في الرئة عن طريق تعطيل آلية نقل الكولاجين داخل الخلايا.

وفق الباحثين، كشفت الدراسة عن أنّ «ديكستروميثورفان» قد يكون له تأثير مضاد للتليُّف، ويحدّ من تكوين الندوب الرئوية، ما يُسهم في تقليل صلابة الأنسجة وتحسين القدرة على التنفُّس.

وقالوا إنّ هذا الاكتشاف يمثّل خطوة أولى نحو فَهْم تأثير هذا الدواء في تليُّف الرئة، لكنه يقدّم أملاً كبيراً بكونه علاجاً محتملاً للمرض.

وهم يخطّطون حالياً لإجراء تجارب سريرية من المرحلة الثانية بالتعاون مع مركز بحوث الرئة الألماني لتحديد مدى فاعلية الدواء على المرضى البشريين. ويسعى الفريق إلى فهم الآليات التي تجعل الدواء فعالاً، لتطوير نسخ مُحسّنة منه.


مقالات ذات صلة

مصر: أزمة نقص الدواء تخفت... وأسعاره ما زالت تحلّق

العالم العربي شهدت أزمة نقص الأدوية في مصر انفراجة خلال الشهور الأخيرة لكن لم تنتهِ بعد (الشرق الأوسط)

مصر: أزمة نقص الدواء تخفت... وأسعاره ما زالت تحلّق

خفتت أزمة نقص الأدوية في مصر، والتي ظهرت في يناير 2023، واشتدت بعد عام في مطلع 2024، ثم بدأت تنفرج يونيو الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق اضطراب ما بعد الصدمة يصيب الأفراد بعد تعرّضهم لحدث صادم (جامعة ولاية واشنطن)

دواء جديد لاضطراب ما بعد الصدمة

يعاني الأشخاص المصابون صعوبةً في التكيُّف مع حياتهم اليومية بسبب التأثيرات النفسية العميقة، وقد يعانون أيضاً مشكلات في النوم والتركيز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك من المتوقع تشخيص أكثر من 234 ألف حالة جديدة من سرطان الرئة في الولايات المتحدة خلال 2024 (جامعة فلوريدا)

دواء يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان الرئة

أظهرت دراسة سريرية أميركية أن دواءً معتمداً من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أظهر نتائج واعدة في تقليص أورام مرضى سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد خلال إحدى النسخ السابقة لـ«سي بي إتش أي الشرق الأوسط» (الموقع الرسمي للمعرض)

السعودية تستعد لنمو قطاع الأدوية 7.6% سنوياً حتى 2030

قطاع الأدوية في السعودية يشهد تغيراً جذرياً، حيث بلغت قيمته نحو 12.6 مليار دولار في العام الماضي ومن المتوقع أن يسجل نمواً سنوياً مركباً قدره 7.6 في المائة.

زينب علي (الرياض)
صحتك «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

«أوزمبيك»... «نافورة شباب» تبطئ الشيخوخة

وجد باحثون أن دواء إنقاص الوزن الشهير «أوزمبيك» قد يبطئ الشيخوخة وله «فوائد بعيدة المدى» تتجاوز ما كان متصوراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً
TT

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

كشفت دراسة جديدة لعلماء من السويد ونُشرت في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية JAMA Network Open، عن احتمالية وجود ارتباط بين استئصال اللوزتين tonsillectomy، وكذلك إزالة اللحمية adenoidectomy وخطر الإصابة باضطرابات نفسية مرتبطة بالقلق في وقت لاحق من الحياة. وقال الباحثون إن الانتشار الواسع لهذه العمليات الجراحية يتطلب فهماً أفضل لمضاعفاتها العضوية والنفسية. وتشير التقديرات الحالية إلى إجراء ما يقرب من 13 ألف عملية استئصال للوزتين في السويد كل عام.

دور اللوزتين المناعي

من المعروف أن اللوزتين تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على المناعة؛ لأنها تشارك في إنتاج الأجسام المضادة التي تقاوم الميكروبات المختلفة، وبذلك توفر الحماية من البكتيريا والفيروسات التي يتم استنشاقها عبر الجهاز التنفسي. وعند إجراء الاستئصال يصبح الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المختلفة، سواء المعدية نتيجة لضعف المناعة أو بعض الأمراض الأخرى مثل التهاب البلعوم المتكرر، وهو من المشاكل المعروفة لعملية استئصال اللوزتين.

وقد ربط بعض الدراسات بين استئصال اللوزتين والإصابة بالتهاب القولون العصبي وأيضاً زيادة احتمالية حدوث جلطات في القلب، وفي الدراسة الحالية حاول الباحثون فَهم هذا الارتباط.

أكد الباحثون أن عملية الاستئصال ضرورية في الكثير من الأحيان؛ كونها نوعاً من علاج التهاب اللوزتين المتكرر وتكرار حدوث خُرّاج حول اللوزتين peritonsillar abscess. وبالنسبة للبالغين يتم الاستئصال في الأغلب لعلاج اضطرابات التنفس الناجمة عن انسداد الجهاز التنفسي العلوي أثناء النوم بسبب كبر حجم اللحمية. لكن العلماء حذّروا من اعتبار الجراحة الخط العلاجي الأول؛ لأن أضرار إزالتها يمكن أن تفوق فوائدها في الأطفال الذين لا يعانون بشدة تكرار الالتهاب.

شملت الدراسة الحالية بيانات السجل الصحي والتعداد السكاني الوطني السويدي لجميع الأفراد الذين وُلدوا في الفترة بين بداية يناير (كانون الثاني) 1981 ونهاية ديسمبر (كانون الأول) 2016، وحلل الباحثون مجموعتين من السكان الذين لديهم تاريخ مَرضي لاستئصال اللوزتين أو اللحميتين (الأشخاص المعرضون exposed) ومقارنتهم بالأشخاص الذين لم يقوموا بإجراء جراحي (غير المعرضين unexposed).

تمت مقارنة أفراد المجموعة الأولى الذين خضعوا للجراحة بأفراد آخرين لم يجروها (غير معرّضين)، ومتطابقين معهم في العمر والجنس، لكن لا يوجد بينهم صلة قرابة، بمتوسط عمر 14.4 عام. كما تم فحص المجموعة الثانية من السكان وعمل المقارنة نفسها بين مجموعة من الذين أجروا الجراحة وأشقائهم غير المعرّضين وكان متوسط أعمارهم 13.3 عام. ومعروف أن الأشقاء من الأب والأم يتقاسمون في المتوسط 50 في المائة من عواملهم الوراثية والكثير من العوامل البيئية أثناء تربيتهم.

اضطرابات القلق

وثبَّت العلماء العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤدي إلى القلق بعيداً عن الجراحة مثل التعرض للمعاملة السيئة أو وجود تاريخ مَرضي لمرض نفسي سابق أو التعرض للتنمر في محيط المدرسة أو العمل.

وجد الباحثون أن الأشخاص في المجموعة الأولى المتطابقة (في العمر والجنس والحالة النفسية) الذين خضعوا لعملية جراحية لإزالة اللوزتين أو اللحميتين كانوا الأكثر عُرضة لخطر الإصابة باضطرابات (القلق) بنسبة بلغت 43 في المائة مقارنة بالأفراد الآخرين الذين لم يخضعوا لإجراء الجراحة. وكان الخطر مرتفعاً بشكل خاص لإصابتهم باضطراب (كرب ما بعد الصدمة PTSD) الذي زاد بنسبة 55 في المائة. وتكرر الأمر نفسه مع مجموعة الأشقاء بنسبة 34 في المائة و41 في المائة على التوالي؛ ما يوضح الأثر النفسي للجراحة على الطفل حتى لو كانت جراحة بسيطة.

ارتبط خطر الإصابة بالقلق في المقام الأول بالعمليات الجراحية لاستئصال اللوزتين واللحميتين في الأطفال، وكذلك العمليات الجراحية التي أُجريت للبالغين لتصحيح مشاكل الجهاز التنفسي، خصوصاً استئصال اللحمية. وكان الخطر الأكبر من نصيب الأفراد الذين كانوا أكبر سناً في وقت الجراحة (من تعدّوا فترة المراهقة وبداية البلوغ).

وظل هذا الخطر متزايداً بعد تثبيت العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى المشاكل النفسية والقلق على وجه التحديد، وبعد تثبيت الجنس والعمر في وقت إجراء الجراحة وأيضاً الوقت المنقضي منذ العملية.

وقال الباحثون إن العمليات الجراحية في الأغلب ترتبط بآثار نفسية سلبية مؤقتة سواء نتيجة لمضاعفات الجراحة أو لمجرد التواجد في المستشفى، خاصة إذا كان عمر الطفل صغيراً وكان هناك ضرورة لحجزه. وفي الأغلب يغادر الطفل المستشفى بعد أن تزول آثار التخدير في اليوم نفسه، لكن في بعض الأحيان النادرة ربما يحتاج الطفل إلى أن يظل تحت الملاحظة في المستشفى لفترة قصيرة.

وكل هذه العوامل يمكن أن تساهم في توتر الطفل لفترة قصيرة، لكن تبعاً للدراسة استمرت المخاطر المتزايدة للإصابة لاحقاً بالقلق لمدة تصل إلى 20 عاماً بعد الجراحة.

وهناك نظريات تحاول تفسير زيادة خطر الاضطرابات النفسية بعد استئصال اللوزتين منها حدوث التهاب مزمن في الأنسجة الليمفاوية المرتبطة بالغشاء المخاطي في تجويف الفم، حيث تشير بعض الدراسات إلى زيادة خطر القلق والاكتئاب في وجود التهابات مزمنة في الرقبة، لكن هذه النظريات غير مؤكدة علمياً.

في النهاية، أوضح الباحثون أن الآثار النفسية السلبية المرتبطة بعملية استئصال اللوزتين يمكن أن تكون طفيفة، لكن ملحوظة على المدى البعيد. لذلك؛ يجب أن يكون الإجراء الجراحي هو الخيار الأخير للعلاج بعد فشل العلاج الدوائي في منع تكرار الالتهاب. وفي حالة الاضطرار إلى عمل العملية يُفضَّل أن يتم إجراؤها في عمر صغير حتى يمكن تجنب الآثار النفسية لاحقاً.

* استشاري طب الأطفال