نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي يحمي من أمراض التدهور المعرفي

نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي يحمي من أمراض التدهور المعرفي
TT

نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي يحمي من أمراض التدهور المعرفي

نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي يحمي من أمراض التدهور المعرفي

وفقا لدراسة فرنسية أجريت على 840 شخصا تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق ودامت 12 سنة، غالبًا ما يبدأ الخرف، مثل مرض ألزهايمر وغيره من حالات التنكس العصبي، بالتدهور المعرفي؛ وهو فقدان بطيء للقدرات العقلية.

وتشير الأبحاث إلى أن عادات الأكل، وخاصة النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، قد تساعد في الحماية من هذه الخسارة (نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي مستوحى من الأطعمة التي يتم تناولها تقليديًا في مناطق بينها جزيرة كريت وإيطاليا وجنوب إسبانيا يعطي الأولوية لاستهلاك الفواكه والخضروات والحبوب غير المصنعة وبعض الأسماك والجبن وزيت الزيتون).

وتشير الأدلة إلى عدد من الفوائد الناجمة عن هذا المزيج من الأطعمة، بينها احتمالية تعزيز صحة الدماغ.

ومع ذلك، كانت هناك نتائج متضاربة، ربما بسبب استخدام الاستبيانات الغذائية التي تم الإبلاغ عنها ذاتيًا، والتي تكون عرضة لعدم الدقة؛ فلقد ربطت الدراسات بعض المؤشرات الحيوية بالصحة المعرفية، لذلك اتبعت مجموعة دولية من الباحثين هذا النهج، الذي يقترحون أنه طريقة أكثر دقة لقياس التعرض الغذائي وعلاقته بالنتائج الصحية.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قالت المؤلفة الأولى للدراسة ألبا تور روكا أخصائية التغذية عالمة الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا «لقد وجدنا أن الالتزام بنظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي الذي تم تقييمه من قبل لجنة من المؤشرات الحيوية الغذائية يرتبط عكسيا بالتدهور المعرفي على المدى الطويل لدى كبار السن». وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» عن مجلة «التغذية الجزيئية وأبحاث الأغذية».

وبحثت تور روكا وزملاؤها العلاقة بين النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط والتدهور المعرفي لدى كبار السن من خلال تحليل شامل للبيانات الصحية والمعرفية التي تم جمعها على مدار 12 عامًا. إذ تم استخدام مقياس مكوّن من 14 نقطة لإنشاء درجة التمثيل الغذائي للنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط (MDMS). حيث تعتمد هذه النتيجة على اثنين من المؤشرات الحيوية الأيضية الغذائية المحتملة لسبعة أجزاء مهمة من النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط؛ الخضروات والبقوليات والفواكه والحبوب ومنتجات الألبان والأسماك والدهون.

وعلم الأيض هو دراسة الجزيئات الصغيرة التي تسمى المستقلبات والتي تكون نتاج العمليات الخلوية.

ويمكن أن تتغير مستويات الأيض استجابة للمرض والنظام الغذائي والعوامل البيئية الأخرى. كما يمكن للعلماء التعرف على صحتنا والعثور على المؤشرات الحيوية المحتملة للمرض عن طريق قياس مستويات المستقلبات في العينة.

من جانبها، تقول عالمة التغذية والغذاء كريستينا أندريس لاكويفا من الجامعة «في إطار الدراسة، تم تصميم مؤشر التمثيل الغذائي بناءً على المؤشرات الحيوية التي تم الحصول عليها من مصل المشاركين؛ على المجموعات الغذائية التي تشكل جزءًا من النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط... وبمجرد معرفة هذا المؤشر، يتم تقييم ارتباطه بالضعف الإدراكي». مضيفة «تم قياس مستويات مصل مواد محددة بما في ذلك الدهون المشبعة وغير المشبعة، والبوليفينول الذي تنتجه بكتيريا الأمعاء، والمواد الكيميائية النباتية الأخرى من عينات دم المشاركين التي تم جمعها في بداية الدراسة. وعلى مدار اثني عشر عامًا، تم إجراء خمسة اختبارات نفسية عصبية للمشاركين لتحديد قدرتهم المعرفية أو ضعفهم. فوجد الباحثون علاقة وقائية بين النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط والتدهور المعرفي لدى الأفراد الأكبر سنا». وتابعت «استنادا إلى النتائج والمؤشرات الحيوية في الدم؛ أظهر الأفراد الذين التزموا بشكل وثيق بالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط تدهورًا إدراكيًا أبطأ بشكل ملحوظ مقارنة بأولئك الذين لديهم مستويات التزام أقل».

وفي هذا الاطار، تقول تور روكا «ان هذه النتائج تدعم استخدام هذه المؤشرات في تقييمات المتابعة طويلة المدى، لمراقبة الفوائد الصحية المرتبطة بالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط أو الأنماط الغذائية الأخرى، وبالتالي توجيه الاستشارة الشخصية في الأعمار الأكبر. لكن للدراسة قيودا؛ فعلى سبيل المثال، كانت عينات الدم للتحليل متاحة فقط في الاساس للتمثيل الغذائي، لذلك لم يتمكن الفريق من فحص حالات التعرض السابقة أو التغييرات أثناء المتابعة. فدائمًا ما تكون التأثيرات الغذائية على الصحة معقدة، ولكن بشكل عام، تعزز النتائج فكرة أن الأنماط الغذائية يمكن أن تلعب دورًا في الحفاظ على صحة الدماغ وتقليل خطر الضعف الإدراكي مع تقدمنا في العمر». من أجل ذلك، خلص الباحثون في ورقتهم البحثية الى أن «تطوير درجات التمثيل الغذائي بناءً على الأنماط الغذائية قد يساعد في تحسين إجراءات التقييم الغذائي، ونأمل أن يساهم في فهم أفضل للآليات البيولوجية التي يؤثر من خلالها النظام الغذائي على الصحة المعرفية لدى كبار السن».


مقالات ذات صلة

اختبار دم يتنبأ بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية قبل حدوثها بـ30 عاماً

صحتك ممرضة تحمل اختباراً للدم (أرشيفية - رويترز)

اختبار دم يتنبأ بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية قبل حدوثها بـ30 عاماً

يقول الأطباء إن اختبار الدم البسيط «ثلاثي الأبعاد» يمكنه التنبؤ بدقة بخطر إصابة المريض بنوبة قلبية وسكتة دماغية قبل 30 عاماً من حدوثها

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

«يونيسف» تطرح مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة»

طرحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة» للدول المتضررة من الأزمات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين. وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الناس يشعرون بعدم الثقة جرّاء ضغوط في العمل (أ.ف.ب)

نصائح لتعزيز الثقة بالنفس وزيادة القدرات الذهنية

يُعدّ الشعور بعدم الثقة بالنفس من المشاعر التي يصعب التعامل معها، وقد نشعر بها جرّاء عوامل خارجية، مثل اجتماع سيئ مع المدير في العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«أوزمبيك» يتجاوز التوقعات... دواء إنقاص الوزن الشهير «نافورة شباب» تبطئ الشيخوخة

«أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)
«أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)
TT

«أوزمبيك» يتجاوز التوقعات... دواء إنقاص الوزن الشهير «نافورة شباب» تبطئ الشيخوخة

«أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)
«أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

وجد باحثون أن دواء إنقاص الوزن الشهير «أوزمبيك» قد يبطئ الشيخوخة وله «فوائد بعيدة المدى» تتجاوز ما كان متصوراً، بحسب تقرير لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية.

ولحظت دراسات متعددة أن عقار «سيماغلوتيد» (المتوفر تحت الأسماء التجارية «ويغوفي» و«أوزمبيك») يقلل من خطر الوفاة لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن والذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية من دون أن يكونوا مصابين بمرض السكري.

ووجد الباحثون أن المشاركين الذين تناولوا دواء «أوزمبيك» أو «ويغوفي» (سيماغلوتيد) ماتوا بمعدل أقل من جميع الأسباب، وكذلك من أسباب القلب والأوعية الدموية و«كوفيد-19».

ورداً على بحث نُشر في «JACC»، المجلة الرائدة للكلية الأميركية لأمراض القلب، قال البروفيسور هارلان إم كرومولز من كلية الطب بجامعة «ييل»: «ربما يكون عقار (سيماغلوتيد)، من خلال تحسين صحة القلب والأيض، له فوائد بعيدة المدى تتجاوز ما تخيلناه في البداية».

وأضاف: «هذه الأدوية الرائدة على استعداد لإحداث ثورة في رعاية القلب والأوعية الدموية، ويمكن أن تعزز بشكل كبير صحة القلب والأوعية الدموية».

كما نقلت تقارير متعددة عن البروفيسور كرومولز قوله: «هل هو نافورة الشباب؟».

وأضاف: «تحسين صحة القلب والأيض لدى شخصٍ ما بشكل كبير، يعني أنك تضعه في وضع يسمح له بالعيش لفترة أطول وبصورة أفضل».

وأوضح أن «الأمر لا يتعلق فقط بتجنب النوبات القلبية. فهذه عوامل تعزز الصحة. ولن يفاجئني أن تحسين صحة الناس بهذه الطريقة يؤدي في الواقع إلى إبطاء عملية الشيخوخة».

وقد تم إنتاج الدراسات، التي عُرضت في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب لعام 2024 في لندن، من تجربة «Select» التي درست 17604 أشخاص تبلغ أعمارهم 45 عاماً أو أكثر، ويعانون من زيادة الوزن أو السمنة، ولديهم أمراض القلب والأوعية الدموية ولكن ليس مرض السكري.

وقد تلقوا 2.4 مجم من «السيماغلوتيد» أو دواء وهمي، وتم تتبعهم لأكثر من ثلاث سنوات.

وتُوفي ما مجموعه 833 مشاركاً أثناء الدراسة، وكانت 5 في المائة من الوفيات مرتبطة بأسباب القلب والأوعية الدموية، و42 في المائة من أسباب أخرى.

وكانت العدوى هي السبب الأكثر شيوعاً للوفاة بعد أمراض القلب والأوعية الدموية، ولكنها حدثت بمعدل أقل في مجموعة «السيماغلوتيد» مقارنة بمجموعة الدواء الوهمي.

وكان الأشخاص الذين يستخدمون عقار إنقاص الوزن أكثر عرضة للإصابة بـ«كوفيد-19»، لكنهم كانوا أقل عرضة للوفاة بسببه؛ 2.6 في المائة يموتون بين أولئك الذين تناولوا «السيماغلوتيد» مقابل 3.1 في المائة من الذين تناولوا الدواء الوهمي.

كما وجد الباحثون أن النساء عانين من عدد أقل من النكسات القلبية الوعائية الضارة الكبرى، لكن «السيماغلوتيد قلّل باستمرار من خطر» النتائج القلبية الوعائية الضارة بغض النظر عن الجنس.

وقال الدكتور بنيامين سيريكا، المؤلف الرئيسي لإحدى الدراسات وأستاذ طب القلب والأوعية الدموية في كلية الطب بجامعة «هارفارد»: «كان الانخفاض القوي في الوفيات غير القلبية الوعائية، وخاصة الوفيات الناجمة عن العدوى، مفاجئاً وربما لا يمكن اكتشافه إلا بسبب الارتفاع المرتبط بـ(كوفيد-19) في الوفيات غير القلبية الوعائية».

وأوضح أن «هذه النتائج تعزز أن زيادة الوزن والسمنة تزيد من خطر الوفاة بسبب العديد من الأسباب، والتي يمكن تعديلها بعلاجات قوية تعتمد على الإنكريتين مثل (السيماغلوتيد)».