إقناع الإسرائيليين بدولة فلسطينية ممكن... ولكن بشروط

ترمب لا يصدّق أن قبول نتنياهو قراراً في مجلس الأمن سوف يُسقط حكومته

جنود إسرائيليون أمام ناشطين إسرائيليين وفلسطينيين تجمعوا في بلدة بيت جالا بالضفة للاحتجاج على هجمات المستوطنين الجمعة (أ.ب)
جنود إسرائيليون أمام ناشطين إسرائيليين وفلسطينيين تجمعوا في بلدة بيت جالا بالضفة للاحتجاج على هجمات المستوطنين الجمعة (أ.ب)
TT

إقناع الإسرائيليين بدولة فلسطينية ممكن... ولكن بشروط

جنود إسرائيليون أمام ناشطين إسرائيليين وفلسطينيين تجمعوا في بلدة بيت جالا بالضفة للاحتجاج على هجمات المستوطنين الجمعة (أ.ب)
جنود إسرائيليون أمام ناشطين إسرائيليين وفلسطينيين تجمعوا في بلدة بيت جالا بالضفة للاحتجاج على هجمات المستوطنين الجمعة (أ.ب)

هبّ اليمين الإسرائيلي ضد مشروع القرار الأميركي المطروح على مجلس الأمن المستند إلى خطة الرئيس دونالد ترمب؛ لأنه يتضمن مساراً لحق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية.

وبلغ الهجوم مداه بعدما اتهم بعض عناصر اليمين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإعطاء موافقة مسبقة عليه، ودعوه إلى قول «لا» للرئيس ترمب، وهددوا بإسقاط حكومته.

الدوافع لهذا الموقف كثيرة، وبعضها نابع عن قناعة؛ فالجمهور الإسرائيلي يتعرض لحملة تعبئة عدائية ضد إقامة دولة فلسطينية منذ قرار الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين سنة 1947، وسعي غالبية رؤساء الحكومات والأحزاب الإسرائيلية إلى تخويف هذا الجمهور من السلام.

مهجّرون فلسطينيون يعودون إلى قريتهم بعد سقوطها بيد العصابات الصهيونية خلال نكبة عام 1948 (أ.ف.ب)

وعمل هؤلاء القادة في خدمة تجار الحروب الكثيرين الذين يربحون من الصراع ويخسرون من السلام، وليس فقط أصحاب الآيديولوجيا العدائية. وليس سراً أن قِسماً من هذه التعبئة اعتمد على الخطاب السياسي لبعض القادة الفلسطينيين والعرب، والممارسات التي تبعته.

وإذا كانت نسبة المعارضين للدولة الفلسطينية تتراوح بين 40 و50 في المائة بين عموم الإسرائيليين في الماضي؛ فإنها بعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قفزت إلى 64 في المائة (في صفوف اليمين تصل إلى 88 في المائة، وفي صفوف اليسار 24 في المائة)، وفقاً لاستطلاع معهد القدس لشؤون الدولة والقضايا الجماهيرية.

تعبئة وتشويه وأكاذيب

ومع أن هذه التعبئة شملت العديد من الأكاذيب والتشويه لحقيقة الموقف الفلسطيني، واعتمدت على تجاهل تام للسياسة الإسرائيلية والممارسات التي تبعتها؛ فإنها تركت أثراً عميقاً قاد إلى هذا الرفض. فتجد أن القيادة الإسرائيلية تتهم الفلسطينيين بـ«الإرهاب»، ولكنها تعتبر الممارسات الإسرائيلية «شرعية».

وحتى عندما أدينت إسرائيل في المجتمع الدولي بارتكاب «جرائم حرب»، وأصبح رئيس حكومتها مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية بشبهة ارتكاب إبادة جماعية، وعدد من وزرائها تفوهوا بتصريحات تبيح قتل الأطفال الفلسطينيين، وإلقاء قنبلة نووية على غزة، ظلوا يرون أن القيادة الفلسطينية هي التي تشجع على «الإرهاب»، كما أنهم لا يفرقون بين «حماس» والسلطة الفلسطينية.

وحتى عندما تبدو إسرائيل غارقة حتى رأسها في الفساد، يدّعون بأن الفلسطينيين يديرون سلطة فاسدة، وعندما يتشبث نتنياهو برئاسة الحكومة، ويرفض وقف الحرب حتى لا تسقط حكومته، يرون أن القيادة الفلسطينية ترفض التخلي عن الحكم، ونتنياهو يمنع السلطة الفلسطينية من إجراء انتخابات، ويتهمها بالتهرب منها، ويسعى بكل قوته لإضعاف السلطة، ثم يرفض التعاون معها بحجة أنها ضعيفة.

التأثير ممكن... بشروط

لكن هذا الوضع لا يعني أن الجمهور الإسرائيلي علبة مغلقة، لا يمكن فتحها وتهويتها والتأثير عليها. فإذا وُجدت قيادة قوية تؤمن بعملية سلام، ووقفت الإدارة الأميركية إلى جانب عملية سلام، قد يُفاجئ الجمهور، ويناصر هذه العملية.

هكذا حصل في زمن حكومة مناحم بيغن سنة 1978، عندما وقّع على اتفاقيات كامب ديفيد للسلام مع مصر؛ فعندما سافر كان 72 في المائة من الجمهور يعارضون الانسحاب ولو من شبر من سيناء المصرية. وعندما عاد بيغن بعد ثلاثة أسابيع، وقد وقّع على اتفاق يقضي بالانسحاب من سيناء حتى آخر شبر، وتضمن اعترافاً بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني (في إطار حكم ذاتي وليس دولة في حينه)، أظهرت الاستطلاعات تأييد 72 في المائة.

الرئيس الأميركي جيمي كارتر (وسط) مع الرئيس المصري أنور السادات (يمين) ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن أثناء مفاوضات السلام بالشرق الأوسط في كامب ديفيد عام 1978 (إ.ب.أ)

وفي السلام مع الأردن بلغت نسبة التأييد 88 في المائة، وأيضاً بعد اتفاقيات أوسلو لم تعد قوى الرفض الإسرائيلية تعتمد على الوسائل السياسية، واختارت اغتيال رئيس الحكومة إسحاق رابين.

وعندما طرح رئيس الوزراء آرييل شارون خطة الانفصال عن غزة، جوبهت بمعارضة شديدة، ولكنه نفذها بما في ذلك إخلاء 8 آلاف مستوطن، وإزالة 21 مستوطنة.

أما عندما طرح إيهود أولمرت خطة تقوم على أساس «حل الدولتين» والانسحاب من غالبية الضفة الغربية مع منظومة تبادل أراضٍ، اختُرع له ملف فساد دخل في أعقابه السجن.

ما الفارق هذه المرة؟

الفارق هذه المرة هو أن نتنياهو لا يتسم بصفة الصدق، ويبني سياسته على الألاعيب، لكنه في الوقت نفسه يتعامل مع رئيس أميركي من طينة أخرى؛ فالرئيس ترمب هو صاحب أجندة، وتحت ضغوط عربية وأوروبية وإسلامية غيّر رأيه، وبدأ يؤمن بـ«حل الدولتين»، وهو رئيس قوي ذو سطوة، وهو الوحيد من زعماء العالم الذي يقف مع إسرائيل، ويؤمن أنه بذلك يعمل لأجل صالحها، علماً بأنه يتعهد بضمانات أمنية لإسرائيل، ودعم ضخم.

وترمب أيضاً يحتضن نتنياهو لدرجة التدخل في الجهاز القضائي الإسرائيلي، ويطالب علناً بإلغاء محاكمته وإصدار عفو عنه، ويعتقد أن شخصاً قوياً مثل نتنياهو فقط قادر على قيادة مشروع سلام.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست بالقدس يوم 13 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

وترمب لا يصدق أن قبول نتنياهو قراراً في مجلس الأمن سوف يسقط حكومته، وهو يشك في أن يتجرأ حزبا بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على الخروج من الحكومة؛ لأنهما سيتهمان بإنهاء حكم اليمين. ولكن حتى إذا خرجا، فإن ترمب يؤمن بأنه قادر على إدخال حزب أو أكثر من المعارضة ليحل محلهما. وحتى لو لم يفلح في ذلك، فإن نتنياهو يستطيع خوض انتخابات سريعة على أساس مشروع ترمب، وبدعم شخصي من ترمب، ومقتنع بأنه سيكون قادراً على الفوز.

القضية إذن هي ضمان مثابرة الرئيس ترمب، وتمسكه بمشروعه، وتشجيعه لنتنياهو، ونتنياهو من جهته لا يغامر في القبول بهذا المشروع علناً؛ لأنه يأمل أن يأتي الرفض من الطرف الفلسطيني، حتى يزيح عن كاهله هذا العبء.


مقالات ذات صلة

التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle

نتنياهو يسعى لتحميل «حماس» انفجار رفح قبل زيارته لأميركا

سعى ​رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط من «لواء غولاني» بالجيش ⁠الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز) play-circle

الرئيس الفلسطيني: ماضون في تنفيذ برنامج إصلاحي شامل

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان اليوم الأربعاء، إن السلطة ماضية في تنفيذ برنامج إصلاحي وطني شامل، يهدف إلى تطوير وتحديث المنظومة القانونية والمؤسسية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
أوروبا ثنائي الهيب هوب بوب فيلان في حفل توزيع جوائز موبو الخامس والعشرين بلندن (أرشيفية-رويترز)

الشرطة البريطانية: لن يُتّخذ أي إجراء ضد فرقة «بوب فيلان» لهتافها ضد الجيش الإسرائيلي

أعلنت الشرطة البريطانية، الثلاثاء، أنها لن تقاضي مغنيَي فرقة «بوب فيلان» اللذين أثارت شعاراتهما المعادية للجيش الإسرائيلي على خشبة المسرح جدلاً واسعاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقباله نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

قالت وزارة الخارجية المصرية، اليوم، إن الوزير بدر عبد العاطي أكد في اتصال هاتفي مع نظيره التركي هاكان فيدان، أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب


جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب


جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيقاً في انفجار رفح لمعرفة توقيت زرع العبوة؛ فإن نتنياهو اتهم «حماس» بأنها انتهكت اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفق خطة قدمها ترمب. لكن «حماس» أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

إلى ذلك، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، أمس، من المشاركة في قداس منتصف الليل الذي تقيمه كنيسة المهد ببيت لحم احتفالاً بعيد الميلاد، ومنعت موكبه من الوصول إلى الكنيسة.


فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
TT

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو

نشر المكتب الصحافي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهما يقودان طائرة مقاتلة فوق مجموعة من المباني في منطقة صحراوية غير محددة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن الفيديو الذي تم نشره على تطبيق «إنستغرام» يبدو أنه يأتي في مناسبة مرور 6 أشهر على الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

ويظهر في الفيديو، الذي تبلغ مدته بضع ثوانٍ، نتنياهو وترمب وهما يرتديان نظارات شمسية ويتبادلان نظرة خاطفة. وجاء في التعليق: «في جولة احتفالية بالنصر»، مع وسم «ستة أشهر».

واستمرت المواجهة العسكرية الخاطفة بين إسرائيل وإيران 12 يوماً فقط، وبدأت في ساعات الفجر الأولى من يوم 13 يونيو (حزيران) 2025، حين شنّت إسرائيل هجوماً مباغتاً على عشرات الأهداف الإيرانية.

وقالت إسرائيل إن هجومها على كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وعلماء نوويين، ومواقع تخصيب اليورانيوم، وبرنامج الصواريخ الباليستية، «كان ضرورياً لمنع طهران من تنفيذ خطتها المعلنة لتدمير الدولة اليهودية»، وفق «تايمز أوف إسرائيل».

وتنفي إيران باستمرار سعيها لامتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، فقد زادت من مستويات تخصيب اليورانيوم إلى مستويات «يمكن استخدامها في أغراض غير سلمية»، وعرقلت وصول المفتشين الدوليين إلى منشآتها النووية، ووسّعت قدراتها الصاروخية الباليستية.

وقالت إسرائيل إن إيران اتخذت مؤخراً خطوات نحو إعادة بناء قدراتها الصاروخية، ولا تزال تسعى إلى امتلاك سلاح نووي.

وردّت إيران على الضربات الإسرائيلية بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي، ونحو 1100 طائرة مسيرة على إسرائيل. وأسفرت الهجمات عن مقتل 32 شخصاً، وإصابة أكثر من 3000 آخرين في إسرائيل، وفقاً لمسؤولين صحيين ومستشفيات.

ومع اقتراب نهاية الحرب، انضمّت الولايات المتحدة إلى الضربات على المنشآت النووية الإيرانية.


تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
TT

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

مدّدت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمر عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس أيضاً اللجنة المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إنه تم خلال فترة عمل اللجنة، الذي استمر منذ تشكيلها في 5 أغسطس (آب) الماضي، تجاوز مراحل حرجة بحساسية بالغة.

وعقدت اللجنة، الأربعاء، اجتماعها الـ20 لعرض وتحليل نتائج الاجتماعات السابقة، تمهيداً لإعداد «تقرير مشترك» استناداً إلى التقارير التي أعدّتها الأحزاب المشاركة وقدمتها إلى البرلمان.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش متحدثاً خلال اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» (حساب البرلمان في «إكس»)

وجرى تصويت خلال الاجتماع، تمّ خلاله الموافقة بالإجماع على تمديد عملها لمدة شهرين بدءاً من 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال كورتولموش إنهم كانوا يهدفون إلى إتمام العملية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن لم تستطع إنجاز عملها بالكامل حتى هذا التاريخ.

قضايا عالقة وغموض

وأكد كورتولموش أن اللجنة البرلمانية ليست هي مَن سيحل القضية برمتها، لافتاً إلى أن هناك شقاً يتعلق بإلقاء «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وهي ذراع لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، أسلحتها، استجابة لنداء زعيم الحزب السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، الذي أطلقه في 27 فبراير (شباط) الماضي، وطالب فيه بحل الحزب ومختلف المجموعات المرتبطة به. وتساءل كورتولموش: «كيف ستضمن اللجنة إلقاء (قوات سوريا الديمقراطية) أسلحتها؟».

وعرضت أكاديميتان تركيتان، خلال الجلسة، ملخصاً تنفيذياً لتحليل محاضر جلسات اللجنة التي بلغت 58 جلسة خلال 19 اجتماعاً، تم خلالها الاستماع إلى 135 شخصاً يمثلون الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك عائلات ضحايا عملية حزب «العمال الكردستاني» وجمعيات المحاربين القدامى.

لا تزال عودة مسلحي «العمال الكردستاني» واندماجهم بالمجتمع تشكّل نقطة غامضة في عملية السلام بتركيا (رويترز)

وعكس التحليل تبايناً واضحاً في مقاربات الجهات الفاعلة فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين مفهومي الأمن والحرية، في العملية التي تسميها الحكومة «تركيا خالية من الإهارب»، ويسميها الجانب التركي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

وأشار التحليل إلى أن الغموض لا يزال يكتنف الهدف النهائي للعملية، وهو «إنهاء الإرهاب»، ويتم التعبير عن أهداف مختلفة مثل «المصالحة» و«النموذج التركي» لحلّ المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) و«الأخوة» و«التطبيع» و«الديمقراطية» و«الاندماج السياسي». ولا يوجد إجماع واضح على كيفية دمج هذه الأهداف معاً، وما الخطوات الملموسة التي ستُتخذ.

ولفت أيضاً إلى وجود اختلافات كبيرة في المقاربات بالنسبة لمسألة العفو والاندماج الاجتماعي لعناصر «العمال الكردستاني»، فضلاً عن استخدام أُطر مختلفة في تحديد الأسباب الجذرية للمشكلة، وهي أمور يجب معالجتها في التقرير النهائي.

مبادئ أساسية

وطالبت الأحزاب المشاركة في اللجنة، خلال الاجتماع، بسرعة الانتهاء من إعداد التقرير النهائي دون تأخير، مع «التمسك بمبادئ الجمهورية التركية وهوية الأمة واللغة في أي خطوات ستتخذ من أجل تعزيز الديمقراطية، ومراعاة ألا تفتح هذه الخطوات آفاقاً جديدة أمام المنظمات الإرهابية». ورفض النائب عن حزب «العدالة والتنمية»، كورشاد زورلو، استخدام مصطلح «السلام» للإشارة للعملية الجارية، قائلاً إن «الحرب تقع بين الدول».

رئيس حزب «الجيد القومي» موساوات درويش أوغلو متحدثاً أمام المجموعة البرلمانية للحزب الأربعاء (حساب الحزب في «إكس»)

في السياق، طالب رئيس حزب «الجيد القومي»، الذي أعلن منذ البداية رفضه العملية الجارية وأي تفاوض مع أوجلان، مساوات درويش أوغلو، الرئيس رجب طيب إردوغان بعدم إهدار وقت البرلمان في إعداد تقارير.

وقال دوريش أوغلو، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء، إن إردوغان «يتصرف أحياناً بوصفه رئيساً لحزب (العدالة والتنمية)، وأحياناً بصفته رئيساً للبلاد، خلال هذه العملية. وبما أنه يدعي أنه وراء هذه العملية، وأنها مشروع دولة ومشروع القرن، فإنه يملك السلطة، لا ينبغي أن يضيع وقت البرلمان في إعداد التقارير، بل وأن يفرج عن أوجلان، إن استطاع».