محسن رضائي يطالب «حزب الله» بمراجعة «الصبر الاستراتيجي»

لاريجاني: نتنياهو يغامر... ولم يبقَ طريق إلا مواجهة إسرائيل

القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي يلقي خطاباً أمام مشيعين بالقرب من قبر الجنرال قاسم سليماني بمدينة كرمان في جنوب إيران اليوم (التلفزيون الرسمي)
القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي يلقي خطاباً أمام مشيعين بالقرب من قبر الجنرال قاسم سليماني بمدينة كرمان في جنوب إيران اليوم (التلفزيون الرسمي)
TT

محسن رضائي يطالب «حزب الله» بمراجعة «الصبر الاستراتيجي»

القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي يلقي خطاباً أمام مشيعين بالقرب من قبر الجنرال قاسم سليماني بمدينة كرمان في جنوب إيران اليوم (التلفزيون الرسمي)
القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي يلقي خطاباً أمام مشيعين بالقرب من قبر الجنرال قاسم سليماني بمدينة كرمان في جنوب إيران اليوم (التلفزيون الرسمي)

أدانت إيران رسمياً اغتيال هيثم علي الطبطبائي، الرجل الثاني في «حزب الله» اللبناني، أبرز الجماعات التي تمولها طهران في المنطقة. وقال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني، إن استمرار العمليات الإسرائيلية «لن يترك خياراً سوى المواجهة».

ودعا القيادي في «الحرس الثوري» وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، «حزب الله» إلى إعادة النظر في سياسة الصبر الاستراتيجي، قائلاً إن «اغتيال قادة المقاومة لا يزعزع الجبهة؛ بل يخلق موجة جديدة من التحاق المقاتلين». ووصف العملية الإسرائيلية في بيروت بأنها «عمل إرهابي»، واتهم إسرائيل بـ«استغلال وقف إطلاق النار وضبط النفس الذي تبديه المقاومة».

وأوضح رضائي في تقييم لأوضاع «حزب الله»، قائلاً: «اليوم التحقت مجموعات أكبر بالمقاومة، و(حزب الله) يدير الميدان بصبر وضبط نفس استراتيجي. ورغم أننا لا نصدر الأوامر لجبهة المقاومة، وهذه القوى تتخذ قراراتها باستقلالية، فإنني أرى أن هذا الصبر وضبط النفس تجب إعادة النظر فيهما».

القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي يلقي خطاباً أمام مشيعين بمقبرة كرمان في جنوب إيران اليوم (التلفزيون الرسمي)

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن رضائي قوله بمدنية كرمان، إن «إسرائيل تتوهم أنها باغتيال قادة المقاومة في إيران أو لبنان أو العراق، ستجبر الشعوب على الاستسلام، لكنها مخطئة؛ فكل عملية تقرب إسرائيل خطوة من نهاية عمرها. وهذا اعتراف يقر به حتى أعداؤها».

وأضاف في السياق نفسه، أن «الولايات المتحدة وإسرائيل تواجهان اليوم وللمرة الأولى في تاريخهما، ظاهرة لم تشهدا لها مثيلاً منذ عقود؛ فصمود غزة ولبنان غير المسبوق أحدث تحولاً كبيراً في المعادلات العالمية».

وتطرق رضائي إلى حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل في يونيو (حزيران)، التي تخللتها ضربات أميركية لأبرز منشآت تخصيب اليورانيوم الإيراني، وبدأت الحرب بهجوم إسرائيلي على مقرات كبار قادة «الحرس الثوري» وهيئة الأركان ومسؤولين في البرنامج النووي. وردت طهران بشن هجمات مستخدمة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.

وقال إن الولايات المتحدة وإسرائيل «استخدمتا كل ما لديهما من قوة، لكنهما لم تتمكنا من الاستمرار أكثر من 12 يوماً، وفي النهاية توسلتا لإيران كي تقبل بوقف إطلاق النار، وقد قبلت الجمهورية الإسلامية ذلك».

وأضاف رضائي أن «غياب المقاومة كان من شأنه أن يعرض إيران مجدداً لخطر الاحتلال والمجاعة»، وقال: «لتكرر المصير المرير الذي فُرض على إيران في الحربين العالميتين الأولى والثانية. أمّا اليوم، فمذهب المقاومة هو الذي منح الشعب الإيراني قوته».

وكان رضائي يلقي خطاباً صباح اليوم بمدينة كرمان جنوب البلاد، على بعد أمتار من قبر الجنرال قاسم سليماني، وذلك على هامش مشاركته في مراسم تشييع رفات جنود مجهولي الهوية، في الحرب الإيرانية - العراقية بالثمانينات.

وشهدت طهران وعدة مدن إيرانية صباح الاثنين، مراسم تشييع مماثلة، وهو حدث غالباً ما يشهد رسائل سياسية من «الحرس الثوري».

من جانبه، وصف علي لاريجاني، الطبطبائي، بأنه «أحد أبرز قادة الحزب»، وقال في منشور على منصة «إكس»، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «يواصل مغامراته»، معتبراً أن هذا المسار «سيقود إلى قناعة عامة بأن المواجهة أصبحت الخيار المتبقي».

وأدلى لاريجاني بتصريحاته قبل توجهه إلى باكستان، حيث أشاد بموقف الشعب الباكستاني خلال حرب الـ12 يوماً، قائلاً إن طهران «لن تنسى وقوفه إلى جانبها».

بدوره، قال علي شمخاني، عضو لجنة الدفاع العليا الإيرانية، ومستشار المرشد علي خامنئي، إن «استمرار جرائم تل أبيب لن يبني مستقبلاً آمناً للصهاينة؛ بل يجعل مسار المقاومة أكثر إشراقاً»، مضيفاً أن «الكيان الصهيوني المزيف لا يفهم إلا لغة المقاومة».

وبالتوازي، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، أنها «تدين بشدة» الاغتيال، في غارة جوية أودت أيضاً بـ4 عناصر آخرين من «حزب الله»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

والطبطبائي الذي وصفته إسرائيل بأنه «رئيس أركان (حزب الله)»، هو أبرز قيادي في الحزب الموالي لإيران يُقتل منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل نحو عام، رغم استمرار إسرائيل في غاراتها الجوية على لبنان.

وخرج «حزب الله» منهكاً من حربه الأخيرة مع إسرائيل، وزاد من حدة ذلك سقوط حليفه الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول).

مشيعون يحملون نعوشاً ملفوفة بالعلم لجنود مجهولي الهوية من قتلى الحرب العراقية - الإيرانية... في طهران (أ.ب)

وأشارت وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن اغتيال الطبطبائي «يشكّل انتهاكاً صارخاً لوقف إطلاق النار المُبرم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، واعتداء وحشياً على السيادة الوطنية اللبنانية».

وتولى هيثم علي الطبطبائي القيادة العسكرية لـ«حزب الله»، بعد مقتل أبرز أركانها في الحرب الأخيرة.

ولم يكن الطبطبائي الذي أتم هذا الشهر عامه السابع والخمسين، شخصية معروفة لدى عامة اللبنانيين.

وقال «حزب الله» في نبذة وزعها عنه، إنه تولى «القيادة العسكرية» بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

وبحسب واشنطن، تولى الطبطبائي مهمات في سوريا، حيث ساند الحزب عسكرياً قوات بشار الأسد، إلى أن أطاحه تحالف فصائل مسلّحة في نهاية عام 2024.

وتزامنت التطورات في الساحة اللبنانية مع ترقب في طهران، عقب تحذيرات وزير الاستخبارات إسماعيل خطيب، السبت الماضي، من «محاولات لاستهداف المرشد علي خامنئي وإثارة اضطرابات داخلية». وقال إن الولايات المتحدة انتقلت من استراتيجية «إسقاط النظام» إلى «احتوائه عبر الضغط»، مشيراً إلى توسع الوجود العسكري الأميركي وقوات «الناتو» في المنطقة.

وتراجع الظهور العلني لخامنئي (86 عاماً) بشكل ملحوظ منذ الحرب الأخيرة، بعدما لوّح مسؤولون إسرائيليون باستهدافه، في وقت أثار فيه بعض وسائل الإعلام الإيرانية تكهنات حول ترتيبات منصب القيادة العليا.

وقال خطيب، خلال كلمة في مدينة ياسوج، إن خامنئي «عمود الخيمة»، وإن «محاولات استهدافه» تشكل جوهر خطط الخصوم. واتهم أطرافاً داخلية بـ«زيادة السخط بين الناس» و«مجاراة العدو» في ظل الضغوط الاقتصادية والعقوبات الأممية.

وأضاف أن خصوم إيران «فعلوا شبكات تهريب السلاح، وشنّوا هجمات سيبرانية واسعة، وسعوا لإثارة اضطرابات» في مناطق متعددة، قبل أن «تحبطها الأجهزة الأمنية».

وقبل نحو أسبوعين، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إنه «خشي اغتيال المرشد أثناء الحرب»، وإن ذلك كان سيؤدي إلى «انقسامات داخلية خطيرة».


مقالات ذات صلة

السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

شؤون إقليمية صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

أعلنت السلطات الإسرائيلية توقيف إسرائيلي بشبهة ارتكاب مخالفات أمنية بتوجيه من عناصر استخبارات إيرانيين، وذلك بعد أيام من إعدام طهران إيرانياً متهماً بالتجسس.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)
خاص الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض يوم 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

خاص نتنياهو لا يزال يدرس «ترمب الجديد»

الخبراء بتل أبيب يلفتون الانتباه إلى «أزمة خطيرة بمكانة إسرائيل لدى واشنطن لدرجة الحديث عن تشكيل تهديد استراتيجي»، وترمب يثق بأنه يعرف مصلحة إسرائيل أكثر منها.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

قدّمت الحكومة الإيرانية الثلاثاء مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

تقرير: نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن الصواريخ الباليستية الإيرانية

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
TT

تقرير: نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن الصواريخ الباليستية الإيرانية

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري، قوله، الخميس، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيُطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ووصف المصدر التهديد الذي تمثله الصواريخ الإيرانية بأنه خطير للغاية، مؤكداً أن إطلاق عدد كبير منها على إسرائيل سيلحق أضراراً تعادل «قنبلة نووية صغيرة».

وكان نتنياهو قال، الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل ضخمة.


عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
TT

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي.

وقال عراقجي خلال ملتقى «تبيين السياسة الخارجية للبلاد والأوضاع الإقليمية» في أصفهان إن «المؤامرة الجديدة» لا تقوم على المواجهة العسكرية المباشرة، بل على محاولة خلق بيئة ضاغطة اقتصادياً بهدف إضعاف الداخل، مضيفاً أن هذا الرهان «لن ينجح تماماً كما فشل رهان الاستسلام خلال الحرب الأخيرة».

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.

ووصف عراقجي الحرب التي استمرت 12 يوماً بأنها «قصة مقاومة بطولية»، وقال إن «صمود إيران أحبط مؤامرة العدو الرامية إلى إرغام البلاد على الاستسلام». وأضاف أن خصوم إيران «اعتقدوا أنهم قادرون خلال أيام قليلة على فرض استسلام غير مشروط، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلى التراجع أمام صمود المجتمع والقوات المسلحة». وصرح بأن الحرب «وجهت رسالة من دون أي شروط مسبقة مفادها أن الشعب الإيراني لن يخضع للقهر أو الإملاءات».

وانتقد عراقجي المبالغة في تصوير آلية «سناب باك» التي أعادت القوى الغربية بموجبها العقوبات الأممية على إيران في نهاية سبتمبر (أيلول). وقال إن الروايات التي جرى تسويقها للجمهور حول هذه الآلية «كانت أسوأ بكثير من الواقع»، وهدفت إلى شل الاقتصاد الإيراني نفسياً عبر بث الخوف، في حين أن هذه الأدوات «لم تكن تمتلك في الواقع الفاعلية التي جرى الادعاء بها».

ودعا عراقجي إلى مقاربة واقعية، قائلاً: «علينا أن نقر بوجود العقوبات، وأن نقر أيضاً بأنه يمكن العيش معها»، لافتاً إلى أنه يدرك تكلفة العقوبات وتأثيراتها، مشيراً إلى أنها تكشف أيضاً عن فرص لإصلاح الاختلالات الداخلية. وأضاف أن العقوبات تستخدم في كثير من الأحيان كأداة «حرب نفسية»، سواء عبر التهويل بآليات مثل «سناب باك» أو عبر تضخيم آثارها بما يتجاوز الواقع، بهدف شل الاقتصاد معنوياً قبل أن يكون مادياً.

صورة نشرها موقع عراقجي الرسمي من خطابه في ملتقى بمدينة أصفهان الخميس

وأوضح عراقجي أن «لإيران الحق في التذمر من العقوبات فقط بعد استنفاد كامل طاقاتها الداخلية والإقليمية»، مشيراً إلى أن البلاد لم تستخدم بعد كل إمكانات الجوار ولا كل أدوات الدبلوماسية الخارجية. وقال إن تفعيل هذه الأدوات يمكن أن يخفف من الأعباء الاقتصادية حتى في ظل استمرار القيود.

«الدبلوماسية الاقتصادية»

وتوقف عراقجي عند مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، مؤكداً أن مهمة وزارة الخارجية تشمل تسهيل مسارات التصدير والاستيراد وفتح أسواق جديدة. وفي هذا السياق، أشار إلى السجاد الإيراني بصفته مثالاً على التداخل بين الاقتصاد والثقافة، موضحاً أن كل سجادة إيرانية في الخارج تمثل «سفيراً ثقافياً»، وأن تراجع صادرات هذا القطاع يشكل خسارة اقتصادية واجتماعية ينبغي معالجتها عبر إزالة العوائق أمام المنتجين والمصدرين.

وقال إن الحكومة «مدينة للشعب»، وإن واجبها هو الخدمة لا المطالبة، عادّاً أن نجاح الدبلوماسية الاقتصادية سيكون أحد معايير تقييم أداء السياسة الخارجية في المرحلة المقبلة، إلى جانب الحفاظ على نهج الصمود في مواجهة الضغوط.

وفيما يخص دور وزارة الخارجية، حدّد عراقجي مهمتين أساسيتين. الأولى مواصلة السعي إلى رفع العقوبات عبر المسارات الدبلوماسية، مع الحفاظ على المبادئ والمصالح الوطنية. وقال: تشكل تجربة الاتفاق النووي والمفاوضات اللاحقة رصيداً تفاوضياً لا يمكن تجاهله، لكنها لا تعني العودة الآلية إلى المسارات السابقة، بل البناء عليها، مؤكداً أن الوزارة «لن تدّخر جهداً» في استثمار أي فرصة لتخفيف الضغوط الدولية.

وأضاف أن المهمة الثانية تتمثل في دعم الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، ولا سيما القطاع الخاص. وشدّد على أن السياسة الخارجية لا ينبغي أن تبقى محصورة في التقارير المكتبية، بل أن تتحول إلى عمل ميداني يواكب مشكلات التجار والشركات الإيرانية في الخارج ويسعى إلى حلها. واستشهد بتجربة دعم شركة إيرانية خاصة في مناقصة إقليمية كبيرة انتهت بفوزها في منافسة مع شركات دولية.

ترقب لزيارة نتنياهو

ويأتي ذلك في وقت تصر فيه واشنطن على تنفيذ سياسة «الضغوط القصوى» على الاقتصاد الإيراني، فيما يزداد تركيز إسرائيل على الصواريخ الباليستية بوصفها التهديد الأكثر إلحاحاً، وسط تقديرات إسرائيلية بأن إيران خرجت من حرب يونيو بترسانة أقل مما كانت عليه قبلها، لكنها بدأت خطوات لإعادة البناء.

وقال عراقجي الأسبوع الماضي إن إيران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل وأكثر من السابق»، مشيراً إلى أن الاستعداد يهدف إلى منع الحرب لا السعي إليها. وأضاف أن استهداف إيران خلال مسار اتصالات دبلوماسية كان «تجربة مريرة»، وأن بلاده أوقفت اتصالات كانت قائمة منذ أشهر، مع تأكيدها أنها مستعدة لاتفاق «عادل ومتوازن».

وتترقب الساحة الإقليمية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الاثنين المقبل، وسط تقارير إسرائيلية تفيد بأنه يعتزم طرح ملف الصواريخ الإيرانية على الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتعود مؤشرات التصعيد إلى حرب يونيو التي اندلعت في 13 من الشهر نفسه بهجوم إسرائيلي على منشآت وأهداف داخل إيران، وأشعلت مواجهة استمرت 12 يوماً، قبل أن تنضم الولايات المتحدة لاحقاً بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وفي طهران، سعى مسؤولون إيرانيون في الأيام الأخيرة إلى تثبيت رواية مفادها أن قدرات البلاد لم تُستنزف خلال الحرب، وأن ما تبقى من أدوات الردع لم يستخدم بعد. وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي الأربعاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لكل سيناريو»، محذراً من رد «قاطع» إذا فُرضت مواجهة، ومضيفاً أن أي تحرك هجومي إيراني سيكون «لمعاقبة المعتدي».

وتزامن ذلك مع تضارب في الرواية الإيرانية حول أنشطة صاروخية داخل البلاد. وفي إسرائيل، قال نتنياهو إن بلاده «على علم» بأن إيران أجرت «تدريبات» في الآونة الأخيرة، وإنها تراقب الوضع وتتخذ الاستعدادات، محذراً من رد قاس على أي عمل ضد إسرائيل، من دون تقديم تفاصيل إضافية، في سياق تحذيرات من سوء تقدير متبادل قد يدفع نحو مواجهة غير مقصودة.


روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أنّ روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني بين الجانبين، وذلك بمعرفة ورضا الإدارة الأميركية.

وقالت هيئة البثّ الإسرائيلية الرسمية «كان 11» إنّ أذربيجان تستضيف وتقود حالياً الاجتماعات والمحادثات، التي يقوم بها مسؤولون رفيعو المستوى من الطرفين إلى العاصمة باكو.

ولفت مصدر أمني مطّلع إلى أنّ هناك فجوة قائمة في الاتصالات بين إسرائيل وسوريا، على الرغم من الوساطة الروسية، ولكن تمّ إحراز بعض التقدّم خلال الأسابيع الأخيرة.

وذكرت «كان 11» عن المصادر أنّ موسكو ودمشق تعملان على تعزيز العلاقات بينهما، إذ نقلت روسيا، الشهر الماضي، جنوداً ومعدّات إلى منطقة اللاذقية عند الساحل. وأضافت المصادر أنّ إسرائيل تفضّل السماح بوجود روسي يكون على حساب محاولة تركيا لترسيخ وجودها التمركز في الجنوب السوري أيضاً.

لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو الأربعاء (سانا)

وأمس (الأربعاء)، زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني موسكو، والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، مشيراً إلى أنّ الهدف هو نقل العلاقات بين البلدين إلى مستوى استراتيجي.

وكان التطور الأبرز في العلاقات حين استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ شدّد الطرفان على أهمية تعزيز العلاقات الاستراتيجية والسياسية بين بلديهما والتعاون في مجالات الطاقة والغذاء.

يذكر أن إسرائيل تقيم علاقات ودية مع روسيا، تحاول فيها تل أبيب التفاهم على تقاسم مصالحهما في سوريا. وفي الشهور الماضية، منذ مايو (أيار) الماضي، أجرى بوتين ونتنياهو 4 مكالمات هاتفية طويلة تباحثا خلالهما في عدة مواضيع، بينها الموضوع السوري.

وأكّدت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية، في أعقاب المكالمة في مايو، أن الرئيس الروسي شدد في لقاءاته مع المسؤولين السوريين دائماً على رفض بلاده القاطع لأي تدخلات إسرائيلية أو محاولات لتقسيم سوريا، وأكّد التزام موسكو بدعمها في إعادة الإعمار واستعادة الاستقرار.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والتركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي مشترك في دمشق (إ.ب.أ)

وفي تل أبيب يتحدثون عن «عدة مصالح مشتركة مع موسكو في سوريا لمواجهة النفوذ التركي». وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن الروس يقيمون علاقات جيدة مع تركيا ومع إسرائيل، ويسعون لمنع تدهور العلاقات بينهما. وفي الوقت ذاته، تريد الحفاظ على مواقعها في سوريا بموافقة الطرفين، وتفعل ذلك بالتنسيق مع جميع الأطراف، بما فيها سوريا.

ومع أن الولايات المتحدة هي التي تتولى موضوع التفاهمات الأمنية بين إسرائيل وسوريا، فإنها لا تمانع في مساهمات إيجابية تأتي من بقية الأصدقاء، بما في ذلك روسيا.

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال مباحثاته في إسطنبول السبت مع مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (إ.ب.أ)

الدبلوماسي السابق، ميخائيل هراري، الباحث والمحاضر الجامعي في موضوع سوريا والشرق الأوسط، يرى أنه في الوقت الذي يدير فيه أحمد الشرع سوريا بطريقة حكيمة، جعلتها تحظى بهذا الاحتضان الإقليمي والدولي، ينبغي لإسرائيل أن تحرص على ألا تظهر كمن يريد استمرار الفوضى في سوريا.

ولكي تدير إسرائيل مصالحها بشكل جيد، يجب أن تسارع إلى إبرام اتفاق أمني مع دمشق. وأضاف، في مقال لصحيفة «معاريف»، إن إسرائيل تحتاج إلى ترجمة إنجازاتها العسكرية في الحرب الأخيرة إلى مكسب سياسي، وهذا لا يكون بمواصلة السياسة الحالية التي تظهر فيها إسرائيل سلبية.