يمكن لاتباع نظام غذائي صحي منذ الصغر أن يساعدك في الحفاظ على صحتك العقلية حتى السبعينات من عمرك، وحتى تجنب الإصابة بالخرف وألزهايمر، وفقاً لبحث تتبع آلاف البريطانيين لمدة 7 عقود من الزمن.
وبينما ركز معظم الدراسات حول النظام الغذائي والقدرة المعرفية على الأشخاص الذين وصلوا بالفعل إلى سن الشيخوخة، فإن البحث الجديد كان الأول الذي تتبع الأشخاص طوال حياتهم، من سن 4 أعوام حتى 70 عاماً، وفق صحيفة «الغارديان».
واستنتج البحث أن الروابط بين النظام الغذائي والصحة العقلية قد تبدأ في وقت أبكر بكثير مما كان يُعتقد.
وأضاف البحث دليلاً جديداً يؤكد أن اتباع نظام غذائي صحي يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، وأن يبطئ التدهور المعرفي المرتبط بالعمر.
وعُرضت النتائج في الاجتماع السنوي لـ«الجمعية الأميركية للتغذية».
وقالت كيلي كارا، من جامعة تافتس في ماساتشوستس: «تدعم هذه النتائج الأولية بشكل عام التوجيهات الحالية للصحة العامة والتي تقول إنه من المهم تكوين أنماط غذائية صحية في وقت مبكر من الحياة؛ من أجل دعم الصحة والحفاظ عليها طوال الحياة».
وأوضحت أن «النتائج التي توصلنا إليها توفر أيضاً أدلة جديدة تشير إلى أن التحسينات في الأنماط الغذائية حتى منتصف العمر قد تؤثر على الأداء المعرفي وتساعد في تخفيف أو تقليل التدهور المعرفي في السنوات اللاحقة».
وقال الباحثون إن الأداء المعرفي لا يزال من الممكن أن يتحسن بشكل جيد في منتصف العمر، لكنه يبدأ عادة في الانخفاض بعد سن 65 عاماً. ويمكن أن تتطور أيضاً حالات أكثر خطورة مثل الخرف جنباً إلى جنب مع التدهور المرتبط بالعمر.
بالنسبة إلى البحث الجديد، درس العلماء 3059 شخصاً بالغاً من المملكة المتحدة سٌجلوا وهم أطفال في دراسة تسمى «المسح الوطني للصحة والتنمية». وقدم أعضاء المجموعة، التي تسمى «مجموعة المواليد البريطانية عام 1946»، بيانات عن المدخول الغذائي والنتائج المعرفية وعوامل أخرى، عبر الاستبيانات والاختبارات، على مدى أكثر من 75 عاماً.
وحلل الباحثون النظام الغذائي للمشاركين في 5 نقاط زمنية، وفي ما يتعلق بقدراتهم المعرفية في 7 نقاط زمنية. ووجدوا أن جودة النظام الغذائي ترتبط بشكل وثيق بالاتجاهات في القدرة الإدراكية.
على سبيل المثال، حافظ 8 في المائة فقط من الأشخاص الذين اتبعوا نظاماً غذائياً منخفض الجودة على قدرة إدراكية عالية، وكانت لدى 7 في المائة فقط من الأشخاص الذين اتبعوا نظاماً غذائياً عالي الجودة قدرة إدراكية منخفضة بمرور الوقت مقارنة بأقرانهم.
وقال الباحثون إن القدرة الإدراكية يمكن أن يكون لها تأثير كبير على نوعية الحياة والاستقلال مع تقدم العمر. وعلى سبيل المثال، بحلول سن السبعين، أظهر المشاركون في «المجموعة المعرفية الأعلى» احتفاظاً أعلى بكثير بالذاكرة العاملة وسرعة المعالجة والأداء المعرفي العام، مقارنة بأولئك في «المجموعة المعرفية الأدنى».
بالإضافة إلى ذلك، أظهر نحو ربع المشاركين في «المجموعة المعرفية الأدنى» علامات الخرف في تلك المرحلة الزمنية، في حين لم يُظهر أي من المشاركين في «المجموعة المعرفية الأعلى» علامات الخرف.
وبينما شهد معظم الناس تحسينات مطردة في نظامهم الغذائي طوال فترة البلوغ، لاحظ الباحثون أن الاختلافات الطفيفة في جودة النظام الغذائي في مرحلة الطفولة يبدو أنها تحدد الأنماط الغذائية في الحياة اللاحقة؛ للأفضل أو للأسوأ.
ووفق كارا؛ «يشير هذا إلى أن النظام الغذائي في الحياة المبكرة قد يؤثر على قراراتنا الغذائية في وقت لاحق من الحياة، وترتبط التأثيرات التراكمية للنظام الغذائي مع مرور الوقت بتطور قدراتنا المعرفية العالمية».
فالمشاركون في الدراسة الذين حافظوا على أعلى القدرات المعرفية مع مرور الوقت مقارنة بأقرانهم، مالوا إلى تناول مزيد من الأطعمة الموصى بها، مثل الخضراوات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة، وكميات أقل من الصوديوم والسكريات المضافة والحبوب المكررة.
وقالت كارا: «الأنماط الغذائية التي تحتوي نسبة عالية من مجموعات الأغذية النباتية الكاملة أو الأقل معالجة؛ بما في ذلك الخضراوات الورقية والفاصوليا والفواكه الكاملة والحبوب الكاملة، قد تكون أكثر حماية».
وأوضحت أن «تعديل النظام الغذائي لأي شخص في أي عمر لدمج مزيد من هذه الأطعمة والمواءمة بشكل أوثق مع التوصيات الغذائية الحالية من المرجح أن يحسن صحتنا بطرق عدة؛ بما في ذلك صحتنا المعرفية».