كيف تعرف إذا كنت ستصاب بالصلع؟ ومتى؟

تساقط الشعر هو عملية بطيئة تستغرق شهوراً إن لم تكن سنوات حتى تصبح واضحة (أرشيفية- رويترز)
تساقط الشعر هو عملية بطيئة تستغرق شهوراً إن لم تكن سنوات حتى تصبح واضحة (أرشيفية- رويترز)
TT

كيف تعرف إذا كنت ستصاب بالصلع؟ ومتى؟

تساقط الشعر هو عملية بطيئة تستغرق شهوراً إن لم تكن سنوات حتى تصبح واضحة (أرشيفية- رويترز)
تساقط الشعر هو عملية بطيئة تستغرق شهوراً إن لم تكن سنوات حتى تصبح واضحة (أرشيفية- رويترز)

تساقط الشعر مشكلة تقلق كثيراً من الرجال. فبحلول سن السبعين، يعاني ما بين 96 و100 في المائة من الرجال من تساقط الشعر بشكل ملحوظ، ويبدأ نحو واحد من كل خمسة بالصلع في العشرينات من العمر، وواحد من كل ثلاثة في الثلاثينات من العمر.

ووفق تقرير نشرته صحيفة «التلغراف» البريطانية، تقول اختصاصية الشعر الرائدة في المملكة المتحدة، إيفا برودمان: «يمكنك أن ترث الجينات المسببة لتساقط الشعر، وهذه هي الحال في كثير من الأحيان في حالة الصلع عند الذكور والإناث على حد سواء»، مشيرة إلى أنه «ليس صحيحاً أن الجين المسؤول عن الصلع يأتي من عائلة الوالدة. يمكن أن يأتي الجين من أي من الجانبين، من الأم أو الأب».

وجدت الأبحاث 12 جيناً مرتبطاً بالصلع. يقول الدكتور ماركو نيكولوسو، المدير الطبي في عيادة فقدان الشعر: «تم العثور على جين مهم داخل الكروموسوم (X) الذي ينتقل عبر الخط الأنثوي، لذلك إذا كان والد والدتك أو إخوتها يحملون الجين، فمن المحتمل أن ترثه».

ومع ذلك، يضيف نيكولوسو أن «الجينات الـ11 الأخرى موجودة على كروموسومات غير جنسية، ويمكن أن تأتي من الأب أو الأم. لذلك، حتى لو ورثت الاستعداد الوراثي للصلع الذكوري من والدتك، فإن جميع جينات والدك يمكن أن تعكس الاتجاه».

ما مدى سرعة الصلع الذكوري؟

يقول نيكولوسو: «نصف الرجال الذين يعانون من الثعلبة الأندروجينية (الصلع الذكوري النمطي) عانوا من بعض فقدان الشعر بحلول سن 35 عاماً، ولكن من الصعب جداً التنبؤ أو تقدير متى سيحدث ذلك بالضبط». إذا كان لدى الرجل أقارب فقدوا شعرهم، فيمكنهم تقدير الوقت التقريبي الذي يتوقع أن يبدأ فيه فقدان الشعر.

وتقول برودمان: «إذا فقد والدك أو جدك كل شعره بحلول سن الأربعين، فمن المحتمل أن يحدث هذا لك أيضاً. ومع ذلك، يمكن أن يحدث ذلك في وقت لاحق؛ لأنه يعتمد على الجانب الآخر من الأسرة».

متى نرى العلامات الأولى للصلع؟

يعتمد الأمر على مجموعة كبيرة من العوامل؛ حيث يمكن أن يحدث تساقط الشعر في سنين مختلفة لدى أشخاص مختلفين. تقول برودمان: «يأتي إلى عيادتي رجال في سن الـ14 عاماً، ولكن يأتي أيضاً رجال في سن الـ70 عاماً، يعانون من تساقط الشعر لأول مرة، لذلك يمكن أن يحدث ذلك في أي سن».

يقول نيكولوسو: «يعد النظام الغذائي عاملاً كبيراً في مدى سرعة حدوث ذلك، فنقص الحديد وفيتامين (د) والزنك والبروتين بشكل عام، يمكن أن يؤدي إلى تسريع تساقط الشعر. ومع ذلك، فمن الشائع رؤية أوجه القصور لدى النساء. بالنسبة للرجال، فإن العوامل الأكثر شيوعاً التي تؤدي إلى تساقط الشعر بشكل أسرع، هي: الإجهاد، والتدخين، وشُرب الخمور، وممارسة الرياضة المفرطة».

ويحدث الصلع الذكوري بسبب هرمون «ديهدروتستوسترون» (DHT)، وهو هرمون جنسي يلعب دوراً في نمو شعر الجسم والوجه. يمكن للمستويات العالية من «DHT» في الجسم أن تحفز بصيلات الشعر بشكل مفرط، مما يؤدي إلى تصغير حجمها. وهذا بدوره يؤدي إلى أن يصبح الشعر الذي تنتجه أرق وأخف وزناً، حتى لا تتمكن البصيلة في النهاية من إنتاج الشعر على الإطلاق.

أظهرت الدراسات أن أنواعاً معينة من التمارين، مثل تدريب المقاومة، والتدريب المتقطع عالي الكثافة، يمكن أن تزيد من مستويات هرمون «التستوستيرون»، وهو ما يفسر لماذا يمكن أن يكون الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية عاملاً في تساقط الشعر.

كيف نعرف ما إذا كنا سنخسر الشعر؟

تساقط الشعر هو عملية بطيئة تستغرق شهوراً إن لم تكن سنوات حتى تصبح واضحة، لذلك هناك وقت للتصرف. يقول نيكولوسو: «نظراً لأن 80 في المائة من تساقط الشعر يبدأ في انحسار الصدغ، فإن أفضل طريقة للكشف عن تساقط الشعر هي التحقق من خط شعرك. قم بالقياس من المقطب (الكتلة الصلبة فوق جسر الأنف، بين الحاجبين)، هذا هو الجزء الوحيد من الوجه الذي لا يتحرك أو يتغير مع تقدم العمر. قم بالقياس من هناك إلى منتصف خط شعرك، ثم 45 درجة إلى اليسار واليمين، للقياس حتى كل صدغ. استخدم هذه القياسات كخط أساس، وكررها كل بضعة أسابيع. كلما كان تساقط شعر الصدغ أوسع وأعمق، كنت أميَل إلى فقدان شعرك بشكل أسرع. إذا بدأَت القياسات تكبر، فهذا هو الوقت المناسب لرؤية اختصاصي الشعر».

ما يجب القيام به حيال تساقط الشعر

إذا كنت تفقد شعرك، فهناك كثير من خيارات العلاج التي يمكن أن تساعد في وقف التدهور أو حتى عكس اتجاهه. وكما لاحظ الدكتور نيكولوسو، فإن جميع العلاجات تعمل على البصيلات الباقية، لذا من الضروري البدء مبكراً.

وتقول برودمان: «ما دمت تملك كمية جيدة من تلك الشعرات المصغرة، حتى لو لم تتمكن من رؤيتها بالعين المجردة، فإن الأدوية مثل (مينوكسيديل) و(فيناسترايد) يمكن أن تعمل على تثبيت تساقط الشعر وإيقافه إلى حد ما».

على الرغم من أن هذه العلاجات فعالة إلى حد بعيد، فإن بعض الأشخاص يستجيبون بشكل أفضل من غيرهم. وتضيف برودمان. «في بعض الأشخاص، يمكنها إيقاف تساقط الشعر تماماً، في حين أنه عند البعض الآخر قد تؤدي فقط إلى إبطاء العملية». وتتابع: «هناك البعض الذين يتوقف شعرهم عن السقوط في البداية، ولكن مع تقدمهم في السن، لا تعمل الأدوية بشكل جيد، ويبدأ الشعر في التساقط من جديد. في هذه الحالة، قد تبحث عن عملية زراعة الشعر».


مقالات ذات صلة

مكمّل غذائي من الشوفان لعلاج فقر الدم

صحتك علاج فقر الدم يعتمد عادة على مكمِّلات الحديد الغذائية (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ)

مكمّل غذائي من الشوفان لعلاج فقر الدم

طوّر فريق بحثي من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ مكمّلاً غذائياً جديداً قادراً على علاج نقص الحديد وفقر الدم بفاعلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك عدد من حبوب الصداع (أرشيفية - أ.ف.ب)

مسكنات الصداع قد تكون هي نفسها سبباً في حدوثه

قد تكون أدوية الصداع التي نتناولها سبباً في الصداع في الواقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرقائق الدماغية قد تغيِّر شكل الطب الذي نعرفه (أ.ف.ب)

رقائق الدماغ... هل تُغيِّر شكل مستقبل الطب؟

نجح أطباء عدَّة في زرع رقائق كومبيوتر صغيرة داخل جسم الإنسان، لإعادة وظائف أساسية، مثل الرؤية والحركة والكلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك اختبار رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية قد يتنبأ بخطر وفاتك في السنوات القادمة (رويترز)

اختبار شهير للقلب قد يتنبأ بخطر الوفاة من أسباب مختلفة

كشفت دراسة جديدة أن هناك اختباراً رئيسياً لأمراض القلب والأوعية الدموية قد يتنبأ بخطر وفاة الشخص في سنواته القادمة، حتى لأسباب لا علاقة لها بقلبه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الوسادة تفرغ من الهواء وتوضع بسهولة في الحقيبة (شاترستوك)

«وسادة الريش»... سرّ الراحة في رحلات الطيران الطويلة

في الرحلات الجوية الطويلة التي تمتد لساعات يبحث المسافرون عن أي وسيلة تخفف عنهم مشقة الطريق وتبدأ الاستعدادات عادةً بتجهيز الوجبات الخفيفة والسترات الدافئة

«الشرق الأوسط» (لندن)

مكمّل غذائي من الشوفان لعلاج فقر الدم

علاج فقر الدم يعتمد عادة على مكمِّلات الحديد الغذائية (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ)
علاج فقر الدم يعتمد عادة على مكمِّلات الحديد الغذائية (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ)
TT

مكمّل غذائي من الشوفان لعلاج فقر الدم

علاج فقر الدم يعتمد عادة على مكمِّلات الحديد الغذائية (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ)
علاج فقر الدم يعتمد عادة على مكمِّلات الحديد الغذائية (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ)

طوّر فريق بحثي من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ مكمّلاً غذائياً جديداً قادراً على علاج نقص الحديد وفقر الدم بفاعلية تفوق ضعف فاعلية المكمِّلات التقليدية.

وأوضح الباحثون أن المكمِّل يعتمد على ألياف بروتين الشوفان النانوية المغلّفة بجسيمات الحديد، وهي تركيبة يسهل إنتاجها، ويمتصها الجسم بسرعة وكفاءة عاليتين، ونُشرت النتائج، الاثنين، بدورية «Nature Food».

ويُعد فقر الدم من أكثر اضطرابات الدم شيوعاً، ويحدث عندما يقل مستوى الهيموغلوبين في الدم عن المعدل الطبيعي؛ ما يؤدي إلى نقص الأكسجين الواصل إلى الأنسجة. ويُعد نقص الحديد السبب الأكثر شيوعاً لهذه الحالة، خصوصاً بين النساء في سن الإنجاب؛ إذ تؤدي الحاجة العالية للحديد خلال الدورة الشهرية والحمل إلى الإرهاق المستمر، والصداع المزمن، وضعف المناعة، والشعور بالدوار والخمول.

ويعتمد العلاج عادة على مكمِّلات الحديد الغذائية أو حقن الحديد في الحالات الشديدة، غير أن امتصاص الجسم للحديد التقليدي غالباً ما يكون محدوداً؛ ما يجعل الحاجة إلى حلول أكثر كفاءة أمراً ضرورياً.

ويتميّز المكمِّل المبتكر بكونه نباتياً بالكامل؛ إذ يعتمد على ألياف بروتين الشوفان النانوية، كما أنه خالٍ من الطعم واللون؛ ما يسهل دمجه في الأطعمة والمشروبات من دون التأثير على النكهة أو المظهر. ويُعد أيضاً مناسباً للنباتيين الذين يعانون عادة من نقص الحديد بسبب صعوبة امتصاص الحديد من مصادر نباتية مقارنةً بالمصادر الحيوانية.

أما عن آلية عمله، يوضح الفريق أن المكمِّل الجديد يعمل على تحسين امتصاص الحديد في الجهاز الهضمي بفضل البنية النانوية للألياف البروتينية التي تغلّف جسيمات الحديد؛ ما يتيح امتصاصاً تدريجياً ومنظّماً للعُنصر داخل الأمعاء، وتؤدي هذه التقنية لزيادة مستويات الهيموغلوبين والفيريتين في الدم بسرعة واستقرار أكبر مقارنة بالمكمِّلات التقليدية.

وأظهرت التجارب السريرية التي أُجريت على 52 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و45 عاماً، ويعانين من فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، أن امتصاص الجسم للحديد من المكمّل الجديد كان يقارب ضعف امتصاصه من المكمّلات التقليدية. كما بينت النتائج أن هذا الأسلوب يقلل من الآثار الجانبية الهضمية الشائعة، مثل اضطرابات المعدة والإمساك؛ ما يعزز الالتزام بالعلاج.

وأشار الباحثون إلى أن الخصائص الحسية للمكمّلات تلعب دوراً محورياً في قبول المستهلكين لها، مؤكدين أن المكمِّل يمكن تناوله بإذابته في الماء أو العصير، أو إضافته إلى الأطعمة مثل حبوب الإفطار، مع تحقيق أفضل امتصاص عند تناوله مذاباً في الماء.

وبحسب الدراسة، يحمل المكمِّل الجديد براءة اختراع أوروبية وأميركية؛ إذ سبق للفريق تطوير التقنية باستخدام بروتينات حيوانية قبل توسيعها لتشمل مصادر نباتية.

ويأمل الباحثون أن تفتح هذه التقنية الباب أمام تطوير مكمِّلات غذائية غنية بعناصر أخرى مثل الزنك والسيلينيوم، في خطوة تمثل نقلة نوعية نحو حلول غذائية أكثر فاعلية واستدامة لمشكلة نقص المغذيات الدقيقة حول العالم.


دراسة: لا صلة واضحة بين التوحد وتناول «الباراسيتامول»

ليست هناك صلة واضحة بين تناول عقار «الباراسيتامول» خلال الحمل ومرض التوحد لدى الأطفال (رويترز)
ليست هناك صلة واضحة بين تناول عقار «الباراسيتامول» خلال الحمل ومرض التوحد لدى الأطفال (رويترز)
TT

دراسة: لا صلة واضحة بين التوحد وتناول «الباراسيتامول»

ليست هناك صلة واضحة بين تناول عقار «الباراسيتامول» خلال الحمل ومرض التوحد لدى الأطفال (رويترز)
ليست هناك صلة واضحة بين تناول عقار «الباراسيتامول» خلال الحمل ومرض التوحد لدى الأطفال (رويترز)

خلصت دراسة متعمقة إلى أن الأدلة الحالية لا تُظهر أن هناك صلة واضحة بين تناول عقار «الباراسيتامول» في أثناء الحمل، ومرض التوحد واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (إيه دي إتش دي) لدى الأطفال.

وقام الباحثون بتمشيط جميع الدراسات المتعلقة بهذه القضية، وخلصوا إلى أنها كانت منخفضة الجودة، مع ثقة «منخفضة إلى منخفضة للغاية» في أي نتائج تشير إلى وجود صلة، حسب وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية.

ووفق ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية»، فقد قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن هناك «ارتفاعاً صاروخياً» في حالات التوحد، وأن دواء «تايلينول» -الذي يسمى «باراسيتامول» في بريطانيا- كان سبباً محتملاً.

والآن، في دراسة جديدة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية (بي إم جيه)، خلص خبراء -من بينهم باحثون من جامعتي ليفربول وبرمنغهام- إلى أنه ينبغي الاستمرار في نصح النساء بتناول «الباراسيتامول» عند الحاجة لعلاج الألم والحمى في أثناء الحمل.

وقالوا إن هناك «نقصاً في الأدلة القوية التي تربط بين استخدام (الباراسيتامول) في الحمل والتوحد واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لدى الأطفال».


مسكنات الصداع قد تكون هي نفسها سبباً في حدوثه

عدد من حبوب الصداع (أرشيفية - أ.ف.ب)
عدد من حبوب الصداع (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مسكنات الصداع قد تكون هي نفسها سبباً في حدوثه

عدد من حبوب الصداع (أرشيفية - أ.ف.ب)
عدد من حبوب الصداع (أرشيفية - أ.ف.ب)

قد تكون أدوية الصداع التي نتناولها سبباً في الصداع في الواقع؛ إذ يُعدّ الصداع الناتج عن الإفراط في تناول الأدوية ظاهرة طبية موثقة جيداً، لكن الخبر السار هو أنه غالباً ما يكون قابلاً للشفاء بمجرد تشخيصه.

على الرغم من أن الكثيرين يخشون الإصابة بورم في المخ، فإن أقل من 1 في المائة ممن يُصابون بالصداع يُصابون به بالفعل. ومعظم حالات الصداع غير ضارة، وليست علامة على مشكلة خطيرة.

ونظراً لتعدد الأسباب المحتملة للصداع، يجب على الطبيب العام أن يقوم بدور المحقق. يُعدّ التاريخ الطبي المفصل والفحص الطبي ضروريين، وقد يتبعهما أحياناً إحالة إلى اختصاصي، حسبما أفاد به دان بومغاردت، محاضر أول كلية علم النفس وعلم الأعصاب جامعة بريستول، لموقع «ساينس آلرت».

يكمن التحدي في تحديد ما إذا كان الصداع يُشير إلى سبب كامن خطير أم أنه حميد. مع ذلك، حتى الصداع الحميد قد يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للشخص ويحتاج إلى رعاية مناسبة.

ويعتمد العلاج على نوع الصداع. على سبيل المثال، يمكن علاج الصداع النصفي بأدوية مضادة للغثيان أو حاصرات بيتا، بينما قد يتحسن الصداع المرتبط بالقلق أو الاكتئاب بدعم الصحة النفسية. كما يمكن أن تُساعد تغييرات نمط الحياة، مثل تغيير النظام الغذائي وممارسة الرياضة، في إدارة العديد من أنواع الصداع طويل الأمد.

ومع ذلك، غالباً ما يلاحظ الأطباء نوعاً آخر من الصداع المستمر ذي نمط واضح. يُبلغ المرضى عن معاناتهم من صداع متكرر يبدأ أو يزداد سوءاً بعد تناول مسكنات الألم بانتظام لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر.

يمكن أن يحدث هذا لدى الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي، أو صداع التوتر، أو حالات مؤلمة أخرى مثل آلام الظهر أو المفاصل. قد يتناول البعض عدة أنواع من الأدوية، غالباً بجرعات متزايدة، وينتهي بهم الأمر في دوامة محبطة لا تبدو منطقية للوهلة الأولى.

التشخيص المحتمل هو الصداع الناتج عن الإفراط في تناول الأدوية. يُعتقد أن هذه الحالة تصيب نحو 1 - 2 في المائة من الناس، وهي أكثر شيوعاً بثلاث إلى أربع مرات لدى النساء. وغالباً ما يكون السبب هو مسكنات الألم نفسها. المواد الأفيونية مثل الكودايين، المستخدمة لعلاج الألم المتوسط ​​الناتج عن الإصابات أو بعد الجراحة، لها قائمة طويلة من الآثار الجانبية، بما في ذلك الإمساك والنعاس والغثيان والهلوسة والصداع.

ليست الأدوية القوية القائمة على المواد الأفيونية وحدها هي التي يمكن أن تسبب الصداع. يمكن لمسكنات الألم الشائعة، مثل الباراسيتامول ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (مثل الإيبوبروفين)، أن تلعب دوراً أيضاً. حتى إن بعض الأدوية تجمع الباراسيتامول مع مادة أفيونية، مثل الكوكودامول.

ومع ذلك، فإن تناول جرعة أكبر من الموصى بها أو الإفراط في استخدامها قد يكون خطيراً للغاية. وقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة، قد تكون مميتة أحياناً، مثل فشل الكبد.

على الرغم من أن الآثار الجانبية أقل شيوعاً، فقد أظهرت الدراسات أن الاستخدام المنتظم للباراسيتامول وحده قد يُسبب أيضاً صداعاً مزمناً لدى بعض الأشخاص.

يمكن أن تُسبب أدوية أخرى غير مسكنات الألم مشكلات أيضاً. كما أن الإفراط في استخدام التريبتانات - وهي أدوية تُستخدم لوقف نوبات الصداع النصفي - قد يؤدي أيضاً إلى صداع ناتج عن الإفراط في تناول الدواء.

بالنسبة للباراسيتامول أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، قد يُصاب المريض بصداع ناتج عن الإفراط في تناول الدواء إذا تم تناولها لمدة 15 يوماً أو أكثر شهرياً. أما بالنسبة للمواد الأفيونية، فقد يظهر الصداع مع استخدام أقل تواتراً - أحياناً بعد عشرة أيام فقط شهرياً.

لذلك، من المهم استشارة الطبيب إذا احتجت إلى استخدام أي مسكنات ألم، حتى تلك التي تُصرف من دون وصفة طبية، لفترة طويلة. لا يُصاب الجميع بصداع ناتج عن الإفراط في تناول الدواء، ويبدو أن الخطر يختلف من شخص لآخر، مما يعني أن الاستعداد الفردي يلعب دوراً كبيراً.

العلاج

قد يكون علاج هذا الصداع صعباً. غالباً ما يصعب على المرضى إدراك أن دواءهم هو سبب المشكلة. عادةً ما يتضمن التوقف التدريجي عن تناول الدواء تحت إشراف طبي، وصولاً إلى التوقف التام عنه.

قد يبدو هذا الأمر غير مفهوم للمرضى، خصوصاً أنهم يتوقعون أن تُخفف مسكنات الألم مثل الباراسيتامول من صداعهم. يخشى البعض من تفاقم الألم مع تقليل الجرعة. لذلك، يُعدّ التعاون الوثيق مع الطبيب أمراً بالغ الأهمية لتأكيد التشخيص، ومراقبة التقدُّم، والتخطيط للخطوات التالية في العلاج.

إذا كنت تعاني من الصداع لأكثر من 15 يوماً في الشهر، فمن المهم مراجعة طبيبك العام. فالتحدث معه يُساعد في تحديد الأسباب الكامنة وشرح أنماط الأعراض المُنهكة في كثير من الأحيان. كما أن الاحتفاظ بمذكرات يومية للصداع - مع تدوين الأعراض والتفاصيل اليومية - يُساعد في التشخيص.

ولم يُفهم تماماً سبب تفاقم الصداع لدى بعض الأدوية، خصوصاً مسكنات الألم. ومع ذلك، من المهم إدراك هذه الصلة الراسخة وطلب المشورة الطبية. فقط عندما يتوقف بعض المرضى عن تناول أدوية معينة تماماً، يكتشفون الحقيقة المزعجة: أن آلامهم كانت تُغذّيها نفس الأدوية التي يعتمدون عليها