هل منتجات الألبان قليلة الدسم أكثر صحية حقاً؟

توصيات صحية متقادمة في حاجة إلى توضيحات علمية

هل منتجات الألبان قليلة الدسم أكثر صحية حقاً؟
TT
20

هل منتجات الألبان قليلة الدسم أكثر صحية حقاً؟

هل منتجات الألبان قليلة الدسم أكثر صحية حقاً؟

دقّق في رفوف منتجات الألبان بأي محل بقالة، وستجد أنواعاً منها بمستويات مختلفة من الدهون: خالٍ من الدهون، قليل الدسم، كامل الدسم. والسؤال: ما هو الخيار الأكثر صحة؟ إذا استشرت الإرشادات الغذائية الأميركية أو السلطات الصحية مثل جمعية القلب الأميركية أو منظمة الصحة العالمية، فإن الإجابة واضحة: اختر نسخة خالية من الدهون أو قليلة الدهون.

توصيات صحية متقادمة

يقول الدكتور داريوش مظفاريان، طبيب القلب وأستاذ الطب في جامعة تافتس: إن هذه التوصية تنبع من فكرة أن منتجات الألبان كاملة الدسم تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة؛ لذا فإن اختيار منتجات الألبان قليلة الدسم يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب. لكنه يضيف، أن هذا التوجيه يعود إلى عام 1980، عندما نُشرت الطبعة الأولى من المبادئ التوجيهية الغذائية للأميركيين.

ويشير مظفريان إلى أنه منذ ذلك الحين، فشلت معظم الدراسات حول الآثار الصحية للدهون الموجودة في منتجات الألبان في العثور على أي دلائل لإعطاء الأولوية للمنتجات قليلة الدسم مقارنة للمنتجات الحاوية كمية الدهون الكاملة.

ويضيف، أن ما يبدو أكثر أهمية من مستوى الدهون هو منتج الألبان الذي تختاره في المقام الأول.

نتائج الأبحاث

وقال مظفريان: إنه في الدراسات التي استطلعت آراء الناس حول وجباتهم الغذائية ثم تتبعت صحتهم على مدى سنوات كثيرة، وجد الباحثون ارتباطات بين استهلاك الألبان وانخفاض مخاطر الإصابة بحالات معينة، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع الثاني. وأضاف، أن مثل هذه الفوائد كانت موجودة في كثير من الأحيان بغض النظر عما إذا كان الناس قد اختاروا الزبادي قليل الدسم أو كامل الدسم أو الجبن أو الحليب.

وعلى الرغم من أن منتجات الألبان كاملة الدسم تحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية، فقد وجدت الدراسات أن أولئك الذين يستهلكونها ليسوا أكثر عرضة لزيادة الوزن.

في إحدى الدراسات المنشورة عام 2018، على سبيل المثال، تابع الباحثون 136 ألف بالغ من 21 دولة لمدة تسع سنوات. ووجدوا أنه خلال فترة الدراسة، كان أولئك الذين تناولوا حصتين أو أكثر من منتجات الألبان يومياً أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 22 في المائة، وأقل عرضة للوفاة بنسبة 17 في المائة من أولئك الذين لم يتناولوا منتجات الألبان على الإطلاق.

** متناولو منتجات الألبان كاملة الدسم ليسوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب

الدهون المشبعة والقلب والسكري

والجدير بالذكر، أن أولئك الذين تناولوا مستويات أعلى من الدهون المشبعة من منتجات الألبان لم يكونوا أكثر عُرضة للإصابة بأمراض القلب أو الموت. وفي تحليل كبير آخر، نُشر أيضاً في عام 2018، قام الباحثون بتجميع نتائج 16 دراسة شملت أكثر من 63000 بالغ. ووجدوا أنه على مدى تسع سنوات في المتوسط، كان أولئك الذين لديهم مستويات أعلى من دهون الألبان في دمائهم أقل عرضة بنسبة 29 في المائة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني من أولئك الذين لديهم مستويات أقل.

وقال مظفريان: إن هذه النتيجة تشير إلى أنه قد تكون هناك فائدة في استهلاك دهون الألبان بدلاً من تجنبها. وبطبيعة الحال، لا يمكن لهذه الدراسات أن تثبت أن منتجات الألبان نفسها تقلل من مخاطر معينة للإصابة بالأمراض.

واضاف، أن ذلك سيتطلب تجارب سريرية طويلة الأمد، والتي لم يتم إجراؤها بعد. لكن التجارب على المدى القصير أظهرت أن استهلاك منتجات الألبان، بما في ذلك الألبان كاملة الدسم، خفض ضغط الدم لدى المشاركين ولم يزد الوزن أو يرفع مستويات «الكوليسترول الضار» LDL؛ ما يشير مرة أخرى إلى أن دهون الألبان ليست ضارة بالجسم.

فوائد دهون الزبادي والأجبان

لماذا يمكن أن تكون دهون الألبان مفيدة لك. يقول الدكتور رونالد كراوس، أستاذ طب الأطفال والطب بجامعة كاليفورنيا، سان فرنسيسكو: إن هناك تفسيرات محتملة عدة لماذا قد لا تكون دهون الألبان ضارة كما كان يعتقد سابقاً، بل وربما تكون صحية؟

ويضيف كراوس: إنه من بين الأنواع المختلفة من الدهون المشبعة التي يمكن العثور عليها في الأطعمة، تحتوي منتجات الألبان على أنواع معينة تبدو محايدة أو مفيدة للصحة، بما في ذلك تلك المرتبطة بانخفاض مخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب التاجية.

من جهتها، تقول ماري كارولين ميشالسكي، مديرة الأبحاث في المعهد الوطني الفرنسي لأبحاث الزراعة والأغذية والبيئة: إن دهون الحليب يتم تعبئتها بشكل طبيعي أيضاً في بنية فريدة تسمى الغشاء الكروي لدهون الحليب. يمكن لمكونات هذا الهيكل أن تساعد في ربط الكوليسترول في الجهاز الهضمي؛ مما يؤدي إلى تحسين مستويات الكوليسترول في الدم.

** الزبادي والجبن الأكثر ارتباطاً بالفوائد الصحية

وأضافت ميشالسكي: إنه أصبح من الواضح أيضاً أن أنواعاً معينة من منتجات الألبان قد تكون أفضل بالنسبة لك من غيرها. على سبيل المثال، يبدو أن الزبادي والجبن هما الأكثر ارتباطاً بالفوائد الصحية، وإن هذا قد يكون بسبب أن كليهما من الأطعمة المخمرة، التي يمكن أن توفر البكتيريا الجيدة لأمعائك. وعقّب مظفريان بأن هذه المنتجات تحتوي أيضاً على جزيئات مفيدة أخرى يتم تصنيعها أثناء التخمير، بما في ذلك فيتامين «كيه» K، الذي يرتبط بصحة القلب. يبدو أن الأجبان الأكثر صلابة مثل الشيدر والبارميزان تؤدي أيضاً إلى امتصاص الدهون في الدم بشكل تدريجي أكثر من الأجبان الطرية والزبدة؛ مما قد يساعدك على الشعور بالشبع لفترة أطول، كما يقول ميشالسكي.

مراجعات وإرشادات غذائية مقبلة

وقالت بيني كريس إيثرتون، الأستاذة الفخرية لعلوم التغذية في جامعة ولاية بنسلفانيا: إن لجنة مستقلة من خبراء التغذية تقوم حالياً بمراجعة الأدلة حول كيفية تأثير استهلاك الدهون المشبعة على خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وأضافت، أن ذلك قد يؤدي إلى تغييرات في توصيات منتجات الألبان في الولايات المتحدة. وحتى ذلك الحين، تعتقد أنه من الأفضل تناول ثلاث حصص من منتجات الألبان يومياً كجزء من نظام غذائي متوازن، كما أوصت به الإرشادات الغذائية الحالية.

ومع ذلك؛ بناءً على أحدث بيانات دهون منتجات الألبان، فمن المحتمل أن تكون واحدة أو اثنتين من هذه الحصص عبارة عن حليب كامل الدسم أو زبادي أو جبن، مشيرة إلى أن أكثر من ذلك يمكن أن يضيف الكثير من السعرات الحرارية.

أما مظفريان فيقترح دمج حصة أو حصتين على الأقل من الزبادي والجبن يومياً؛ نظراً للفوائد الصحية لهذه الأطعمة - ويفضل أن تكون غير محلاة لتجنب السكر المضاف. أما بالنسبة لمحتوى الدهون الذي يجب أن تتناوله، «فاختر ما تريد»، حسب مظفريان. وفي حين تشير بعض الدراسات إلى أنه قد تكون هناك فائدة من تناول منتجات الألبان كاملة الدسم، «لكنني لا أعتقد أن الأدلة مقنعة بما يكفي حتى الآن لللقبول بهذه التوصية الغذائية».

فقدان فيتامينات الدهون

تفضل ميشالسكي تناول الزبادي العادي كامل الدسم. وتقول: إنه عند إزالة الدهون الطبيعية، فإنك تفقد بعض الفيتامينات، مثل فيتامين «إيه» A و«دي» D، كما تفقد «اللذة» والملمس الجيد.

وبدلاً من الزبدة، تشجع كريس إيثرتون الناس على استخدام الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون أو الكانولا أو زيت فول الصويا، أو السمن النباتي المصنوع من الزيوت نفسها، بينما يقول كراوس: إن الزبدة والقشدة يبدو أنها ترفع مستويات الكوليسترول في الدم أكثر من المصادر الأخرى للدهون الموجودة في منتجات الألبان، ويوصي بالحد منها إذا كنت تعاني من ارتفاع نسبة الكوليسترول.

وعلى الرغم من عدم وجود أدلة جيدة على أن منتجات الألبان قليلة الدسم هي خيار صحي للجميع، فإن الناس يستجيبون بشكل مختلف للأطعمة المختلفة. وأضاف، أنه إذا كنت تعاني من ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، فمن المفيد مناقشة خيارات منتجات الألبان الخاصة بك مع طبيبك.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دراسة: استخدام الهواتف الذكية يقلل خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن

يوميات الشرق استخدام التكنولوجيا الرقمية يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالضعف الإدراكي (رويترز)

دراسة: استخدام الهواتف الذكية يقلل خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن

زعم البعض أن التكنولوجيا الرقمية قد تؤثر سلباً على القدرات الإدراكية، لكن باحثين من جامعة بايلور الأميركية اكتشفوا عكس ذلك تماماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بائعتان تجلسان وسط البطيخ في سوق جملة بتايلاند (رويترز)

تشعرك بالخفة والنشاط... 5 أطعمة للحفاظ على صحة أمعائك هذا الصيف

عند ارتفاع درجات الحرارة، من المهم التركيز على العافية الجسدية، خصوصاً صحة الأمعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التدخلات لتحسين نوم الأطفال قد تُفيد في التخفيف من مشاكل الصحة النفسية (رويترز)

دراسة: النوم الجيد بالصغر يحسن صحتنا النفسية في الكبر

يُعد فهم التغيرات التي تحدث خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة هدفاً أساسياً لعلم النفس التنموي، وهو ذو أهمية بالغة للآباء ومقدمي الرعاية الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك من المهم صحياً معرفة كيفية تقليل مستويات التوتر بطرق عملية (رويترز)

سمنة وسكري وقلق واكتئاب... هكذا يؤثر التوتر على صحتك

يعدّ التوتر من المشاعر الشائعة حالياً مع تحملنا كثيراً من المسؤوليات المتعلقة بالحياة الشخصية والعائلية والعملية، وللتوتر كثير من التأثيرات على صحتنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك لوضعية نومك مخاطر صحية (رويترز)

لماذا قد تكون وضعية نومك سبباً لقصر عمرك؟

لوضعية النوم آثارٌ عميقة، ليس فقط على جودة النوم، بل على الصحة على المدى الطويل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تشعرك بالخفة والنشاط... 5 أطعمة للحفاظ على صحة أمعائك هذا الصيف

بائعتان تجلسان وسط البطيخ في سوق جملة بتايلاند (رويترز)
بائعتان تجلسان وسط البطيخ في سوق جملة بتايلاند (رويترز)
TT
20

تشعرك بالخفة والنشاط... 5 أطعمة للحفاظ على صحة أمعائك هذا الصيف

بائعتان تجلسان وسط البطيخ في سوق جملة بتايلاند (رويترز)
بائعتان تجلسان وسط البطيخ في سوق جملة بتايلاند (رويترز)

عند ارتفاع درجات الحرارة، من المهم التركيز على العافية الجسدية، خصوصاً صحة الأمعاء. غالباً ما يتأثر جهازنا الهضمي بتغيرات الطقس. وفي الصيف، قد يُسبِّب التعرق المفرط وفقدان السوائل والأملاح من الجسم مشكلات في الأمعاء.

في الواقع، يُعدّ الشعور بالضعف، والحموضة، والانتفاخ، من بين أعراض أخرى، علامات على حاجة أمعائنا إلى إعادة ضبط صيفية. ووفقاً لنيدي ناهاتا، مدربة أسلوب حياة ومؤِّسسة مطعم نباتي، من المهم تناول وجبات منزلية منتظمة تُوفر التوازن والترطيب اللازمَين لمقاومة الحر، مع الحفاظ على برودة الجسم طوال الوقت.

تُشارك الخبيرة 5 أطعمة تُساعد على الهضم، وتُخفِّض الحرارة الداخلية، وتُشعر المعدة بالخفة والنشاط في المواسم الأكثر دفئاً:

ماء جوز الهند

يقول الخبراء إن ماء جوز الهند عبارة عن مشروب طبيعيّ صحي وغنيٌّ بالبوتاسيوم. يُمكنه تعويض السوائل وتهدئة اضطراب المعدة. من خلال موازنة سوائل الجسم بلطف، يُصبح ماء جوز الهند مشروباً مثالياً لمكافحة اللزوجة والتعرق في أيام الصيف عندما تشعر الأمعاء بالإرهاق. يُنصح الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً منخفض البوتاسيوم أو الذين يعانون من مشكلات في الكلى، باستشارة الطبيب قبل تناوله.

الخيار

يُعدّ الخيار من الأطعمة المفضَّلة في الصيف، وهو مكوَّن بالكامل تقريباً من الماء. يساعد تناوله على تطهير الجسم من السموم، كما يُرطِّب الجسم من الداخل. يُشير الخبراء إلى أن خصائص الخيار المضادة للالتهابات تُخفِّف الانزعاج والانتفاخ الناتجَين عن الحرارة. يُمكنك مزج الخيار والنعناع والملح الصخري لوجبة منعشة في منتصف النهار.

بذور الريحان

تُعدّ بذور الريحان مصدراً غنياً بالألياف، وتُعدّ مُبرداً طبيعياً. عند مزجها مع الليمون والنعناع، ​​تُساعد على تخفيف الحموضة. كما أنها مناسبة لتكوين مشروب قبل الوجبات يُهدئ الجسم ويُساعد على تنظيم حركة الأمعاء. يُفضَّل مزجُها مع المشروبات الباردة.

البطيخ

يُعدّ البطيخ، المُحلّى والمُرطّب والغنيّ بالألياف المُفيدة للأمعاء، غذاءً صيفيّاً مثاليّاً لتنقية الجسم من السموم. بفضل غناه بالماء، يُرخي الجهاز الهضميّ بلطف ويُساعد على طرد السموم. يُنصح مرضى السكري بتناوله باعتدال.

النعناع

يُستخدَم هذا العشب العطري في أطباق الصيف. يُقلل النعناع من انتفاخ البطن، ويُحفِّز إنزيمات الأمعاء. يُمكن تحضيره بوصفة صلصة أو نقعه بالماء. يُنصح مَن يُعانون من ارتجاع المريء بتناوله باعتدال، فقد يُؤدي إلى استرخاء صمام المريء وتحفيز الأعراض.

وتؤكد الخبيرة ناهاتا أنه في أشهر الصيف الحارة، من المهم تجنب الأطعمة المُصنَّعة، ومراعاة إيقاع الموسم. فالوجبات الخفيفة المُحضَّرة بمكونات محلية قد تكون مفيدةً للغاية للأمعاء.