كيف تؤثر موجات الحر الشديدة على أجسامنا؟

ارتفاع درجات حرارة الجسم يمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى (أ.ف.ب)
ارتفاع درجات حرارة الجسم يمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى (أ.ف.ب)
TT

كيف تؤثر موجات الحر الشديدة على أجسامنا؟

ارتفاع درجات حرارة الجسم يمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى (أ.ف.ب)
ارتفاع درجات حرارة الجسم يمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى (أ.ف.ب)

أظهرت بيانات أولية نشرتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أول من أمس (الاثنين) أن الأسبوع الأول من شهر يوليو (تموز) هو أشد الأسابيع حرا على الإطلاق على مستوى العالم.

وحذر الخبراء من أن هذه المشكلة من المحتمل أن تزداد سوءا مع مرور الوقت مع تفاقم أزمة المناخ.

وفي هذا السياق، ذكر تقرير نشرته شبكة «سي إن إن» الأميركية أن موجات الحر الشديدة يمكن أن تؤثر على أجسامنا بشكل كبير، مؤكدة على ضرورة الانتباه لهذه المشكلة واتخاذ الأشخاص الإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامتهم في هذه الأوقات.

فكيف تتأثر أجسامنا بالحر الشديد؟

يقول الدكتور جوديث ليندن، نائب الرئيس التنفيذي لقسم طب الطوارئ في مركز بوسطن الطبي إن أجسامنا معتادة على تحمل نطاق معين من درجات الحرارة، عادةً ما بين 36 و38 درجة مئوية. وعندما يشعر الدماغ بتغير في مستوى هذه الدرجات - سواء أقل أو أعلى - فإنه يحاول مساعدة الجسم على أن يكون أكثر برودة أو سخونة للتأقلم مع هذا التغيير.

وأضاف ليندن: «هناك عدد من الطرق المختلفة التي يحاول الدماغ من خلالها تبريد الجسم في الجو الحار. إحدى هذه الطرق هي (التعرق)، حيث تنفتح مسام الجسم ويتعرق الجسم ثم يتبخر العرق ما يعطي الشخص إحساسا بالبرودة».

وتابع: «الطريقة الثانية التي يبرد بها جسمك نفسه هي عن طريق توسيع الأوعية الدموية وزيادة معدل ضربات القلب، ما يساعد على إطلاق الحرارة الزائدة من الجسم».

ولكن، عندما تتعرض لدرجات حرارة عالية للغاية، يصعب على جسمك تبريد نفسه، ولا يتمكن العرق من التبخر بسهولة، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، وفقاً لمؤسسة «مايو كلينك».

وتقول المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها إن ارتفاع درجات حرارة الجسم يمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى، كما يمكن أن يؤدي إلى العديد من الأمراض المرتبطة بالحرارة.

امرأة تستخدم مروحة يدوية خلال الطقس الحار في بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

ما أبرز الأمراض المرتبطة بالحرارة؟

قال ليندن إن أبرز هذه الأمراض هي التشنجات الحرارية، التي يمكن أن تحدث في الأغلب عند الأشخاص الذين يتعرقون كثيراً، أو يمارسون الرياضة بشكل مكثف.

ويستهلك التعرق المفرط كل الملح والرطوبة في الجسم ويمكن أن يؤدي إلى آلام في العضلات أو تقلصات، عادة في البطن أو الذراعين أو الساقين، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض.

ويمكن أن يحدث التعرق المفرط أيضاً طفحاً جلدياً، خاصة في الرقبة وأعلى الصدر.

وعندما يبدأ جسمك في تجاوز قدرته على تبريد نفسه، يمكنك تطوير ما يعرف بالإنهاك الحراري.

ويقول ليندن: «يحدث الإرهاق الحراري عندما يصبح جسمك ساخناً جداً ويكافح من أجل التأقلم. في هذه الحالة، يتعرق الجسم بشكل مفرط في محاولة منه لمواكبة الحرارة الزائدة. ستشعر بالدوار والغثيان والصداع، وغالباً ما سيتزايد نبضك وتصبح بشرتك شاحبة بشكل لافت».

وتابع: «هذه آخر محاولة للجسم لتهدئة نفسه قبل أن يتجه حقاً إلى نقطة اللاعودة، وهي ضربة الشمس، التي تعد أخطر الأمراض المرتبطة بالحرارة، وإذا تركت دون علاج، فقد تؤدي إلى الوفاة».

ومن أعراض ضربة الشمس عدم التعرق حتى مع الشعور بالحر الشديد، وارتفاع درجة حرارة جسم إلى 40 درجة مئوية أو أعلى، والتنفس السريع أو ضيق التنفس والارتباك واحمرار الجلد والصداع والدوخة والغثيان أو فقدان الوعي.

من الأكثر عرضة للخطر؟

تقول مراكز السيطرة على الأمراض إن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية مزمنة قد تكون أجسامهم أقل استجابة لتغيرات درجة الحرارة وربما يتناولون الأدوية التي تجعل آثار الحرارة أسوأ.

ويقول ليندن: «الأطفال الصغار أيضا يكونون أقل معرفة بأعراض الأمراض المرتبطة بالحرارة وأقل وعيا بضرورة ترك الأماكن الحارة إذا بدأوا في الشعور بالحرارة الزائدة».

امرأة تستخدم كيساً للاحتماء خلال موجة الحر في بكين (أ.ف.ب)

كيف تحافظ على سلامتك في الطقس الحار؟

يقول ليندن: «إذا بدأ شخص ما في الشعور بالدوار أو الغثيان أو الصداع، فينبغي أن يذهب فورا لمكان بارد أو يصب بعض الماء على رأسه ويشرب الكثير من السوائل في الحال».

وأضاف: «عند ارتفاع درجات الحرارة ينبغي على الأشخاص تجنب الأنشطة الخارجية - خاصة بين الساعة 11 صباحاً و 3 مساء. ولكن إذا اضطررت للخروج لسبب ما، فعليك ارتداء ملابس ذات ألوان فاتحة، وتغطية رأسك وشرب الكثير من السوائل».


مقالات ذات صلة

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات (رويترز)

كيف تتخطين «اكتئاب ما بعد الولادة»؟

يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات، وقد تستمر معهن لأشهر طويلة، وتتطور لدى بعضهن إلى حد التفكير في الانتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف (رويترز)

أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟
TT

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لقد رأينا جميعاً ذلك؛ يبدو بعض الأشخاص أصغر سناً أو أكبر سناً بكثير من أعمارهم. وربما نظرنا جميعاً في المرآة، ورأينا مدى تقدمنا ​​في السن من الخارج، ثم تساءلنا عن عمرنا من الداخل.

هل هناك طريقة لقياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

إذا كان الأمر كذلك، فهل يخبرنا هذا القياس بشيء مهم، مثل مدى احتمالية إصابتنا بأمراض مرتبطة بالعمر كأمراض القلب والعديد من أنواع السرطان والخرف؟ إلى حد ما، نعم؛ إذ وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، بدأت التطورات العلمية تسمح بقياس عمرنا البيولوجي.

تقنية التيلوميرات والساعة الجينية

إحدى التقنيات الراسخة هي قياس طول التيلوميرات telomeres، وهي نهايات الكروموسومات داخل كل خلية؛ إذ إن الأشخاص الذين تحتوي خلاياهم على تيلوميرات أقصر هم أكثر عرضة للأمراض المرتبطة بالعمر. وهناك تقنية أخرى راسخة تتمثل في قياس ما يسمى بـ«الساعة T.R الجينية» epigenetic clock، وهي تقييم للجينات التي يتم تشغيلها أو إيقاف تشغيلها.

(علم ما فوق الجينات - بالإنجليزية: Epigenetics، أو علمُ التَّخَلُّق، يبحث في تأثير الظواهر الأخرى مثل البيئة على الجينات، وليس تأثير الحمض النووي «دي إن إيه» عليها - المحرر)

200 بروتين تحدد العمر

في أغسطس (آب) 2024، نشرت مجلة Nature Medicine دراسة تفيد بنهج جديد أصبح ممكناً بفضل تقدم علمي ملحوظ في مجال يُعرف باسم علم البروتينات proteomics: القدرة على قياس مستويات آلاف البروتينات في عينة صغيرة من الدم.

قام فريق دولي بقياس مستويات ما يقرب من 3000 بروتين في دم أكثر من 45000 شخص في المملكة المتحدة. ووجدوا أن مستويات نحو 200 من البروتينات تتنبأ بالعمر الزمني (الفعلي)، وأن الأشخاص الذين كان «عمرهم البروتيني» أكبر من أعمارهم الفعلية كانوا أكثر عرضة للإصابة بتدهور مرتبط بالعمر في الوظائف البدنية والإدراكية، وكذلك الأمراض المرتبطة بالعمر، حتى إنهم وجدوا علامات شيخوخة لأعضاء معينة في الجسم.

«الساعة البروتينية»

وأخيراً، أظهر الباحثون أن «الساعة البروتينية» التي طوروها من دراسة الأشخاص الذين يعيشون في المملكة المتحدة تتنبأ أيضاً بالشيخوخة البيولوجية لدى أعداد كبيرة من الناس في الصين وفنلندا.

والآن بعد أن أصبح لدينا طرق لقياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا، فهل تساعدنا هذه المعرفة في إبطاء هذه العملية؟

علاجات مضادة للشيخوخة

من الممكن أن يوفر نمط البروتين الذي كشفت عنه هذه الدراسة أدلة تؤدي إلى علاجات مضادة للشيخوخة: وتعمل شركات التكنولوجيا الحيوية بالفعل على هذا. ومن الممكن أيضاً أن يقتنع الشباب نسبياً الذين قيل لهم إنهم يشيخون بسرعة أكبر من غيرهم بإجراء تغييرات في نمط حياتهم تعمل على إبطاء عملية الشيخوخة. ومع ذلك، فإن ما إذا كانت أي من هذه الفوائد ستتدفق من هذه المعرفة الجديدة فلا يزال يتعين علينا أن نرى.

وما هو واضح هو أننا ندخل عصراً جديداً، حيث يمكن لاختبارات مثل هذه، مع الأجهزة التقنية (من الساعات الذكية إلى الأجهزة الأكثر تطوراً) التي تقيس باستمرار وظائف معينة في الجسم، أن تزودنا بمعلومات لم نكن لنحصل عليها من قبل.

* رئيس تحرير «رسالة هارفارد الصحية»، خدمات «تريبيون ميديا».