منتجات يومية شائعة تثير مخاوف الإصابة بالسرطان

منها مُحلّيات صناعية ومنتجات تنظيف ومستحضرات تجميل

«الأسبرتام» المادة المحلية الصناعية حاملة الرمز «إي 951» تدخل في عدد من المشروبات والأطعمة
«الأسبرتام» المادة المحلية الصناعية حاملة الرمز «إي 951» تدخل في عدد من المشروبات والأطعمة
TT

منتجات يومية شائعة تثير مخاوف الإصابة بالسرطان

«الأسبرتام» المادة المحلية الصناعية حاملة الرمز «إي 951» تدخل في عدد من المشروبات والأطعمة
«الأسبرتام» المادة المحلية الصناعية حاملة الرمز «إي 951» تدخل في عدد من المشروبات والأطعمة

في غضون أيام قليلة الصيف الماضي أصبحت العملية البسيطة لاحتساء المشروبات الغازية قليلة السعرات محفوفة بالمخاطر.

مُحلّيات صناعية مسرطنة

لماذا؟ أصدرت السلطات الصحية الدولية بياناً تصنف «الأسبرتام (aspartame)» - وهو مادة مُحلية صناعية توجد على نطاق واسع في مشروبات «الدايت» للحمية الغذائية وأطعمة مثل العلكة والزبادي والآيس كريم – عنصراً محتملاً لأن يكون مسرطناً لدى البشر. لكن هناك أدلة محدودة تدعم أي آثار مسببة للسرطان في «الأسبرتام»، سيما بالكميات التي يستهلكها معظم الناس، كما ذكرت «الوكالة الدولية لبحوث السرطان».

مع ذلك؛ أثار هذا الإعلان كثيراً من الارتباك والهلع؛ ومعظمه لا داعي له، كما يقول الدكتور تيموثي ريبيك، أستاذ الوقاية من السرطان في «معهد دانا فاربر للسرطان» التابع لجامعة هارفارد، الذي أضاف: «كثير من الناس يعتقدون أن هذا التصريح يعني أنه من الأفضل عدم استخدام (الأسبرتام) الذي يسبب السرطان. ولكن هذا ليس ما قيل أو كيف يُفسر. لا يوجد دليل ملموس على أن (الأسبرتام) يُشكل خطراً على الإطلاق».

كما أشعل هذا الوضع المخاوف من أن المنتجات التي نستخدمها كل يوم - سواء أأكلناها وشربناها، أم وضعناها على بشرتنا، أو عشنا معها في بيوتنا - قد تزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان، الذي يتسبب في وفاة واحد من كل 6 وفيات على مستوى العالم كل عام. ولكن الدكتور ريبيك يقول إن الخوف قد يتفوق على المعرفة عندما يتعلق الأمر بمعرفة المنتجات التي نستخدمها بصفة روتينية والتي تشكل خطراً حقيقياً للإصابة بالسرطان.

يضيف الدكتور ريبيك، الذى يشغل أيضاً منصب مدير «مركز أسرة تشو للوقاية العالمية من السرطان» في «كلية تى إتش تشان للصحة العامة» بجامعة هارفارد: «معظم المنتجات الاستهلاكية التى يتعرض لها الناس تعرضهم لمخاطر منخفضة للغاية من الإصابة بالسرطان؛ إن وجدت». ويتابع : «تقديرات الناس حول المخاطر ربما تكون أعلى مما هي عليه في الواقع».

أدوات منزلية خطرة

ما الأدوات المنزلية التي قد تثير المخاوف من الإصابة بالسرطان؟ يقدم الدكتور ريبيك سياقاً حول الأدلة التي جُمعت حول مجموعة من المنتجات.

* أدوات الطهي غير اللاصقة: تُغطَى بعض الأواني والمقالي وغيرها من أدوات الطهي بمادة كيميائية صناعية تسمى «بولي رباعي فلورو الإيثيلين»، المعروفة عموماً باسم «تيفلون (Teflon)»، وواحدة من مجموعة من المواد الكيميائية ذات الصلة المعروفة باسم «الفاعلات بالسطح الفلوري» أو «PFAS».

- الأدلة: يمكن العثور على «PFAS» بمستويات منخفضة للغاية في دم كل شخص تقريباً في جميع أنحاء العالم. تشير الأبحاث التي تفحص معدلات الإصابة بالسرطان لدى الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المصانع الكيميائية المرتبطة بمواد «PFAS» أو يعملون فيها، وكذلك لدى عامة السكان، إلى وجود رابط بين التعرض إلى «PFAS» وبعض أنواع السرطان، ولكنها لا تثبت ذلك. ولم تجد جميع الدراسات مثل هذه الروابط، وفق «جمعية السرطان الأميركية».

- رأي الخبراء: «الأمر المثير للاهتمام بشأن المركبات غير اللاصقة هو؛ لأنها غير لاصقة، لا تتفاعل كثيراً عندما تكون في حالتها الصلبة. فهي لا تسبب ضرراً للحمض النووي. ولا يتوفر كثير من الأدلة على أن أدوات الطهي غير اللاصقة مسببة للسرطان لدى البشر، ولكن بعض المركبات المرتبطة بـ(التيفلون) في أشكال أخرى ارتبطت بالسرطان».

مواد مثبِّطة للاحتراق

* الفُرُش والمراتب: يضيف بعض مُصنعي الفُرُش والمراتب مواد مثبطة للهب لمنع الاحتراق أو إبطاء انتشار النار. قد يعني هذا أن المرتبة التي تنام عليها كل ليلة مُغطاة بهذه المواد الكيميائية.

- الأدلة: يحتوي بعض مثبطات اللهب على مواد كيميائية تعرف باسم «المركبات العضوية المتطايرة (VOCs)»، مما يعني أنها يمكن أن تصبح محمولة جواً. تُشير بعض الأبحاث إلى أن مثبطات اللهب هذه يمكن أن تتداخل مع مستويات الهرمونات وقد ترتبط بالإصابة بالسرطان، وفق «المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية».

- رأي الخبراء: «أحد مخاطر الربط بين خطر الإصابة بالسرطان ومثبطات اللهب هو عدم وجود مقاييس موثوقة للتعرض لهذه المواد الكيميائية لدى الناس والسكان»، كما يقول الدكتور ريبيك. ويضيف: «الدراسات الوبائية لدى الناس محدودة، وهذه الدراسات إما تقدم رسائل مختلطة، وإما تقول إنه ليس لها تأثير في خطر الإصابة بالسرطان. ولكن على أية حال، فإن الآثار ضئيلة حقاً. وأنا شخصياً لا أرى سبباً يدفع الناس إلى تغيير سلوكهم».

منظفات منزلية

* منتجات التنظيف: يحتوي بعض المنظفات المنزلية، والصابون، والمنظفات الأخرى، على مواد كيميائية تعرف باسم مسببات اختلال الغدد الصماء. وهي مواد تتداخل مع الهرمونات البشرية والعمليات الإنجابية وغيرها من العمليات البيولوجية التي تنظمها الهرمونات.

- الأدلة: أشارت دراسة أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 في مجلة «إندور إير» إلى أن استخدام منتجات التنظيف المنزلية يمكن أن يعرضنا لـ«المركبات العضوية المتطايرة (VOC)» التي يحتمل أن تكون خطرة. بعض المركبات العضوية المتطايرة، مثل البنزين والفورمالدهايد، مرتبطة بالسرطان، وفق «جمعية الرئة الأميركية». وأشارت دراسة نُشرت على الإنترنت في 18 سبتمبر (أيلول) 2023، من طرف «مجلة علوم التعرض وعلم الأوبئة البيئية»، إلى أن التعرض لبعض المواد الكيميائية التي تسبب اختلال الغدد الصماء قد يساهم في الإصابة بسرطان الثدي والمبيضين والجلد والرحم.

- رأي الخبراء: يقول الدكتور ريبيك: «قدرتنا على قياس هذا التعرض ذي الصلة محدودة للغاية، وبالتالي؛ فإن الدراسات التي نقوم بها على البشر لا يمكن أن تقدر المخاطر بدقة. نعتقد أنه لو كانت الآثار كبيرة بما فيه الكفاية، لكنا شاهدناها بالفعل؛ كما حدث مع تدخين السجائر وسرطان الرئة».

منتجات العناية الشخصية

* مستحضرات التجميل: يحتوي بعض مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة وأصباغ الشعر ومزيلات رائحة العرق ومستحضرات تنعيم الشعر وغيرها من منتجات العناية الشخصية، على مواد كيميائية مثل البارابين والفورمالدهايد وأصباغ قطران الفحم... وغيرها.

- الأدلة: قليلة هي الأبحاث التي تفحص الآثار طويلة المدى لمعظم مستحضرات التجميل على الصحة، لذلك هناك القليل من الأدلة التي تشير إلى أن استخدامها يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، وفق «جمعية السرطان الأميركية».

لكن يبرز بعض المواد الكيميائية... في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، اقترحت «إدارة الغذاء والدواء» حظر الفورمالدهايد في مستحضرات فرد الشعر، وهي منتجات تستخدم لتنعيم الشعر أو العمل على استقامته. وقد تم ربط التعرض المتكرر ببعض أنواع السرطان، وفق «المعهد الوطني للسرطان».

وأشارت دراسة أجرتها «المعاهد الوطنية للصحة»، عام 2023، على 33 ألف امرأة إلى أن أولئك الذين استخدموا مواد كيميائية لتصفيف الشعر أكثر من 4 مرات في العام السابق كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرحم - وهو أكثر الأورام الخبيثة شيوعاً في الجهاز التناسلي الأنثوي - مقارنة بالنساء اللاتي لم يستخدمن تلك المواد.

- رأي الخبراء: «يحتوي معظم منتجات الرعاية الشخصية اليوم على كميات أقل من المواد الكيميائية السامة المحتملة مقارنة بالسنوات الماضية»، كما يقول الدكتور ريبيك: «لذا؛ فإن تعرضك السابق قد لا يزال مهماً لخطر الإصابة بالسرطان، ولكن هذه التعرض قد تغير بالفعل».

بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعملون حول هذه المواد الكيميائية، قد ترتفع المخاطر. أشارت دراسات سابقة إلى أن مصففي الشعر، على سبيل المثال - الذين يعملون مع أصباغ الشعر والمواد الكيميائية ذات الصلة، بكميات كبيرة - يواجهون احتمالات أعلى للإصابة بالسرطان. ويقول الدكتور ريبيك: «إذا كنت تتعرض لغالونات من صبغة الشعر في الشهر، فإن ذلك يختلف تماماً عن الكميات الصغيرة التي يتعرض لها معظم النساء. إن الكمية التي تتعرض وطريقة ذلك لهما صلة وثيقة للغاية. ولكن حتى مع التعرض المهني؛ لا يزال الخطر منخفضاً للغاية».

أساسيات الوقاية من السرطان

إذا كنت قلقاً بشأن تعرضك لأي من هذه المواد الشائعة، فإن نصيحة الدكتور ريبيك بسيطة: ابحث عن بدائل. كما أن اتباع نهج العودة إلى الأساسيات للوقاية من السرطان أمر بالغ الأهمية.

يقول الدكتور ريبيك: «هناك كثير من الأشياء التي يمكنك القيام بها للحد من خطر الإصابة بالسرطان، وهي أشياء ذات مغزى حقيقي ويمكن قياسها وكبيرة فعلاً: الإقلاع عن التدخين، وعدم شرب الكحول، وممارسة الرياضة، والحفاظ على وزن صحي».

من أجل البقاء على اطلاع على الأدلة الجديدة الناشئة حول مخاطر السرطان ذات الصلة بالمنتجات اليومية، ينصح الدكتور ريبيك أيضاً بزيارة مواقع الإنترنت ذات السمعة الحسنة، مثل موقع «كاشف حقائق السرطان» في «كلية تى إتش تشان للصحة العامة» بجامعة هارفارد: (https://cancerfactfinder.org)، وموقع لـ«معهد الوطني للسرطان»: (www.cancer.gov).

يقول الدكتور ريبيك: «هناك كثير من المعلومات الخاطئة. لهذا السبب؛ من المهم جداً اللجوء إلى المصادر الصحيحة للمعلومات؛ وليس إلى وسائل التواصل الاجتماعي أو إلى ما يخبرك به جارك. هناك كثير مما يمكنك القيام به لتقليل مخاطر إصابتك بالسرطان وتمكين نفسك من اتخاذ قرارات أفضل».

* «رسالة هارفارد - مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

من العصائر والشاي إلى الحقن... هل هناك أي فوائد لتطهير القولون؟

صحتك هل لتطهير القولون فوائد؟ (Science Photo Library)

من العصائر والشاي إلى الحقن... هل هناك أي فوائد لتطهير القولون؟

لطالما تم الترويج لتنظيف القولون بوصفه الحل لعدد لا يحصى من المشكلات الصحية، من التعب إلى فقدان الوزن وحتى مشكلات البشرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي؛ لأنه غير آمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تطوير خلايا الدم يأتي وسط توقع حدوث نقص في الدم بالمرافق الطبية (رويترز)

اليابان: بدء التجارب على خلايا الدم الاصطناعية في مارس

من المقرر أن تبدأ في اليابان في شهر مارس المقبل دراسة سريرية لخلايا الدم الحمراء الاصطناعية التي يمكن تخزينها لعمليات نقل الدم في أوقات الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق طفلة تضع الخوذة أثناء ركوبها الدراجة (رويترز)

من بينها ركوب الدراجة دون خوذة... 5 أنشطة صيفية لا يسمح أطباء الطوارئ لأطفالهم بها

عند المرح في الهواء الطلق، خصوصاً مع الصغار، من المؤكد أن الحوادث والإصابات تحدث أحياناً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق ما هو التفكير المُفرط

«كفأرٍ يركض على عجلة»... 15 عادة تؤدي للإفراط في التفكير

هل شعرت يوماً أن عقلك عبارة عن فأر يركض على عجلة، ولا يتوقف أبداً للراحة؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

اليابان: بدء التجارب على خلايا الدم الاصطناعية في مارس

تطوير خلايا الدم يأتي وسط توقع حدوث نقص في الدم بالمرافق الطبية (رويترز)
تطوير خلايا الدم يأتي وسط توقع حدوث نقص في الدم بالمرافق الطبية (رويترز)
TT

اليابان: بدء التجارب على خلايا الدم الاصطناعية في مارس

تطوير خلايا الدم يأتي وسط توقع حدوث نقص في الدم بالمرافق الطبية (رويترز)
تطوير خلايا الدم يأتي وسط توقع حدوث نقص في الدم بالمرافق الطبية (رويترز)

من المقرر أن تبدأ في اليابان في شهر مارس (آذار) المقبل، دراسة سريرية لخلايا الدم الحمراء الاصطناعية التي يمكن تخزينها لعمليات نقل الدم في أوقات الطوارئ، حسبما ذكرت جامعة نارا الطبية، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وكانت الجامعة قد ذكرت في بداية يوليو (تموز) الحالي أنها تستهدف البدء في استخدام خلايا الدم الاصطناعية بحلول عام 2030.

ويأتي تطوير خلايا الدم، المصممة للاستخدام في المناطق النائية وفي أوقات الكوارث، في ظل توقع حدوث نقص في الدم في المرافق الطبية بسبب انخفاض عدد المتبرعين، وسط تقلص عدد السكان في البلاد.

ونقلت وكالة أنباء «كيودو» اليابانية عن باحثين قولهم إنه في حين أن خلايا الدم الحمراء التي يتم الحصول عليها من دم تم التبرع به، ويمكن أن يتم تخزينها لأقل من شهر في درجات حرارة منخفضة، فإن خلايا الدم الاصطناعية يمكن تخزينها لمدة عامين في درجة حرارة الغرفة.

وأضاف الباحثون أنه نظراً لأن خلال الدم الاصطناعية يتم صنعها دون فصيلة دم، فيمكن استخدامها دون تأكيد فصيلة دم المريض ونقلها إليه بواسطة سيارة إسعاف.