دراسة صادمة: العديد من أدوية السرطان لا فائدة سريرية لها !؟

دراسة صادمة: العديد من أدوية السرطان لا فائدة سريرية لها !؟
TT
20

دراسة صادمة: العديد من أدوية السرطان لا فائدة سريرية لها !؟

دراسة صادمة: العديد من أدوية السرطان لا فائدة سريرية لها !؟

وجدت دراسة جديدة أن حوالى 40 % من العلاجات المضادة للسرطان التي تم تقديمها من خلال مسار الموافقات المعجلة لإدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) بين عامي 2013 و2017 لم تظهر فائدة سريرية بتجارب المتابعة بعد مرور أكثر من خمس سنوات.

وتم إنشاء برنامج الموافقات المتسارع التابع لإدارة الغذاء والدواء الأميركية استجابة لوباء فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز في الثمانينيات وأوائل التسعينيات،

وقد سمح منذ عام 1992 بالموافقة المبكرة على الأدوية التي تعالج الحالات الخطيرة، وتلبية الاحتياجات الطبية غير الملباة.

وتعد الموافقات المعجلة من إدارة الغذاء والدواء أمرًا شائعًا، خاصة بالنسبة لعلاجات السرطان. إذ يمر ثلث جميع الموافقات على أدوية الأورام عبر مسار الموافقات المعجلة، ويتم منح أكثر من 80 في المائة من جميع الموافقات المعجلة لعلاجات السرطان.

ومع ذلك، تعتمد الموافقات المعجلة على علامات بديلة لفعالية الدواء والتي يعتقد أنها تتنبأ بالفوائد السريرية، دون قياس الفائدة بشكل مباشر؛ على سبيل المثال، تُعَد مستويات الكوليسترول علامة بديلة لأمراض القلب، ولكن ما تحتاج شركات الأدوية إلى إظهاره، في التجارب التأكيدية بعد الموافقة، هو أن الدواء المعتمد حديثا يمنع الوفاة بسبب أمراض القلب.

وفي تجارب السرطان، فإن إثبات أن المرضى يعيشون لفترة أطول مع علاج معين (يشار إليه بالبقاء الشامل) هو نقطة النهاية السريرية المثالية. لكن التجارب غالبا ما تستخدم مقياسا بديلا للبقاء على قيد الحياة دون تطور المرض؛ وهو المدة التي يعيشها الشخص مع السرطان قبل أن يصبح أسوأ. ومن خلال تحليل موافقات إدارة الغذاء والدواء الأميركية المتسارعة على أدوية السرطان على مدى العقد الماضي، قام الباحثون السريريون بمستشفى بريغهام ببوسطن بتوسيع الأبحاث التي سبق لها التدقيق في نتائج البرنامج، الذي تعرض لانتقادات لاستخدامه معايير تنظيمية أقل من الموافقات التقليدية، مقابل تكلفة باهظة. وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» عن «Journal of the American Medical Association» العلمية المرموقة.

أدوية ذات فائدة غير مؤكدة

وكتب عالم الأوبئة إيان ليو وزملاؤه بورقتهم المنشورة «على الرغم من أن الموافقة السريعة يمكن أن تكون مفيدة، إلا أن بعض أدوية السرطان لا تؤدي في النهاية إلى إظهار فائدة في إطالة حياة المرضى أو تحسين نوعيتها؛ فبين عامي 2013 و2023، تم منح 59 دواءً للسرطان علامة الموافقة المؤقتة من خلال مسار الموافقات المعجل لإدارة الغذاء والدواء، والمنتشر عبر 129 مؤشرًا أو استخدامًا. ومن بين المؤشرات الدوائية الـ 46 التي تمت الموافقة عليها بين عامي 2013 و2017، لا تزال نتائج التجارب التأكيدية معلقة بالنسبة لسبعة أدوية بحلول منتصف عام 2023. وفي الوقت نفسه، تم سحب 10 أدوية. لكن الباحثين وجدوا أن 41 % - أو 19 من أصل 46 دواءً للسرطان منحت موافقة سريعة في تلك الفترة؛ لم تطل حياة المرضى أو تحسن نوعيتها. أضف إلى ذلك التجارب السبع الجارية والتي لم تتوفر نتائجها بعد، ويرتفع هذا الرقم إلى 57 % من أدوية السرطان سريعة المسار التي تفشل في إظهار الفائدة بعد خمس سنوات من الموافقة عليها. ومع ذلك، هناك بعض الدلائل على أن النظام آخذ في التحسن. وقد تم سحب الأدوية السريعة التي أثبتت عدم فعاليتها في تجارب المتابعة من عملية الموافقة بشكل أسرع، في 3.6 سنة فقط بعام 2017، بعد أن كانت حوالى 10 سنوات في عام 2013. باستثناء أن شركات الأدوية تستغرق وقتًا أطول لإثبات فعالية الأدوية في الدراسات الإلزامية بعد الموافقة، ما يعني أن هذه الأدوية متاحة لسنوات قبل أن يتمكن الأطباء ومرضاهم من التأكد من أن العلامات البديلة تعكس فعليًا الفائدة السريرية».

وفي هذا الاطار، وجد الباحثون أن الوقت الذي تستغرقه الأدوية السريعة للحصول على الموافقة التقليدية إذا أظهرت فائدة قد امتد خلال فترة الدراسة: حيث زاد من 1.6 سنة إلى 3.6 سنة خلال مدة الدراسة؛ وهذا يوازي الأبحاث الأخرى التي تظهر أن التأخير في التجارب التأكيدية يمكن أن يؤدي إلى استخدام بعض الأدوية لأكثر من عقد من الزمن دون التأكد من أنها تساعد المرضى على العيش حياة أطول أو أفضل. وهذه ليست القضية الوحيدة التي تعاني منها أبحاث السرطان السريرية. فقد وجدت دراسة أجريت عام 2022 أن البيانات من أكثر من نصف 300 تجربة سريرية مدققة من العقد الماضي ظلت غير قابلة للوصول على الرغم من تلك التجارب التي تدعم الموافقات على الأدوية المضادة للسرطان؛ وهذا يعني أن الباحثين والأطباء لا يمكنهم فحص الأدلة التي استندت إليها إدارة «الغذاء والدواء» في قراراتها. لكن الموافقات المتسارعة لا تزال تتعرض لانتقادات، خاصة في أعقاب قرار إدارة الغذاء والدواء الأميركية لعام 2021 بالموافقة على عقار «أدوكانوماب»، وهو جسم مضاد لمرض ألزهايمر يزيل كتل البروتين المرتبطة بالمرض، لكنه لم يبطئ التدهور المعرفي.

وهذا العام، ستقوم الشركة المصنعة له، Biogen، بإيقافه؛ مستشهدة بأولويات أخرى.

وفي يونيو (حزيران) 2022، أقرت الحكومة الأميركية إصلاحات تشريعية لمسار الموافقة المتسارعة، والتي قال الباحثون إنها «طال انتظارها». إذ ستعني هذه التغييرات أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية يمكنها أن تطلب من شركات الأدوية أن تبدأ على الأقل تجارب تأكيدية قبل منح الموافقات المعجلة، ويجب أن تقدم تقريرًا عن التقدم المحرز في دراساتها مرتين سنويًا. وسيحدد الوقت مدى تأثير هذه الإصلاحات.


مقالات ذات صلة

أيهما أفضل شرب مخفوق البروتين مع الحليب أم الماء؟

يوميات الشرق ما الفرق بين مخفوق البروتين بالماء أو بالحليب؟ (رويترز)

أيهما أفضل شرب مخفوق البروتين مع الحليب أم الماء؟

يُعدّ شرب مخفوقات البروتين طريقة سهلة لزيادة استهلاكك من البروتين ودعم بناء العضلات وصحة العظام وفقدان الوزن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مركبات الأنثوسيانين في التوت الأزرق لا تُعزز المناعة فحسب بل تُثبط نمو خلايا سرطان الكبد في المختبر وفق دراسات مخبرية (رويترز)

10 أطعمة تُنقّي كبدك وتبعد عنه شبح الأمراض

الكبد هو محطة الجسم الحيوية التي تُنظِّم التمثيل الغذائي. إليكم 10 أطعمة ومشروبات ذات تأثيرات وقائية وعلاجية مذهلة للكبد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك المفوضية الأوروبية تجيز عقار «ليكانيماب» لعلاج مرض ألزهايمر (د.ب.أ)

المفوضية الأوروبية توافق على عقار «ليكانيماب» لعلاج ألزهايمر

وافقت المفوضية الأوروبية على عقار «ليكانيماب» لعلاج مرض ألزهايمر، وهي المرة الأولى التي تجيز فيها علاجاً يستهدف العمليات المرضية الكامنة وراء المرض.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
صحتك د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)

أسنان مزروعة في المختبر بديلة للحشوات

قفزة نوعية في مجال طب الأسنان تلوح في الأفق؛ إذ يمكن للسن المزروعة في المختبر، والمصنوعة من خلايا المريض نفسه، أن تندمج بسلاسة في الفك.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك تشير الأبحاث إلى أن توقيت المشي قبل الوجبات أو بعدها يمكن أن يؤثر على كيفية تأثير النشاط على صحتك (رويترز)

أيهما أفضل المشي قبل تناول الطعام أم بعده؟

المشي بانتظام مفيد لصحتك وعافيتك فهو لا يؤثر على جودة نومك ويعزز صحة قلبك فقط، بل يُحسّن مزاجك ويطيل عمرك، كما يُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب ويخفض ضغط الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أسنان مزروعة في المختبر بديلة للحشوات

د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)
د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)
TT
20

أسنان مزروعة في المختبر بديلة للحشوات

د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)
د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)

قفزة نوعية في مجال طب الأسنان تلوح في الأفق؛ إذ يمكن للسن المزروعة في المختبر، والمصنوعة من خلايا المريض نفسه، أن تندمج بسلاسة في الفك، و«تصلح نفسها بنفسها» كالسن الطبيعية، وأن تكون بديلة للحشوات التي يصعب تثبيتها لمدة طويلة، وذلك وفق نتائج دراسة جديدة قادها باحثون من «كلية كينغز لندن» الإنجليزية.

ووفق بيان نُشر على موقع الجامعة، الاثنين، فسوف يتمكن البالغون من زراعة أسنانهم البديلة بأنفسهم، بدلاً من استخدام الحشوات الطبية، وذلك بفضل هذا الاكتشافٍ المهم؛ إذ يُقدّم هذا البحث طريقةً مُحتملةً «لإصلاح الأسنان»، وبديلاً طبيعياً لعلاجها.

يقول الدكتور شيويه تشن تشانغ، من كلية طب الأسنان وعلوم الفم والوجه والفكين في «كلية كينغز لندن»: «الحشوات ليست الحل الأمثل لإصلاح الأسنان؛ فمع مرور الوقت، تُضعِف بنية الأسنان، ويكون عمرها الافتراضي محدوداً، وقد تؤدي إلى مزيد من التسوس أو الحساسية».

وأضاف في بيان على موقع الجامعة: «تتطلب زراعة الأسنان جراحةً باضعة (صغيرة الفتحات) ومزيجاً جيداً من الغرسات. كلا الحلَّين صناعي ولا يُعيد وظيفة الأسنان طبيعية بالكامل كما كانت؛ مما قد يؤدي إلى مضاعفات طويلة الأمد. أما الأسنان المزروعة في المختبر، فتتجدد بشكل طبيعي، وتندمج في الفك كالأسنان الحقيقية».

وتابع: «ستكون أقوى وأطول عمراً وخالية من مخاطر الرفض؛ مما يوفر حلاً أكثر ديمومة وتوافقاً بيولوجياً، مقارنة بالحشوات أو الغرسات».

وكما ورد في نتائج الدراسة، التي نُشرت بمجلة «إيه سي إس ماكرو ليترز (ACS Macro Letters)»، فقد توصل فريق «كلية كينغز لندن»، بالتعاون مع «كلية إمبريال كوليدج لندن» في المملكة المتحدة، إلى اكتشاف مهم بشأن البيئة اللازمة لنمو الأسنان بالمختبر، ونجحوا في تطوير نوع خاص من المواد يُمكّن الخلايا من التواصل فيما بينها.

وأفادت النتائج بأن «هذا يعني أن خلية واحدة يمكنها إخبار خلية أخرى بفاعلية بالبدء في التمايز إلى خلية مكوِّنة للأسنان، وهو ما يُحاكي البيئة الطبيعية لنمو الأسنان، ويسمح للعلماء بإعادة عملية نمو الأسنان في المختبر».

وقال تشانغ: «لقد طورنا هذه المادة لمحاكاة البيئة الطبيعية المحيطة بالخلايا في الجسم. وعندما أدخلنا الخلايا المزروعة، تمكنت من إرسال إشارات بعضها إلى بعض لبدء عملية تكوين الأسنان».

وعلى الرغم من نجاحهم في تهيئة البيئة اللازمة لنمو الأسنان في المختبر، فإن الباحثين يواجهون الآن تحدياً آخر في نقلها من المختبر إلى فكّ المريض. وهو ما علق عليه تشانغ، قائلاً: «لدينا أفكار مختلفة لزراعة الأسنان داخل الفم. يمكننا زراعة خلايا الأسنان الصغيرة في موقع السن المفقودة، وتركها تنمو داخل الفم. أو يمكننا تخليق السن كاملة في المختبر قبل زرعها في فم المريض. في كلا الخيارين، نحتاج إلى بدء العملية المبكرة جداً لإنماء الأسنان داخل المختبر».

ويُعدّ هذا البحث جزءاً من جهد أوسع في مجال «الطب التجديدي»، الذي يهدف إلى تسخير علوم الأحياء لإصلاح أو استبدال أجزاء الجسم التالفة، فبدلاً من الاعتماد على مواد اصطناعية، مثل الغرسات المعدنية أو أطقم الأسنان، يعمل الباحثون على زراعة بدائل طبيعية باستخدام الخلايا الجذعية والبيئات المُهندَسة بيولوجياً.