أمراض القلب والأوعية الدموية... خيارات وتدخلات علاجية

أكثر من 30 % من الوفيات في السعودية تحدث بسببها

أمراض القلب والأوعية الدموية... خيارات وتدخلات علاجية
TT

أمراض القلب والأوعية الدموية... خيارات وتدخلات علاجية

أمراض القلب والأوعية الدموية... خيارات وتدخلات علاجية

تُعد أمراض القلب والأوعية الدموية (CVDs) السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم؛ حيث تودي بحياة ما يقدر بنحو 17.9 مليون شخص كل عام. وهذه الأمراض هي مجموعة من اضطرابات القلب والأوعية الدموية، وتشمل أمراض القلب التاجية والأمراض الدماغية الوعائية وأمراض القلب الروماتيزمية، وغيرها من الحالات.

عوامل خطر سلوكية

ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 4 من كل 5 وفيات، بسبب الأمراض القلبية الوعائية، ترجع إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية، وثلث هذه الوفيات تحدث قبل الأوان لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 70 عاماً.

أهم عوامل الخطر السلوكية لأمراض القلب والسكتة الدماغية هو النظام الغذائي غير الصحي، والخمول البدني، وتعاطي التبغ، وتعاطي الكحول على نحو ضار. قد تظهر آثار عوامل الخطر السلوكية لدى الأفراد، مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم، وارتفاع نسبة الدهون في الدم، وزيادة الوزن والسمنة. ويمكن قياس «عوامل الخطر المتوسطة» هذه في مرافق الرعاية الأولية التي تشير إلى زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وقصور القلب والمضاعفات الأخرى.

الدكتور زاهد خان - الدكتور خالد الحبيب

وقد ثبت أن التوقف عن تعاطي التبغ، وتقليل الملح في النظام الغذائي، وتناول مزيد من الفواكه والخضراوات، وممارسة النشاط البدني بانتظام، وتجنب تعاطي الكحول، يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. والسياسات الصحية هي التي تهيئ بيئات مواتية لاتخاذ خيارات صحية ميسورة التكلفة ومتاحة، ضرورية لتحفيز الناس على تبني سلوكيات صحية والحفاظ عليها.

إن تحديد الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وضمان حصولهم على العلاج المناسب، يمكن أن يمنع الوفيات المبكرة. يعد الوصول إلى أدوية الأمراض غير المعدية والتقنيات الصحية الأساسية في جميع مرافق الرعاية الصحية الأولية أمراً ضرورياً، لضمان حصول المحتاجين على العلاج والمشورة.

يوم القلب العالمي

في يوم القلب العالمي 2023، طلبت منظمة الصحة العالمية من العالم أن: «استخدم اعرف» (USE KNOW)، وهي دعوة لمعرفة القلوب أولاً ثم العناية بها، يقيناً من المنظمة بأن المعرفة حول صحة القلب في العالم محدودة، والسياسات غير كافية أو غير موجودة، فاستهدفت تحطيم الحواجز وتمكين الأفراد من التحكم في رفاهيتهم. وبذلك أطلقت المنظمة نداء عالمياً لرفع مستوى الوعي حول صحة القلب، وتسريع الإجراءات الرامية إلى الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية والكشف عنها وإدارتها، كما هدفت المنظمة إلى لفت انتباه الناس إلى أمراض القلب ومجموعة القضايا الصحية المرتبطة بها، لتعزيز الخطوات الوقائية المختلفة والتغييرات في نمط الحياة لتجنب أي من أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية وفشل القلب وأي حالة أخرى مرتبطة بها. في المتوسط، يموت أكثر من 18 مليون شخص بسبب أمراض مرتبطة بالقلب كل عام. وهذا أكثر من عدد الأشخاص الذين يموتون بسبب فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والسرطان.

ومحلياً، أشار الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة السعودية إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية تُعد السبب الرئيس والأول للوفيات، ويمكن الوقاية من معظمها، من خلال التحكم في عوامل الخطر السلوكية، مثل: التدخين، والنظام الغذائي غير الصحي، والسمنة، والخمول البدني.

وأشار إلى أن أمراض القلب غالباً ما تكون نتيجة تراكمات لأسباب عدة مثل: السن، ونمط الحياة، والأسلوب الغذائي، والتدخين. وقد تؤدي أخيراً إلى توقف عمل القلب؛ ما استوجب وضع خطط تُسهِم في الإقلاع عن التدخين؛ والقيام بحملات تشجع على اتباع نمط حياة صحي، وعادات غذائية جيدة، وممارسة الرياضة، لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، وخفض معدل انتشار ارتفاع ضغط الدم.

«نبضات»... تشارك محلياً

تحدث إلى «صحتك» الأستاذ الدكتور خالد بن فايز الحبيب، استشاري أمراض وقسطرة القلب للكبار، بمركز الملك فهد لأمراض وجراحة القلب، بكلية الطب جامعة الملك سعود، ورئيس جمعية مكافحة أمراض القلب (نبضات)، موضحاً أن أكثر من 30 في المائة من الوفيات في المملكة العربية السعودية هي بسبب الأمراض القلبية الوعائية. وعوامل الخطورة الرئيسية للإصابة بأمراض شرايين القلب لدينا، هي ارتفاع الكولسترول، والتدخين، وارتفاع السكري، وارتفاع ضغط الدم، وخصوصاً الكولسترول الوراثي؛ لأن ارتفاعه قد يكون من دون أي أعراض.

لذلك، فإن جمعية مكافحة أمراض القلب (نبضات) تقوم بالوعي المجتمعي للوقاية من الأمراض القلبية، بالإضافة إلى علاج مرضى القلب المعسرين. كما تضطلع الجمعية بالتثقيف والتوعية الصحية للمجتمع والأفراد، من خلال أحدث الوسائل، وذلك باستخدام العربات المتنقلة التي تحتوي على أحدث الأجهزة الطبية؛ حيث يتم الكشف الشامل على الأفراد، وتوعيتهم بالعادات السليمة للحفاظ على قلب صحي. لذلك فإن جمعية «نبضات» تحيي فعالية اليوم العالمي للقلب، عن طريق التوعية المجتمعية للوقاية من الأمراض القلبية، بالإضافة إلى علاج مرضى القلب المعسرين.

من المهم جداً أن يقوم المرضى بالالتزام بنمط صحي سليم، والابتعاد كل البعد عن العادات الغذائية السيئة وكذلك التدخين، مع ممارسة الرياضة بشكل منتظم ومستمر؛ حيث إن ذلك أثبت فعاليته جداً في تحقيق فوائد علاجية كبيرة جداً.

أمراض القلب والأوعية الدموية

«أمراض القلب» مصطلح واسع وكبير، يُستخدم لوصف مجموعة من الأمراض التي تؤثر في القلب، والتي تشمل الأمراض المختلفة التالية، وفقاً للاتحاد العالمي للقلب (WHF) «World Heart Federation»:

أمراض القلب الوعائية- عدم انتظام ضربات القلب- أمراض العيوب الخلقية للقلب- اعتلال عضلة القلب- أمراض القلب الناجمة عن التهابات أغشية القلب- أمراض صمامات القلب.

وتختلف أعراض أمراض القلب حسب نوع المرض. وللتوضيح نورد فيما يلي أمثلة لأكثرها شيوعاً:

• أمراض القلب الوعائية: مجموعة من الاضطرابات التي تصيب القلب والأوعية الدموية، تتسبب في تضييق الأوعية الدموية أو انسدادها؛ حيث تمنع وصول الدم إلى القلب، أو الدماغ، أو الأجزاء الأخرى بالجسم، والحصول على ما يكفي من الدم. ومن تلك الاضطرابات:

- أمراض شرايين القلب التاجية، وأمراض تصيب أوعية الدم التي تغذي عضلة القلب.

- الأمراض الدماغية الوعائية، وأمراض تصيب الأوعية التي تغذي الدماغ.

- الأمراض الشريانية المحيطية، وأمراض تصيب الأوعية الدموية التي تغذي الذراعين والساقين.

وتتصف أعراض أمراض القلب والأوعية الدموية بـ: ألم في الصدر (ذبحة صدرية) - ضيق في التنفس - خدر في الساقين والذراعين - عدم انتظام ضربات القلب.

• مرض عدم انتظام ضربات القلب: وتتصف أعراضه بـ: سرعة نبضات القلب (الشعور بأن الصدر يرتجف) - بطء نبضات القلب - ألم في الصدر - ضيق في التنفس – دوار – إغماء.

مرض الشرايين التاجية

تحدث إلى «صحتك» الدكتور زاهد خان، استشاري ورئيس قسم جراحة القلب في مستشفيات «المانع» بالمنطقة الشرقية من المملكة؛ حيث أشار إلى أن مرض الشرايين التاجية المعروف أيضاً باسم مرض نقص التروية القلبية، هو من أمراض القلب الأكثر شيوعاً، والذي يحدث في الفئات العمرية الأكبر سناً، إلا أنه يمكن أن يحدث في سن أصغر عند وجود بعض عوامل الخطر، مثل وجود تاريخ مرضي عائلي، أو مرض السكري، أو ضغط الدم، أو التدخين. مرض الشرايين التاجية أكثر شيوعاً في الذكور وأقل شيوعاً في النساء، بسبب الهرمونات الأنثوية التي تساهم في الحماية من المرض، ومنع زيادة حدوثه بعد انقطاع الطمث.

وأضاف الدكتور خان أن من الظواهر الحديثة أننا أصبحنا نشاهد مؤخراً زيادة في حالات الإصابة لدى المرضى الأصغر سناً، ويرجع ذلك إلى زيادة عوامل الخطر وقلة ممارسة الرياضة والتوتر.

وأكد أن زيادة أمراض القلب في العصر الحديث ترتبط بنمط الحياة والممارسات الخاطئة، وأهمها عدم ممارسة الرياضة، والإكثار من تناول الوجبات الغذائية السريعة.

تدخلات علاجية حديثة

يقول الدكتور خان إن أحدث التطورات في عالم طب القلب تشمل التدخل عن طريق الجلد باستخدام «الدعامة» المخففة للأدوية، وجراحة القلب ذات التدخل المحدود إذا كان هناك شريان واحد فقط مصاب؛ خصوصاً عندما يكون الشريان النازل الأمامي الأيسر مصاباً ولا يمكن تركيب الدعامة له.

أكثر من 18 مليون شخص يموتون بسبب أمراض مرتبطة بالقلب كل عام

ويتم تقرير خطة العلاج بعد تصوير الأوعية التاجية؛ حيث تتم مناقشة وتقييم أفضل سبل العلاج، في اجتماع يضم فريق القلب الكامل، والذي يضم طبيب القلب وجراح القلب، وفقاً للمبادئ التوجيهية ونظم التسجيل العالمية.

وتشمل الخيارات العلاجية:

• الدعامة: قد تكون كافية في معظم الأوقات.

• تحويل مسار الشريان التاجي: في بعض الأحيان تكون الدعامة بمثابة جسر للجراحة بعد فتح الشريان المسبب، إذا كان المريض يعاني من مرض الأوعية الدموية المتعددة الذي يحتاج إلى تحويل مسار الشريان التاجي، بواسطة عملية تطعيم مجازة الشريان التاجي Coronary Artery Bypass Grafting (CABG) التي تستهدف تحسين تدفق الدم إلى القلب.

يقول الدكتور خان: «ننصح بتحويل مسار الشريان التاجي للمرضى الذين يعانون من مرض الشريان التاجي ثلاثي الأوعية، ومعظم حالات مرض الجذع الرئيسي الأيسر، وبعض آفات التشعب، وخصوصاً إذا كان المريض مصاباً بالسكري».

• جراحة القلب ذات التدخل المحدود: تعد من التطورات الحديثة في جراحة القلب، وتتم بمساعدة الروبوتات أو من دونها. تهدف الجراحة ذات التدخل المحدود بشكل أساسي إلى إصلاح الصمامات واستبدالها، وتظل جراحة الشرايين التاجية عبارة عن عملية قلب مفتوح إلا إذا كانت تتعلق بالشريان الأمامي النازل LAD فقط؛ حيث تتم زراعة الشريان الثديي الداخلي الأيسر LIMA إلى الشريان الأمامي النازل الأيسر.

ما مصير المريض بعد وضع الدعامة؟ هل من الممكن أن يتكرر المرض؟

يجيب الدكتور خان: «نعم، من الممكن أن يتكرر المرض في الشريان المزود بالدعامة، بسبب طبيعة المرض العدوانية، وعدم تناول المريض للأدوية بانتظام، وعامل الخطر غير المنضبط. وعادة في هذه الحالة قد يتطلب الأمر تحويل مسار الشريان التاجي (CABG)».

وأضاف أن هناك -أيضاً- احتمال عودة تضيق الدعامة بسبب كثير من العوامل التي تمت مناقشتها أعلاه.

كيف يمكن الوقاية من أمراض الشريان التاجي؟

لتجنب الإصابة بأمراض الشريان التاجي، ينصح الدكتور خان بالآتي:

• اتباع نمط حياة صحي، والالتزام بتناول غذاء متوازن، وتجنب التدخين، وممارسة الرياضة.

• إذا كانت هناك عوامل خطر، فيجب على المريض التحدث إلى الطبيب لمناقشة أفضل سبل العلاج، وخصوصاً في الحالات المصابة بأمراض أخرى، مثل مرض السكري والكولسترول وضغط الدم.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

7 عادات يومية لتحسين صحة أمعائك وتعزيز قدرتك العقلية

صحتك صورة لوجبة صحية من بيكسباي

7 عادات يومية لتحسين صحة أمعائك وتعزيز قدرتك العقلية

على الرغم من أن الأمعاء لا تكتب الشعر أو تحل مسائل الرياضيات فإنها تحتوي على ثروة من الخلايا العصبية مشابهة للدماغ.

كوثر وكيل (لندن)
صحتك أشخاص يمارسون تمارين (رويترز)

كيف يمكن أداء تمارين التمدد بشكل مفيد؟

تساعد تمارين التمدد في جعل الجسم أكثر مرونة، وتحسن من حركة المفاصل، وتسبب شعوراً بالارتياح. وتختلف الآراء بشأن توقيت أداء تلك التمارين... هل الأفضل قبل أو…

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك تتنافس الألمانيتان لينا هينتشيل وجيت مولر في نهائي مسابقة الغطس المتزامن للسيدات 27 يوليو (د.ب.أ)

3 اختلافات مهمة بينك وبين الرياضي الأولمبي

بينما لا تتنافس من أجل الحصول على ميدالية، يمكنك التعلم من أولئك الذين يفعلون ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يصيب سرطان الفم نحو 8800 شخص في المملكة المتحدة كل عام (أرشيفية - رويترز)

دراسة: بكتيريا الفم «تذيب» بعض أنواع السرطان

في اكتشاف علمي مذهل وجد الباحثون أن نوعاً شائعاً من بكتيريا الفم يُعرف بـ«الفوسوباكتيريوم» يمكنه إذابة بعض أنواع السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل لتطهير القولون فوائد؟ (Science Photo Library)

من العصائر والشاي إلى الحقن... هل هناك أي فوائد لتطهير القولون؟

لطالما تم الترويج لتنظيف القولون بوصفه الحل لعدد لا يحصى من المشكلات الصحية، من التعب إلى فقدان الوزن وحتى مشكلات البشرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

3 اختلافات مهمة بينك وبين الرياضي الأولمبي

تتنافس الألمانيتان لينا هينتشيل وجيت مولر في نهائي مسابقة الغطس المتزامن للسيدات 27 يوليو (د.ب.أ)
تتنافس الألمانيتان لينا هينتشيل وجيت مولر في نهائي مسابقة الغطس المتزامن للسيدات 27 يوليو (د.ب.أ)
TT

3 اختلافات مهمة بينك وبين الرياضي الأولمبي

تتنافس الألمانيتان لينا هينتشيل وجيت مولر في نهائي مسابقة الغطس المتزامن للسيدات 27 يوليو (د.ب.أ)
تتنافس الألمانيتان لينا هينتشيل وجيت مولر في نهائي مسابقة الغطس المتزامن للسيدات 27 يوليو (د.ب.أ)

بينما لا تتنافس من أجل الحصول على ميدالية، يمكنك التعلم من أولئك الذين يفعلون ذلك.

بغض النظر عن الرياضة التي تمارسها، قد تضيف سنوات إلى عمرك، وفقاً لأغلب الدراسات الطبية المنشورة في المجلات الطبية بأميركا وأوروبا، التي تؤكد أن أفضل الرياضيين في العالم هم أيضاً الأكثر صحة من جميع الناس بفضل نظم التدريب الصارمة التي يخضعون لها. ومن أكثر الرياضيين الأولمبيين من الدول الحائزة على أكبر قدر من الميداليات، نجد الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا والدول الإسكندنافية وروسيا وبريطانيا وإيطاليا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، واتضح حسب دراسات حديثة أن هؤلاء يعيشون 8.2 سنة أطول من عامة الناس.

يقول عالم النفس كورث ويلا في مقال نشره بمجلة «بسيكولوجي توداي»، إنه عمل لفترة طويلة مع رياضيين، بما في ذلك الأولمبيون الذين نجحوا في تحقيق التوازن بين الرياضة والحياة العامة والعلاقات الاجتماعية وقضايا الهوية.

وأضاف الطبيب النفسي والرياضي السابق أنه تعلم من مرضاه الرياضيين الذين عمل معهم، خصوصاً في الدوري الأميركي لكرة القدم والبيسبول والهوكي والمنافسات الأولمبية، أن لديهم نقاط قوة وضعف يمكن الاستفادة منها.

الأولمبيون مختلفون بطريقة استثنائية

إلى جانب كونهم موهوبين بشكل استثنائي في رياضتهم، فإن هؤلاء الرياضيين يقضون وقتاً أطول من أي شخص آخر في التدريب. عندما ينتهي ذلك بالنسبة لمعظم الرياضيين، يعود الأولمبي إلى التدريب مرة أخرى. إذا حصل الآخرون على يوم عطلة، فقد يستغلون الوقت للتركيز على جانب معين من لعبتهم قد يغفله الآخرون.

الأولمبيون يضحون

بالنسبة للرياضيين في قمة رياضتهم، هناك تضحيات يقومون بها لا يقوم بها معظمنا. يستيقظون في وقت مبكر، يبقون لفترة أطول قليلاً. يتجنبون الحفلات والسهر لوقت متأخر أو يختارون المغادرة مبكراً ليكونوا مستعدين لتدريب اليوم التالي. هذا لا يعني أن الرياضيين النخبة لا يستمتعون أو لا يقيمون علاقات. على العكس تماماً، إنهم فقط يتعاملون مع وقتهم وطاقتهم بوعي شديد. معظمهم لا يعدّها تضحية، فهم يميلون إلى حب رياضتهم، لذلك لا يوجد مكان يفضلون أن يكونوا فيه أكثر من ممارسة الرياضة.

الأولمبيون أقوياء عقلياً بقدر ما هم أقوياء جسدياً

هذا الاختلاف الأكثر لفتاً للانتباه الذي أشار إليه الطبيب النفسي. إن الأفراد الأقوياء عقلياً هم الذين يصلون إلى القمة. سيرتكبون أخطاء مثل باقي زملائهم أو أقرانهم (وإن كان بشكل أقل). الفرق أنهم يميلون إلى التعافي بسرعة من هذه الأخطاء. لا يدعون خطأ واحداً يتحول إلى آخر عن طريق التشتت. إذا كانت لديهم تجربة سلبية، فسيركزون على ما لم يكن يعمل ويتعافون بسرعة لفرصتهم التالية. هم أذكياء عاطفياً، آخرون يميلون إلى استخدام العواطف لتحفيز أنفسهم. هذا فرق مهم، يقول صاحب المقال، يستند إلى التجارب السابقة، والثقة الشخصية، والتصور الذهني. هؤلاء الرياضيون قد شاهدوا النتيجة في عقولهم مرات عديدة، قبل وقت طويل من تحقيقها فعلياً. عقولهم قد شهدت بالفعل النصر، الهدف، والفوز. وبهذه الطريقة، يصبح الأداء النهائي ذاكرة عضلية، بدلاً من تجربة جديدة وغير مألوفة.