9 حقائق عن تناول السكر الطبيعي والمُحلّيات الصناعية

تساؤلات مهمة لوقاية الأصحاء

9 حقائق عن تناول السكر الطبيعي والمُحلّيات الصناعية
TT

9 حقائق عن تناول السكر الطبيعي والمُحلّيات الصناعية

9 حقائق عن تناول السكر الطبيعي والمُحلّيات الصناعية

أحد جوانب التغذية ذات الصلة المباشرة بالوقاية من الإصابة بمرض السكري، هو التعامل مع الأطعمة والمشروبات ذات «الطعم السكري الحلو». والإنسان بطبعه الغريزي يحب تناول الأطعمة الحلوة ذات الطعم السكري، وقد لا يتحمّل عدم تناولها، أو تقليل ذلك.

ولكن، ومع معرفتنا أن تقليل تناول السكر الطبيعي أمر مهم في معالجة مَن لديهم بالفعل مرض السكري، يأتي السؤال الأهم: هل تقليل تناول «السكريات والمُحليات الطبيعية» بالأصل يساعد في وقاية الأصحاء من الناس (الذين ليس لديهم مرض السكري) من الإصابة بمرض السكري؟ وأيضاً ثمة سؤالان آخران: هل تناول «بدائل السكر» يساعد في الوقاية من مرضى السكري؟ وهل تناولها بديلاً لـ«السكريات والمُحلّيات الطبيعية» يساعد في معالجة مرضى السكري أنفسهم؟

أطعمة ومشروبات

وللإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها عن «السكريات والمُحليات الطبيعية» و«بدائل السكر»، إليك النقاط التالية:

1. الطعم السكري الحلو في أطعمتنا ومشروباتنا يأتي من ثلاثة مصادر:

-تواجد «السكريات الطبيعية» (Natural Sugars) في أحد أنواع المنتجات الغذائية الطبيعية كالتمر أو العسل أو العنب، ومنها أيضاً السوائل الطبيعية السكرية، كالعسل أو الدبس أو شراب القيقب (Molasses)، وهذه لها علاقة بالأنسولين ومرض السكري بشكل مباشر.

-إضافة «المُحليات الطبيعية» (Natural Sweeteners) كالسكر الأبيض، (أو السكر البني) المستخلَص من القصب أو الشمندر أو البطاطا أو غيرها، ولها علاقة بالأنسولين ومرض السكري بشكل مباشر.

-إضافة «بدائل السكر» (Sugar Substitutes) إلى الأطعمة والمشروبات، ولا علاقة لها بالأنسولين ومرض السكري بشكل مباشر.

2.الكربوهيدرات تشمل السكر الحلو الطعم، والألياف، والنشا، والفارق بينها في حجم ومكونات المركب الكيميائي لها.

السكر ذو تركيب كيميائي «بسيط»؛ إما أحادي أو ثنائي، بينما الألياف والنشا لديها تركيب «معقد»، وعلى الرغم من أن الكربوهيدرات بالعموم هي من المغذيات الكبيرة «Macronutrients» الأساسية (المواد المغذية التي يستخدمها الجسم بكميات كبيرة)، فإن السكر ليس كذلك.

والسكر مصطلح عام يشمل العديد من أنواع الكربوهيدرات البسيطة، بما في ذلك السكروز؛ سكر المائدة الأبيض أو البني، الذي هو المُحلّي الأكثر شيوعاً للاستخدام في الحلويات والمخبوزات، ولكن السكروز هو واحد فقط من عدة أنواع من السكر الموجود بشكل طبيعي في الأطعمة، بما في ذلك الفواكه والخضروات والحبوب ومنتجات الألبان.

وتشمل السكريات الطبيعية الأخرى كلاً من الفركتوز (سكر الفواكه)، والغالاكتوز والغلوكوز، واللاكتوز (سكر الحليب) والمالتوز، ويقول أطباء كلية جونز هوبكنز للطب: «السكر ليس سيئاً بطبيعته. في الواقع، هذا ضروري؛ تعمل أجسامنا على السكر، يعالج الجسم الكربوهيدرات من الطعام، ويحوّل الكثير منها إلى غلوكوز، تقوم الخلايا بسحب الغلوكوز من مجرى الدم واستخدامه للوقود والطاقة. إن إزالة المصادر الطبيعية للسكر والكربوهيدرات الأخرى من نظامك الغذائي - الفواكه ومنتجات الألبان والحبوب - ليس خياراً صحياً، ولكن يمكنك اتخاذ خيارات بشأن مصدر الحلاوة في طعامك».

مُحلّيات طبيعية

3.تحتوي «المحليات الطبيعية»، مثل عصير الفاكهة والعسل والدبس وشراب القيقب، على سكر طبيعي، ولها بعض الفوائد الغذائية، حيث تحتوي الفاكهة على الألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة، وكذلك يحتوي العسل الخام وشراب القيقب على مضادات الأكسدة، ومركبات مضادة للميكروبات، ومعادن مثل الحديد والزنك والكالسيوم والبوتاسيوم.

ولكن هناك فرقاً كبيراً بين السكر الأبيض (أو البُني) المضاف، وبين السكر الطبيعي في العسل مثلاً، والإشكالية الصحية اليوم هي أنه تتم إضافة الكثير من السكر الأبيض إلى الأطعمة المصنّعة، مثل الكعك والخبز والحلوى، ومشروبات الصودا والفواكه والشاي والقهوة والشكولاتة، وحتى الكاتشب وصلصة الباربيكيو. ونظراً لذلك، فإن النتيجة هي أن الكثير من الناس يستهلكون كمية كبيرة من السكر المضاف الذي ليس له أي فوائد غذائية.

4.إحدى الحقائق الطبية اليوم، أن تناول الكثير من السكر لا يمكن أن يؤدي مباشرة إلى مرض السكري، ولا يوجد أي دليل علمي وإكلينيكي على أن مرض السكري ينتج مباشرة عن تناول السكر. تقول جمعية السكري البريطانية: «إن مسألة ما إذا كان السكر يسبّب بشكل مباشر مرض السكري من النوع 2 معقّدة بعض الشيء. وهناك نوعان رئيسيان من مرض السكري؛ السكري من النوع 1، والسكري من النوع 2.

نحن نعلم أن السكر لا يسبب مرض السكري من النوع 1، ومع مرض السكري من النوع 2 الجواب أكثر تعقيداً قليلاً، على الرغم من أننا نعلم أن السكر لا يسبّب مرض السكري من النوع 2 بشكل مباشر، فإنك أكثر عُرضةً للإصابة به إذا كنت تعاني من زيادة الوزن. يزداد وزنك عندما تتناول سعرات حرارية أكثر مما يحتاجه جسمك، وتحتوي الأطعمة والمشروبات السكرية على الكثير من السعرات الحرارية».

ويقول أطباء كلية جونز هوبكنز للطب: «والكثير من السكر المضاف يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية، بما في ذلك ارتفاع نسبة السكر في الدم، وزيادة مقاومة الأنسولين، ومتلازمة التمثيل الغذائي، ومشاكل الأسنان، مثل تسوس الأسنان، وزيادة الدهون الثلاثية، والسمنة، ومرض السكري من النوع 2». وتوضح جمعية القلب الأميركية: «لا تساهم السكريات المضافة بأي مواد مُغذية (مفيدة للجسم)، ولكن غالباً ما تحتوي على سعرات حرارية مضافة يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن أو السمنة».

السكريات المضافة

5.بالعموم، تُوصِي منظمة الصحة العالمية ألا تتجاوز كمية السكريات المُضافة نسبة 10 بالمائة من كمية السعرات الحرارية التي يتناولها الشخص في اليوم الواحد، أي من بين كل المأكولات والمشروبات المُتناوَلة يومياً، ولكن جمعية القلب الأميركية توصي قائلة: «يجب الحد من السكريات المضافة بما لا يزيد عن 6 بالمائة من السعرات الحرارية يومياً. وبالنسبة لمعظم النساء الأميركيات، لا يزيد ذلك عن 100 سعرة حرارية في اليوم، أو حوالي 6 ملاعق صغيرة من السكر، أي 25 غراماً (كل غرام من السكر يحتوي على 4.2 كالوري). وللرجال 150 سعرة حرارية في اليوم، أو حوالي 9 ملاعق صغيرة، أي 36 غراماً. وتركز التوصيات على جميع السكريات المضافة دون تحديد النوع، مثل شراب الذرة عالي الفركتوز». وهذا ينطبق سواءً بسواء على الأصحّاء من الناس، وعلى مرضى السكري أيضاً.

ولتقريب المقارنة، على سبيل المثال، قد يحتوي 100 غرام من الكاتشب على 21.8 غرام من السكر، بما في ذلك الغلوكوز والفركتوز والمالتوز، وعلبة بحجم حوالي 330 مليلتراً من المشروبات الغازية تحتوي على 10 ملاعق صغيرة من السكر، أو 160 سعرة حرارية.

بدائل السكر

6. «بدائل السكر» (Sugar Substitutes) هي مواد طعمها حلو، ولكنها لا تحتوي على السكر المعروف للتحلية، وهي تحتوي على سعرات حرارية أقل من السكر، وبعضها لا تحتوي على سعرات حرارية على الإطلاق. وتنقسم إلى ثلاث فئات: «المُحلّيات الصناعية» (Artificial Sweeteners)، و«كحوليات السكر» (Sugar Alcohols)، و«المُحلّيات الجديدة» (Novel Sweeteners).

وتقول جمعية القلب الأميركية: «تصنّف المحليات منخفضة السعرات الحرارية، والمحليات الصناعية، والمحليات الخالية من السعرات الحرارية، على أنها محليات غير مغذّية (NNSs)؛ لأنها لا تقدّم أي فوائد غذائية مثل الفيتامينات والمعادن. قد تكون منخفضة السعرات الحرارية، أو لا تحتوي على سعرات حرارية، اعتماداً على العلامة التجارية».

وتضيف أيضاً قائلة: «يعد استبدال الأطعمة والمشروبات السكرية بخيارات خالية من السكر تحتوي على (NNSs) إحدى الطرق للحدّ من السعرات الحرارية، وتحقيق وزن صحي أو الحفاظ عليه. وأيضاً، عند استخدامه لاستبدال الأطعمة والمشروبات بالسكريات المضافة، يمكن أن يساعد مرضى السكري على إدارة مستويات الغلوكوز في الدم. على سبيل المثال، يُعد استبدال المشروب الغازي كامل السعرات الحرارية بمشروب الدايت إحدى الطرق لعدم زيادة مستويات الغلوكوز في الدم، مع إرضاء الرغبة في تناول الطعم الحلو»، ولكن يظل الاعتدال في تناولها هو الأساس صحياً.

7.يتم تصنيع معظم «المحليات الصناعية» من مواد كيميائية في المختبر، والقليل منها مصنوع من مواد طبيعية مثل الأعشاب، يمكن أن تكون أحلى بـ200 إلى 700 مرة من سكر المائدة، ولا تحتوي هذه المُحلّيات على سعرات حرارية أو سكر، ولكنها أيضاً لا تحتوي على عناصر غذائية مفيدة مثل الفيتامينات أو الألياف أو المعادن أو مضادات الأكسدة، ويتم تصنيفها «إضافات غذائية».

وتقليدياً، كانت المُحلّيات الصناعية هي الخيار الوحيد للأشخاص الذين يحتاجون إلى مراقبة مستويات السكر في الدم أو الوزن. ويعتقد بعض الخبراء أن المُحلّيات الصناعية تشكّل مخاطر صحية، من زيادة الوزن إلى السرطان، لكن الأبحاث حول هذا الأمر مستمرة، وقد أُجريت دراسات سابقة تُظهر المخاطر الصحية على الحيوانات، وليس البشر.

ووفق ما يقوله أطباء كلية جونز هوبكنز للطب: «أظهرت الدراسات التي أُجريت على الأشخاص أن هذه المنتجات تكون آمنة بشكل عام إذا لم يتم استهلاك أكثر من المدخول اليومي المقبول لكل منها».

ومن هذه المنتجات: «الأسبارتام» Aspartame (NutraSweet® and Equal®)، و«نيوتام» Neotame ، و«سكرالوز» Sucralose (Splenda®)، و«السكرين» Saccharin (Sweet’N Low®)، و«أدفنتام»، و«أسيسولفام - كيه» Acesulfame-K (Sweet One®)، التي نالت جميعها موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA.

لا يوجد أي دليل علمي وإكلينيكي على أن مرض السكري ينتج مباشرة عن تناول السكر

كحول السكر ومُحلّيات المصادر الطبيعية

8.«كحوليات السكر» هي على غرار «المُحلّيات الصناعية»؛ إذْ يتم تصنيع كحول السكر صناعياً (عادةً من السكريات نفسها)، ويتم استخدام كحول السكر في العديد من الأطعمة المصنّعة، وهي وإن كانت ليست حلوة مثل المُحلّيات الصناعية، إلاّ أنها تضيف ملمساً وطعماً إلى الأطعمة، مثل العلكة والحلوى الصلبة. وتجدر ملاحظة أنه يمكن أن تسبّب تهيجاً في الجهاز الهضمي، مثل الانتفاخ أو الغازات أو الإسهال لدى بعض الأشخاص، وعلى عكس بدائل السكر الأخرى، يجب إدراج كحول السكر في ملصقات الحقائق الغذائية. الأمثلة تشمل «إريثريتول»، «إيزومالت»، «لاكتيتول»، «المالتيتول»، «السوربيتول»، و«إكسيليتول».

9.«المحليات الجديدة» مستمَدة من مصادر طبيعية، وتوفر هذه المجموعة الجديدة نسبياً، التي تسمى أحياناً «المُحلّيات الخالية من السعرات الحرارية، المشتقة من النباتات»، العديد من فوائد المُحلّيات الصناعية والطبيعية، مثل الفاكهة أو العسل. و«المحليات الجديدة»، كما يقول أطباء جونز هوبكنز، ليست مصدراً مهماً للسعرات الحرارية أو السكر؛ لذا فهي لا تؤدي إلى زيادة الوزن أو ارتفاع نسبة السكر في الدم، كما أنها عادةً ما تكون أقل معالجةً كيميائياً وصناعياً، وأكثر تشابهاً مع مصادرها الطبيعية مقارنةً بـ«المُحلّيات الصناعية».

والأمثلة تشمل الألولوز وفاكهة الراهب Monk Fruit وستيفيا وتاجغتوز. وللتوضيح، يتم الحصول على ستيفيا وفاكهة الراهب بشكل طبيعي من النباتات، ويشعر بعض الناس أن لديها نكهة تشبه إلى حد كبير السكر العادي. وتقول إدارة الغذاء والدواء الأميركية إن هذه المحليات «تعتبر آمنة بشكل عام»، ما يعني أنها آمنة للاستخدام للغرض المقصود منها، كما يوضح ذلك أطباء جونز هوبكنز، ويظل أيضاً من المهم الاعتدال في تناولها.


مقالات ذات صلة

​«تخصصي الرياض» يصلح عيباً خلقياً لجنين بالمنظار

يوميات الشرق الإجراء الجراحي يحافظ على الجنين داخل الرحم لبقية فترة الحمل (مستشفى التخصصي)

​«تخصصي الرياض» يصلح عيباً خلقياً لجنين بالمنظار

أجرى فريق طبي بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض عملية جراحية نادرة باستخدام المنظار لإصلاح عيب خلقي في الحبل الشوكي لجنين بأسبوعه الـ26 لأول مرة بالمنطقة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفقر يزيد معدلات تسوس الأسنان لدى الأطفال

الفقر يزيد معدلات تسوس الأسنان لدى الأطفال

أثبتت دراسة بريطانية أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق الفقيرة والمحرومة يواجهون خطر الإصابة بتسوس الأسنان الشديد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك الأفوكادو مليء بالألياف والمواد المغذية الأساسية مثل البوتاسيوم ما يساعد على تعزيز وظيفة الجهاز الهضمي (أرشيفية - رويترز)

ما الفوائد الصحية للأفوكادو؟

بينما يولّد إنتاج الأفوكادو وتصديره على نطاق واسع انبعاثات كربونية ضخمة، فإن هذه الفاكهة توفر في المقابل كثيراً من الفوائد الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ماذا نعرف عن تأثير هرمون «التستوستيرون»؟

أكثر من مجرد هرمون... لماذا «التستوستيرون» مهم للرجال والنساء فوق الخمسين؟

شُوّهتْ سمعة هرمون «التستوستيرون» بسبب ربطه بالعدائية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك بداية ظهور الإبداع عند الأطفال

بداية ظهور الإبداع عند الأطفال

الرضّع أظهروا قابليتهم قبل أن يتمكنوا من التعبير بالكلام.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

بداية ظهور الإبداع عند الأطفال

بداية ظهور الإبداع عند الأطفال
TT

بداية ظهور الإبداع عند الأطفال

بداية ظهور الإبداع عند الأطفال

لا شك أن الإبداع البشري ليس له حدود. ولكن على الرغم من أهميته الكبيرة فإن بداية ظهور القدرات الإبداعية في الإنسان ما زالت غير محددة تماماً.

وفي أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر يوليو (تموز) من العام الحالي في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم the Proceedings of the National Academy of Sciences»، حاول الباحثون من «جامعة برمنغهام University of Birmingham» بالمملكة المتحدة وجامعة أوروبا الوسطى (CEU) في النمسا الإجابة عن هذا السؤال.

قدرة استنباط أفكار جديدة

قال الباحثون إن الإبداع في الأساس هو كيفية القدرة على الوصول إلى معانٍ وأفكار جديدة من خلال التعامل مع مفاهيم مألوفة.

وعلى سبيل المثال فإن المخترع الذي يتوصل إلى تصميم آلة معينة حديثة يستخدم نفس المعادن والأدوات التي يستخدمها الجميع ولكن الطريقة الجديدة في الاستخدام هي التي تجعل لها فائدة كبيرة. والأمر نفسه ينطبق على الأفكار مثل القدرة على تجميع عدد لانهائي من أفكار معقدة من عدد محدود من المفاهيم البسيطة.

ولكن حتى الآن لا يُعرف سوى القليل عن بداية استخدام هذه القدرات في وقت مبكر من الحياة.

تجربة على الأطفال الرضّع

نفّذ الباحثون التجربة على مجموعة مكونة من 60 طفلاً أعمارهم 12 شهراً تقريباً وجميعهم لا يستطيعون التحدث بعد، ولا يفهمون سوى عدد قليل من الكلمات. وحاول العلماء معرفة إذا كان بمقدورهم الجمع بين الكمية والنوعية عن طريق اللغة من عدمه، وذلك عن طريق تعليم الأطفال بعض الكلمات ثم اختبار مدى فهمهم لهذه الكلمات والتوصل إلى المعنى المقصود بها تماماً. وحاول الباحثون معرفة هل أن الجميع لديهم القدرات الإبداعية نفسها.

بدأ الباحثون في تعليم الأطفال أهم كلمتين جديدتين بحيث تصفان الكمية أو العدد: الأولى كلمة ميز (mize) وتعني رقم واحد، والثانية كلمة بادو (padu) وتعني رقم اثنين.

وحاول العلماء تقييم ما إذا كان بإمكان هؤلاء الأطفال في هذه السن المبكرة جداً الجمع بين مفاهيم الكمية والنوع عند سماع تعبيرات معقدة (بالنسبة لهم) تشمل المسميات التي تعلموها، ولكن مع إضافات جديدة.

على سبيل المثال إيراد جملة تحمل الرقم الذي تعلموه (بادو) ولكن تصف شيئاً معيناً لا يعرفونه، وعليهم استنتاجه على الرغم من عدم معرفتهم به. وراقبوا لأي مدى سوف ينجح الأطفال في دمج هذه المعارف الجديدة.

استنباط النتائج

شاهد الأطفال أربع مجموعات مختلفة من الأشياء: (بطة واحدة) ثم (بطتين) ثم (كرة واحدة) وأخيراً (كرتين). وبعد ذلك سمع الأطفال جملة (بطة بادو) وكانت المرة الأولى التي يسمعون فيها كلمة (بطة) ونجح الأطفال في معرفة أن هذه الجملة تشير إلى بطتين. وعرف العلماء ذلك من خلال إطالة النظر إلى المجموعة التي توجد فيها البطتان وليس المجموعات الأخرى بما فيها الكرتان وهو ما يدل على القدرة الكبيرة لعقل الطفل في هذه السن المبكرة جداً على دمج مفاهيم معينة والتوصل إلى فكرة جديدة وهو جوهر العملية الإبداعية. وربما تكون هذه القدرة هي العامل الأساسي الذي يساعد الطفل على فك رموز (اللغات) المحيطة به والبداية في التحدث بها.

توصيلات عصبية وقدرات إدراكية

قال العلماء إن الإبداع البشري يعتمد على القدرة على تكوين أفكار جديدة تماماً من خلال الجمع بين مفاهيم وأفكار موجودة بالفعل ويمتد إلى كل مجالات الحياة بدءاً من المحادثة اليومية حتى الفنون والعلوم. ويقوم بها مركز التحكم في المخ من خلال شفرات أشبه بلغة البرمجة تختلف من شخص إلى آخر تبعاً للتوصيلات العصبية والقدرات الإدراكية.

وفي النهاية أكد العلماء أن الأطفال لديهم قدرة إبداعية كبيرة حتى قبل أن يتمكنوا من التعبير بالحديث عن ذواتهم.

* استشاري طب الأطفال

اقرأ أيضاً