بين الليل والنهار... متغيّرات تعتري القلب والأوعية الدموية

الساعة البيولوجية عامل حاسم في حفظ أو تدهور الصحة القلبية

بين الليل والنهار... متغيّرات تعتري القلب والأوعية الدموية
TT
20

بين الليل والنهار... متغيّرات تعتري القلب والأوعية الدموية

بين الليل والنهار... متغيّرات تعتري القلب والأوعية الدموية

يُعدّ موضوع «اضطراب الساعة البيولوجية/ اختلالها (Circadian Disruption/Misalignment)» وآثاره على نظام القلب والأوعية الدموية، أحد المواضيع الطبية المعقدة.

ولا تزال التطورات العلمية في فك رموز هذا الاضطراب بطيئة، ولكن في الوقت نفسه، تمس الحاجة إلى فهمه وتخفيف ضرره لكل الناس دون استثناء، وفي أي عمر كانوا، وبتفاوت أنماط حياتهم، واختلاف أماكن وجودهم على سطح الكوكب. وكذلك بغض النظر عن مدى إصابتهم أو سلامتهم من أي أمراض مزمنة؛ قلبية كانت أو غير قلبية.

دور حاسم للساعة البيولوجية

كانت الاكتشافات التي حدثت في العقود الماضية حول علم الوراثة والآليات الجزيئية لـ«الساعة البيولوجية (Circadian Clock)»، هي التي أدت إلى حصول جيفري سي هول، ومايكل روسباش، ومايكل دبليو يونغ، على جائزة نوبل في الفسيولوجيا والطب في عام 2017. ورغم أن هذه الاكتشافات متأخرة جداً، فإنها أدت إلى زيادة الوعي لدى الأوساط الطبية بأهمية آلات ضبط الوقت، ودور خلل الساعة البيولوجية في نشوء الاضطرابات المرضية وتداعياتها الإكلينيكية على المرضى.

وحول هذا الجانب، قال باحثون من كلية الطب بجامعة هامبورغ: «على الرغم من الأدلة المتزايدة التي تشير إلى الدور الحاسم للساعة البيولوجية في الأداء السليم للكائن الحي، فإن تطبيق هذه المعرفة (من قبل الأوساط الطبية) للحفاظ على الصحة وتحسين العلاج لا يزال نادراً، وكذلك في مجال اضطرابات القلب والأوعية الدموية». وهي عبارات وردت ضمن دراستهم العلمية بعنوان: «مسألة توقيت؟ تأثير إيقاعات الساعة البيولوجية على فسيولوجيا القلب والأمراض»، المنشورة في عدد 21 فبراير (شباط) الماضي من «المجلة الأوروبية للقلب (European Heart Journal)».

وفي الدراسة لخص الباحثون دور الساعة البيولوجية في تكوين التغيرات والتقلبات التي تعتري عمل وصحة القلب والأوعية الدموية في الحالات الطبيعية والمعتادة، على مدار الـ24 ساعة. وألقوا كذلك مزيداً من الضوء على الطرح الطبي الحالي الجاد حول ضرورة فهم تأثيرات الاضطرابات في إيقاعات الساعة البيولوجية، خصوصاً منها التي يصنعها المرء بنفسه، على نشوء وعلى انتكاسات الحالات المرضية في القلب والأوعية الدموية.

«سيمفونية» العمليات الحيوية

وقال الباحثون: «الساعة البيولوجية هي ضابط الوقت الداخلي للجسم. وتقوم بتنسيق سيمفونية من العمليات البيولوجية، التي تنظم أموراً عدة داخل الجسم؛ ومنها المخرجات المهمة المتعلقة بالقلب والأوعية الدموية، مثل ضغط الدم ومعدل ضربات القلب».

ومع تقدمنا في السن، يمكن أن يتعثر هذا الانسجام الزمني، مما يساهم في مشكلات القلب والأوعية الدموية. وقد ارتبطت الاضطرابات في إيقاعات الساعة البيولوجية بتسارع الشيخوخة، مما يؤثر على مرونة القلب. وعلى العكس من ذلك؛ فإن الساعة البيولوجية القوية والمتزامنة بشكل جيد، قد تخفف من تدهور القلب المرتبط بالعمر. إن فهم هذا التفاعل يوفر سبلاً للتدخلات، ومن المحتمل أن يفتح استراتيجيات لتعزيز صحة القلب والمساهمة في (شيخوخة صحية)».

ومعلوم أن الكائنات الحية المختلفة؛ بدءاً من البكتيريا الزرقاء وحيدة الخلية، ووصولاً إلى الكائنات الحية الأكثر تعقيداً؛ بما في ذلك الثديات (اللبائن)، تمتلك آلية داخلية لضبط الوقت، وهي الساعة البيولوجية. وتُولّد هذه الساعة الداخلية تذبذبات في التعبير الجيني والبروتيني على مدار فترة الـ24 ساعة. وهي بالفعل فترة «طويلة جداً» بالنسبة إلى خلايا الجسم الدقيقة الحجم، مما يصنع التوافق في الوقت الداخلي للجسم مع دورة دوران الأرض.

وبامتلاكنا نحن البشر، وكذلك الكائنات الحية الأخرى، ساعتنا البيولوجية، نستطيع، كما تستطيع الحيوانات الأخرى، توقع التغيرات البيئية، والاستجابة لها، والتكيف معها، مثل دورات الضوء النهاري والظلام الليلي.

«إيقاعات» القلب والأوعية الدموية

والحقيقة أن هناك عوامل عدة تتعلق بفسيولوجيا القلب والأوعية الدموية، مثل ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وقوة انقباض وانبساط عضلة القلب، تُظهر «تبايناً إيقاعياً (Circadian Variation)» على مدار ساعات اليوم، تبعاً لتأثير الساعة البيولوجية.

وللتوضيح، وعند البشر، يتبع كل من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب إيقاعاً داخلياً على مدار 24 ساعة، يتميز بزيادة في الصباح (عادةً عند وقت الاستيقاظ)، يليه ضغط ثابت خلال ساعات النهار/ الاستيقاظ، وانخفاض في أثناء توقيت النوم. كما تنظم شبكة الساعة البيولوجية كفاءة أداء الخلايا العضلية القلبية (Cardiomyocytes)، وهي نوع رئيسي من الخلايا في القلب، مسؤولة عن عمل الضخ ووظيفة الانقباض، وتنظيم معدل ضربات القلب.

والمهم في كل ما تقدم، أن الساعة البيولوجية مهمة جداً في الجسم لتنظيم كل ما يجري داخله، كي يكون صحيحاً. وبالتالي؛ فإن أي مؤثرات تتسبب في اضطراب هذه الساعة البيولوجية، ستكون لها تداعيات سلبية على عمل أعضاء وخلايا الجسم، وأهمها القلب والأوعية الدموية.

وأضافوا: «الاضطرابات في شبكة الساعة البيولوجية تؤثر بشكل مباشر على فسيولوجيا القلب. ويمكن أن تزيد التغيرات في إيقاعات الساعة البيولوجية من خطر الإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية. ومن المعروف أن اضطراب إيقاعات الساعة البيولوجية يؤدي إلى اضطرابات القلب والأوعية الدموية الكبرى؛ بما في ذلك احتشاء عضلة القلب (نوبة الجلطة القلبية)، واعتلال عضلة القلب (ضعف وعجز القلب)».

الشيخوخة واضطراب الإيقاعات

ومثالاً على اضطرابات الساعة البيولوجية ونشوء أمراض القلب، أوضح الباحثون الألمان أن هناك عاملاً رئيسياً آخر يساهم في زيادة حالات أمراض القلب والأوعية الدموية؛ هو الشيخوخة. والشيخوخة ترتبط أيضاً بالتغيرات في إيقاعات الساعة البيولوجية.

ويمكن تفسير هذه التغييرات المرتبطة بالشيخوخة في عمل وقوة إيقاعات الساعة البيولوجية جزئياً بسبب انخفاض الحساسية للتعرض للضوء مع الشيخوخة، مما قد يؤدي إلى اختلال إيقاعات الساعة البيولوجية مع دورات النهار/ الليل البيئية، التي تنعكس في صعوبات النوم أو الحفاظ على جدول نوم/ استيقاظ منتظم... «وفي هذا الصدد، اقترحنا مؤخراً إدراج تغيرات الساعة البيولوجية بوصفها سمة مميزة ناشئة للشيخوخة. وهذه النتائج تعزز من أهمية الساعة البيولوجية لفهم أمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بالشيخوخة وتطوير التدخلات التي يمكن أن تحسن النتائج الصحية لكبار السن».

وقالوا: «يمكن أن يساعد كثير من التدخلات غير الدوائية مثل التمارين البدنية، وتوقيت الوجبات، والعلاج بالضوء، في تعزيز إعادة مزامنة الساعة البيولوجية. وعلى هذا النحو، يمكن أن تساعد التمارين البدنية المنتظمة في الحفاظ على قوة الساعة البيولوجية، وبالتالي يمكن استخدامها للوقاية من أمراض القلب التاجية».

الاضطرابات في إيقاعات الساعة البيولوجية تؤثر على مرونة القلب

مُزامنة الساعة البيولوجية والمؤثرات الخارجية

تتكون لدى الثديات في العموم منظومة الساعة البيولوجية من جهاز «تنظيم مركزي (Central Pacemaker)» واحد، ومجموعة من أجهزة التنظيم الطرفية (Peripheral Pacemakers).

والجهاز المركزي هو خلايا عصبية عالية التخصص، مقارنة بكثير من خلايا أنسجة الجسم، توجد في منطقة النواة، التي تستقر داخل منطقة «ما تحت المهاد (Hypothalamus)» في الدماغ، وفوق المنطقة التصالبية (SCN) (المنطقة التي يتقاطع فيها العصبان الآتي كل منها من إحدى العينين قبل دخولهما إلى الدماغ)، أي إن هذا الجهاز المنظم المركزي (ساعة النواة الدماغية «SCN Clock»)، قريب جداً لالتقاط أي تغيرات ضوئية تراها العين.

وإضافة إلى هذه «الساعة المركزية» في الدماغ، ثمة ساعات فرعية (طرفية) في كل عضو. وهناك تواصل مباشر فيما بين الساعة «المركزية» مع الساعات «الفرعية» في الأعضاء.

وساعة النواة الدماغية (الساعة البيولوجية) تلتقط أي معلومات يجري إدراكها وتصورها عبر الضوء، ثم تنقلها عبر الشبكات العصبية والهرمونية، بمزامنة الساعات الطرفية في كل خلية في الجسم، أي إن نظام الساعة البيولوجية مقيد بـ«المحفزات الخارجية (External Stimuli)»، والتي من أهمها مدى تعرّض الجسم لـ«الضوء» الطبيعي الآتي من الشمس في النهار، أو القمر في ليالي البدر. وهناك أيضاً عوامل خارجية أخرى تؤثر على الساعة البيولوجية، ومن أمثلتها (المعروفة حتى اليوم) ممارسة التمارين البدنية، ومدى طول فترات الجلوس والخمول البدني، وأوقات تناول الطعام.

وهذه المُقيدات الخارجية المُؤثرة تُسمى «المُزَامِن (Zeitgebers)». وكما هو معلوم؛ فان «المُزَامِن» هو أي إشارة خارجية أو بيئية تدخل أو تتزامن مع الإيقاعات البيولوجية للكائن الحي.

ولذا؛ فإن الأداء السليم للساعة البيولوجية يضمن دقة التنظيم، وفي الوقت المناسب، لمختلف العمليات الفسيولوجية التي تجري في الجسم، مثل النشاط الهرموني، ودرجة حرارة الجسم الأساسية، ودورات النوم/ الاستيقاظ، والنشاط الفعّال لجهاز المناعة، وكفاءة العمليات الكيميائية الحيوية للتمثيل الغذائي، وضبط مستويات السكر، وانضباط وظيفة القلب والأوعية الدموية.

اضطرابات الساعة البيولوجية... ملاحظات طبية وأسئلة دون إجابات

تعدّ الأحداث السلبية الضارة بالقلب والأوعية الدموية؛ بما في ذلك احتشاء عضلة القلب (نوبة الجلطة القلبية)، والسكتة الدماغية، وعدم انتظام ضربات القلب البطيني، من الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم.

وفيما يلي 5 ملاحظات علمية:

- لدى البشر؛ هناك إيقاعات نهارية/ ليلية في الجوانب الرئيسية لوظيفة القلب والأوعية الدموية؛ بما في ذلك ضغط الدم ومقدار معدل نبض القلب (مستويات أعلى خلال النهار ومستويات أقل في الليل)، وشدة قابلية التصاق الصفائح الدموية (مستويات أعلى في الصباح). وفي الوقت نفسه؛ فإن أحداث القلب والأوعية الدموية السلبية تظهر في أوقات مختلفة من ساعات اليوم. وتدعم الأدلة الوبائية ارتفاع خطر الإصابة بالأحداث القلبية الوعائية الضارة (نوبة الجلطة القلبية، وعدم انتظام ضربات القلب، والسكتة الدماغية)، خلال «ساعات الصباح» (من 6 صباحاً إلى 12 ظهراً).

- اضطراب الساعة البيولوجية/ اختلالها (Circadian Disruption/Misalignment) والدورات السلوكية/ البيئية، يمكن أن يؤثر سلباً على وظيفة القلب والأوعية الدموية؛ سواء في النماذج الحيوانية وفي الدراسات البشرية. وقد تساعد هذه الأفكار الآلية في تفسير سبب زيادة بعض جوانب نمط حياتنا الحديث (اضطراب أوقات تناول الطعام، النوم المتأخر والاستيقاظ المتأخر، عدم أخذ قسط كاف من النوم، التعرّض للضوء فترات طويلة بعد غروب الشمس) من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

- بعيداً عن عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب التقليدية (مرض السكري، ارتفاع ضغط الدم، اضطرابات الكولسترول، التدخين... وغيرها)، تشير الأدلة الوبائية المتزايدة إلى أن اضطرابات النوم، وربما العمل بنظام الورديات، قد يكونان عاملي خطر في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؛ بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية وأمراض شرايين القلب التاجية والموت القلبي المفاجئ.

- وبالمثل؛ قد يرتبط اضطراب الرحلات الجوية الطويلة (Jet Lag) بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كما يتضح من انخفاض مستويات البروتين الدهني عالي الكثافة والكولسترول، وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية، وانخفاض حساسية الإنسولين.

- وقد يكون النمط الزمني (Chronotype) للشخص (مقياس التوقيت المفضل للنوم وللنشاط لدى الشخص)، واضطرابات النوم، مرتبطين بالوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية، مع ارتفاع خطر الإصابة بأمراض لدى منْ يُفضلون المساء للعمل والنهار للنوم.

ولا تزال الأسئلة الثلاثة التالية مطروحة دون إجابات محددة لدى أوساط طب القلب؛ وهي:

- كيف يؤثر اضطراب الساعة البيولوجية على أجهزة الأعضاء المختلفة المرتبطة بالتحكم في التمثيل الغذائي للقلب، وما مساهمته النسبية في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؟

- ما التعرضات السلوكية/ البيئية التي تكمن وراء العواقب الضارة لاختلال الساعة البيولوجية؛ هل هي اضطراب النوم، أم سوء توقيت تناول الطعام، أم تدني النشاط البدني؟ ومعالجة هذا السؤال ستساعد في تطوير أساليب سلوكية وبيئية ودوائية مستهدفة للتخفيف من مخاطر القلب والأوعية الدموية المرتبطة باختلال الساعة البيولوجية.

- كيف يمكننا تخفيف أو منع العواقب الضارة الناجمة عن اضطراب/ اختلال الساعة البيولوجية لدى الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؟ هل يمكننا استخدام توصيات فردية باستخدام أساليب العلاج الزمني، مثل العلاج بالضوء، ووقت تناول الطعام، واستراتيجيات النوم (مثل القيلولة)، والنشاط البدني، و/أو توقيت تناول الدواء (مثل مكملات الميلاتونين، والكافيين، وأدوية تسهيل النوم)؟


مقالات ذات صلة

ما الفارق بين الخرف والنسيان الطبيعي؟

صحتك يُصيب الخرف حالياً 57 مليون شخص عالمياً مع توقعات تضاعف الرقم 3 مرات خلال العقود المقبلة (أرشيفية - د.ب.أ)

ما الفارق بين الخرف والنسيان الطبيعي؟

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن معظم الأشخاص يشعرون بالقلق من نسيان الأسماء والعناوين، ما يثير قلقهم من إصابتهم بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج الدكتور عبد الله الربيعة والوزيرة جيني تشابمان خلال لقائهما في لندن الاثنين (مركز الملك سلمان للإغاثة)

السعودية وبريطانيا توسعان الاستجابة للكوليرا في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة» ووزارة الخارجية البريطانية بياناً مشتركاً لتوسيع نطاق الاستجابة للكوليرا في جميع أنحاء اليمن، يستفيد منه 3.5 مليون شخص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يعاني كثير من المراهقين من مشكلات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والضغط النفسي (رويترز)

5 طرق فعّالة لتعزيز الصحة النفسية للمراهقين

نقل موقع «سايكولوجي توداي» عن عدد من الأطباء النفسيين قولهم إن هناك 5 طرق يمكن للآباء اتباعها مع أبنائهم المراهقين لتعزيز صحتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأطعمة فائقة المعالجة تُضاف إليها مواد صناعية لجعلها جذابة وسهلة الاستهلاك (جامعة «جونز هوبكنز»)

الأغذية المُصنّعة ترفع معدلات الوفاة المبكرة عالمياً

حذّرت دراسة عالمية من أن استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة، مثل الوجبات الجاهزة والمقرمشات والمشروبات المحلاة، يرتبط بارتفاع خطر الوفيات المبكرة على مستوى العالم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض المشاعر تسيطر علينا وتؤثر على نفسيتنا وقد تؤدي إلى تدمير حياتنا (رويترز)

من بينها «الشغف»... مشاعر جوهرية قد تؤدي إلى تدمير حياتك

الحياة مليئة بالتحديات، والتي ينبع بعضها عن مشاعر تسيطر علينا وتؤثر على نفسيتنا وقد تؤدي إلى تدمير حياتنا، على الرغم من أن بعضها يبدو إيجابياً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

حَقن العين بجزئيات الذهب يبشر بثورة في علاج مشكلات البصر

تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)
تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)
TT
20

حَقن العين بجزئيات الذهب يبشر بثورة في علاج مشكلات البصر

تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)
تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة «براون» أن جزيئات الذهب النانوية -وهي قطع ذهبية مجهرية أرق بآلاف المرات من شعرة الإنسان- قد تُستخدم يوماً ما للمساعدة في استعادة البصر لدى الأشخاص المصابين بالتنكس البقعي واضطرابات الشبكية الأخرى.

في دراسة نُشرت في مجلة «إيه سي إس نانو»، وبدعم من المعاهد الوطنية للصحة، أظهر فريق البحث أن الجسيمات النانوية المحقونة في شبكية العين يمكنها تحفيز الجهاز البصري، واستعادة البصر بنجاح لدى الفئران التي تعاني من اضطرابات الشبكية.

وتشير النتائج إلى أن تلك التقنية البصرية التي تُستخدم فيها الجسيمات النانوية مع جهاز ليزر صغير يُلبَس في النظارات، قد يُساعد يوماً ما الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشبكية على استعادة الرؤية.

وفي السياق، قالت جياروي ني، باحثة ما بعد الدكتوراه في المعاهد الوطنية للصحة، والتي قادت البحث في أثناء إتمامها الدكتوراه في جامعة «براون»: «هذا نوع جديد من أنظمة الأطراف الاصطناعية الشبكية، لديه القدرة على استعادة الرؤية المفقودة بسبب تنكس الشبكية، دون الحاجة إلى أي نوع من الجراحة المعقدة أو التعديل الجيني». وأضافت: «نعتقد أن هذه التقنية قد تُحدِث نقلة نوعية في أساليب علاج حالات تنكس الشبكية».

وأجرت ني العمل في أثناء عملها في مختبر جونغ هوان لي، الأستاذ المشارك في كلية الهندسة بجامعة «براون»، وعضو هيئة التدريس في معهد «كارني» لعلوم الدماغ بجامعة «براون»، والذي أشرف على العمل وكان المؤلف الرئيسي للدراسة.

وتؤثر اضطرابات الشبكية -مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي- على ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة وحول العالم.

وتُحفِّز هذه النبضات أنواعاً أخرى من الخلايا في أعلى السلسلة البصرية، تُسمى الخلايا ثنائية القطب والعقدية، والتي تُعالج إشارات المستقبلات الضوئية وتُرسلها إلى الدماغ.

ويستخدم هذا النهج الجديد جسيمات نانوية تُحقَن مباشرة في شبكية العين لتجاوز المستقبلات الضوئية التالفة. عند تركيز ضوء الأشعة تحت الحمراء على الجسيمات النانوية، تُولِّد كمية ضئيلة من الحرارة تُنشِّط الخلايا ثنائية القطب والعقدية بطريقة عمل نبضات المستقبلات الضوئية نفسها.

وبما أن اضطرابات مثل التنكس البقعي تُؤثِّر في الغالب على المستقبلات الضوئية، مع الحفاظ على الخلايا ثنائية القطب والعقدية سليمة، فإن هذه الاستراتيجية لديها القدرة على استعادة البصر المفقود.

وفي هذه الدراسة الجديدة، اختبر فريق البحث أسلوب الجسيمات النانوية على شبكيات فئران حية تعاني من اضطرابات في الشبكية. وبعد حقن محلول جسيمات نانوية سائلة، استخدم الباحثون ضوء ليزر منقوشاً قريباً من الأشعة تحت الحمراء، لإسقاط أشكال على شبكيات العين.

وباستخدام إشارة الكالسيوم للكشف عن النشاط الخلوي، أكد الفريق أن الجسيمات النانوية تُثير الخلايا ثنائية القطب والعقدية بأنماط مطابقة للأشكال التي يُسقطها الليزر. وأظهرت التجارب أن محلول الجسيمات النانوية وتحفيز الليزر لم يُسببا آثاراً جانبية ضارة ملحوظة.

وباستخدام المجسات، أكد الباحثون أن التحفيز بالليزر للجسيمات النانوية أدى إلى زيادة نشاط القشرة البصرية لدى الفئران، وهو مؤشر على أن الدماغ كان ينقل ويعالج الإشارات البصرية التي كانت غائبة سابقاً.

وفي هذا الصدد، يقول الباحثون إن هذا مؤشر على استعادة البصر جزئياً على الأقل، وهي علامة جيدة لإمكانية تطبيق تقنية مماثلة على البشر.

وبشرياً، يتصور الباحثون نظاماً يجمع بين الجسيمات النانوية ونظام ليزر مُثبَّت في نظارة أو نظارات واقية.

وستجمع الكاميرات المُثبَّتة في النظارات بيانات الصور من العالم الخارجي، وتستخدمها لتوجيه نمط ليزر الأشعة تحت الحمراء. ثم تُحفِّز نبضات الليزر الجسيمات النانوية في شبكية العين، مما يُمكِّنهم من الرؤية.

ويُشبه هذا النهج نهجاً اعتمدته إدارة الغذاء والدواء الأميركية للاستخدام البشري قبل بضع سنوات. وكان النهج القديم يجمع بين نظام كاميرا ومصفوفة أقطاب كهربائية صغيرة تُزرع جراحياً في العين. ويتميز نهج الجسيمات النانوية بكثير من المزايا الرئيسية، وفقاً لـني.

ولأن محلول الجسيمات النانوية يغطي شبكية العين كلها، فإن النهج الجديد قد يغطي مجال الرؤية الكامل للشخص. ولأن الجسيمات النانوية تستجيب للضوء القريب من الأشعة تحت الحمراء على عكس الضوء المرئي، فإن النظام لا يتداخل بالضرورة مع أي قدر متبقٍّ من الرؤية قد يحتفظ به الشخص.

وقال ني إنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من العمل قبل تجربة هذا النهج سريرياً، ولكن هذا البحث المبكر يشير إلى إمكانية ذلك. وتابع ني عن البحث: «لقد أظهرنا أن الجسيمات النانوية يمكن أن تبقى في شبكية العين أشهراً دون أي سمية كبيرة». وأضاف: «وأظهرنا أنها قادرة على تحفيز الجهاز البصري بنجاح. وهذا أمر مشجع للغاية للتطبيقات المستقبلية».