الحمى المالطية... عدوى حيوانية شائعة

تحدث للأطفال من خلال تناول الألبان واللحوم الملوثة

الحمى المالطية... عدوى حيوانية شائعة
TT

الحمى المالطية... عدوى حيوانية شائعة

الحمى المالطية... عدوى حيوانية شائعة

مرض البروسيلا أو الحمى المالطية، حسب التسمية القديمة، عدوى حيوانية المصدر تسببها بكتيريا البروسيلا (Brucellosis). وهو ينتقل من الحيوانات إلى البشر عن طريق تناول المنتجات الغذائية المصابة، وفي الأغلب الألبان، أو بسبب الاتصال المباشر بحيوان مصاب، أو عن طريق استنشاق الرذاذ.

وهو مرض قديم عُرف بأسماء مختلفة، مثل حمى مالطا (Malta fever) والبحر المتوسط والحمى المعوية المرتجعة (gastric remittent fever). وعلى الرغم من أن الإنسان ليس العائل الأساسي لهذه البكتيريا، فإن المرض لا يزال يمثل مصدر قلق كبير للصحة العامة في جميع أنحاء العالم، ويُعد أكثر أنواع العدوى الحيوانية المنشأ شيوعاً.

ميكروب حيواني

ميكروب البروسيلا يوجد في الأعضاء التناسلية للحيوانات العائلة، ما يسبب لها الإجهاض والعقم، ولذلك يوجد بأعداد كبيرة في إفرازات هذه الحيوانات، مثل البول واللبن والسوائل الأخرى. وعلى الرغم من وجود عدة فصائل منه، لكنّ هناك 4 أنواع توجد في حيوانات معينة، مثل البقر والخنازير والأغنام والكلاب، فلها قدرة كبيرة على إصابة الإنسان.

طريقة العدوى: تتسبب البروسيلا في إصابة أكثر من نصف مليون شخص سنوياً على مستوى العالم على وجه التقريب. وفي الأغلب تحدث العدوى للأطفال من خلال تناول الألبان من دون غليها، واللحوم الملوثة واستنشاق الهواء الملوث بالميكروب. ومن الممكن أن يدخل الميكروب إلى جسم الإنسان من خلال الندوب والجروح في الجلد والأغشية المخاطية وملتحمة العين والجهاز الهضمي أيضاً، وليس على سطح الجلد السليم. والمرض موجود في جميع أنحاء العالم، وينتشر بشكل خاص في حوض البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي وشبه القارة الهندية وأجزاء من المكسيك وأميركا الجنوبية.

بمجرد دخولها إلى مجرى الدم، تمتلك البروسيلا قدرة فريدة على غزو خلايا مناعية معينة (cells phagocytic) وتستطيع البقاء على قيد الحياة داخل هذه الخلايا، من خلال إيجاد طريقة لتجنب عمل الجهاز المناعي. وهذه القدرة هي التي تجعل من البروسيلا مرضاً يمكن أن يصيب كل أعضاء الجسم تقريباً. وتتركز بشكل خاص في الطحال والكبد والغدد اللمفاوية ونخاع العظام، ويقوم الجسم بتكوين أجسام مضادة ضدها، تستخدم في تأكيد تشخيص الإصابة، ويمكن أن تلعب دوراً في المناعة طويلة الأمد لاحقاً.

الأعراض والمضاعفات

• الحالة المرضية: تبدأ الأعراض في الظهور بعد فترة من أسبوعين إلى شهر من التعرض للميكروب. وعلى الرغم من أن المظاهر السريرية تختلف بشكل كبير، فإن معظم الحالات في الأغلب تتضمن 3 أعراض رئيسية، هي ارتفاع درجة الحرارة وآلام أو التهاب المفاصل، مفصل الفخذ في الأغلب، وتضخم الكبد والطحال (hepatosplenomegaly). وفي بعض الأحيان، تظهر الأعراض على شكل حمى مجهولة المصدر بجانب آلام البطن وصداع وإسهال وطفح جلدي وتعرق ليلي وقيء وسعال والتهاب في البلعوم.

ومن بين الأعراض الشائعة لدى الأطفال: رفض تناول الطعام والإرهاق وضعف النمو. وعند الكشف الطبي على الطفل، باستثناء تضخم الكبد والطحال والتهاب المفاصل وارتفاع درجة الحرارة في الأغلب، لا يظهر الفحص الظاهري أي علامات أخرى.

في الحالات غير المعقدة من المرض، تتحسن أعراض الحمى والتعب وكثير من المظاهر الأخرى بسرعة مع الراحة في الفراش. وفي المقابل، يمكن للنشاط البدني أن يطيل من فترة المرض.

وعادة ما يحدث تحسن كبير في المرحلة الحادة من المرض في غضون بضعة أسابيع مع علاج بسيط للأعراض، وفي معظم الحالات يحدث شفاء كامل في فترة تتراوح بين شهرين و6 أشهر.

• تطور الحالة: بشكل عام، يتحسن معظم الحالات بشكل نهائي. وعلى الرغم من أن الأعراض الأولية للمرض يمكن أن تسبب تعباً شديداً للطفل، فإنه إذا تم علاجها بشكل مناسب خلال الأشهر القليلة الأولى، لا تترك أثراً يذكر، ولا تحدث انتكاسات وتقل احتمالية أن يصبح المرض مزمناً.

إلا أن المرض يمكن أن يتطور بشكل سيئ في حالة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب. لذلك، يجب أن يتم التعامل معهم بحرص واهتمام. ويمكن أن تستمر الأعراض لفترات طويلة في الأطفال الذين يعانون من قصور شديد في المناعة.

التشخيص والعلاج

• التشخيص: يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي للطفل، وهل تعرض للحيوانات بشكل مباشر أو غير مباشر، والسؤال عن تناول اللبن، وهل يتم تعقيمه عن طريق غليه أو بسترته أو يتم تناوله بشكل مباشر للأطفال الذين يقطنون في الأرياف، لأن الأعراض تتشابه مع كثير من الأمراض، مثل التهاب المفاصل ومتلازمة التعب المزمن عند المراهقين وحمى التيفويد. لذلك، فإن الاهتمام بالتاريخ المرضي يكون بداية الطريق للتوصل إلى تأكيد الإصابة.

وبالنسبة للتحاليل، يمكن عمل عدّ كامل لكريات الدم (CBC)، وفي 20 في المائة من الحالات يمكن أن تظهر قلة كريات الدم البيضاء (leukopenia) وكثرة الخلايا المناعية (lymphocytosis) وأنيميا. ويمكن عمل إنزيمات للكبد. ولتأكيد التشخيص يمكن أخذ عينة من النخاع العظمي (bone marrow biopsy) لعزل الميكروب.

• العلاج: الهدف من العلاج الطبي هو السيطرة على الأعراض في أسرع وقت ممكن، لمنع حدوث مضاعفات وانتكاسات، ويكون الخط الرئيسي في العلاج هو استخدام أكثر من عائلة من عائلات المضادات الحيوية لمنع تكرار الإصابة. وفي الأغلب، تكون عائلتا الدوكسيسيكلين والجنتاميسين. ويفضل أن يستمر العلاج لفترة تصل إلى 6 أسابيع لضمان عدم حدوث انتكاسة. وبالنسبة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات فإن إعطاء ريفامبين لمدة 6 أسابيع يكون هو الأفضل.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

أنقرة وبغداد إلى «اجتماع أمني رابع» لتعزيز التعاون

شؤون إقليمية جندي تركي مشارك في عملية «المخلب - القفل» شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

أنقرة وبغداد إلى «اجتماع أمني رابع» لتعزيز التعاون

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن الاجتماع الرابع للآلية الأمنية المشتركة بين تركيا والعراق سيعقد في أنقرة الأسبوع المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات للحوثيين بإخفاء أدوية مرضى السكري المجانية

يعاني الآلاف من مرضى السكري في محافظة إب اليمنية من انعدام الأدوية المخصصة لهم مجاناً من منظمات دولية، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإخفائها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
صحتك موزع مشروبات غازية في القرية الأولمبية (أ.ف.ب)

دراسة تحذر: بديل السكر يزيد من مخاطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية

أظهرت دراسة حديثة أن تناول بديل السكر «الإريثريتول»، المستخدم في تحلية المنتجات منخفضة الكربوهيدرات، قد يزيد من أخطار الجلطات الدموية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مراكز السيطرة على الأمراض توصي الأشخاص الأكثر عرضة للخطر بتجنب تناول اللحوم المقطعة الجاهزة لتجنب الليستيريا (رويترز)

«الليستيريا» تقتل 3 في أميركا... ما هي؟ وما الأعراض؟

أدى تفشي بكتيريا الليستيريا المرتبط بلحوم البقر المقطعة إلى وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة 43 آخرين على الأقل في 13 ولاية أميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (إ.ب.أ)

هل القهوة منزوعة الكافيين مضرة بالصحة؟

يعد تناول القهوة عنصراً أساسياً في روتين الصباح لكثير من الأشخاص، حيث إنها تمنحهم الطاقة والتركيز.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

صور جديدة من الحساسية بعد مرحلة البلوغ

صور جديدة من الحساسية بعد مرحلة البلوغ
TT

صور جديدة من الحساسية بعد مرحلة البلوغ

صور جديدة من الحساسية بعد مرحلة البلوغ

في حياة ليزا، لم يكن تناول المحار مجرد متعة تذوق الطعام - وإنما كان جزءً أساسياً من ثقافة عائلتها. ولطالما كان الصيف يدفع هذه المرأة الأربعينية نحو السفر إلى ولاية ماين، حيث كانت أطباق الجمبري وسرطان البحر والمحار وجراد البحر نوعاً من الطقوس المميزة في لقاءات لمّ الشمل السنوية.

إلا أن ليزا فوجئت في أحد الأعوام، بأن المحار المحبوب لديها لم يعد يبادلها حباً بحب. إذ وفي الوقت الذي كانت تنغمس في تناول الوليمة البحرية بابتهاج، بدأت تظهر عليها أعراض مثيرة للقلق: تضخمت شفتا ليزا ولسانها، بينما انتشر الشرى (التقرحات) بشدة في جميع أنحاء جلدها. وتقيأت كذلك. وسرعان ما اتصل الأقارب بسيارة إسعاف...

«صدمة حساسية»

وجرى علاج ليزا من صدمة حساسية anaphylactic shock. وأكدت الاختبارات أن المحار الذي كانت تتناوله انقلب عليها: فهي الآن تعاني حساسية شديدة، بعد أن عاشت طول حياتها من قبل دون أي مشكلة.

في مرحلة البلوغ، يظن معظم الناس أنهم تجاوزوا احتمالية الإصابة بحساسية جديدة. ومع ذلك، نجد أن هذه الاحتمالية على أرض الواقع ليست استثنائية الحدوث، فهي تقع في كثير من الأحيان بين النساء، حسبما أوضح أحد المتخصصين من جامعة هارفارد.

وأضافت الدكتورة كاميليا هيرنانديز، مديرة قسم الحساسية والمناعة السريرية بمستشفى «بريغهام آند ويمينز»، التابع للجامعة: «تظن الغالبية أنك تصاب بالحساسية عندما تكون طفلاً، وتظل معك حتى سن البلوغ، أو أنك تتغلب عليها. ومع ذلك، يبقى من الممكن أن تصاب بالحساسية في أي وقت. إن هذا أحد أكثر الأشياء التي تصيب الناس بالدهشة لدى علمهم بها».

معلومات أساسية عن الحساسية

تأتي الحساسية Allergy في صور عدة. وتنشأ عندما يقع الجهاز المناعي في خطأ اعتبار مادة غير ضارة - مثل الطعام، أو حبوب اللقاح، أو وبر الحيوانات، أو عث الغبار، أو الدواء - مادة دخيلة خطيرة.

وبعد ذلك، وفي كل مرة يواجه فيها الجسم تلك المادة المسببة للحساسية، ينشأ رد فعل. وحسب نوع الحساسية وشدتها، يمكن أن تتضمن الأعراض العطاس، وذرف الدموع، والسعال، والحكة، والشرى، والقيء، وصعوبة التنفس.

وأفاد ما يقرب من ثلث البالغين الأميركيين بأنهم يعانون الحساسية الموسمية أو الغذائية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ومع ذلك، تشكل الصور الموسمية من الحساسية – التي تؤججها حبوب اللقاح، وغالباً ما يطلق عليها حمى القش - نسبة أعلى بكثير على الصعيد العام.

حساسية الطعام

يوماً بعد آخر، يتعرف العلماء على المزيد عن أنواع الحساسية التي قد تظهر فجأة مع تقدمنا في السن. والاحتمال الأكبر أن تظهر الحساسية الغذائية في مرحلة البلوغ، مقارنة بصور الحساسية الموسمية. ويتصدر المحار قائمة مسببات الحساسية الغذائية المتأخرة لدى البالغين، طبقاً لمسح أُجري عام 2018 بين أكثر عن 40000 شخص بالغ نشرته دورية Annals of Allergy, Asthma and Immunology.

وكشف الاستطلاع كذلك عن أن ما يقرب من نصف الأشخاص الذين يعانون بالفعل حساسية الطعام، تطورت لديهم صورة جديدة واحدة على الأقل من صور الحساسية في مرحلة البلوغ. ومن اللافت للنظر أن نحو ربعهم لم يكن يعاني أي حساسية غذائية في الطفولة. ويأتي بعد المحار بقائمة صور الحساسية الغذائية التي تصيب البالغين، الحليب والقمح وجوز الأشجار وفول الصويا.

بوجه عام، تعدّ النساء أكثر عرضة للإصابة بالحساسية الغذائية في مرحلة البلوغ عن الرجال - ومن بين الأشخاص الذين يعانون ذلك، تبقى النساء أكثر عرضة للإصابة بالقلق الشديد المرتبط بالطعام، حسب دراسة نُشرت عبر الإنترنت في السابع من فبراير (شباط) 2024، من قِبل Clinical and Experimental Allergy.

ومع هذا، لا يزال الغموض يكتنف السبب وراء إصابة بعض الأشخاص بالحساسية، سواء في الطفولة أو في مرحلة لاحقة من حياتهم، بينما لا يصاب البعض الآخر بها إطلاقاً.

وقالت الدكتورة هيرنانديز إن السبب ربما يرتبط بالتفاعل المعقد بين الجينات والبيئة. ومع ذلك، يبدو أنه كلما قل تعرضك لمسببات الحساسية المحتملة - مثل المحار، الذي يأكله كثير من الناس بضع مرات فقط في السنة - تنامت احتمالات ظهورها كمشكلة جديدة في وقت لاحق.

اختفاء الحساسية

رغم ما سبق، يظل هناك، على الأقل، بعض التوازن في المعادلة، ذلك أنه إذا تمكنا من التعايش مع الحساسية مع مرور العقود، فإن هذا قد يعني أننا قد ننجح في التخلص منها - إذا حالفنا الحظ.

والمثير أنه يمكن للحساسية أن تطارد بعض الأشخاص لسنوات قبل أن تختفي فجأة. وربما يعود السبب إلى حقيقة أن استجابة (رد فعل) جهاز المناعة لدينا تهدأ في منتصف العمر؛ ما يعني أن مسببات الحساسية التي كانت تثير الاستجابة في السابق أصبحت تمر على الجسم الآن دون أن ينازعها شيء، حسبما شرحت الدكتورة هيرنانديز.

والمحتمل أن تسبب بعض صور الحساسية أعراضاً أقل حدة أو حتى تتلاشى تماماً، أكثر عن غيرها. على سبيل المثال، فإن نحو 30 في المائة من الأشخاص الذين يعانون حساسية الفول السوداني يتخلصون في النهاية منها، حسبما ذكرت الدكتورة هيرنانديز.

ومع أنه يمكن لأي شخص أن يصاب بالحساسية في مرحلة لاحقة من حياته، فإن أولئك الذين لديهم تاريخ طويل من الحساسية الموسمية يميلون إلى المعاناة من أعراض أقل مع مرور السنين؛ ما يسمح لأولئك المحاصرين بالعطاس وسيلان الأنف وحكة العيون والتعب، باستقبال الأشهر الأكثر دفئاً بخوف أقل مع التقدم في العمر.

علامات مثيرة للقلق

تعتمد قدرتنا على رصد الحساسية الناشئة بسهولة، إلى حد كبير، على نوع الحساسية ذاتها. وهنا، شرحت الدكتورة هيرنانديز أنه ربما لن يكون واضحاً على الفور، ما إذا كان أحد المحفزات البيئية، مثل وبر الحيوانات، قد تحول مشكلة فجأة.

على سبيل المثال، قد يكون اللقاء والترحيب بقطة صديقك الجديدة، موقفاً محفوفاً بالمخاطر على نحو غير متوقع. وينتهي اللقاء بالعطاس المتكرر، مع سيلان في الأنف وحكة وعيون دامعة، لكنك تظن أنك تصاب بنزلة برد. بعد عودتك إلى المنزل، تبقى الأعراض لديك لبضع ساعات فقط، ثم تبدأ في الانحسار.

النصيحة: انتبه لأنه إذا كانت نزلة برد، ستستمر الأعراض لأيام عدة أو أكثر.

وأضافت الدكتورة هيرنانديز: «لن تكون قادراً على إدراك حقيقة الأمر من المرة الأولى. عادةً ما يستغرق الأمر بضع مرات من الوجود مع الحيوان المسبب للحساسية، قبل أن تدرك حقيقة ما يحدث».

ومع ذلك، فإن صور الحساسية الغذائية الجديدة قد تظهر بقوة أكبر. على سبيل المثال، قبل رد فعل ليزا التحسسي تجاه المحار، الذي هدد حياتها، كانت تعاني علامات خفية يمكن تجاهلها بسهولة تتعلق بحساسية التخمير brewing allergy. قبل بضعة أشهر من نوبة الطوارئ التي تعرضت لها ليزا، تقيأت بعد تناول الجمبري العملاق. وهنا، أوضحت الدكتورة هيرنانديز أن ليزا: «لم تفكر في الأمر، بل اعتقدت أنه تسمم غذائي». إلا أنه بعد فترة وجيزة، أسفر التهامها لفائف جراد البحر عن التأثير نفسه.

وقالت الدكتورة هيرنانديز: «بمرور الوقت، تصبح حساسية الطعام أمراً متوقعاً: ففي كل مرة تتناول فيها هذا الطعام، ستظهر عليك تلك الأعراض، وفي غضون دقائق معدودة».

نتيجة أخرى للتغيّرات المناخية

إذا خالجتك الدهشة من ظهور أعراض حمى القش بقوة، حتى قبل أن يذوب الثلج الشتوي، فاطمئن: أنت لا تتخيل الأمر. من الواضح أن التأثيرات واسعة النطاق للتغييرات المناخ تتضمن مواسم حساسية موسمية أطول وأقوى.

واليوم، يبدأ «موسم الحساسية» قبل ثلاثة أسابيع مما كان عليه عام 1990؛ ما يعني مزيداً من الشقاء لـ81 مليون أميركي يعانون التهاب الأنف التحسسي - المعروف باسم الحساسية الموسمية - الأمر الذي يثير لديهم ردود أفعال تحسسية تجاه حبوب اللقاح من الأشجار والأعشاب والأعشاب الضارة.

وكشفت دراسة نشرتها دورية Proceedings of the National Academy of Sciences عام 2021، عن أن التغييرات المناخية السبب وراء ذلك. وأظهرت أن موسم حبوب اللقاح في أميركا الشمالية امتد بمقدار 20 يوماً بين عامي 1990 و2018، بينما ارتفعت تركيزات حبوب اللقاح المحمولة جواً بأكثر عن 20 في المائة.

المحار والحليب والقمح وجوز الأشجار وفول الصويا تثير الحساسية الغذائية لدى البالغين

واعتمد التحليل على بيانات حبوب اللقاح التي جرى جمعها من 60 موقعاً في أميركا الشمالية خلال تلك الفترة، وكشفت عن تغييرات مهمة في 7 من 10 قياسات، مثل أقصى معدلات حبوب اللقاح اليومية، وتاريخ بدء موسم حبوب اللقاح وطوله. ويبدو أن فصول الشتاء المعتدلة وارتفاع متوسط درجات الحرارة، تحفّز النباتات على إنتاج حبوب اللقاح في وقت مبكر، والاستمرار في ذلك لفترة أطول.

وقالت الدكتورة هيرنانديز: «في السابق، خاصة في منطقة الشمال الشرقي، لم يكن موسم الحساسية يبدأ إلا في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار). الآن، يبدأ الأمر في فبراير (شباط) أو مارس (آذار). هذا تغيير كبير».

لاستيعاب موسم حبوب اللقاح الممتد، قد تحتاج إلى تغيير كيفية التعامل مع الحساسية لديك - ربما باستخدام الأدوية لفترة أطول وبمجموعات مختلفة، حسبما نبهت د. الدكتور هيرنانديز. وأضافت إن تناول مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية، مثل فيكسوفينادين fexofenadine (أليغرا Allegra) أو لوراتادين loratadine (كلاريتين Claritin) لفترات أطول، لا يزيد من احتمالية ظهور آثار جانبية مثل الصداع أو جفاف الفم.

أما مضادات الهيستامين القديمة، مثل ديفينهيدرامين diphenhydramine (بينادريل Benadryl) - والتي يمكن أن تجعلك تشعر بالنعاس - فينبغي استخدامها باعتدال، بغض النظر عن المدة التي يستمر فيها موسم الحساسية، لأنها قد تجعلك تشعر بالدوار.

التعايش مع الحساسية مع مرور الزمن قد يؤدي إلى نجاح التخلص منها

علاوة على تناول أدوية الحساسية لفترة أطول، فإنه لا بأس في «تكديسها» معاً - عن طريق مزج مضادات الهيستامين عن طريق الفم، مثلاً، مع رذاذ الأنف القائم على الستيرويد، مثل فلوتيكاسون fluticasone (فلوناس Flonase). ويمكنك كذلك استخدام قطرات العين المضادة للهستامين في الوقت نفسه، إذا كان ذلك مفيداً.

وقالت الدكتورة هيرنانديز: «يمكنك الاستمرار في إضافة مزيد من العناصر إلى مجموعة الأدوية التي تجعلك تشعر بأفضل حالاتك، لكن عليك أن تنتظر وتتابع كيف تبدو أعراضك. في الواقع، إن حالات الحساسية تتسم بطابع فردي على نحو يتعذر تصديقه».

ثلث البالغين الأميركيين يعانون من أشكالها الموسمية أو الغذائية

السبل الآمنة للتشخيص

السؤال الملح هنا: كيف ينبغي الرد على هذه الإشارات. عن ذلك، أجابت الدكتورة هيرنانديز بأن الأمر يعتمد على نوع الحساسية.

في حالة الحساسية البيئية، مثل حبوب اللقاح أو وبر الحيوانات الأليفة، يمكنك تجربة أسلوب «افعل ذلك بنفسك» للتخفيف من آثار الحساسية، باستخدام رذاذ الأنف القائم على الستيرويد مثل فلوتيكاسون (فلوناز) أو تناول مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية مثل السيتريزين (زيرتيك)، أو فيكسوفينادين (أليغرا)، أو لوراتادين (كلاريتين). إذا نجحت العلاجات، فسيكون لديك على الأقل فكرة عما يحدث وكيفية تخفيف حدة الأعراض. وعليك إطلاع طبيب الرعاية الأولية الخاص بك على ما تشك فيه.

في المقابل، فإن طبيب الحساسية يمثل المفتاح لتشخيص الحساسية الغذائية الجديدة المحتملة - أمر لا ينبغي لك الاضطلاع به بنفسك. ويمكن لاختصاصي الحساسية استخدام مجموعة متنوعة من الاختبارات لتحقيق ذلك، فقد تخضع لتحدي الطعام في عيادة طبيب الحساسية - اختبار تستهلك خلاله كمية خاضعة للرقابة من العنصر المعني محط الاشتباه، حسبما يرى الطبيب. إذا واجهت رد فعل شديداً، فيمكن للطبيب حينها التدخل على الفور.

وعن ذلك، حذرت الدكتورة هيرنانديز من أنه: «قد يكون رد الفعل التحسسي تجاه الطعام شديداً للغاية بعض الأحيان. لذلك؛ ليس من الآمن محاولة تشخيصه ذاتياً».

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»