الصداع النصفي لدى الأطفال

يمكن أن يشير إلى وجود مشاكل صحية أخرى

الصداع النصفي لدى الأطفال
TT

الصداع النصفي لدى الأطفال

الصداع النصفي لدى الأطفال

على الرغم من أن معظم الآباء يتعاملون مع شكوى الأطفال من الصداع بنوع من الاستهانة ظناً منهم أن الصداع النصفي (Migraine) نادر الحدوث في هذا العمر، فإن الحقيقة خلافاً للتصور العام أن الصداع بشكل عام والنصفي على وجه التحديد يُعد واحداً من الأعراض الشائعة عند الأطفال. وعلى سبيل المثال في الفئة العمرية من 7 سنوات حتى 15 عاماً، فإن نسبة حدوثه تبلغ نحو 5 في المائة وتزيد تدريجياً في المراهقة لتصل إلى 20 بالمائة.

الصداع والأطفال

وتبعاً لأسبابه ومدى تكراره وحدة الألم، يمكن أن يشير إلى كثير من المشاكل الصحية تتدرج في حدتها من مجرد مشكلة طبية بسيطة ومؤقتة إلى احتمالية وجود ورم في المخ (brain tumor)، لذلك يجب التعامل مع شكوى الطفل بالجدية الكافية، خصوصاً الذين يعانون من الصداع الشديد أو متكرر الحدوث على فترات قريبة.

يحدث الصداع النصفي نتيجة لتغيرات كيميائية في القشرة المخية (Cortical spreading depression) تؤدي إلى إفراز مواد معينة تؤثر على الأوعية الدموية في المخ وتسبب الألم.

وفي الأطفال، يحدث النوع الذي يكون غير مصحوب بأعراض في الرؤية مثل رؤية بقع ملونة أو ضوء ساطع جداً تكون بمثابة إنذار لحدوث الصداع (Migraine Without Aura). وبشكل عام، يُعد هذا النوع هو الأكثر شيوعاً حتى في البالغين. ويكون الألم مثل الوخز، وفي الأغلب يكون في جانب واحد من الوجه لكن يمكن أن يكون في أي مكان بالجبهة.

ويكون الألم لدى الأطفال أقل شدة مقارنة بالبالغين ويستمر الصداع عادة لمدة تتراوح بين ساعة و3 ساعات، لكن في بعض الأحيان النادرة يمكن أن يستمر لثلاثة أيام كاملة. وفي هذه الحالة، يجب أن يتغيب الطفل عن المدرسة لأن النشاط البدني يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الألم. وفي الأغلب يُعد الغثيان الشديد والقيء هي الأعراض الأكثر شيوعاً للصداع عند الأطفال، ويمكن أيضاً حدوث آلام في البطن وارتفاع في درجة الحرارة.

أعراض الشحوب ورهاب الضوء

تشمل الأعراض الأخرى الشحوب الشديد ورهاب الضوء (photophobia) والدوار، وأيضاً عدم القدرة على تحمل الصوت العالي والشعور بأحاسيس غريبة في الأطراف، مثل السخونة أو البرودة أو الخدر (paresthesia) في 90 بالمائة من الأطفال المصابين.

ولوحظ وجود تاريخ عائلي إيجابي للإصابة خصوصاً من جانب الأم، لذلك يجب توخي الحذر الشديد عند تشخيص الصداع النصفي. وفي حالة عدم وجود تاريخ عائلي إيجابي لاحتمالية أن يكون نتيجة لسبب خطير، وفي الأغلب يرتبط بأشياء معينة يمكن أن تمهد لحدوثه، مثل فترة ما قبل الدورة الشهرية لدى الفتيات وأحياناً قبل التبويض، وبشكل تدريجي بعد ممارسة التمارين الرياضية بشكل متواصل، وبعد تقلبات المزاج والقلق وروائح معينة.

وهناك علامات يمكن أن تشير إلى أسباب أكثر خطورة مثل حدوثه بشكل مفاجئ وتغير في خصائصه، مثل استمراره لعدة أيام، وفقدان الوزن وارتفاع في درجة الحرارة وفقدان الوعي والتشنجات وخلل واضح في الرؤية.

ولا يُعد الصداع نصفياً إلا إذا تكررت النوبات 5 مرات على الأقل، ويجب أن يستمر لفترات طويلة نحو 3 ساعات أو أكثر، ويجب أن يكون في جانب واحد من الرأس (في معظم الأحيان). ويكون الألم على شكل نبضات متتابعة (Pulsating) ومتدرج الحدة ويتفاقم بممارسة النشاط البدني الروتيني، مثل المشي أو صعود السلالم وأثناء الصداع، يجب أن يحدث إما قيء أو غثيان أو كلاهما، والحساسية الشديدة للضوء.

التشخيص والوقاية والعلاج

> التشخيص. في معظم الأحيان يمكن تشخيص الصداع النصفي من التاريخ المرضي للطفل مع الوضع في الحسبان السؤال عن التاريخ العائلي أيضاً. ويمكن عمل بعض التحاليل والاختبارات لاستبعاد الحالات الأخرى؛ مثل التسمم العصبي من بعض الأدوية، وبعض أمراض الجهاز العصبي مثل أورام المخ. ويمكن أن يتم عمل عد كامل لكريات الدم للصداع الذي يمكن أن يحدث في بعض حالات اعتلال الهيموغلوبين، مثل أنيميا الخلايا المنجلية، ويمكن أيضاً عمل دهون كاملة للجسم (lipid profile)، وفي أحيان نادرة عند الشك في أسباب خطيرة يمكن عمل رسم للمخ (EEG)، أو أشعة بالرنين المغناطيسي (MRI) على المخ.

> الوقاية. يمكن الوقاية من الصداع النصفي أو تخفيف حدته بشكل ملحوظ بنسبة لا تقل عن 50 بالمائة من المرضى عن طريق تجنب بعض المحفزات الأولية لحدوثه، مثل التوتر والإجهاد البدني والقلق، لأن الطفل في الأغلب يتعرض لضغوط في المنزل أو المدرسة، خصوصاً لأن الأطفال الذين يعانون من الصداع المتكرر يمكن أن يعانوا من صعوبات في التعلم سواء بسبب النوبات، أو لغيابهم بعض الأيام وهناك بعض الأطفال.

يمكن لبعض أنواع الأطعمة أن تسبب لهم الصداع، لذلك عليهم تجنب هذه الأطعمة والمشروبات مثل المكسرات والشوكولاته ومشروبات الكولا والفاكهة الحمضية والأطعمة المقلية والجبن والزبادي والنقانق واللحوم المصنعة. وفي معظم الأطفال المصابين، يجب تجنب الأماكن ذات الأضواء الساطعة والتعرض لأشعة الشمس المباشرة والنشاط البدني المفرط والرياضات التنافسية والضوضاء العالية والإحساس بالجوع، لذلك يجب تناول الوجبات بانتظام (أطعمة قليلة الملح)، ويجب على المراهقين الابتعاد تماماً عن تناول المواد المخدرة (بما في ذلك الكحول).

> العلاج. في وقت النوبات الحادة يتم عن طريق استخدام المسكنات ومضادات القيء ويمكن علاج معظم الحالات بعقار الأسيتامينوفين (acetaminophen) (15 ملغم/كلغم)، أو الإيبوبروفين (ibuprofen) (7.5-10 ملغم/كلغم)، خصوصاً إذا كان الصداع خفيفاً وغير متكرر ولمدة قصيرة، والتدرج في استخدام المسكنات لتجنب الأعراض الجانبية على المعدة والكليتين. وفي النهاية على الآباء دعم الطفل نفسياً والتخفيف عنه.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

صحتك هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

من المعروف أن مرض السكري من النوع الأول يُعد أشهر مرض مزمن في فترة الطفولة. لكن يمكن حدوثه في أي فترة عمرية.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
آسيا أشخاص يقودون سياراتهم وسط ضباب دخاني كثيف في لاهور بباكستان... 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة تحذّر من ضباب دخاني سام في باكستان يعرض الأطفال للخطر

حذرت وكالة الأمم المتحدة للطفولة، اليوم الاثنين، من أن صحة 11 مليون طفل في إقليم البنجاب بشرق باكستان معرضة للخطر بسبب تلوث الهواء.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
يوميات الشرق تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

يصرخ الأطفال عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية.

فاطمة عبد الله (بيروت)
صحتك الأمهات الجدد يمكنهن استئناف ممارسة الرياضة بالمشي «اللطيف» مع أطفالهن (رويترز)

لمحاربة «اكتئاب ما بعد الولادة»... مارسي الرياضة لأكثر من ساعة أسبوعياً

تشير أكبر دراسة تحليلية للأدلة إلى أن ممارسة أكثر من ساعة من التمارين الرياضية متوسطة الشدة كل أسبوع قد تقلل من شدة «اكتئاب ما بعد الولادة».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن
TT

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة، أجراها مستشفى هيوستن ميثوديست، أن استهداف العصب، الذي غالباً ما يكون مبهماً، يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد، والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن، والتي تعمل على توسيع نطاق العلاجات التي تُغير قواعد اللعبة، لتشمل أقلية من المرضى الذين لم تساعدهم هذه العلاجات، في السابق.

وأظهرت الدراسة، التي نُشرت بمجلة «لارينجوسكوب إنفيستيغاتيف أوتولارينجولوجي (Laryngoscope Investigative Otolaryngology)»، أن العلاجات التي قام بها الأطباء المتابعون بعلاج العصب الأنفي الخلفي posterior nasal nerve (PNN)، وهو عصب مخفي لدى بعض الأشخاص بسبب الاختلافات التشريحية من شخص لآخر، في العيادات الخارجية التي تكون حرارة الغرفة فيها محكمة، قد أفادت المرضى الذين لم يستجيبوا لعلاجات أخرى.

ويقول الدكتور عمر أحمد، طبيب أنف وأذن وحنجرة بمستشفى هيوستن ميثوديست والباحث الرئيسي في الدراسة: «لم نتمكن فحسب من تحسين معدل نجاح الإجراءات بشكل كبير، بل أصبحنا، الآن، قادرين على تقديم هذه العلاجات الأكثر أماناً والأقل تدخلاً، كبديل للخيارات الجراحية، التي نلجأ إليها غالباً للمرضى الذين يعانون نسبة مرتفعة من أعباء أعراض التهاب الأنف المزمن».

تقنيات العلاج بالتبريد

وخلال السنوات الخمس الماضية، برزت تقنيات العلاج بالتبريد «ClariFix®» والعلاج بالترددات الراديوية «RhinAer™» بوصفها خيارات فعالة وغير جراحية لكثير من الأفراد الذين يعانون سيلان الأنف «الرعاف» المتكرر، والتنقيط الأنفي الخلفي، والاحتقان، والعطس، والسعال، والحكة الأنفية. وشكلت هذه الإجراءات نقطة تحول لدى 70 في المائة من المرضى الذين استجابوا بشكل إيجابي، في حين أن 30 في المائة من المرضى الذين خضعوا للعلاج لم يلحظوا أي تحسن في أعراضهم.

ويقول الدكتور أحمد إن باحثي الدراسة توقعوا أن يروا تراجعاً تدريجياً في الفوائد، لكن في هذه الدراسات المبكرة كان الأمر أشبه بخيارين؛ إما أن العلاج ناجح، أو أن المرضى لم يخضعوا للعلاج على الإطلاق. والأمر الذي لفت انتباههم في هذه النتائج، كان واقع اختلاف التكوين التشريحي «anatomy» للمرضى، مما يعني أن هناك طريقة أفضل لتحقيق النتائج والفائدة المرجوّة.

وخلال محاولتهم فهم سبب فشل العلاج، أجرى الدكتور أحمد، والدكتور ماس تاكاشيما، رئيس قسم طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة بمستشفى هيوستن ميثوديست، دراسات أولية ركزت على المرضى الذين لم يستجيبوا للإجراءات سابقاً. ويقول الدكتور أحمد: «ما اكتشفناه هو اختلاف كبير في التكوين التشريحي للمرضى الذين لم تنجح علاجاتهم».

وعليه، بات العصب الأنفي الخلفي الهدف الرئيس في هذه الإجراءات، والذي غالباً ما يجري تجاهله لأنه يقع خلف المحارة الأنفية الوسطى، وهي بنية عظمية في تجويف الأنف. وتستهدف الأساليب التقليدية الأعصاب الموجودة أمام هذه البنية، مما يؤدي إلى علاج غير مكتمل لدى بعض المرضى.

ومن خلال استخدام فحوصات التصوير المقطعي المحوسب «CT scans»، تمكّن الباحثون من تحديد هذه الاختلافات التشريحية، وخاصة في ارتباط المحارة الوسطى بالثقب الوتدي الحنكي sphenopalatine foramen (SPF)، وهي الفتحة التي يدخل منها العصب الأنفي الخلفي إلى تجويف الأنف.

ومن ثم قام فريق البحث بتعديل تقنيتهم ​​الجراحية لمراعاة هذه الاختلافات التشريحية، وعلاج كل من الجزأين الأمامي والخلفي من المحارة الأنفية الوسطى. وأكدت النتائج اللاحقة أهمية تخصيص أساليب العلاج بناءً على التشريح الفردي، وإجراء دراسات متابعة عند فشل العلاجات.

وكان الدكتور أحمد والدكتور تاكاشيما وفريهم البحثي قد قدموا نتائج دراستهم لأول مرة، في اجتماع الجمعية الأمريكية لطب الأنف عام 2022. ومنذ ذلك الحين، اكتسب عملهم اعترافاً وطنياً على صعيد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تَواصل الأطباء من جميع أنحاء البلاد مع الفريق للحصول على إرشادات حول كيفية تعديل تقنيتهم.