الميكروبيوم الفموي الصحي يعزز مناعة الأطفال

يوفر وسائل دفاعية أساسية لأجسامهم

الميكروبيوم الفموي الصحي يعزز مناعة الأطفال
TT

الميكروبيوم الفموي الصحي يعزز مناعة الأطفال

الميكروبيوم الفموي الصحي يعزز مناعة الأطفال

من المعروف أن الميكروبيوم هو عبارة عن مجموعة من الميكروبات الحميدة مثل البكتيريا والفطريات، تعيش بشكل طبيعي في أجهزة الجسم المختلفة وتساهم بشكل كبير في الحفاظ على صحة الأعضاء المختلفة التي توجد فيها، وبذلك تلعب دوراً كبيراً في رفع مناعة الجسم.

ميكروبيوم فموي صحي

أحدث دراسة نُشرت في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي في مجلة علم الميكروبات «journal Frontiers in Microbiology»، تناولت صحة الفم للأطفال، أوضحت أن الحفاظ على الميكروبيوم الفموي بصحة جيدة من خلال العديد من العوامل يؤدي إلى رفع مناعة الجسم، والعكس صحيح أيضاً.

أوضح العلماء أن لفظ «الميكروبيوم الفموي» (oral microbiome) ربما لا يحظى بنفس الشهرة التي يتمتع بها ميكروبيوم الأمعاء على سبيل المثال، وذلك لندرة الدراسات التي تتناول دوره المهم في حماية تجويف الفم وحماية بقية أجزاء الجسم بشكل عام. وهو يوجد على شكل مجتمعات من الكائنات الدقيقة في أجزاء مختلفة من الفم، بما في ذلك اللسان والأسنان واللثة وسقف الحلق (palates) واللوزتان.

تُعد هذه المجتمعات المتنوعة من الفطريات والبكتيريا من الوسائل الدفاعية الأساسية للطفل، وترتبط حالة الميكروبيوم بصحة الفم ارتباطاً وثيقاً. وكلما قلت في العدد أو التنوع، زادت فرص الإصابة بأمراض مختلفة سواء في الفم مثل تسوس الأسنان وتلفها والتهابات اللثة، وأيضاً يمكن أن تؤدي إلى أمراض أخرى في أجهزة الجسم المختلفة مثل التهاب الأمعاء والتهاب المفاصل.

على الرغم من أن مجتمعات الميكروبيوم تبدأ في الوجود في تجويف الفم في وقت مبكر جداً من حياة الجنين، فإن التطور البدائي يحدث مبكراً في خلال الشهر الأول من الولادة، ولا يكون هذا التطور بالشكل الناضج لفترة طويلة أثناء مرحلة الطفولة؛ لأن تكوين الميكروبيوم يكون غير مستقر بشكل كامل. ومع تطور أسنان الطفل وتعرفه على العديد من الأطعمة الجديدة، يصبح مجتمع الميكروبات أكثر تنوعاً واختلافاً ونضجاً وقدرة على الحماية. وبمرور الوقت يصبح أكثر تشابهاً مع الميكروبيوم الموجود في جسم الأم عندما يبلغ الطفل أربع سنوات على وجه التقريب، ويصل إلى النضج الكامل مثل البالغين لاحقاً مع نمو الطفل.

عوامل تنوع الميكروبيوم

هناك عدة عوامل تؤثر على تنوع الميكروبيوم ونضجه وكفاءته، ومن أهمها الرضاعة الطبيعية؛ لأن لبن الأم يحتوي على العديد من العناصر المهمة التي تطور من ميكروبيوم الطفل، ولذلك يكون هناك اختلاف واضح بين تركيبة الميكروبيوم للأطفال الذين يرضعون بشكل طبيعي عن الذين يرضعون لبناً صناعياً. وفي الأغلب تنتقل البكتيريا الموجودة في لبن الأم إلى الطفل أثناء الرضاعة الطبيعية في فترة مبكرة من حياته، وتقريباً يكون هناك تطابق بين ميكروبيوم الأم والطفل.

وإلى جانب أهمية لبن الأم في الحماية من الأمراض؛ لأنه يحتوي على نوعية معينة من السكريات (oligosaccharides) مفيدة للطفل، إضافة إلى الأحماض الدهنية والأجسام المضادة؛ يحتوي أيضاً على البريبيوتيك (prebiotics) التي تكون بمثابة بيئة مناسبة تسمح للبكتيريا المفيدة بالنمو، والتي يمكنها أن تحافظ على صحة الفم أيضاً؛ إذ تمنع تسوس الأسنان بشكل غير مباشر عن طريق البكتيريا الموجودة في قولون الأم في حالة نقلها للرضيع أثناء الرضاعة الطبيعية، مما يؤثر بالإيجاب على الميكروبيوم الفموي.

يمثل لبن الأم أيضاً نوعاً من الحماية الكبيرة للرضيع في الأيام الأولى من الحياة؛ لأنه يحتوي على بروتينات معينة مضادة للبكتيريا مثل اللاكتوفيرين (Lactoferrin) والغلوبيولين المناعي (immunoglobulin A) تكون متوفرة بكثرة في بداية نزول اللبن (في الأسبوع الأول من الولادة). وهذه البروتينات تستطيع أن تحمي الأطفال من الأمراض المختلفة، ويمكن أن تؤثر بالإيجاب على الميكروبيوم الفموي، مما يوفر حماية للرضيع من الالتهابات البكتيرية والفيروسية والفطرية.

يمكن أن تؤثر مدة الرضاعة الطبيعية على الميكروبيوم الفموي. وكلما زادت فترة الرضاعة الطبيعية، قلّ وجود ميكروب معين في الفم (بورفيروموناس Porphyromonas)، وهذا الميكروب يسبب التهاب اللثة وفقدان الأسنان. وأهمية الحماية التي توفرها الرضاعة قبل الفطام أن الميكروبيوم لا يكون بالنضج الكافي، ولكن بعد الفطام عندما يتم تقديم الطعام الصلب للأطفال ومع الوقت تتغير الميكروبات الموجودة في الفم لديهم بشكل كبير وتصبح أكثر تنوعاً.

وهناك عوامل أخرى مؤثرة في تنوع الميكروبيوم الفموي ونضجه، بالإضافة إلى النظام الغذائي سواء رضاعة طبيعية أو لبن صناعي؛ إذ تبدأ الأسنان في الظهور عندما يبلغ الطفل 6 شهور من العمر، مما يوفر موطناً جديداً لنمو البكتيريا. وتشير الدراسات إلى ظهور العديد من السلالات الجديدة التي توجد في الفم بعد نمو الأسنان، وبطبيعة الحال ينضج الميكروبيوم الفموي بشكل أكبر عندما يفقد الطفل أسنانه الأولية (primary teeth)، ويبدأ في نمو أسنان دائمة.

تلعب المضادات الحيوية واسعة المجال (broad spectrum) مثل الأموكسيسيلين (amoxicillin) أيضاً دوراً مهماً في صحة الميكروبيوم؛ لأنها بنفس الطريقة التي تؤثر بها على البكتيريا السيئة والضارة، تؤثر أيضاً على مجتمعات البكتيريا الجيدة والنافعة، وتقلل من تنوعها في الميكروبيوم الفموي.

وعلى الرغم من أن البكتيريا الجيدة يمكن أن تتعافى بشكل جزئي بعد ثلاثة أسابيع من التوقف عن استخدام المضاد الحيوي، فإن تكرار الاستخدام على المدى الطويل يؤثر بالسلب على هذه الكائنات الدقيقة.

وفي النهاية طالب الباحثون بضرورة عمل المزيد من الدراسات التي تتناول العوامل المختلفة التي تؤثر على الميكروبيوم الفموي لصحة الفم وللصحة بشكل عام.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
TT

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضةً للوفاة المبكرة.

وكتب باحثون في «المجلة الطبية البريطانية» أن الحالتين الشائعتين بين النساء مرتبطتان بمخاطر أكبر مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، لكن تأثيرهما على احتمال الوفاة قبل سن السبعين لا يزال غير واضح، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وتتبعت الدراسة نحو 110 آلاف امرأة كانت أعمارهن تتراوح بين 25 و42 عاماً في عام 1989، ولم يكن لديهن تاريخ في استئصال الرحم أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان. وعانت حوالي 12 ألف امرأة من بطانة الرحم المهاجرة، وهي حالة مزمنة تسبب ألماً نتيجة نمو نسيج مشابه لبطانة الرحم خارج الرحم، بينما عانت 21 ألفاً و600 حالة من أورام ليفية، وهي أورام غير سرطانية تتكون في جدار الرحم.

وتوفيت 4356 امرأة قبل بلوغ سن السبعين على مدى الثلاثين عاماً التالية.

وكانت المعدلات السنوية للوفاة المبكرة بأي سبب، حالتي وفاة من بين كل ألف امرأة مصابة ببطانة الرحم المهاجرة و1.4 من كل ألف امرأة لم تكن مصابة بهذه الحالة.

وبعد احتساب عوامل الخطر مثل العمر ومؤشر كتلة الجسم والنظام الغذائي والنشاط البدني والتدخين، ارتبطت بطانة الرحم المهاجرة بارتفاع خطر الوفاة المبكرة بنسبة 31 بالمائة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السرطانات النسائية.

وارتبطت الأورام الليفية الرحمية بازدياد خطر الوفاة المبكرة من السرطانات النسائية، لكن ليس بمعدل أعلى من الوفاة لأي سبب.

وخلص الباحثون إلى أن «هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية أن يأخذ مقدمو الرعاية الأولية هذه الاضطرابات النسائية في الاعتبار عند تقييمهم صحة المرأة».