«الباراسيتامول» ربما يكون غير آمن تماماً أثناء الحمل

صلة وثيقة بين استخدامه وحدوث تراجع واضح في التطور اللغوي للأطفال

«الباراسيتامول» ربما يكون غير آمن تماماً أثناء الحمل
TT

«الباراسيتامول» ربما يكون غير آمن تماماً أثناء الحمل

«الباراسيتامول» ربما يكون غير آمن تماماً أثناء الحمل

• على الرغم من أن عقار الباراسيتامول paracetamol المعروف تجارياً بعدة أسماء أشهرها بنادول Panadol وتايلينول Tylenol يُعد من أكثر الأدوية أمناً وفاعلية في علاج الآلام ونزلات البرد في فترة الحمل، فإن أحدث دراسة تناولت تأثيره على الحوامل حذرت من الإفراط في تناوله لاحتمالية أن يؤدي إلى تأخر التواصل اللغوي للأطفال لاحقاً؛ إذ وجد الباحثون أن هؤلاء الأطفال لا يتمتعون بالمهارات اللغوية المناسبة لعمرهم.

الحمل ومسكّنات الألم

الدراسة التي نُشرت في مطلع شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي في مجلة طب الأطفال the journal Pediatric Research لباحثين من جامعة إلينوي بالولايات المتحدة، أوضحت أن عامل الأمان الذي يتمتع به عقار الباراسيتامول منذ عدة عقود هو الدافع الرئيسي للإفراط في تناوله؛ نظراً لأنه يُعد الخيار الوحيد المتاح دون وصفة طبية في شهور الحمل الأولى بوصفه مسكناً للألم وخافضاً للحرارة، حتى لو كان أقل فاعلية من المسكنات الأخرى مثل عقار إيبوبروفين ibuprofen. وعلى وجه التقريب، فإن نصف النساء الحوامل في أوروبا والولايات المتحدة سبق لهن تناوله في أثناء فترة حملهن، وهذه النسبة مماثلة للدول العربية أيضاً.

هناك دراسات سابقة ربطت بين تناول الباراسيتامول والتأخر اللغوي، لكنها لم تكن بمثل دقة الدراسة الحالية؛ لأن الأبحاث في الماضي ركزت بشكل أساسي على أول ثلاثة شهور للحمل فقط. وهي الفترة التي تُعد الأساس في تكوين الجنين، ويجب الامتناع الكامل عن تناول أي أدوية إلا في حالة الضرورة القصوى. وبالتالي لا يمكن اعتبارها معياراً صادقاً لتأثير العقار الذي يمكن تناوله طيلة الأشهر التسعة.

إلا أن الدراسة الجديدة طرحت أسئلة على السيدات المشاركات عدة مرات كل أربعة إلى ستة أسابيع في أثناء فترة الحمل، ثم بعد ذلك خلال اليوم الأول من ولادة الطفل. وهو ما يعدّ مسحاً كاملاً لفترة الحمل منذ بدايتها وحتى نهايتها.

تتبع الباحثون ما يقرب من 300 طفل منذ فترة الحمل وحتى عمر عامين، كما تمت متابعة معظم الأطفال مرة أخرى عند عمر الثالثة لتقييم مهاراتهم اللغوية. وتم ملاحظة نمو الأطفال على كافة المستويات، وبشكل خاص تطور اللغة وإدراك الكلام.

وأوضح العلماء أن تقييم التواصل اللغوي كان في السنة الثانية تحديداً؛ لأنها الفترة الأهم في نمو الكلام في حياة الطفل حيث يتم فيها اكتساب عدد كبير جداً من المفردات بشكل يومي، فضلاً عن إمكانية تكوين جملة بسيطة، وهو الأمر الذي جعل الباحثين يطلقون عليها لفظ (انفجار الكلمات word explosion) وقد قام الفريق باستخدام اختبار لغوي للمفردات مكون من 680 كلمة لمعرفة مدى تقدم الطفل في الحديث وإلمامه بمعاني الكلمات المختلفة.

تراجع لغوي للأطفال

وجدت الدراسة صلة وثيقة بين استخدام الباراسيتامول في الثلثين الثاني والثالث من الحمل وحدوث تراجع واضح في التطور اللغوي، وذكرت أن هذا التراجع على الرغم من كونه بسيطاً فإنه مهم ومؤثر، خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، حيث كان مرتبطاً بحصيلة أقل من المفردات في عمر عامين، وبالإضافة لذلك كان متوسط طول الكلام Mean Length of Utterance أقصر من الأقران. ويشير متوسط طول الكلام إلى متوسط طول الجمل التي يستخدمها الطفل في بداية تعلمه الحديث، ويرمز له بالأرقام، وفي البداية يكون (1)؛ لأنه يستخدم كلمة واحدة فقط في كل مرة مثل (كرة ) أو (ماما) ثم يزيد تدريجياً مع الوقت، ويتم استخدامه لقياس مدى تطور المهارات اللغوية عند الأطفال.

أوضح الباحثون أن تناول العقار في الثلث الأخير من الحمل كان الأسوأ تأثيراً على المقدرة اللغوية للطفل. وعلى وجه التقريب قلّت حصيلة المفردات لهؤلاء الأطفال كلمتين في عمر العامين خاصة في الذكور. وتأتى هذه النتيجة خلافاً لتصور الكثيرين؛ لأن معظم التحذيرات من تناول الأدوية تكون في الثلث الأول في بداية تكوين الجنين، ولكن بحلول الثلث الأخير يكون نمو الجنين قد تم اكتماله تقريباً، مما يساهم في الإفراط في التناول دون الإحساس بالخطر.

تناول العقار في الثلث الأخير من الحمل قد يؤثر على الأطفال

وعلى سبيل المثال، إذا قامت المرأة بتناول عقار الباراسيتامول مرة واحدة فقط في الأسبوع خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة للحمل فهناك احتمالية أن تقل الحصيلة اللغوية له بمقدار 26 كلمة عن الآخرين في عمر الثانية.

من المعروف أن نمو المخ في الجنين يحدث طوال فترة الحمل لكن يتطور هذا النمو بشكل كبير في الثلثين الأخيرين، حيث يتطور السمع في الثلث الثاني، ويحدث تطور للغة بالفعل بداية من الأشهر الثلاثة الأخيرة حتى قبل الولادة، ولأن العقار يعتمد في عمله على ما يشبه الأفيونات البسيطة endocannabinoid في تسكين الألم وخفض الحرارة، يمكن أن يؤثر على المهارات اللغوية بشكل خاص.

أوضحت الدراسة أن هذه النتائج لا تعني أن تناول الباراسيتامول خطر على صحة الجنين، أو أنه سوف يؤدى بالضرورة إلى تراجع القدرات اللغوية للأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة، ولكن الباحثين حذروا فقط من تناوله بكثرة وفي بعض الأحيان دون مبرر. وأكدت الدراسة أن الدواء لا يزال الاختيار الأفضل والأكثر أماناً في فترة الحمل (ما دامت هناك ضرورة ملحة لتناوله)، ولكن يجب عدم البدء في علاج الأعراض البسيطة بالمسكنات، ولكن يفضل استخدام الوسائل الطبيعية في نزلات البرد، مثل السوائل الدافئة والمشروبات الغنية بفيتامين سى، وفي حالة عدم الاستجابة يمكن تناول المسكن، ولكن بأقل كمية ممكنة والتوقف عنه فوراً في حالة التحسن.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
TT

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

وجدت دراسة حديثة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد غالباً في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

وحسب الدراسة التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) ونُشرت في المجلة الدولية للسرطان، أنه كلما زاد انتشار دهون «أوميغا 3» و«أوميغا 6» بدم المشاركين في الدراسة، انخفض احتمال إصابتهم بالسرطان بشكل عام، فيما أشارت جمعية السرطان الأميركية إلى 14 نوعاً مختلفاً من السرطان، بما في ذلك القولون والمعدة والرئة والدماغ والمثانة، وغيرها.

وأوضح مؤلف الدراسة، الدكتور كايكسونغ كالفين يي، من قسم علم الوراثة بجامعة جورجيا الأميركية، أن هذه النتائج تؤكد ما أشارت إليه الدراسات السابقة، وقال: «كانت هناك تقارير سابقة حول الفوائد المحتملة للأحماض الدهنية (أوميغا 3) و(أوميغا 6) في الحد من الإصابة بالسرطان والوفيات»، وفقاً لما ذكره موقع «هيلث» المختص بأخبار الصحة.

ومع ذلك، أعلن يي أن البحث الجديد حاول تجنب بعض القيود التي فرضتها الدراسات السابقة، مثل الاعتماد على البيانات المبلغ عنها ذاتياً، واستخدام أحجام عينات صغيرة، والحد من عدد أنواع السرطان التي تم فحصها.

وأشار يي إلى أن «الأحماض الدهنية (أوميغا 3) تسهم بشكل أكبر في نمو الدماغ، والوظائف الإدراكية، وصحة القلب والأوعية الدموية»، أما «(أوميغا 6) فتسهم بشكل أكبر في وظائف المناعة وصحة الجلد».

ونظراً لأن الجسم لا ينتج دهون «أوميغا 3» و«أوميغا 6» بشكل طبيعي، فلا يمكنك الحصول عليها إلا من مصدر خارجي مثل الطعام.

وتشمل قائمة الأطعمة الغنية بـ«أوميغا 3»: سمك السلمون، الأنشوجة، السردين، الجوز، بذور الشيا، بذور الكتان وفول الصويا.

فيما تشمل الأطعمة الغنية بـ«أوميغا 6»: زيت عباد الشمس، الجوز، بذور اليقطين، بذور عباد الشمس، صفار البيض واللوز.