كيف تتخلص من الألم في 20 دقيقة؟

دراسة أظهرت أن جلسات التأمل الذهني تساعد على تخفيف نوبات الألم

تمارين التأمل فعالة بشكل ملحوظ في تقليل التوتر (أ.ف.ب)
تمارين التأمل فعالة بشكل ملحوظ في تقليل التوتر (أ.ف.ب)
TT

كيف تتخلص من الألم في 20 دقيقة؟

تمارين التأمل فعالة بشكل ملحوظ في تقليل التوتر (أ.ف.ب)
تمارين التأمل فعالة بشكل ملحوظ في تقليل التوتر (أ.ف.ب)

دراسة حديثة تشير إلى إمكانية استخدام التأمل الذهني بوصفها استراتيجية فعّالة لتخفيف الألم.

وذكر البحث، الذي نُشر في مجلة «Biological Psychiatry»، تحليل علامات الألم في فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، لتحديد العلاقة بين التأمل الذهني وتخلص الجسم من الألم.

وعندما طُلب من المشاركين الذين تدربوا على التأمل الذهني تقييم آلامهم، أفادوا بأنهم شعروا بعدم الراحة أقل من أولئك الذين لم يتلقوا جلسات التأمل، وفقاً لما ذكرته صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية.

ووفقاً للجمعية الأمريكية لعلم النفس، فإن التأمل الذهني هو عملية تدريب الانتباه لتحقيق حالة من التركيز الهادئ.

وقالت الجمعية إن هذه الممارسة يمكن أن «تساعد الناس على تجنب العادات والاستجابات التلقائية» من خلال مراقبة أفكارهم وعواطفهم وتجربة اللحظة الحالية دون حكم أو رد فعل.

ولطالما أُشيد بالتأمل الذهني بوصفه أداة فعَّالة لكلٍّ من الجسم والعقل. وتُظهر الأبحاث أن التأمل يمكن أن يقلل من ضغط الدم، ويكثف النشوة الجنسية، ويحسن الصحة العامة ويزيد من الروابط الاجتماعية. عند ممارسته في مكان العمل، يحمي التأمل الذهني من القلق والتوتر والإرهاق.

ولكن هل تمكن الاستفادة من قوة العقل والاتصال بين العقل والجسد لإدارة الشعور بالألم؟

يوضح طبيب التخدير فاضل زيدان، من جامعة كاليفورنيا سان دييغو (UCSD): «العقل قوي للغاية، وما زلنا نعمل على فهم كيفية تسخيره لإدارة الألم».

وقد شرع زيدان وعالم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، غابرييل ريجنر، وفريق من الباحثين في دراسة كيفية معالجة الدماغ للألم وما إذا كانت تأثيرات التأمل الذهني يمكن أن تخفف من تجربتنا التي نتعرض لها.

ولاحظ الباحثون أن «الألم يتشكل من خلال التفاعل بين تجارب المرء والحالات المعرفية العاطفية الحالية والتوقعات».

وقد شملت الدراسة 115 مشاركاً قُسموا بين تجربتين سريريتين منفصلتين. وفي كلتا التجربتين، تم لمس الساق اليمنى للمشاركين بمسبار ساخن أنتج موجات من الحرارة المؤلمة ولكن غير الضارة.

وقبل التجربة، تم تدريب عدد من المشاركين على التأمل الذهني.

وفي أربع جلسات منفصلة مدة كل منها 20 دقيقة، تعلمت هذه المجموعة التركيز على إيقاع تنفسهم المتغير والاعتراف بتدفق الأفكار والمشاعر وقبولها دون رد فعل أو حكم.

وتم إعطاء مجموعة أخرى تدريباً وهمياً يتكون فقط من التنفس العميق؛ وتم إعطاء الآخرين كريماً وهمياً قيل لهم إنه سيقلل الألم، واستمعت مجموعة أخرى إلى كتاب صوتي بدلاً من تعليمات التأمل.

ثم استُخدمت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ قبل وبعد تجارب الألم، وطُلب من المشاركين تقييم شدة الألم على مقياس من صفر إلى 10.

وأظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي معلومات عن عديد من علامات الألم، بما في ذلك علامة الألم الخاصة بالألم (NPS) التي ترتبط بالشدة؛ وعلامة الألم العاطفي السلبي (NAPS) التي تقيس تجربتنا العاطفية للألم؛ وعلامة الألم المستقلة عن الحافز (SIIPS-1) التي تتعلق بتوقعاتنا للألم.

وقد كشفت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للمجموعة التأملية عن انخفاض أكثر أهمية في كل من NPS وNAPS مقارنةً بمجموعة كريم الدواء الوهمي والمشاركين الآخرين.

وكان العلاج الوحيد الذي أنتج استجابة أقل بشكل ملحوظ في SIIPS-1 هو كريم الدواء الوهمي.

وحسب الباحثين، تشير هذه النتائج إلى أن تأثيرات التأمل الواعي في تخفيف الألم، تستند إلى خصائص تتجاوز العلاج الوهمي؛ و لكن للتأمل تأثير كبير .

ويشرح زيدان: «لقد افتُرض منذ فترة طويلة أن تأثير الدواء الوهمي يتداخل مع آليات الدماغ التي تحفزها العلاجات النشطة، لكنّ هذه النتائج تشير إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالألم، فقد لا يكون هذا هو الحال. بدلاً من ذلك، فإن استجابتَي الدماغ هاتين مختلفتان تماماً، مما يدعم استخدام التأمل الواعي بوصفه تدخلاً مباشراً للألم المزمن وليس وسيلة لإشراك تأثير الدواء الوهمي».

وأضاف زيدان: «من خلال فصل الألم عن الذات والتخلي عن الحكم التقييمي، يمكن للتأمل الذهني أن يعدل بشكل مباشر كيفية تجربتنا للألم بطريقة لا تستخدم أي عقاقير، ولا تكلف شيئاً، ويمكن ممارستها في أي مكان».

ويتابع زيدان: «نحن متحمسون لمواصلة استكشاف علم الأعصاب المرتبط بالتأمل الذهني وكيف يمكننا الاستفادة من هذه الممارسة القديمة في حياتنا اليومية».

ويأمل زيدان وفريقه أن تساعد نتائجهم على إعادة تشكيل العلاج وتحسين نوعية الحياة للأشخاص الذين يعانون من الألم المزمن.


مقالات ذات صلة

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

صحتك إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 معلومات عن كيفية التعامل مع «ثبات منحنى» فقدان الوزن

6 معلومات عن كيفية التعامل مع «ثبات منحنى» فقدان الوزن

ها قد بذلتَ جهداً جادّاً وكبيراً في بدء ممارسة الرياضة بصورة يومية، ووضعتَ برنامجاً صارماً لكمية طعامك اليومي ومحتواه بصورة منخفضة جداً في السعرات الحرارية

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك الدكتور وليد خاطر اختصاصي الجراحة الترميمية

عمليات نحت القوام ومقومات نجاحها

تُعدّ الجراحة الترميمية عنصراً حاسماً في العلاج الشامل للذين خضعوا لفقدان الوزن بإحدى وسائل إدارة السمنة.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك فنجان قهوة (أ.ب)

تعزز اليقظة والنشاط... ماذا نعرف عن «قيلولة القهوة»؟

تشتهر القهوة بأنها مشروب البحث عن النشاط والإفاقة واليقظة، ولكن انتشر مؤخراً مفهوم جديد لها وهو قيلولة القهوة... فماذا نعرف عنه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك النقانق تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة وقدر كبير من الملح (رويترز)

6 أطعمة تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية

من الجدير معرفة الأطعمة التي يجب أن تحاول تقليل تناولها للحفاظ على ضخ قلبك بكامل قوته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي
TT

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» (University of Bristol) بالمملكة المتحدة حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)، الذي يصيب الرضيع بالشلل في جميع أطراف جسده، ويلازمه طيلة حياته، وذلك باستخدام عقار بسيط هو «كبريتات الماغنسيوم» (magnesium sulphate) عن طريق التنقيط الوريدي.

والجدير بالذكر أن هذا الدواء لا يُكلف أكثر من 5 جنيهات إسترلينية في الجرعة الواحدة بالمملكة المتحدة. لكن هذه الإجراء يجب أن يجري في المستشفى فقط، تحت رعاية طاقم مدرب من الأطباء والممرضين، وفي حالة تعميمه في المستشفيات حول العالم يمكن أن يوفر حماية لملايين الرضع.

مخاطر الولادة المبكرة

من المعروف أن الولادة المُبكرة تمثل نوعاً من الخطورة على حياة الرضع؛ لذلك يجري وضعهم في الحضانات حتى يكتمل نموهم. ومن أهم المخاطر التي يمكن أن تحدث لهم، مشكلات الجهاز العصبي، لعدم وصول الأوكسجين بشكل كافٍ للمخ، بجانب عدم نضج الجهاز العصبي، ما يمكن أن يؤدي إلى خلل في التوصيلات العصبية.

لذلك تُعد الفكرة المطروحة بمثابة نوع من الإنقاذ. وفي البداية طرحت نظرية استخدام هذا الدواء بعد ملاحظة فاعليته في منع حدوث الشلل الدماغي في الأطفال الخدج، حينما تم وصفه لإحدى السيدات الحوامل لغرض طبي آخر، ربما، مثلاً، لمنع التشنجات التي تحدث في تسمم الحمل، والتي تستلزم ضرورة الولادة المبكرة.

ثم جرت تجربة الدواء بشكل عشوائي على عدة سيدات، وجاءت النتائج مبشرة أيضاً، ثم نُشرت هذه التجارب في دراسة طبية عام 2009. وبعد الدراسة بدأ استخدام العلاج يزداد، ولكن ليس بالشكل الكافي لحماية السيدات في المملكة المتحدة.

تحمست إحدى طبيبات الأطفال وحديثي الولادة، وهي الدكتورة كارين لويت (Karen Luyt)، لهذه النظرية وقامت بتنفيذها على الأمهات اللاتي اضطررن للولادة قبل 30 أسبوعاً من الحمل، وفي بعض الأحيان 32 أسبوعاً تبعاً للحالة الطبية العامة للأم والجنين. وأوضحت الطبيبة أن الدواء أسهم في تقليل فرص حدوث الشلل الدماغي بنسبة بلغت 30 في المائة.

وفي عام 2014، اكتشفت أن الدواء، رغم فاعليته الأكيدة في حماية الرضع، لم يكن يستخدم على نطاق واسع في المملكة المتحدة؛ لذلك بدأت برنامجاً خاصّاً بإعطاء الدواء لكل السيدات اللاتي تنطبق عليهن الشروط، بمساعدة السلطات الصحية في كل المناطق. وأطلقت مع زملائها على هذا البرنامج عنوان: «منع الشلل الدماغي في الأطفال المبتسرين» (PReCePT)، على أن يكون هذا الإجراء نوعاً من الاختيار للأمهات، ولا يتم العمل به بشكل روتيني.

دواء لدرء الشلل الدماغي

مع الوقت والتجارب وصلت الخدمات الطبية لمعظم السيدات الحوامل اللائي لديهن مشاكل طبية يمكن أن تؤدي إلى الولادة المبكرة في جميع أجزاء المملكة بالفعل. والبرنامج جرى إدراجه في النظام الصحي البريطاني (NHS) في الوحدات الخاصة برعاية السيدات الحوامل والأمهات. وخلال الفترة من 2018 وحتى 2023 فقط، جرى إعطاء العلاج لما يزيد على 14 ألف سيدة في إنجلترا، ما أسهم في خفض معدلات الشلل الدماغي بنحو 385 حالة عن العدد المتعارف عليه لهذا الكم من السيدات.

والجدير بالذكر أن إحدى السيدات اللائي بدأت البرنامج من خلال استخدام الدواء أثناء فترة حملها، وتُدعى إيلي، لديها طفل ذكر بصحة جيدة في عمر الـ11 عاماً الآن.

دواء يُنظم سريان الدم إلى المخ والتحكم في التوصيلات العصبية الطرفية

قال الباحثون إن الآلية التي يقوم بها العلاج بمنع الشلل الدماغي غير معروفة تماماً، ولكن هناك بعض النظريات التي توضح لماذا يحمي الجهاز العصبي، وذلك عن طريق تنظيم ضغط الدم وسريانه إلى المخ بجانب التحكم في التوصيلات العصبية الطرفية التي تربط الأعصاب بالعضلات، وتتحكم في انقباضها (neuromuscular transmission) ما يمنع تلفها ويسمح لها بممارسة وظائفها بشكل طبيعي.

وأوضح الباحثون أن المشكلة في استخدام الدواء تكمن في الحالات غير المتوقعة؛ لأنه من المستحيل معرفة ميعاد الولادة بنسبة 100 في المائة، فبعض السيدات يلدن مبكراً، على الرغم من عدم وجود أي مشاكل طبية، بشكل غير متوقع تماماً لا يسمح بالتدخل أساساً. إضافة إلى أن بعض السيدات يشعرن بألم ولادة غير حقيقي قبل الميعاد الفعلي بفترة كبيرة، ويكون بمثابة إنذار كاذب، ومن ثم يلدن في الميعاد الفعلي للولادة.

وتبعاً للبيانات الخاصة بشبكة «فيرمونت أكسفورد» (Vermont Oxford Network) (منظمة غير ربحية عبارة عن تعاون 1400 مستشفى حول العالم بهدف تحسين العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة)، لا يجري استخدام الدواء حتى الآن بالشكل المناسب في العالم كله، بما فيه الدول المتقدمة، على الرغم من رخص ثمنه وفاعليته الكبيرة، وعلى وجه التقريب من بين جميع النساء اللاتي يجب أن يتناولن الدواء. وهناك نسبة لا تزيد على الثلثين فقط، يمكنهن الحصول عليه، وتقل النسبة في الدول الأكثر احتياجاً والأقل تقدماً على المستوى الصحي.

ويحاول الباحثون، بالتعاون مع المنظمات الصحية حول العالم، توفير الدواء لكل السيدات الحوامل اللاتي يمكن أن يلدن قبل الميعاد المحدد للولادة، بصفته نوعاً من الوقاية للرضع، وبطبيعة الحال يجب أن تكون هناك طواقم مدربة تتعامل مع هذا الإجراء بجدية.

وقال الباحثون إن مزيداً من الدراسات في المستقبل القريب يمكن أن يساعد في شيوع الاستخدام، خصوصاً إذا جرى التوصل لطريقة لإعطاء الدواء بخلاف التنقيط الوريدي، لأن ذلك يمكن أن يسهم في حماية الأطفال بالمناطق النائية التي لا توجد بها مستشفيات مركزية.

• استشاري طب الأطفال.