مراقبون ينتقدون مشروع معاهدة لمكافحة الجوائح

طاقم طبي يهتم بمريض مصاب بفيروس «كوفيد-19» في جاكرتا بإندونيسيا (رويترز - أرشيفية)
طاقم طبي يهتم بمريض مصاب بفيروس «كوفيد-19» في جاكرتا بإندونيسيا (رويترز - أرشيفية)
TT

مراقبون ينتقدون مشروع معاهدة لمكافحة الجوائح

طاقم طبي يهتم بمريض مصاب بفيروس «كوفيد-19» في جاكرتا بإندونيسيا (رويترز - أرشيفية)
طاقم طبي يهتم بمريض مصاب بفيروس «كوفيد-19» في جاكرتا بإندونيسيا (رويترز - أرشيفية)

تتسارع المفاوضات للتوصل إلى اتفاق دولي لمكافحة الجوائح المستقبلية، لكنّ بعض المراقبين يحذّرون من غياب الجهود الحثيثة لضمان الوصول العادل إلى المنتجات الطبية اللازمة لمكافحة التهديدات المماثلة لـ«كوفيد-19»، حسبما أفادت وكالة «الصحافة الفرنسية».

سلّطت جائحة «كوفيد-19» الضوء على مكامن الخلل في النظام الصحي العالمي، لذلك قررت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية البالغ عددها 194 والتي ما زالت متأثرة بتداعيات الوباء، التفاوض على نص ملزم قانوناً يمكّنها من التعامل مع الكارثة التالية أو حتى منع حدوثها.

ما زالت العملية في بدايتها مع هدف طموح، وقد يكون طموحاً جداً بالنسبة إلى العديد من المراقبين، يتمثل في التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول مايو (أيار) 2024، لكن الانتقادات تحذّر من أن التنقيحات التي أجريت على الوثيقة والتي يجب أن تكون بمثابة أساس للمفاوضات، تضعّف نطاقها خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى اللقاحات ومنتجات طبية أخرى، وهو عدم مساواة بين البلدان الغنية والفقيرة تسبب في وفاة عدد لا يحصى من الأشخاص خلال الجائحة بعد عدم حصولهم على اللقاحات أو حتى الأكسجين الطبي.

وقالت سويري مون المديرة المشاركة لمركز «غلوبل هلث» في جامعة جنيف، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أنها خطوة إلى الوراء».

وحذّرت من أنه إذا لم تعطَ الدول الفقيرة ضمانات قوية بأنها ستكون محمية بشكل أكبر خلال الجائحة التالية، «أعتقد أن هناك خطراً حقيقياً يتمثل في انسحاب الدول» من المحادثات.

وقدّم النص المنقّح، وهو تجميع لمقترحات من العديد من البلدان الأعضاء، مكتب هيئة التفاوض الحكومية الدولية، المسؤول عن توجيه عملية المفاوضات، الأسبوع الماضي.

وتحدّد هذه الوثيقة المجالات التي يظهر فيها توافق وتقدّم خيارات متنوعة بشأن أكثر المسائل إثارة للجدل.

النص «ضعيف»

بالنسبة إلى بعض المراقبين، كانت هذه المسودة التي ستُراجع في الجولة التالية من مناقشات مكتب هيئة التفاوض الحكومية الدولية منتصف يونيو (حزيران)، «أنظف»، لكنها أضعف في بعض النقاط الرئيسية.

وتقول بعض المنظمات غير الحكومية خصوصاً إنه تم حذف الإشارة إلى إلزام الشركات الخاصة التي تستفيد من أموال عامة لأقسام البحث والتطوير فيها، بالشفافية بشأن أسعارها ونقل التكنولوجيا الخاصة بها إلى البلدان الفقيرة.

في المقابل، يشجّع المشروع بصيغته الحالية البلدان على تعزيز تبادل المعرفة والشفافية «وفقاً للقوانين الوطنية وحسب الاقتضاء».

من جهته، قال لويس فيارويل، رئيس منظمة «إنوفارتي» غير الحكومية التي تدعو إلى نظام متوازن للملكية الفكرية: «التدابير الطوعية ليست كافية»، مضيفاً أن النص «ضعيف جداً».

وعلى غراره، اعتبرت موهاغا كمال-ياني من تحالف «بيبولز فاكسين» الذي يحارب عدم المساواة في الوصول إلى اللقاحات، النص «ضعيفاً» في ما يتعلّق بالترتيبات العملية لضمان وصول عادل.

وأوضحت المسؤولة في بيان: «(كوفيد-19) وفيروس نقص المناعة البشرية قبله، أظهرا أننا لا نستطيع الاعتماد على حسن نية شركات الأدوية لضمان وصول عادل».

طوارئ

ويتضمّن النص أيضاً عناصر يحتمل ألا تناسب قطاع الأدوية، لكنها مهمة بالنسبة إلى أقل البلدان ثراء، منها فكرة ربط تشارك الموارد الجينية لأغراض البحث بلزوم تقاسم الأرباح ونقل التكنولوجيا أو الحصول على أدوية.

وأعرب الاتحاد الدولي لرابطات ومنتجي المستحضرات الصيدلانية، عن قلقه من أن التزاماً مماثلاً قد يبطئ عملية تبادل البيانات.

وقال رئيس الاتحاد توماس كويني في بيان أُرسل إلى وكالة «الصحافة الفرنسية»: «ما زلنا قلقين من احتمال اتخاذ قرارات قد نأسف لها خلال جائحة مستقبلية».

وأضاف: «كان نظام الابتكار والوصول السريع إلى مسببات الأمراض أمراً حاسماً في تمكين صناعة الأدوية من تطوير لقاحات وعلاجات وتشخيصات جديدة استجابة لـ(كوفيد-19)».

في نهاية المطاف، يبدو أن أمراً واحداً يتّفق عليه الجميع، هو أن تهديدات بجوائح جديدة تلوح في الأفق، وأن هناك حاجة ماسة إلى إجماع للوفاء بالموعد النهائي المحدد في مايو 2024.


مقالات ذات صلة

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)

علاج جيني يُعيد القدرة على السمع ويعزّز الرؤية

طوّر باحثون بكلية الطب في جامعة «هارفارد» الأميركية علاجاً جينياً للمصابين بمتلازمة «آشر من النوع 1F»، وهي حالة نادرة تسبّب الصمم والعمى التدريجي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة أن استهداف العصب الذي غالباً ما يكون مبهماً يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن.

العالم العربي من داخل مجمع مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح في قطاع غزة (أرشيفية - أ.ب)

«أطباء بلا حدود»: مواصلة إسرائيل تدمير النظام الصحي في غزة ستَحرم مئات آلاف السكان من العلاج

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم الأحد، من أن مواصلة إسرائيل تدمير النظام الصحي في قطاع غزة ستَحرم مئات آلاف السكان من العلاج الطبي.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال